الأكراد يتقدمون نحو تل أبيض في مؤشر لقرب اندلاع معركة مع «داعش» على الحدود التركية

اشتباكات عنيفة بين التنظيم والمعارضة في ريف حلب بعد سيطرة الأخيرة على «قرية البل»

لاجئون سوريون يهربون بينما يحاول جندي تركي رشهم بالمياه على الحدود التركية قرب مدينة تل أبياد أمس (أ.ف.ب)
لاجئون سوريون يهربون بينما يحاول جندي تركي رشهم بالمياه على الحدود التركية قرب مدينة تل أبياد أمس (أ.ف.ب)
TT

الأكراد يتقدمون نحو تل أبيض في مؤشر لقرب اندلاع معركة مع «داعش» على الحدود التركية

لاجئون سوريون يهربون بينما يحاول جندي تركي رشهم بالمياه على الحدود التركية قرب مدينة تل أبياد أمس (أ.ف.ب)
لاجئون سوريون يهربون بينما يحاول جندي تركي رشهم بالمياه على الحدود التركية قرب مدينة تل أبياد أمس (أ.ف.ب)

بدأت وحدات حماية الشعب الكردية تقترب من بلدة تل أبيض التي يسيطر عليها «داعش»، والواقعة على الحدود مع تركيا، فيما تواصلت الاشتباكات يوم أمس بين التنظيم وفصائل المعارضة على أكثر من محور بريف حلب الشمالي، بعد سيطرة الأخيرة على قرية البل ليل الجمعة.
وقالت وحدات حماية الشعب إنها «بدأت في الزحف صوب بلدة تل أبيض لتعزز بذلك توغلها في محافظة الرقة معقل المتشددين، بدعم من ضربات الجوية التي يشنّها التحالف الدولي».
وقال ريدور خليل المتحدث باسم الوحدات لـ«رويترز» إن الوحدات وفصائل معارضة سورية عربية تقاتل معها، بدأت التحرك صوب البلدة، بعد أن حاصرت بلدة سلوك التي يسيطر عليها التنظيم المتشدد، وتقع على بعد 20 كيلومترا إلى الجنوب الشرقي. وينذر التقدم باندلاع معركة كبرى على الحدود التركية بين وحدات الحماية و«داعش»، لا سيما أن تل أبيض مهمة بالنسبة للتنظيم لأنها أقرب بلدة حدودية لعاصمته الفعلية مدينة الرقة.
وبدأت وحدات حماية الشعب مسعى لدخول محافظة الرقة من محافظة الحسكة المجاورة بمساعدة التحالف، الذي تقوده واشنطن. وطردت التنظيم من مساحات واسعة من الأراضي منذ مطلع مايو (أيار) الماضي. وقال خليل: «التحرك نحو تل أبيض من الشرق بدأ اليوم (أمس)، بعد الانتهاء من محاصرة بلدة سلوك»، مضيفا: «فر الكثير من مسلحي (داعش) من سلوك باستثناء مجموعة من الانتحاريين داخل البلدة والمفخخات، لذلك نحن حذرون جدا من الدخول إلى قلب المدينة».
وقال المرصد إن مقاتلي وحدات حماية الشعب أصبحوا الآن في منتصف الطريق بين سلوك وتل أبيض. وانتزاع السيطرة على تل أبيض من «داعش» سيساعد الوحدات على الربط بين المناطق السورية التي يسيطر عليها الأكراد في محافظة الحسكة وكوباني. ويثير اتساع نفوذ الأكراد في سوريا قرب الحدود مع تركيا قلق أنقرة التي تخشى منذ وقت طويل النزعة الانفصالية لدى الأكراد فيها. وكان قد اتهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الغرب قبل أيام، بقصف العرب والتركمان في سوريا، ودعم جماعات كردية إرهابية قال إنها تحل محلهم.
في موازاة ذلك، وعلى خطّ محاربة تمدد «داعش» في سوريا، دارت معارك عنيفة بين المعارضة ومقاتلي التنظيم في محيط مارع، أحد المعاقل الرئيسية للمعارضة في هذه المحافظة الذي يريد تنظيم داعش السيطرة عليها، وذلك بعد ساعات على استعادة الفصائل المعارضة «السيطرة على قرية البل بريف حلب الشمالي، التي كان يسيطر عليها التنظيم». وتقع قرية البل على بعد نحو 10 كيلومترات من معبر باب السلامة عند الحدود التركية، نقطة الإمداد الرئيسية للمعارضة في الكثير والعتاد.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن: «الهدف الرئيسي لتنظيم داعش هو قطع هذا المعبر»، مشيرا إلى أن المعارك أوقعت 29 قتيلا على الأقل في أقل من 24 ساعة، 14 في صفوف المعارضة، و15 من التنظيم المتطرف. وقال ناشطون إن معارك كانت تدور بين مقاتلي التنظيم والمعارضة في محيط مارع الواقعة على طريق مهم يؤدي إلى الحدود التركية. وصرح مأمون أبو عمر مدير وكالة شهبا المحلية في حلب لوكالة الصحافة بأن «تنظيم داعش حاول مرارا السيطرة على مارع». وأضاف أنها «هدف استراتيجي بالنسبة إلى التنظيم لأن الفصائل المعارضة تحصل على إمدادات في العديد والعتاد من مارع». وقال مأمون: «يحاول تنظيم داعش محاصرة المدينة من خلال احتلال القرى المجاورة»، مشيرا إلى وقوع معارك خلال الساعات الـ24 الأخيرة في بلدتين مجاورتين على الأقل. وذكر «مكتب أخبار سوريا» أن الفصائل المنضوية تحت غرفة عمليات فتح حلب قصفت قرى الوحشية وصوران وأم القرى الخاضعة لسيطرة التنظيم بقذائف الهاون محلي الصنع وبقذائف الدبابات.
من جهة أخرى، استخدمت قوات الأمن التركية أمس خراطيم المياه وأطلقت العيارات التحذيرية لإبعاد آلاف السوريين عن معبر حدودي بعد هروبهم من المعارك بين القوات الكردية وتنظيم داعش، بحسب مصور لوكالة الصحافة الفرنسية. وكان السوريون ينتظرون خلف سياج شائك عند معبر اقجاقلعة الحدودي في جنوب شرقي البلاد. وفر هؤلاء من القتال الذي يزداد حدة بين القوات الكردية والتنظيم داعش المتطرف، للسيطرة على بلدة تل أبيض السورية الواقعة قرب الحدود التركية.
واستخدمت القوات التركية خراطيم المياه وأطلقت أعيرة نارية تحذيرا في الهواء لإبعاد السوريين عن السياج الشائك عند المعبر، بحسب المراسل. ويصل مزيد من السوريين من تل أبيض، مما يرفع درجة التوتر في المعبر، حيث تمنع القوات التركية أي سوري من الدخول.
وذكرت تركيا الخميس أنها تتخذ إجراءات للحد من تدفق السوريين إلى أراضيها إثر دخول الآلاف منهم خلال الأيام القليلة الماضية، بسبب القتال بين الأكراد وتنظيم داعش. وبموجب سياسة «الباب المفتوح» التي أعلنها الرئيس رجب طيب إردوغان، استقبلت تركيا 1.8 مليون لاجئ سوري منذ اندلاع النزاع في سوريا في 2011.
إلا أن نائب رئيس الوزراء التركي نعمان كورتولموش قال في اقجاقلعة الخميس إنه لن يتم التفكير في السماح بدخول لاجئين جدد إلا في حالات إنسانية صعبة. وقال مسؤولون إن تركيا استقبلت أكثر من 13500 سوري خلال الأيام القليلة الماضية غادروا منازلهم، إثر المعارك في تل أبيض.



جبايات حوثية على أمتعة المسافرين وفي صدارتها الأدوية

نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)
نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)
TT

جبايات حوثية على أمتعة المسافرين وفي صدارتها الأدوية

نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)
نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)

فضَّل شاب يمني أن يتعرض للضرب والاعتداء من أفراد نقطة تفتيش حوثية على مشارف العاصمة المختطفة صنعاء على أن يسلم الأدوية التي يحملها معه، بعد أن دفع لأجل الحصول عليها أموالاً كثيرة، واضطر للسفر إلى مدينة عدن لتسلمها بنفسه من أحد معارفه القادمين من خارج البلاد.

