رئيس الحكومة التونسية يقيم أداء الأمن والجيش

ثمانية إرهابيين أمام القضاء

مهدي جمعة
مهدي جمعة
TT

رئيس الحكومة التونسية يقيم أداء الأمن والجيش

مهدي جمعة
مهدي جمعة

أشرف مهدي جمعة رئيس الحكومة التونسية بقصر الحكومة بالقصبة، على اجتماع أمني مضيق خصص للنظر في سلسلة الأحداث الأمنية الأخيرة التي عاشتها تونس على غرار أحداث رواد وأحداث حي النسيم ببرج الوزير من ولاية (محافظة) أريانة. وذكر بلاغ لرئاسة الحكومة أمس أن الاجتماع اهتم بمتابعة مجموعة من الملفات الأمنية واطلع على سير عمليات متابعة كل الأطراف المهددة للاستقرار في تونس.
وكان مهدي جمعة قد عاين بنفسه مسرح العمليات بعد يوم واحد من إلقاء القبض في الثامن من الشهر الحالي على أربعة عناصر إرهابية ببرج الوزير القريب من العاصمة، وذلك للرفع من معنويات المؤسسة الأمنية وللتأكيد على أولوية ملفي ضمان الأمن والقضاء على الإرهاب ضمن برنامج الحكومة.
في ذات السياق، قالت مصادر من رئاسة الحكومة لـ«الشرق الأوسط» إن الاجتماع خصص أساسا لتقييم أداء أجهزة الأمن والجيش في مكافحة العناصر الإرهابية بعد نجاحها في ظرف زمني وجيز في استباق الهجمات الإرهابية وتصفية بعض العناصر والقبض على عناصر أخرى. وأكدت نفس المصادر على ثبات الحكومة في مواجهة كل العناصر التي قررت حمل السلاح في وجوه التونسيين ومهاجمة قوات الأمن والجيش.
في غضون ذلك، أحال القضاء التونسي أمس ثمانية متهمين بالإرهاب من ضمنهم أحمد المالكي الملقب بـ«الصومالي» المتهم بالضلوع في اغتيال محمد البراهمي المنسق العام للتيار الشعبي (حزب قومي). وشهد محيط المحكمة الابتدائية بالعاصمة التونسية تعزيزات أمنية مكثفة تحسبا لردود فعل قد تحصل من تنظيم أنصار الشريعة المحظور. ومن المرجح أن تطول عمليات التحقيق مع المتهمين بالإرهاب، وذلك على خلفية الوثائق والمعلومات الكثيرة التي كانت بحوزة المجموعة سواء في رواد أو في برج الوزير.
كما جلب إلى المحكمة المحجوزات التي ضبطها رجال الأمن بمكان اختفاء تلك المجموعة ومن بينها رشاش ثقيل ووثائق تكشف عن الإعداد لعمليات إرهابية، إضافة لصاحب المنزل الذي مكن المجموعة الإرهابية من المأوى.
وشارك أربعة من المتهمين في الثامن من الشهر الحالي في مواجهات مسلحة مع قوات مكافحة الإرهاب أسفرت عن القبض على المجموعة بأكملها فيما أصيب ثلاثة عناصر من قوات الأمن في تلك المواجهات. وفي بداية نفس هذا الشهر قتل سبعة عناصر إرهابية في منطقة رواد القريبة من العاصمة من بينهم كمال القضقاضي المتهم باغتيال شكري بلعيد.
على صعيد متصل، ألقت فجر أمس قوات الأمن التونسية القبض على إرهابي «خطير» بمنطقة جبل الجلود الواقعة بالضاحية الجنوبية للعاصمة، وقالت وزارة الداخلية في بلاغ لها إنه «إرهابي خطير» وقد نزل على التو من جبال الشعانبي وسط غربي تونس حيث تتحصن مجموعة إرهابية منذ اكتشافها لأول مرة في شهر مايو (أيار) 2013، وأضافت أنه مكلف برصد تحركات العسكريين والأمنيين ومدهم بكل التفاصيل الميدانية، وهو ما مهد لإفلات المجموعة المسلحة من سلسلة الكمائن التي نصبت لها طوال أشهر.
من ناحية أخرى، اتهم عبد العزيز القطي القيادي في حركة نداء تونس بعض الأحزاب السياسية باغتنام فرصة التعداد العام للسكان والسكنى لغايات انتخابية، ووجه أصابع الاتهام إلى حركة النهضة التي قال إنها اعتمدت «تركيبة مشبوهة داخل اللجان الجهوية للتعداد». ونبه في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى خطورة استغلال الاتصال المباشر بالتونسيين لتمرير رسائل سياسية حزبية في صفوف العائلات، وقال إن انتداب الآلاف من الشبان لإجراء المسح الميداني يمكن أن يخضع للاستغلال السياسي قبل أشهر من الانتخابات.
وفي المقابل نفت حركة النهضة تلك الاتهامات وقال العجمي الوريمي المتحدث باسمها لـ«الشرق الأوسط» إن التونسيين لن يخضعوا لأي ضغوطات في اختيارهم لمن سيمثلونهم مستقبلا، وأشار إلى المخاوف غير المبررة التي تبديها الأطراف السياسية من حين إلى آخر دون حجة ولا دليل، على حد قوله.
وتستعد تونس لإجراء تعداد عام للسكان والسكني خلال شهري أبريل (نيسان) ومايو (أيار) المقبلين، وخصصت لهذا الموضوع مبلغا ماليا ضمن ميزانية الدولة للسنة الحالية لا يقل عن 40 مليون دينار تونسي (نحو 25 مليون دولار أميركي).



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.