شُكلت مجموعة «موتسارت» مقابلةً لمرتزقة «فاغنر» الروس، وتتكون من نحو 30 من قدامى المحاربين الأنغلو - ساكسون في الغالب، يقولون إن مهماتهم البحتة مهام إنسانية وتدريب الأوكرانيين على القتال، دون المشاركة فيه بأنفسهم، وفق تقرير لصحيفة «لوموند» الفرنسية...
ففي وقت متقدم من الليل، في مدينة صغيرة بمنطقة دونيتسك في الدونباس الأوكراني، لم يذكر التقرير اسمها لدواع أمنية، وفي مكان ليس ببعيد من خط المواجهة مع القوات الروسية، يهرع عمال إغاثة إنسانية دوليون، ومبعوثون خاصون وجنود في إجازة، وبينهم فريق يجري الإسعافات الأولية، للإغاثة عند حدوث قصف روسي قريب... إنها مجموعة «موتسارت»، وهي شركة عسكرية أميركية خاصة تضم نحو 30 متطوعاً، جميعهم محاربون قدامى من قوات النخبة، وفقاً للتقرير.
يقول آندي ميلبورن، مؤسس المجموعة، وهو كولونيل أميركي مُتقاعد بعد 31 عاماً من الخدمة في مشاة البحرية: «هنا، نقوم بالمهمة التي لا تستطيع واشنطن القيام بها. البنتاغون يبرئ نفسه منا بالقول إنه لا علاقة له بنا، وهو بالفعل على حق: إنها الحقيقة الصارمة».
منذ العام 2001 على وجه الخصوص، انتشرت الشركات العسكرية الخاصة في البلدان المعرضة للخطر؛ من العراق إلى مالي، ولكن في أوكرانيا، قد تصبح لعبة «موتسارت» أكثر مخاطرة هذه المرة.
تتراوح أعمار أعضاء «موتسارت» في الغالب بين 30 و45 عاماً، وهم في معظمهم من الأنغلو - ساكسون، ومعهم «ديسبس» الفرنسي الوحيد بينهم والذي أمضى 3 سنوات في القوات الخاصة.
أراد ديسبس الانضمام إلى كتيبة المتطوعين الدوليين، بناءً على دعوة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وقال: «لدي الصحة والقدرات، لم يكن بإمكاني النظر إلى نفسي في المرآة لو بقيت على الأريكة».
يشرح متطوع آخر أنه يريد «مساعدة الناس الذين لديهم، مثلي، العدو نفسه: الروس».
ووفق التقرير، ربما يكون اختيار اسم «موتسارت» هو الذي يكشف عن غير قصد الغموض الخطير للوضع في أوكرانيا، كان القصد من اسم «موتسارت» أن يكون إشارة ساخرة إلى اسم «فاغنر»، تلك الكتيبة الروسية الخاصة ذات السمعة الشريرة («فاغنر» تحمل اسم مؤلف موسيقي شهير و«موتسارت» كذلك)، كانت الغمزة مغرية: «موتسارت» ضد «فاغنر».
تحت تسمية «شركة حراسة أمنية» الشائعة، توجد حقائق مختلفة جداً تتعايش؛ فمن ناحية توجد مجموعة روسية أطلقت على نفسها اسم «جيش بوتين السري» مع مرتزقتها المتطرفين الذين يشاركون في القتال في أوكرانيا، ومن من ناحية أخرى؛ تشدد مجموعة «موتسارت» على مهمات إنسانية وتدريبية بحتة.
قال ميلبورن رئيس المجموعة: «إذا تورط أحد رجالنا في الاشتباكات شخصياً، فعليه أن يترك (موتسارت)».
