الرئيس معصوم يعلن بدء الآليات الخاصة بتنفيذ مشروع المصالحة الوطنية

وسط استمرار الخلافات والشكوك بين الشيعة والسنة والأكراد

الرئيس العراقي فؤاد معصوم
الرئيس العراقي فؤاد معصوم
TT

الرئيس معصوم يعلن بدء الآليات الخاصة بتنفيذ مشروع المصالحة الوطنية

الرئيس العراقي فؤاد معصوم
الرئيس العراقي فؤاد معصوم

أعلن الرئيس العراقي فؤاد معصوم أن لديه مشروعا للمصالحة الوطنية يعمل عليه بالتعاون مع الرئاسات الثلاث ومختلف القوى والأحزاب السياسية في البلاد في وقت تستمر فيه الخلافات بشأن الآليات الخاصة بذلك، وشكوك قيادات من العرب السنة بشأن ذلك. وفي بيان للاتحاد الوطني الكردستاني أمس الجمعة توقع معصوم خلال لقائه عددا من القيادات الكردية في مدينة السليمانية بإقليم كردستان أن «يلاقي المشروع تقبلا ونجاحا داخل الأوساط السياسية والشعبية، لأن الدول وأصدقاء العراق يتطلعون لتهيئة أجواء واقعية وحقيقة للمصالحة الوطنية، وهو مطلب للمجتمع الدولي والغربي والاتحاد الأوروبي والمنطقة»، معربا عن أمله في أن «ينجح مشروع المصالحة وينعكس إيجابا على أوضاع العراق وضمان استقراره سياسيا وأمنيا واقتصاديا».
وفيما يأتي مشروع الرئيس معصوم للمصالحة الوطنية بالتزامن مع إطلاق زعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم مبادرة السلم الأهلي وبناء الدولة، وطبقا لما كشفه مسؤول عراقي مطلع لـ«الشرق الأوسط»، فإن «الخلافات لا تزال مستمرة على صعيد الكيفية التي يمكن بموجبها تحقيق المصالحة الوطنية بين الأطراف المختلفة»، مشيرا إلى أن «هناك اتفاقا بين رئيسي الجمهورية فؤاد معصوم والوزراء حيدر العبادي على أن ترتبط المصالحة الوطنية في هيئة الرئاسة، لكن هناك خلافات بشأن ذلك بين نواب الرئيس، لا سيما نوري المالكي الذي يحبذ عدم ربطها برئاسة الجمهورية، وإياد علاوي الذي يرى أنه قبل منصب نائب الرئيس لكي يطبق مشروع المصالحة الوطنية».
وفي وقت لا تراهن فيه القيادات السنية في البرلمان على مشاريع ومبادرات المصالحة والسلم الأهلي نتيجة عدم تطبيق ما تم الاتفاق عليه، لا سيما وثيقة الاتفاق السياسي التي تشكلت الحكومة الحالية بموجبها، فإن عضو البرلمان العراقي عن كتلة المواطن التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي حمدية الحسيني، تقول في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «كل الكتل السياسية والسياسيين وكل الشخصيات الدينية والاجتماعية مطالبة بأن تعمل على ترسيخ مبادئ الوحدة الوطنية والتلاحم بين مكونات الشعب العراقي». وأضافت أن «العراقيين يواجهون عدوا واحدا، وبالتالي فإن تطبيق مبادرة السلم الأهلي التي دعا إليها السيد عمار الحكيم من شأنها تفويت الفرصة على كل من يحاول تمزيق النسيج الاجتماعي العراقي».
من جهتهم عبر عدد من القيادات السنية عن خشيتهم استمرار عملية الإقصاء والتهميش على أرض الواقع، بينما يجري الحديث عبر وسائل الإعلام عن المزيد من المبادرات والمشاريع الخاصة بالمصالحة الوطنية. وفي هذا السياق أكد عضو البرلمان العراقي عن محافظة ديالى رعد الدهلكي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المصالحة الوطنية لا وجود لها على أرض الواقع، بل هي أقرب شيء إلى الشعارات التي ترفع لأغراض دعائية»، مشيرا إلى أن «الأعوام الماضية لم يلتمس فيها أحد بوادر للمصالحة من قبل الحكومة، إذا لم تتخذ أي خطوات فعلية لتطبيق المصالحة، بل اكتفت بالمؤتمرات وغيرها دون إحراز تقدم في هذا المجال على أي مستوى من مستوياتها». وأشار إلى أن «تطبيق الكثير من القوانين والإجراءات مثل العفو العام وتحويل المساءلة والعدالة إلى القضاء وتشريع قانون الحرس الوطني وتنفيذ كل بنود وثيقة الاتفاق السياسي، هي الكفيلة بتحقيق المصالحة دون مؤتمرات ولجان وغيرها».
في السياق نفسه، أكد محمد الخالدي القيادي في كتلة «متحدون» والمستشار في رئاسة الجمهورية للمصالحة الوطنية، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك بوادر من قبل الحكومة باتجاه المصالحة الوطنية على الأقل في ما يتعلق باتخاذ بعض الإجراءات التي تمثل نوعا من تلافي أخطاء الماضي، حيث هناك مساع للتقريب بين الفرقاء ومحاولة استيعاب الجميع رغم وجود تحديات داخلية وخارجية تحول حتى الآن دون التقدم باتجاه تنفيذ المزيد من الإجراءات». وأضاف الخالدي أن «المؤشر العام هو وجود إرادة لدى الجميع وبالذات لدى رئاستي الجمهورية والوزراء والقوى السياسية من أجل البدء بخطوات جدية في هذا المجال بالاتفاق مع الأمم المتحدة، وهناك إجراءات سوف يتم الإعلان عنها بهذا الاتجاه».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».