مصر: موسم «الهجوم» على كليات الإعلام يتجدد وسط «تنديد أكاديمي»

كلية الإعلام بجامعة القاهرة (موقع الكلية)
كلية الإعلام بجامعة القاهرة (موقع الكلية)
TT

مصر: موسم «الهجوم» على كليات الإعلام يتجدد وسط «تنديد أكاديمي»

كلية الإعلام بجامعة القاهرة (موقع الكلية)
كلية الإعلام بجامعة القاهرة (موقع الكلية)

عاد الجدل حول أهمية دراسة الإعلام والصحافة، مرة أخرى، ليتصدر المشهد في مصر، في أعقاب تصريحات للإعلامي أحمد موسى، طالب خلالها خريجي الثانوية العامة بـ«عدم الالتحاق بكليات الإعلام»، الأمر الذي أثار انتقادات أكاديمية، رفضت ما وصفته بـ«الهجوم الموسمي»، على الكليات المتخصصة في هذا المجال، مؤكدة «أهمية دورها في تخريج متخصصين، في ظل مهنة تشهد تطورات متلاحقة يومياً».
ونصح موسى، في برنامجه التلفزيوني المذاع على قناة «صدى البلد» الفضائية، طلاب الثانوية العامة بـ«عدم الالتحاق بكليات الإعلام»، قائلاً: «لا توجد وظائف لخريجي الإعلام والصحافة، القنوات التلفزيونية لن تستطيع استيعاب كل الخريجين، كما لا توجد تعيينات في المؤسسات الصحافية القومية»؛ مشيراً إلى أنه «تخرج في كلية الآداب قسم صحافة عام 1983، وكان ضمن 5 فقط تمكنوا من الحصول على فرصة تعيين في مؤسسة (الأهرام) في ذلك الوقت».
ورداً على نصيحة موسى، تعمل «المنظمة العربية للحوار» حالياً، على «إعداد بيان للتنديد بهذه التصريحات، تمهيداً لجمع توقيعات من خريجي الإعلام وغيرهم، تؤكد أهمية الدراسة الأكاديمية للإعلام»، بحسب تصريحات الدكتورة حنان يوسف، عميدة كلية الإعلام بـ«الأكاديمية البحرية»، ورئيسة «المنظمة العربية» التي أوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن «مسألة الجدل حول دراسة الإعلام مسألة متكررة، على مدار السنوات الأخيرة؛ لكنها تصاعدت الآن عقب تصريحات موسى التي أعطتها زخماً إضافياً».
وجاءت تصريحات موسى لتجدد «هجوماً موسمياً»، على حد تعبير الدكتور حسن عماد مكاوي، عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة، الذي أوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «في كل عام ومع بداية موسم التنسيق والقبول في الجامعات، يتكرر الهجوم على كلية الإعلام، من صحافيين ومن إعلاميين يرون أن الدراسة (غير مهمة وغير ضرورية)»؛ مشيراً إلى أن «هذا الهجوم هدفه التكريس لفكرة أن من يعمل بالمهنة لا يشترط أن يكون دارساً لها». لكن هذا الهجوم المتكرر «لم يُقلل أبداً من الإقبال على كليات الإعلام». ويضيف عماد: «لا يمكن إلغاء تخصص من التخصصات بدعوى عدم وجود وظائف»، مشدداً على أن «دراسة الإعلام مهمة وموجودة في كل دول العالم».
وفي كل عام، مع بداية موسم التنسيق للالتحاق بالجامعات في مصر، يقوم بعض الصحافيين والإعلاميين بتوجيه نصائح للطلاب على غرار ما فعله موسى، مع الإشارة إلى «صعوبة الحصول على فرصة تعيين، في ظل (حديث متكرر) عن إغلاق قنوات وصحف».
ويجنح البعض إلى انتقاد كليات الإعلام بدعوى أنها «لا تقدم تعليماً يتناسب مع التطورات المتلاحقة في المهنة؛ على حد قولهم». وبين حين وآخر يشتد الجدل على صفحات الصحف وفي البرامج التلفزيونية، بين من ينتقدون خريجي كليات الإعلام، بدعوى «عدم تأهيلهم» بالشكل الكافي، أو «زيادة عددهم عن حاجة السوق». وأخيراً، نشر حسن عماد مكاوي سلسلة من المقالات تحت عنوان «موسم الهجوم على الإعلام»، للرد على انتقادات أبناء المهنة.
ورغم تأكيد عماد على «أهمية الدراسة الأكاديمية لمهنة الإعلام والصحافة»، فإنه انتقد «التوسع في الكليات، دون دراسة لحاجة السوق». وقال إن «هذا الأمر لا ينطبق على الإعلام وحده؛ بل على جميع التخصصات؛ حيث ينبغي دراسة احتياجات السوق، لتحديد الأعداد المطلوبة من كل تخصص»؛ مضيفاً: «المشكلة في الأعداد وليس في التخصص في حد ذاته»؛ مشيراً إلى أن «عدم ملاحقة بعض الكليات للتطورات العلمية في المهنة، لا يجب أن ينسحب على التخصص كله، فهناك كليات وأساتذة تطور بشكل يومي من مناهجها لتواكب عصر الإعلام الرقمي».
بدورها أكدت يوسف أن «الدراسات الإعلامية صعبة، وتشهد تطورات متلاحقة، لمواكبة عصر (الديجيتال)، وهي نمط مُقدر ومعترف به في التصنيف الدولي»، لافتة إلى أن «التوظيف مرتبط بمهارة وإمكانيات الخريج»، مؤكدة أن «الكلية التي تشرف بعمادتها حققت على مدار الخمس سنوات الماضية معدل توظيف للخريجين وصل إلى 95 في المائة».
وأكدت يوسف أنه «لا يمكن لأحد إغلاق تخصص الإعلام، وهذا يتناقض مع سياسة الدولة التي تتوسع في إنشاء كليات الإعلام في الجامعات الجديدة». وقالت يوسف إن «مثل هذا الجدل يتسبب في إحباط الخريجين»؛ لكنها أكدت في الوقت نفسه أنه «لن يقلل الإقبال على الدراسة في كليات الإعلام».
بدوره يشير الدكتور محمود علم الدين، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، إلى أن «موسى لا يهاجم كليات الإعلام، لكنه ينبه إلى زيادة عددها»، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «عدد كليات الإعلام في مصر تجاوز الثلاثين كلية، ونحن لا نحتاج إلى كل هذا العدد».
وأخيراً أنشأت مصر عدداً من الجامعات الأهلية في إطار سياسة تطوير التعليم الجامعي، ومن بينها «جامعة الجلالة» التي تقدم دراسة الإعلام ضمن برامجها.
 



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.