وبحسب رواية أحد المسافرين بسيارة أجرة من عدن إلى صنعاء خلال الأيام الماضية لـ«الشرق الأوسط»؛ فإن الشاب الذي ينتمي إلى محافظة الحديدة (غرب) بدا متوتراً للغاية عند توقف السيارة في نقطة التفتيش، وعندما وصل أفراد النقطة إليه لجأ إلى توسلهم وإخبارهم أن الأدوية تخص والدته الطاعنة في السن، ولا يمكنه توفير بديل عنها.

ومما قاله الشاب إنه سبق له دفع ثمن الأدوية ليجلبها له أحد المسافرين من خارج البلاد، لكن تمت مصادرتها بالطريقة نفسها، وعندما عجز عن إقناع أفراد نقطة التفتيش؛ احتضن الكيس بكل قوته، لينهالوا عليه بالضرب قبل أن يحتجزوه لديهم، وطلبوا من سائق السيارة والمسافرين الانطلاق وعدم التدخل.

وتشير هذه القصة إلى ما يشهده سوق الدواء في اليمن، وخصوصاً في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من ندرة واختفاء عدد من أصناف الأدوية المهمة للأمراض الخطيرة والمزمنة، في وضع صحي يزداد كارثية، إلى جانب تشديد الجماعة الحوثية للجبايات في نقاط التفتيش بزعم تحصيل الإيرادات الجمركية.

الجماعة الحوثية استحدثت مراكز تحصيل جمركية على عدد من الطرقات داخل البلاد (إعلام حوثي)

ويشكو المسافرون إلى مناطق سيطرة الجماعة من ممارسات تعسفية تنتهجها نقاط التفتيش، إذ تُقدِم على البحث في أمتعتهم وحقائبهم وسؤالهم عن محتوياتها، والاستفسار عن جميع الأغراض بما فيها الملابس والأغراض الشخصية.

ويقول أحد الناشطين المتعاونين مع منظمة دولية مختصة بحرية الرأي والتعبير لـ«الشرق الأوسط»، إنه يعاني كثيراً في نقاط التفتيش الحوثية التي يضطر إلى العبور منها باستمرار بحكم عمله وسفره الدائم، حيث يجري سؤاله عن كل محتويات حقيبته، خصوصاً الجديدة منها.

ويضطر الناشط، الذي فضل عدم الكشف عن بياناته، إلى استخدام الملابس والأغراض الجديدة التي يشتريها قبل العودة، أو إزالة أدوات التغليف منها، حتى لا يتعرض للتحقيق حولها أو مصادرتها، وذلك بعد تجربة سابقة له حين جرى مصادرة عدد من الأقْمِصَة التي اشتراها هدايا.

جبايات بلا سندات

تعتمد الجماعة الحوثية على نقاط التفتيش بوصفها أحد مصادر إيراداتها الضخمة، وإلى جانب استحداث نقاط تحصيل ضريبي في مختلف الطرقات، ومراكز جمركية في المنافذ التي تربط مناطق سيطرتها بالمناطق المحررة الخاضعة للحكومة الشرعية، كلفت عدداً كبيراً من قادتها وأفرادها في نقاط التفتيش بفرض جبابات على مختلف أغراض المسافرين والمواد المنقولة براً.

ويذكر محمد العزب، من أهالي مدينة تعز، لـ«الشرق الأوسط»، أنه، ولعدة مرات، تعرض لتفتيش المواد الغذائية التي ينقلها معه إلى أقاربه في صنعاء، واضطر لدفع مبالغ مالية مقابل السماح له بالعبور بها، رغم أن كمياتها محدودة وليست تجارية.

عناصر حوثيون يغلقون مقرات شركات الأدوية التي تتعرض لتعسفات الجماعة (إعلام حوثي)

وكان العزب ينقل معه خلال سفره إلى صنعاء بعضاً من فائض السلال الغذائية التي تتحصل عليها عائلته في تعز كمساعدات من المنظمات الدولية والوكالات الأممية إلى أقاربه في صنعاء، الذين يعانون من الفاقة بسبب انقطاع رواتب الموظفين واتساع رقعة البطالة تحت سيطرة الجماعة الحوثية.

وتشير غالبية شكاوى المسافرين إلى مساعٍ حوثية لمصادرة الأدوية التي يحملها المسافرون للاستخدام الشخصي أو لأقاربهم، خصوصاً مع أزمة الأدوية التي تشهدها مناطق سيطرة الجماعة، وارتفاع أسعارها الذي يتسبب بعجز الكثيرين عن شرائها.

وأبدى الكثير من المسافرين، سواء للعلاج أو لأغراض أخرى، استياءهم الشديد من ممارسات نقاط التفتيش الحوثية بحقهم، وإجبارهم على الإفصاح عن كل ما يحملونه من أدوية، سواء كانت للاستخدام الشخصي أو لأقاربهم ومعارفهم.

ويوضح نبيل، وهو من سكان صنعاء، لـ«الشرق الأوسط» أنه ووالده اضطرا إلى تبرير وجود الأدوية التي بحوزتهما بعد رحلة علاجية طويلة خارج البلاد، أجريا خلالها عدة عمليات جراحية، ولم يُسمح بالمرور بتلك الأدوية إلا بعد دفع مبلغ مالي كبير.

أدوية الأطفال في اليمن تشهد نقصاً شديداً في ظل أزمة معيشية معقدة يعيشها السكان (أ.ف.ب)

واستغرب نبيل من أنه لم يسمح لهما بحمل سند تحصيل المبلغ، وبعد إلحاحهما من أجل الحصول عليه، اشترط عليهما أفراد النقطة تصويره بالهاتف فقط، وفوجئا حينها أن السند تضمن نصف المبلغ الذي اضطرا لدفعه، وليس المبلغ كاملاً.

غلاء وتزوير

لم تتمكن شركات صناعة الأدوية المحلية في اليمن من تغطية الاحتياجات المتزايدة للأدوية والنقص الحاصل في السوق المحلية، نتيجة سيطرة الجماعة الحوثية على غالبيتها، أو فرض الجبايات عليها، إلى جانب القيود المفروضة على استيراد المواد الخام.

وينوه جهاد، وهو صيدلي يعمل في أحد المستشفيات في صنعاء، إلى أن سوق الأدوية في العاصمة صنعاء وبقية المدن تحت سيطرة الجماعة الحوثية تشهد انتشار أدوية بديلة للأدوية الشهيرة والمعروفة لمختلف الأمراض، خصوصاً المزمنة منها، وأن الأدوية البديلة ليست بفاعلية وكفاءة الأدوية الأصلية، بالإضافة إلى انتشار الأدوية المهربة.

وتنتشر في الأسواق المحلية كميات كبيرة من الأدوية المهربة التي لا يعلم حقيقة مصدرها، والمواد المصنعة منها، كما وتنتشر الأدوية المقلدة والمزورة في ظل الرقابة الحوثية التي تُتهم بالتواطؤ والفساد.

الجماعة الحوثية تزعم باستمرار إتلاف أطنان من الأدوية المهربة (إعلام حوثي)

وحذر من الانعكاسات السلبية التي تقع على المرضى بسبب الأدوية البديلة، إلى جانب عدم كفاءتها في حماية المرضى من تدهور صحتهم.

ومنذ أيام مرت الذكرى الثانية لوفاة 10 أطفال في وحدة علاج السرطان بمستشفى الكويت في صنعاء، إثر حقنهم بأدوية «منتهية الصلاحية»، التي تبين مسؤولية قادة حوثيين عنها، دون أن يتخذ القضاء الذي تديره الجماعة أي إجراءات ضدهم.

وطبقاً لشهادات طبية متعددة حصلت عليها «الشرق الأوسط»؛ فإن الأدوية التي يعاني المرضى في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من نقصها تتمثل في أدوية أمراض القلب وضغط الدم والسكر والصرع والغدة الدرقية وأمراض الكبد والكلى، وأدوية الأطفال، وفيتامين (د).

وحذرت مصادر طبية من أن الكثير من الأدوية المتوافرة ستشهد أسعارها ارتفاعاً جديداً يصل إلى 50 في المائة من أسعارها الحالية، وقد تزيد تلك الزيادة على هذه النسبة لكون الكثير من الصيدليات تبيعها حالياً بأسعار أعلى من أسعارها المتعارف عليها نتيجة غياب الرقابة، أو اضطرار الكثير من تجار الأدوية لزيادة الأسعار بسبب الجبايات المفروضة عليهم.