استعادة فئران مشلولة حركتها تحمل أملاً جديداً للبشر

الباحثون نجحوا في تمكين الفأر من الحركة (الفريق البحث)
الباحثون نجحوا في تمكين الفأر من الحركة (الفريق البحث)
TT

استعادة فئران مشلولة حركتها تحمل أملاً جديداً للبشر

الباحثون نجحوا في تمكين الفأر من الحركة (الفريق البحث)
الباحثون نجحوا في تمكين الفأر من الحركة (الفريق البحث)

أضاف فريق بحثي دولي بقيادة تاي - وو لي، من قسم علوم وهندسة المواد بجامعة سيول الوطنية بجمهورية كوريا، وزينان باو، من قسم الهندسة الكيميائية بجامعة ستانفورد الأميركية، أملاً جديداً لمرضى الشلل بعد نجاحهم في استخدام تقنية حديثة لمساعدة فئران مشلولة في استعادة قدرتها على الحركة.
وفي العام الماضي، تمكنت فئران مشلولة من المشي مجدداً، بعدما حقنت بعلاج جيني ابتكره فريق بحثي ألماني في جامعة الرور بمدينة بوخوم، ويوم الاثنين، تم الإعلان في مجلة «نيتشر بايوميديكال إنجينيرينغ» عن تقنية جديدة حققت الغرض نفسه باستخدام أعصاب صناعية عضوية.
وتتضرر الأعصاب، لأسباب مختلفة من بينها الإصابة الجسدية، والأسباب الجينية والمضاعفات الثانوية والشيخوخة، وبمجرد تلف الأعصاب، يصعب إعادة بنائها، وتفقد بعض أو كل وظائفها الجسدية بشكل دائم بسبب ضعف الإشارات الحيوية.
ومن بين الطرق المختلفة لإعادة تأهيل المرضى المصابين بأضرار عصبية، التحفيز الكهربائي الوظيفي (FES)، الذي يستخدم حالياً بنشاط في الممارسة السريرية، ويستخدم إشارات يتم التحكم فيها بواسطة الكومبيوتر.
ومن خلال هذه الطريقة، يتم تطبيق التحفيز الكهربائي على العضلات التي لم تعد قابلة للتحكم في المرضى الذين يعانون من اعتلال الأعصاب، ومع ذلك، فإن هذا النهج التقليدي له قيود «غير مناسبة» للاستخدام على المدى الطويل في حياة المرضى اليومية، لأنه يتضمن دوائر رقمية معقدة، وأجهزة كومبيوتر لمعالجة الإشارات لتحفيز العضلات، ويستهلك ذلك كثيراً من الطاقة، إضافة إلى «ضعف» التوافق الحيوي في هذه العملية.
ولحل هذه المشكلة، استخدم فريق جامعة الرور الألمانية بدراسة نشرت في يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، علاجاً جينياً لحث الخلايا العصبية في القشرة الحسية للفئران، على إنتاج نوع خاص من بروتين «هايبر إنترلوكين 6»، بعدما حقنوها بفيروسات معدلة وراثياً، لكي يصل تأثير هذا البروتين إلى الخلايا العصبية.
ولكن الفريق البحثي من جامعة سيول الكورية، وستانفورد الأميركية، في بحثه المنشور حديثاً، استخدم آلية مختلفة، حيث «نجح في التحكم بحركة أرجل الفئران باستخدام أعصاب صناعية من دون كومبيوتر خارجي معقد وضخم، وباستخدام أجهزة عضوية ذات أسلاك متناهية الصغر، وقابلة للتمدد ومنخفضة الطاقة، تحاكي بنية ووظيفة الألياف العصبية الحيوية».
ويتكون العصب الصناعي القابل للمط من مستشعر يحاكي مستقبِلاً وظيفياً يكتشف حركات العضلات، ومشبكاً صناعياً عضوياً يحاكي المشبك البيولوجي، وقطب هيدروجيل لنقل الإشارات إلى عضلات الساق.
وعدّل الباحثون حركة أرجل الفأر وقوة تقلص العضلات، وفقاً لتكرار إطلاق جهد الفعل المنقول إلى المشبك الصناعي، بمبدأ مشابه لمبدأ العصب البيولوجي، حيث يكتشف المستقبِل الصناعي حركة ساق الفأر، ويعطي ردود فعل في الوقت الفعلي على المشبك الصناعي، لمنع تلف العضلات بسبب الحركة المفرطة للساق، وبموجب هذه التقنية تمكن فأر مشلول من ركل الكرة، والمشي، والركض على جهاز المشي.
ويقول زينان باو، الباحث الرئيسي بالدراسة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة سيول بالتزامن مع نشر الدراسة في الدورية العلمية، إن «نتائج الدارسة تضع حجر الأساس للأطراف الصناعية العصبية القابلة للارتداء، والصديقة للمرضى، والأكثر قابلية للاستخدام عملياً، بعيداً عن الشكل الحالي».



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.