كارولين حاتم تبدأ جولاتها اللبنانية بـمسرحية «العادلون»

من وحي الالتباس بين أخلاقيات الثورة وحتمية الواقع

مشهد من مسرحية «العادلون» (الشرق الأوسط)
مشهد من مسرحية «العادلون» (الشرق الأوسط)
TT

كارولين حاتم تبدأ جولاتها اللبنانية بـمسرحية «العادلون»

مشهد من مسرحية «العادلون» (الشرق الأوسط)
مشهد من مسرحية «العادلون» (الشرق الأوسط)

أوفت الكوريغراف والمخرجة اللبنانية كارولين حاتم بوعدها، وتجولت بمسرحيتها «العادلون» المقتبسة عن نص ألبير كامو، الذي يحمل الاسم نفسه، في المناطق اللبنانية. فبعد عروض عدّة في بيروت، في مايو (أيار) ويونيو (حزيران) الماضيين، قدمت المسرحية في زحلة يوم الجمعة، واستمتع جمهور «مدينة الشمس» برؤيتها مساء أمس الأحد، في «معبد باخوس» البديع، داخل قلعة بعلبك الرومانية. ولن تتوقف كارولين حاتم هنا، بل ستكمل جولتها بدءاً من أبريل (نيسان) المقبل، في الجنوب وكسروان وكذلك طرابلس وزغرتا والقبيات، في شمال لبنان.
في بعلبك تخلت المخرجة، بفضل ضخامة المكان وعظمة المعمار ووجود الأعمدة المهابة عن ديكورها الأصلي، الذي هو في الأساس متقشف، وتركت للتاريخ أن يضع لمساته على مسرحيتها «الملبننة»، لكنها في الحقيقة، تحكي معاناة كل شعب يطمح للتخلص من قبضة الديكتاتورية، ويحاول الخروج إلى النور ويطمح إلى الخلاص.
كتب كامو مسرحيته هذه بعد الحرب العالمية الثانية، وفي أجواء الثورات الفكرية والنفسية التي عاشها العالم، وأبصرت النور للمرة الأولى على المسرح عام 1949. لتقتبس مرات عديدة بعدها، وبلغات مختلفة. هي مستوحاة من قصة حقيقية حدثت عام 1905 في موسكو، حيث يخطط ثوار اشتراكيون للتخلص من مسؤول سياسي باغتياله، لكن عملية الاغتيال لا تحدث لأن أحد الثوار لم ينفذ المطلوب منه بقتل المسؤول بسبب وجود أطفال بقربه، حين كان عليه أن ينفّذ المطلوب منه، فقد خاف من إيذاء أبرياء، وهو ما يثير غضب آخرين. وبين ثورة تبحث عن النقاء والسلام من دون إسالة دماء، ومن يرى أنه لا بد من تضحية جزئية، للوصول إلى نتائج كبيرة، يتركنا كامو أمام أسئلة إنسانية تصعب الإجابة عليها.
كارولين حاتم «لبننت» العمل من حيث استخدام المحكية اللبنانية، وبتعديل بعض التفاصيل، وصولاً إلى إسقاطات على الواقع اللبناني، حيث إن أسئلة حدود الثورة، ومدى ما يحق لها أن تستخدم من أدوات عنيفة، هو أمر كان مطروحاً ولا يزال، من قبل الشباب اللبناني. كارولين حافظت على بنية كامو وروح نصه، لكنها لم تتركنا رغم ذلك في غربة عن أنفسنا، حيث استطاعت المزج بين ما رمى إليه كامو، وما أرادت أن تقوله مخرجة لبنانية تعيش بلادها أوضاعاً غاية في التأزم.
تقول المخرجة كارولين حاتم لـ«الشرق الأوسط»: «اطلعت على بعض الاقتباسات التي سبقتني، وأحببت أن أبني عملاً أكثر حيوية وديناميكية. قصّرت النص قليلاً، وأدخلت عليه روحاً شبابية، تشبه ما رأيناه خلال الانتفاضة في لبنان».
المسرحيات اللبنانية كما الأفلام السينمائية، لربما بسبب الوضع اليومي القاتم الذي فُرض على الناس، تعكس تجهماً، وشيئاً من السوداوية، و«العادلون» ليست بعيدة عن هذه الأجواء. لكن كارولين حاتم ترى أنه «مقابل الظلام، ثَمة في المسرحية ضوء أيضاً. في النهاية هذا نص ألبير كامو، ولا بد من احترام روحه، لكنني أحببت أن أجعل المتفرج يعبر تجارب أخرى، قبل أن يصل إلى الحالة اللبنانية، أن أدعه يمر من التفاؤل إلى التشاؤم، وبالعكس، ويتأرجح بين الاثنين».