أفاد التقرير بأن أفراد «موتسارت» يقومون بأعمال إنسانية وتدريبية؛ إذ يتولى أعضاء فريقهم الطبي مساعدة مصابين في الحرب، وساعدوا في إجلاء المدنيين الأوكرانيين في 28 يوليو (تموز) 2022 في محطة القطار في بوكروفسك بمنطقة دونيتسك أوبلاسك، ويقدم أعضاء «موتسارت» لجنود أوكرانيين تدريباً عسكرياً مكثفاً، بشكل مجاني، حول التعامل مع الأسلحة والتكتيكات في معسكر خاص، بعد أن يتم التفاوض على تسجيل أسماء الجنود الأوكرانيين الذين سيشاركون في التدريب مباشرة، دون المرور بوزارة الدفاع الأوكرانية، وبشكل عام، تجمع كل دورة تدريبية نحو 40 جندياً أوكرانياً.
يعلق أحد أعضاء مجموعة «موتسارت» على هذه التدريبات: «يجب أن يكون عدد الجنود الأوكرانيين (المشاركون في كل دورة) ضعفين على الأقل، لكن لا يمكن لأي قائد أوكراني اليوم أن يسحب كثيراً من جنوده من خط القتال ليأتي للتدريب».
يشير آندي ميلبورن إلى أن «هذه التدريبات العسكرية هي المهمة الرئيسية لـ(موتسارت) في أوكرانيا، من المفترض أن يمر 2500 جندي (أوكراني) للتدرب في غضون 4 أشهر».
وشرح ميلبورن أنه أتى إلى أوكرانيا في مارس (آذار) الماضي في بدايات الحرب ليطلع على أجواء الحرب على أنه «صحافي مستقل»، ثم قرر إنشاء شركة الحراسة الأمنية الخاصة به «بفضل التبرعات الخاصة على الإنترنت، والتي جاءت بشكل خاص من أميركيين؛ يرغبون في عدم الكشف عن هوياتهم».
ورغم مواصلة واشنطن مساعدة أوكرانيا في التسليح والأمور اللوجستية منذ بداية الحرب، فإنها سارعت إلى إخلاء مئات من مستشاريها العسكريين المنتشرين في أوكرانيا، مع بدء الغزو الروسي. ويبذل البيت الأبيض قصارى جهده لتجنب المواجهة المباشرة بين (الناتو) وروسيا، ويتم تشجيع المواطنين الأميركيين على مغادرة أوكرانيا. ورغم نفي البنتاغون أي صلة له بالشركات العسكرية الخاصة أو بـ«موتسارت» وغيرها من الشركات، فإن موسكو تستغل وجود هذه المجموعات العسكرية في أوكرانيا لتصر على أن «الناتو» يرسل في الواقع رجالاً للقتال على الأرض، على عكس تصريحات «الحلف»، وفق ما جاء في التقرير.
وتتساءل الصحافية فلورانس أوبناس، الموفدة الخاصة لصحيفة «لوموند» إلى دونباس: «ماذا لو وجد أعضاء (موتسارت) أنفسهم فجأة وجهاً لوجه مع (فاغنر) أو مع مقاتلين آخرين موالين لروسيا؟ ففكرة وجودهم (موتسارت)، حتى ولو كانوا غير مسلحين (بمعنى لا يقاتلون)، يمكن أن تقلب الحرب إلى بُعد آخر...»، وتضيف أن أعضاء المجموعة «يرون أنفسهم حصناً، فتدريب الجنود الأوكرانيين من شأنه أن يساهم، من وجهة نظرهم، في تهدئة عدوانية موسكو».
ويؤكد أحد أعضاء المجموعة أن الأيام المقبلة ستحكم على عمل المجموعة: «في وقت لاحق، سيجري انتقادنا بسبب حذرنا، وسيسألنا الناس: لماذا لم تفعلوا المزيد؟ ننتظر التاريخ ليحكم علينا».
«موتسارت» ضد «فاغنر»... شركة أمن خاصة تنشط في أوكرانيا
«موتسارت» ضد «فاغنر»... شركة أمن خاصة تنشط في أوكرانيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة