النظام السوري يقصف ريف حماه بالألغام البحرية.. والمعارضة تطلق معركة جديدة

مقتل 3 ضباط سوريين في بإسقاط طائرة مروحية في ريف حلب الشرقي

الدخان يتصاعد من أبنية في كفرسيتا التابع لمدينة حماه إثر غارة جوية للنظام السوري (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من أبنية في كفرسيتا التابع لمدينة حماه إثر غارة جوية للنظام السوري (أ.ف.ب)
TT

النظام السوري يقصف ريف حماه بالألغام البحرية.. والمعارضة تطلق معركة جديدة

الدخان يتصاعد من أبنية في كفرسيتا التابع لمدينة حماه إثر غارة جوية للنظام السوري (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من أبنية في كفرسيتا التابع لمدينة حماه إثر غارة جوية للنظام السوري (أ.ف.ب)

أدخل النظام السوري مؤخرا نوعا جديدا من السلاح لقصف قرى ريف حماه، وهو الألغام البحرية التي تلقيها الطائرات المروحية. ومع تفاقم الحملة العسكرية على المنطقة، أعلنت فصائل معارضة يوم أمس عن إطلاق معركة جديدة ضد القوات السورية النظامية أطلقت عليها اسم «فتح من الله».
وفي هذا الوقت، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل ثلاثة ضباط سوريين في إسقاط طائرة مروحية نظامية بريف حلب الشرقي. وقال المرصد في بيان إنه «تأكد مقتل ثلاثة ضباط، بينهم اثنان برتبة مقدم والأخير برتبة ملازم أول، من طاقم طائرة مروحية، سقطت بعد منتصف ليل الجمعة - السبت في محيط منطقة مطار كويرس العسكري المحاصر من قبل تنظيم داعش بريف حلب الشرقي، وذلك خلال استهدافها من قبل التنظيم».
وأشار «مكتب أخبار سوريا» إلى أن فصائل معارضة أطلقت يوم أمس السبت معركة جديدة ضد القوات السورية النظامية المتمركزة في ريف حماه الشمالي أطلقت عليها اسم «فتح من الله». ونقل المكتب عن الناشط الإعلامي المعارض من حماه، أحمد محمد، أن «اشتباكات عنيفة تدور بين الطرفين على حاجزي المصاصنة ومعركبة في محيط بلدة اللطامنة، حيث تمكنت المعارضة من تدمير دبابة وسيارة بيك أب تحوي خمسة عناصر نظاميين، واغتنام رشاش عيار 23، في حين لم تعرف خسائر قوات المعارضة حتى اللحظة، حيث لا تزال الاشتباكات مستمرّة». وأشار محمد إلى أن قوات المعارضة قصفت بصواريخ من طراز غراد مطار حماه العسكري، مشيرا إلى أن أبرز الفصائل العسكرية المشاركة في المعركة هي «فيلق الشام المعارض والمستقل، وتجمع صقور الغاب وتجمع العزة واللواء السادس»، التابعة كافةً للجيش السوري الحر.
وأوضح المكتب أن الطيران المروحي النظامي «نفّذ قصفا مكثفا بالألغام البحرية والبراميل المتفجّرة على قرية معر كبة، كما قصف النظام بالصواريخ الموجهة بلدة اللطامنة الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف حماه الشمالي، مما تسبب في دمار واسع في الأبنية السكنية من دون تسجيل ضحايا».
وكان أربعة مدنيين أصيبوا ليل الجمعة، بحسب المكتب، إثر قصف بالألغام البحرية شنه الطيران المروحي التابع للجيش السوري النظامي على قرية الحويجة، الخاضعة لسيطرة المعارضة في منطقة سهل الغاب بريف محافظة حماه. وقال الناشط الإعلامي المعارض من حماه، مصطفى أبو عرب، إن الطيران المروحي استهدف القرية بتسعة ألغام بحرية، مما أسفر عن سقوط أربعة جرحى «إصابتهم خطيرة»، ودمارٍ في الأبنية السكنية، من دون سقوط قتلى.
ويشير ناشطون إلى أن النظام بدأ باستخدام الألغام البحرية والتي تُستخدم عادة ضد الإنزالات البحرية المتوقعة، وضد السفن والطرادات المعادية، مع انطلاق معارك سهل الغاب أوائل الشهر الماضي. وميزة هذه الألغام أن الطائرات لا تستطيع أن تحمل أكثر من أربعة براميل متفجرة في الطلعة الواحدة، بينما تحمل ضعف هذا الرقم من الألغام البحرية.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بشن الطيران الحربي «13 غارة على مناطق في بلدة اللطامنة بالريف الشمالي لحماه، بالتزامن مع إلقاء الطيران المروحي المزيد من البراميل المتفجرة على أماكن في البلدة، وأماكن أخرى في قريتي لحايا ومعركبة»، متحدثا عن «اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، ومقاتلي فصائل المعارضة إثر هجوم نفذوه على عدة حواجز لقوات النظام بريف حماه الشمالي، وسط قصف متبادل بين الطرفين». وفي ريف إدلب، استهدفت فصائل تابعة لـ«جيش الفتح» بالأسلحة الثقيلة مواقع تجمّع القوات النظامية في قرية فريكة، جنوب شرقي مدينة جسر الشغور بريف إدلب.
ونقل «مكتب أخبار سوريا» عن الناشط الإعلامي المعارض، فؤاد الحسن، أن «فصائل جيش الفتح قصفت بالصواريخ من طراز (كاتيوشا) وصواريخ من طراز (غراد) وقذائف الدبابات تجمعات القوات النظامية المتمركزة في فريكة، وذلك بالتزامن مع اشتباكات متقطّعة بين الطرفين، فيما لم ترد أنباء عن عدد القتلى والجرحى من الطرفين حتى اللحظة».
كما استهدف الطيران الحربي بالصواريخ الفراغية، يوم أمس، وبحسب ناشطين، الأطراف الشمالية لمدينة خان شيخون، الخاضعة لسيطرة المعارضة بريف إدلب الجنوبي، مما أسفر عن أضرار مادية من دون سقوط قتلى وجرحى. وأفاد المكتب باستنفار القوات السورية النظامية في حي وادي الذهب، الخاضع لسيطرة النظام بمدينة حمص، بعد تلقيها شكاوى من السكان عن سماعهم أصوات حفر لأنفاق تحت الحي، مشيرا إلى أن قوات الأمن انتشرت في الحي بكثافة للتأكد من صحة الأصوات.
وأوضح المكتب أن «عددا كبيرا من الأهالي أكّدوا لقوات الأمن سماعهم أصوات حفر تحت المنازل بين شارعي 15 و16 في الحي»، مشيرا إلى أن الأصوات «تسمع منذ شهور» وأن الطرق في المنطقة «بدأت بالتفسخ والشقوق باتت واضحة فيها»، ما لم يكن موجودا سابقا.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم