توجس يمني من خطط غروندبرغ الرامية إلى توسيع الهدنة الأممية

سياسيون: الحوثيون المستفيد الأكبر... وإنهاء حصار تعز هو الأولوية

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن (أ.ف.ب)
TT
20

توجس يمني من خطط غروندبرغ الرامية إلى توسيع الهدنة الأممية

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن (أ.ف.ب)

أثارت الإحاطة الأخيرة للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ توجساً في الشارع اليمني لجهة ما أعلنه من خططه الساعية إلى توسيع الهدنة الإنسانية والعسكرية، إذ يعتقد سياسيون يمنون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين هم المستفيد الأكبر من بنود الهدنة المحسنة، لا سيما أن الجماعة لا تزال ترفض تنفيذ البند المتعلق بإنهاء حصار تعز وفتح الطرقات رغم مرور أكثر من أربعة أشهر على سريان الهدنة.
وكان المبعوث الأممي أعلن، خلال إحاطته أمام مجلس الأمن، أنه يعمل على توسيع الهدنة، من خلال أربعة عناصر تشمل الاتفاق على آلية شفافة وفعّالة لصرف منتظم لرواتب موظفي الخدمة المدنية ومعاشات المتقاعدين المدنيين، وفتح طرق إضافية في تعز ومحافظات أخرى، وإضافة المزيد من الوجهات من وإلى مطار صنعاء الدولي، وانتظام تدفق الوقود إلى جميع موانئ الحديدة.
كما اعترف غروندبرغ بأن مساعيه أخفقت حتى الآن في إقناع الميليشيات الحوثية بإنهاء حصار تعز وفتح الطرقات، مشيراً إلى أنه سيواصل جهوده في هذا الشأن دون أن يبدي تفاؤلاً بإحراز أي تقدم في ظل تعنت الحوثيين المستمر.
في هذا السياق يعلق الباحث اليمني الدكتور فارس البيل لـ«الشرق الأوسط» على إحاطة المبعوث الأخيرة ويصفها بأنها «تفضح حالة العجز، وتشير إلى نهاية الجهد، فلا يبدو أن المبعوث الأممي متفائل، ولا يملك القدرة على تحديد الخطوة المقبلة، بناء على نتائج الهدنة المجددة، التي لا تشير إلى إحراز تقدم ملموس».
ويضيف البيل: «الحكومة لم تعد راغبة في تمديد هدنة لا تفتح فيها معابر تعز، والحوثي لا يزال رافضاً لأي تنازل من أجل الحالة الإنسانية، بينما تستمر انتهاكاته واستعداداته العسكرية على الأرض، ولذا فإن اقتراح اتفاق موسع كما لو أنه هروب من استحقاقات الهدنة الحالية، وخلق مساحة جديدة تناور فيها ميليشيا الحوثي بشروط جديدة والتفاتات مختلفة».
ويرى الباحث البيل أنه «يمكن الذهاب إلى توسيع قاعدة السلام والاتفاقات عندما يكون قد سبقها إنجاز ملموس يستحق التنازل، لكن حالة العجز الأممي أمام تعنت ميليشيا الحوثي، تمنحها قدرة أكثر على الرفض وعرقلة كل الجهود بل ونسفها تماماً كما حدث مع كل الاتفاقات السابقة».
كما ينتقد البيل ما يصفه بـ«ضبابية الخطاب الأممي وإحاطات المبعوث، التي ترمي باللائمة على كل الأطراف حتى في فتح معابر تعز»، ويرى أن ذلك «مساواة بين الضحية والجلاد لا تنبغي للأمم المتحدة»، وفق تعبيره.
ويشدد الباحث اليمني فارس البيل على أن «وضوح المبعوث وتحديده للمعرقل ووصفه وتقريره لمجلس الأمن هي أولى خطوات تغيير حالة الجمود، ومحاولة كسر تعنت ميليشيا الحوثي ما لم تهدر هذه الجهود نفسها؛ حيث لا معنى لأي اتفاقات مبتكرة، فكلها في النتيجة سواء».
- أخطر إحاطة أممية
أما المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر فيرى، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن إحاطة المبعوث الأممي الأخيرة لمجلس الأمن «كانت أخطر إحاطة قدمها مبعوث أممي بشأن اليمن»، ويصفها بأنها «تعمل على شرعنة الميليشيا الحوثية، من خلال ترحيل بنود الهدنة الأممية التي التزم بها الحوثي، ليتم التفاوض بشأنها مقابل انتزاع مكاسب جديدة».
ويضيف الطاهر: «مع أن المبعوث الأممي اعترف بفشله في إقناع الحوثي بتسليم رواتب الموظفين ورفع الحصار عن محافظة تعز، يتحدث عن أن الحكومة اليمنية وميليشيا الحوثي التزمتا بخوض جولة جديدة من المفاوضات لتوسيع الهدنة، والدخول في هدنة جديدة موسعة ربما تكون مدتها ستة أشهر، وهو بمعنى أنه يعمل على ردم الشرعية اليمنية ويرضي الحوثي».
ويحذر الطاهر من أن «الدخول في مفاوضات لتوسيع الهدنة بالشكل الحالي، وترحيل شروط الهدنة السابقة التي لم يلتزم بها الحوثي، واعتبار أنها محل تفاوض مقابل انتزاع مكاسب جديدة للحوثي، كل هذا بمثابة إنهاء الشرعية اليمنية تدريجياً».
ويقترح أنه «لا يجب على المجلس الرئاسي أن يقبل مثل هذه الشروط أو يدخل في هدنة جديدة ما لم تكن هناك جدية من قبل الحوثي نحو السلام الحقيقي والعادل والشامل». ويقول: «دخول المجلس في أي تفاوض قادم، يعني أنه سيواجه مشكلات كبيرة قادمة مع الشارع اليمني، وربما تتعاظم الخلافات الداخلية داخل المجلس الرئاسي، ما لم تكن هناك مفاوضات حقيقية نحو إنهاء الحرب وإحلال السلام».
ومع وجود المزاج الدولي الضاغط لإطالة أمد الهدنة اليمنية، يقول الطاهر إنه «في حال استمر المبعوث الأممي في الضغط على المجلس الرئاسي، يفترض أن يتوقف الأخير عن التعامل معه».
- تبنٍّ للرؤية الحوثية
من جهته، يصرّح وكيل وزارة العدل اليمنية فيصل المجيدي، لـ«الشرق الأوسط»، بأن النقاط التي عرضها المبعوث الأممي لتوسيع الهدنة تعني أنه «يتبنى الرؤية الحوثية».
ويقول: «من المعلوم أن اتفاق ستوكهولم نصّ على أن عائدات رسوم النفط يجب أن توضع في البنك المركزي في فرع الحديدة لدفع المرتبات، لكن الحوثي نهب في وقت المبعوث السابق مارتن غريفيث مبلغ 65 مليار ريال المخصصة لذلك، ثم بعد ذلك لم يودع رسوم العائدات وحولها لأرصدته الخاصة ودعم بها جبهاته استعداداً لموجة حرب جديدة يعتقد أنها ستنتهي لصالحه (الدولار نحو 600 ريال في مناطق سيطرة الميليشيات)».
ويشير الوكيل المجيدي إلى نوايا الحوثي واستعداده للقتال مستغلاً الهدنة، ويقول إن الجماعة نهبت منذ سريان الهدنة نحو 130 مليار ريال من عائدات سفن الوقود إلى ميناء الحديدة، وهي أشياء لم يتطرق إليها المبعوث الأممي في إحاطته الأخيرة.
أما فيما يتعلق بالهدنة على الجبهات، فإن الأمر - بحسب المجيدي - ليس وردياً، لافتاً إلى مقتل وإصابة 1100 شخص بسبب الأعمال الهجومية الحوثية في مختلف الجبهات.
ويضيف: «إحاطة المبعوث توحي وكأن الحوثي قد فتح طرقات رئيسية في المرحلة الأولى، وبالتالي سيكون التفاوض على المرحلة النهائية، أي كسر الحصار، وفي ذلك تدليس على المجتمع الدولي، ما كان ينبغي أن يصدر عن مبعوث يفترض به أن ينقل الواقع كما هو لا أن يقوم بالتدليس بهذه الطريقة بغية القول إنه حقق منجزات».
يشار إلى أن الحكومة اليمنية دعت مجلس الأمن والمجتمع الدولي، لإعادة النظر في التعامل والتعاطي مع سلوك الميليشيات الحوثية أو ممارسة ضغوط حقيقية عليها للانخراط بحسن نية في جهود التهدئة وإحلال السلام، والحيلولة دون استغلال الهدنة للتحشيد العسكري وإعادة التموضع للتحضير لدورة جديدة من التصعيد.
واتهم المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة عبد الله السعدي، في بيان أمام اجتماع مجلس الأمن، الحوثيين بأنهم يحتالون على الهدنة الأممية ويستغلونها، مشدداً على رفع الحصار فوراً عن مدينة تعز؛ حيث تواصل الميليشيات التعنت والمماطلة في هذا الملف الإنساني.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي لقاء نسوي حوثي في صنعاء حول مهام الزينبيات في شهر رمضان (إعلام حوثي)