المخرجة كارولين حاتم

قرأت كارولين حاتم كامو بعد أن اندلعت ثورة 17 أكتوبر في لبنان، أحبته ورأت في هذا النص ما يتناغم والوضع السائد حينها، كانت لا تزال أستاذة في الجامعة اللبنانية، فارتأت أن تعمل مع طلابها على نص «العادلون».
هؤلاء الطلاب، تخرجوا ولم يعد العمل يسير ضمن إطار أكاديمي، لكنهم لا يزالون يقومون بالأدوار، كما فعلوا للمرة الأولى عند عرض المسرحية في بيروت، وها هم يجولون بها في المناطق. جوزيف عقيقي الذي يلعب الدور الرئيسي (نصري)، وسارة عبدو، وحمزة أبيض يزبك، إبراهيم عجمي، ربيع عبدو، وماريا دويهي، جميعهم كانوا طلابها، وها هم زملاء اليوم. المخرجة تتحدث عما تسميه «آيديولوجيا التجوال». تسأل: «كيف ببلد صغير مثل لبنان، يمكن اجتيازه من شماله إلى جنوبيه بأربع ساعات، لا يعرف أبناؤه مناطقه، ولا يتنقلون إلا ضمن مساحات محدودة». أخذت كارولين حاتم على عاتقها، مهمة كسر الحواجز. «هل يعقل أن معي في فريق العمل أشخاص لم يزوروا طرابلس من قبل؟ هل من المقبول أن أربعة أفراد من الفريق أيضاً، لم يسبق لهم أن دخلوا قلعة بعلبك التاريخية؟».
الفنون الأدائية بشكل عام نقلها مُكلف، تحتاج للمواصلات، وتمويل إقامات للفنانين، ومنامات، وهذا كله في ظل الأزمات الحالية، يزداد صعوبة. لا بل إن التنقل بمسرحية مع فريقها وديكوراتها واحتياجاتها التقنية، هو أغلى من الإنتاج نفسه. لكن المسرح وُجد للناس، يجب أن يراه الجميع ويستمتع به. كما أن عدد المتفرجين حين يكبر ويتنوع، يشجع الممثل ويبث فيه الثقة بالنفس. والممثلون أنفسهم بتنقلهم بين المناطق، يكتشفون بلدهم ويصبحون على تماس مع جمهورهم بمختلف فئاته، وليس جزءاً منه.
سعيدة كارولين حاتم لأنها تمكنت من تذليل عقبة التجوال، من خلال تأسيس جمعية «يزن» التي تسعى لدعم تنقّل أي عمل ثقافي في المناطق، وإيصاله إلى أكبر عدد ممكن من الناس. وهذا يتم بالتعاون والتشبيك مع جمعيتي «يرقة» للرقص، «وكلاون مي إن»، وهي متخصصة بالتهريج، وإضحاك الجمهور. كارولين حاتم جالت بمسرحيتها مع فناني الجمعيتين في زحلة وبعلبك. تقول: «فريقي للمسرحية مكون من 18 شخصاً بين ممثلين وتقنين، و(يرقة) 9 أشخاص، وفرقة المهرجين 9. نتنقل معاً، ونحضر برامج مشتركة. هذا لا يفتح أمامنا أبواب المناطق فقط، بل يسمح لنا بصفتنا فنانين أن نكون معاً. فبينما كنت أقدم عروضي في زحلة وبعلبك، كان الباقون يقدمون برنامجهم على البردوني وفي عنجر ورياق».
«العادلون» مدتها 90 دقيقة، تقدمها كارولين حاتم مجاناً للجميع، فغاية الفن أن يخاطب الآخر، ويصل دون عوائق. هي سعيدة لأن الإقبال كان دائماً مشجعاً. «ألبير كامو اسم يجذب المتفرجين، ثم إن الأساتذة حين يسمعون الاسم يأتون بطلابهم، والطلاب أنفسهم يهمهم أن يتفرجوا على عمل لهذا الكاتب الكبير الذي يقرأون له في مناهجهم».
تكمل كارولين حاتم: «أكثر ما يهمني هو الممثل. أحب أن يخرج المتفرج من عملي وقد أحب ما رأى، لكن الأهم أن يلحظ التميز الكبير في أداء الممثلين». تشتغل المخرجة بشكل خاص على الممثلين، حركتهم، أدائهم، حضورهم، قوة الصوت، النبرة، دينامية الجسد، وقدرة الوجه على التعبير. لهذا يبدو الاهتمام بالموسيقى التي وضعها الرابر اللبناني بو ناصر طفار، والسينوغرافيا على تقشفها، مكملاً للحضور الأدائي الإنساني. إضافة إلى «العادلون»، المستمرة في جولاتها، تعِدّ المخرجة لتقديم مسرحية جديدة سيكون افتتاحها في برلين في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، تحمل عنوان «طرابلس - ترانزيت»، وهو عنوان يتناسب مع حلم كارولين حاتم في أن تكون في أي منطقة في لبنان وليس فقط في بيروت.



فونسيكا: على لاعبي ميلان الارتقاء لمستوى النادي العريق

باولو فونسيكا مدرب ميلان يواصل مهاجمة لاعبيه (أ.ف.ب)
باولو فونسيكا مدرب ميلان يواصل مهاجمة لاعبيه (أ.ف.ب)
TT

فونسيكا: على لاعبي ميلان الارتقاء لمستوى النادي العريق

باولو فونسيكا مدرب ميلان يواصل مهاجمة لاعبيه (أ.ف.ب)
باولو فونسيكا مدرب ميلان يواصل مهاجمة لاعبيه (أ.ف.ب)

قال باولو فونسيكا، مدرب ميلان، اليوم (السبت)، إن لاعبي الفريق بحاجة إلى تحسين نهجهم وموقفهم والارتقاء إلى مستوى التاريخ العريق للنادي، وذلك قبل مواجهة جنوى في دوري الدرجة الأولى الإيطالي لكرة القدم، الأحد، الذي يوافق احتفالات النادي بالذكرى 125 لتأسيسه.

وهاجم فونسيكا فريقه، الأربعاء الماضي، عندما أبدى غضبه من عدم التزام بعض اللاعبين بعد الفوز 2-1 على رد ستار بلغراد في دوري أبطال أوروبا.

وفي حين لم يحدد فونسيكا أسماء، تعرض قائد ميلان دافيدي كالابريا وبعض زملائه لانتقادات من الجماهير، إذ رد كالابريا على الانتقادات، الجمعة، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال فونسيكا للصحافيين: «بالنسبة لي كان من السهل الحديث فقط عن الفوز على رد ستار، لكن غداً سيصل تاريخ ميلان إلى 125 عاماً، وعلينا أن نرتقي إلى مستوى هذا التاريخ. بالنسبة لي، بعد مباراة الأربعاء، لم يكن الأمر كذلك. مع موقف، الأربعاء، لم نتمكن من الارتقاء إلى مستوى النادي الذي صنع تاريخاً في كرة القدم. تحدثت للفريق واللاعبين الذين أردت التحدث لهم ونحن مستعدون للغد».

وعندما سُئل عن سبب انتقاده العلني لفريقه، قال فونسيكا: «أولاً لأنني أقول الحقيقة دائماً، ومن الصعب بالنسبة لي إخفاء ما أشعر به بعد المباراة. ثانياً هناك رسائل مهمة يجب توصيلها. أنت لست داخل الفريق ولا تعرف كل شيء لكنني كنت بحاجة إلى التحدث علناً».

ويحتل ميلان، بطل إيطاليا 19 مرة، المركز السابع في الدوري الإيطالي، متأخراً بفارق 13 نقطة عن أتالانتا المتصدر وله مباراة مؤجلة.

ورداً على سؤال عما إذا كان أي أمل للمنافسة على لقب الدوري قد تبخر بالفعل، قال فونسيكا: «كما هو الحال دائماً، أريد أن أكون صادقاً. أعتقد أن الأمر أصبح أكثر صعوبة الآن، لكن بداخلي ما زلت أؤمن بإمكانية حدوث ذلك. ماذا يمكنني أن أقول أكثر من ذلك؟ الأمر ليس سهلاً، ولكنني ما زلت أثق في إمكانية حدوثه».

ورغم معاناة ميلان، أوضح فونسيكا أن مشاكلهم يمكن حلها، قائلاً: «رأيت بالفعل ميلان الذي أردته. لست ساحراً. الظروف متقلبة دائماً، ربما نراها غداً، وربما لا نراها لاحقاً. أود أن يكون لدي فريق أكثر ثباتاً خصوصاً في الموقف والنهج. ثم يمكنك ارتكاب أخطاء فنية أو تكتيكية، لكن من الصعب بالنسبة لي أن أفهم عدم الاتساق الذهني في الفريق. يمكن حل هذه المشكلة».