الهيروغليفية «أصلها صيني»... محاولة جديدة لـ«السطو» على لغة الفراعنة

علماء مصريات قالوا لـ«الشرق الأوسط» إنها فكرة «غير منطقية»

جان فرانسوا شامبليون وحجر رشيد (المتحف البريطاني)
جان فرانسوا شامبليون وحجر رشيد (المتحف البريطاني)
TT

الهيروغليفية «أصلها صيني»... محاولة جديدة لـ«السطو» على لغة الفراعنة

جان فرانسوا شامبليون وحجر رشيد (المتحف البريطاني)
جان فرانسوا شامبليون وحجر رشيد (المتحف البريطاني)

قبل نحو أكثر من 300 عام، حاول أثانيسيوس كيرتشر، وهو عالم يسوعي من القرن السابع عشر بألمانيا، إيجاد علاقة لغوية بين المصريين القدماء والصينيين. ورغم أن العلماء لاحقاً وصفوا الحديث عن هذه العلاقة بأنه «خيالي تماماً»، فإن باحثاً صينياً أعاد المحاولة مجدداً، مدّعياً في دراسة نشر ملخصها في 13 مايو (أيار) من العام الجاري، على شبكة أبحاث العلوم الاجتماعية (SSRN)، ومن المتوقع نشر باقي تفاصيلها قريباً، أن الهيروغليفية المصرية القديمة «كانت لغة صينية قديمة»، الأمر الذي وصفه علماء مصريات بأنه «غير منطقي».
ويقول الباحث شواشين هوانغ، من مركز أبحاث أصل الأحرف الصينية في ملخص دراسته، إنه «قام بفك رموز الهيروغليفية المصرية القديمة إلى الصينية، ووجد أن الهيروغليفية كانت لغة صينية قديمة قبل إنشاء الأحرف الصينية»، موضحاً أن «السر الأساسي الذي تم اكتشافه في اللغة الصينية، هو أن قيمها الصوتية الرئيسية، التي ظلت لآلاف السنين، مكّنته من استخدام النطق الصيني الحديث مباشرةً لفك رموز الهيروغليفية، وتوليد نتائج صحيحة».
ويضيف هوانغ أنه «عندما قام بفك رموز المئات من الحروف الهيروغليفية، وجد أسلاف الأمة الصينية، وهم الملك (يو)، الذي كان ملكاً أسطورياً في الصين القديمة، و(نوا)، وعُرفت أيضاً باسم (نوغوا)، وهي إلهة الأمومة والزواج في الميثولوجيا الصينية».

ورغم أن هوانغ لم ينشر بعد دراسته كاملة، واعداً في نهاية الملخص بالإبلاغ عن مزيد من التفاصيل المتعلقة بطريقة فك التشفير في المستقبل القريب، فإن «الشرق الأوسط» تواصلت معه عبر البريد الإلكتروني في محاولة لفهم أهداف دراسته.
واستهل هوانغ تعليقه بالإشارة إلى أن «التشابه بين الهيروغليفية المصرية والصينية، دفع العالم الألماني اليسوعي أثانيسيوس كيرتشر إلى القول في القرن السابع عشر، بأن (الصينيين من نسل المصريين)، وفي القرن الثامن عشر، اعتقد عالم الصينيات الفرنسي جوزيف دي جوين أن الشخصيات الصينية، والقوانين، والأنظمة السياسية، والملوك، وحتى الوزراء في الحكومة والإمبراطورية بأكملها، نشأت من مصر».
ويقول هوانغ: «رغم هذا الحديث المبكر عن العلاقة بين الصين ومصر، لم يكن هناك باحث يجد حقاً أن الكتابة المصرية القديمة كانت صينية، وهو ما سأقوم بإثباته عبر خمس أوراق بحثية سأنشرها لاحقاً».
ووضع هوانغ نماذج للتشابه في القيم الصوتية لنطق بعض الكلمات، مثل القدم، والذراع، والطعام، والضفدع، بين الهيروغليفية واللغة الصينية، مشيراً إلى أن «القيم الصوتية الرئيسية في اللغة الصينية ظلت دون تغيير منذ 5 آلاف عام، أي قبل وجود الأحرف الصينية، ولذلك فإن نطق هذه الكلمات متشابه بين الهيروغليفية والصينية الحديثة.
وانطلاقاً من هذا التشابه، قال هوانغ إنه «قام بفك رموز أكثر من 100 من الحروف الهيروغليفية المصرية القديمة في شهرين، وهو وقت بسيط جداً، وهذا ليس لأن لديه أي حكمة خاصة، ولكن لأنه اعتمد على لغته الصينية». مضيفاً أن «الجزء الأكثر أهمية في عمله سيكون في الورقة البحثية الثالثة، والتي تتضمن فك رموز 14 إلهاً مصرياً قديماً، وإعلان أسمائها الجديدة».
من جانبه، وصف الدكتور زاهي حواس، عالم المصريات، ووزير الآثار المصري الأسبق، ما جاء به الباحث الصيني بأنه «كلام غريب وغير منطقي وغير علمي»، وقدم حواس في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» ثلاثة أسباب يدحض بها الدراسة الصينية، وقال: «أولاً، هناك تباين كبير في قواعد اللغة بين الهيروغليفية والصينية. وثانياً، فإن التباعد المكاني بين الصين ومصر لم يسمح بوجود علاقات بين البلدين في العالم القديم بحيث تتأثر الهيروغليفية المصرية باللغة الصينية. وأخيراً، فإنه من الثابت الآن أن الهيروغليفية المصرية هي أقدم لغة في العالم، بعد الاكتشافات التي حدثت قبل سنوات في أبيدوس، والذي أكد أن عمر الهيروغليفية 5200 عام، لتسبق بذلك اللغة العراقية القديمة، والتي كانت مصنَّفة على أنها الأقدم في العالم، وعمرها 5 آلاف عام، وبالتالي إذا كانت اللغة الصينية القديمة كما قال الباحث عمرها 5 آلاف عام، فكيف أثّرت في لغة أقدم منها يعود عمرها إلى 5200 عام؟».

هذا البعد الزمني الذي أشار إليه حواس في ختام تعليقه استند إليه جون كولمان دارنيل، أستاذ علم المصريات في قسم لغات وحضارات الشرق الأدنى بجامعة ييل الأميركية. ويذكر دارنيل في بداية تعليقه المحاولة القديمة للعالم اليسوعي أثانيسيوس كيرتشر، قائلاً إن «الفكرة القائلة بأن المصريين القدماء والصينيين القدماء قد يكونون مرتبطين بطريقة ما، هي فكرة أثارها البعض من قبل، وهذا غير منطقي على الإطلاق».
وأشار إلى أن «نص عظم أوراكل»، هو أول نص صيني معروف (كان مكتوباً على عظام حيوانات أو دروع سلحفاة)، وظهر لأول مرة نحو 1250 قبل الميلاد، ومع ذلك، فإن هذه العلامات التي ظهرت فيه ليست نصاً صينياً مطوراً بالكامل.
وأضاف دارنيل إن «النص المصري القديم بدأت إرهاصته بحلول 4000 قبل الميلاد، وتم تطوير النص بحلول عام 3250 قبل الميلاد تقريباً، لذلك فإن نظام الكتابة المصري المطور بالكامل هو أقدم بنحو 2000 عام من المرحلة التكوينية المبكرة للكتابة الصينية، لذلك نستطيع القول إن مصر امتلكت أقدم نظام كتابة تم تطويره بالكامل، ويتضح ذلك بحلول عام 3250 قبل الميلاد».
وبالإضافة لهذا البعد الزمني، يملك المؤرخ والكاتب في علم المصريات بسام الشماع، أسباباً أخرى لانتقاد ما ذهب إليه الباحث الصيني، أولها أن «التأثير اللغوي للغة على أخرى يأتي عندما تكون اللغة منتشرة بين الشعب، والهيروغليفية، ومعناها (الرموز المقدسة) لم تكن لغة الشعب، لكنها كانت لغة الملوك وكبار الموظفين، وبالتالي إذا افترضنا وجود تواصل بين الشعبين، وهو أمر مستحيل لبُعد المسافة، فهذا الارتباط اللغوي لم يكن ليحدث لأن الهيروغليفية لم تكن لغة الشعب».
وتساءل الشماع عن الكيفية التي تمكن بها الباحث الصيني من التأكيد أن القيم الصوتية لم تتغير، وقال: «نحن عرفنا القيم الصوتية للهيروغليفية من وجود حروف، قمنا بنطقها، أما القول بأن القيم الصوتية لم تتغير، فهذا معناه أن لدى الباحث تسجيلاً صوتياً لصينيين يتحدثون قبل 5 آلاف عام، عندما لم تكن الحروف الصينية قد ظهرت».
وأشار الشماع إلى أن «اللغة المصرية القديمة تم فك رموزها بشكل كامل عام 1822 بواسطة جان فرنسوا شامبليون، الذي استعان بحجر رشيد، لهذا الغرض»، واصفاً ما ذهب إليه الباحث الصيني بأنه «غير منطقي».



«بيروت ترنم» يفتتح نسخته الـ17 مع موزارت ويختمها مع بوتشيني

فريق «سيستيما» يشارك في إحياء «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)
فريق «سيستيما» يشارك في إحياء «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)
TT

«بيروت ترنم» يفتتح نسخته الـ17 مع موزارت ويختمها مع بوتشيني

فريق «سيستيما» يشارك في إحياء «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)
فريق «سيستيما» يشارك في إحياء «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)

«لسنا بخير في لبنان ولكننا سنكمل رسالتنا حتى النفس الأخير». بهذه الكلمات تستهل ميشلين أبي سمرا حديثها مع «الشرق الأوسط»، تُخبرنا عن برنامج النسخة الـ17 من مهرجان «بيروت ترنّم». فهي تتمسّك بتنظيم المهرجان في قلب المدينة؛ ما جعله بمثابة تقليدٍ سنوي في فترة أعياد الميلاد. طيلة السنوات الماضية ورغم كل الأزمات التي مرّ بها لبنان بقيت متشبثة بإحيائه.

كارلا شمعون من نجمات لبنان المشاركات في «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)

ينطلق «بيروت ترنّم» في 4 ديسمبر (كانون الأول) المقبل ويستمر لغاية 23 منه. وتتجوّل الفرق الفنية المشاركة فيه بين مناطق مونو والتباريس والجميزة في بيروت، وكذلك في جامعة الألبا في سن الفيل، وصولاً إلى زوق مصبح ودير البلمند في شمال لبنان.

وبالنسبة لميشلين أبي سمرا فإن النسخة 17 من المهرجان تتجدد هذا العام من خلال أماكن إحيائه. وتتابع: «يزخر لبنان بأماكن مقدسة جمّة يمكننا مشاهدتها في مختلف مناطقه وأحيائه. وهذه السنة تأخذ فعاليات المهرجان منحى روحانياً بامتياز، فيحط رحاله في أكثر من دار عبادة وكنيسة. وبذلك نترجم العلاج الروحاني الذي نطلبه من الموسيقى. جراحنا وآلامنا لا تحصى، ونحتاج هذه المساحة الروحانية الممزوجة بالموسيقى كي نشفى».

أمسية «تينور يواجه تينور» مع ماتيو خضر ومارك رعيدي (بيروت ترنم)

يفتتح «بيروت ترنّم» أيامه بأمسية موسيقية مع الأوركسترا اللبنانية الوطنية، وتتضمن مقاطع موسيقية لموزارت بمشاركة السوبرانو ميرا عقيقي. ويحضر زملاء لها منهم الميزو سوبرانو غريس مدوّر، وعازف الباريتون سيزار ناعسي مع مواكبة جوقة كورال الجامعة الأنطونية. وبقيادة المايسترو الأب توفيق معتوق ستتجلّى موسيقى موزارت في كنيسة مار يوسف في مونو.

وبالتعاون مع السفارة السويسرية واليونيسكو في بيروت، يقدم فريق «سيستيما» حفله في جامعة «الألبا». وتقول ميشلين أبي سمرا: «أسسنا هذا الفريق منذ سنوات عدّة، وهو ملحق بـ(بيروت ترنّم)، ويتألف من نحو 100 عازف ومنشدٍ من الأولاد. ونحن فخورون اليوم بتطوره وإحيائه عدة حفلات ناجحة في مناطق لبنانية. سنكون على موعد معه في (بيروت ترنمّ) في 8 ديسمبر».

ومن الفنانين اللبنانيين المشاركين في برنامج الحفل الموسيقي زياد الأحمدية، الذي يحيي في 11 ديسمبر حفلاً في جامعة «الألبا» للفنون الجميلة. ويؤلف مع عازفي الساكسوفون و«الدوبل باس» نضال أبو سمرا ومكرم أبو الحصن الثلاثي الموسيقي المنتظر.

«مقامات وإيقاعات» أمسية موسيقية شرقية مع فراس عنداري (بيروت ترنم)

وتحت عنوان «سبحان الكلمة» تحيي غادة شبير ليلة 13 ديسمبر من المهرجان في كنيسة مار بولس وبطرس في بلدة قرنة شهوان، في حين تشارك كارلا شمعون في هذه النسخة من «بيروت ترنّم» في 15 ديسمبر، فتقدّم حفلاً من وحي عيد الميلاد بعنوان «نور الأمل».

تشير ميشلين أبي سمرا في سياق حديثها إلى أن عقبات كثيرة واجهتها من أجل تنفيذ المهرجان. «إننا في زمن حرب قاسية ولاقينا صعوبات مادية شكّلت عقبة، لولا دعمنا من قبل رعاة متحمسين مثلنا لاستمرارية لبنان الثقافة. كما أن نجوماً أجانب أصرّوا على المشاركة والمجيء إلى لبنان رغم ظروفه اليوم».

عازف العود زياد الأحمدية يحيي ليلة 11 ديسمبر (بيروت ترنم)

من بين هؤلاء النجوم الإسبانيان عازف الكمان فرانشيسكو فولانا وعازفة البيانو ألبا فينتورا. ومن بلجيكا يحلّ كلٌ من عازفة التشيللو ستيفاني هوانغ وعازف البيانو فلوريان نواك ضيفين على المهرجان، ويقدمان معاً حفلهما الموسيقي في 18 ديسمبر في كنيسة مار مارون في شارع الجميزة.

ومن الحفلات المنتظرة في هذه النسخة «تينور يواجه تينور». وتوضح ميشلين أبي سمرا: «يتجدّد برنامج المهرجان مع هذا الحفل. فهو يحدث لأول مرة ويشارك فيه كل من ماتيو خضر ومارك رعيدي، فيتباريان بصوتهما الرنان بعرض أوبرالي استثنائي». ويقام هذا الحفل في 9 ديسمبر في كنيسة مار مارون في الجميزة.

عازف الكمان الإسباني فرانسيسكو فولانا (بيروت ترنم)

ومن الفِرق اللبنانية المشاركة أيضاً في «بيروت ترنّم» كورال الفيحاء الوطني بقيادة المايسترو باركيف تاسلاكيان. وكذلك هناك مقامات وإيقاعات مع فراس عينداري ومحمد نحاس ومجدي زين الدين وهاشم أبو الخاضر، يقدّمون عرضاً غنائياً شرقياً، يتخلّله عزف على العود والقانون والكمان. ويقام الحفلان ليلتي 19 و20 ديسمبر في الجميزة. ويختتم «بيروت ترنّم» فعالياته في 23 ديسمبر في كنيسة مار مارون في الجميزة. وذلك ضمن حفل موسيقي في الذكرى المئوية للإيطالي بوتشيني، ويحييها التينور بشارة مفرّج وجوقة الجامعة الأنطونية بقيادة الأب خليل رحمة.