رمضان... موسم حوثي لتكثيف أعمال التعبئة والتطييف

تستعد الجماعة الحوثية لموسم تعبئة وتطييف في شهر رمضان بفعاليات وأنشطة تلزم فيها الموظفين العموميين بالمشاركة وتستغل المساعدات الغذائية بمساهمة من سفارة إيران.

وضاح الجليل (عدن)

الحوثي «يمهل» إسرائيل 4 أيام لإدخال المساعدات إلى غزة

متمردون حوثيون في صنعاء 2 ديسمبر 2023 (رويترز)
متمردون حوثيون في صنعاء 2 ديسمبر 2023 (رويترز)
TT
20

الحوثي «يمهل» إسرائيل 4 أيام لإدخال المساعدات إلى غزة

متمردون حوثيون في صنعاء 2 ديسمبر 2023 (رويترز)
متمردون حوثيون في صنعاء 2 ديسمبر 2023 (رويترز)

هدد زعيم حركة الحوثي في اليمن عبد الملك الحوثي، اليوم الجمعة، باستئناف العمليات البحرية ضد إسرائيل إذا استمرت بعد أربعة أيام في منع دخول المساعدات وغلق المعابر في قطاع غزة.

وأضاف: «سنعطي مهلة أربعة أيام، وهذه مهلة للوسطاء فيما يبذلونه من جهود. إذا استمر العدو الإسرائيلي بعد الأيام الأربعة في منع المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، واستمر في الإغلاق التام للمعابر، ومنع دخول الدواء إلى قطاع غزة، فإننا سنعود إلى استئناف عملياتنا البحرية ضد العدو الإسرائيلي. كلامنا واضح ونقابل الحصار بالحصار».