مخاوف من احتمال اندلاع قتال جديد في العاصمة الليبية

تعززت التكهنات والمخاوف من احتمال اندلاع قتال جديد في العاصمة الليبية طرابلس، بعدما نفت تركيا وحكومة الوحدة المؤقتة أي وساطة لحل النزاع على السلطة مع حكومة الاستقرار الموازية، برئاسة فتحي باشاغا، المدعوم من مجلس النواب الذي اجتمع أمس في طبرق (شرق) لبحث مستجدات الوضع السياسي.
وأظهرت لقطات فيديو بثتها وسائل إعلام محلية مساء أول من أمس استمرار القوة المشتركة بمصراتة في إرسال المدرعات وسيارات الإسعاف والآليات المسلحة الى العاصمة طرابلس. كما ترددت معلومات غير رسمية عن تكليف الدبيبة للغرفة المشتركة بتأمين عدد من مداخل العاصمة، ومقرات الوزارات، ومنازل الوزراء، وكبار مسؤولي حكومته.
وخاطب الدبيبة خلال اجتماع لحكومته بالعاصمة أمس من وصفهم بـ«دعاة الحرب الطامعين في السلطة عبر العمل العسكري المسلح»، قائلا إن «دماء أبنائنا ليست رخيصة، وطريق السلطة لن تكون على دماء وأشلاء الأبرياء، بل عبر صناديق الاقتراع»، معتبرا أن «هذا الحلم الذي يراود كل الليبيين أصبح ضرورة ملحة الآن، أكثر من أي وقت مضى»، ومؤكدا «حرص حكومته على حل كافة المشاكل التي تواجه المواطنين في أرجاء البلاد».
وكان الدبيبة قد تعهد في بيان عبر «تويتر» أنه «لن يخذل الشعب»، وقال إن «سياسته تستهدف صالح الشباب وعودة الحياة». كما أكد خلال الاحتفال بيوم البيئة، مساء أول من أمس، أنه «لا مجال بعد اليوم للعبث بالأمن الغذائي والدوائي والبيئي»، مشيدا بـ«الجهود المبذولة من أجل الاهتمام بالغذاء وصحة المواطن».
إلى ذلك، نفى محمد حمودة، المتحدث باسم حكومة الوحدة، زيارة أي مبعوث تركي إلى ليبيا، وقال إن «تركيا التي تتعامل بشكلٍ رسمي مع حكومته لم تقدم أي مبادرة سياسية خاصة بالوضع الراهن»، لافتا إلى أنه السلطات التركية «تؤكد على موقفها تجاه الملف الليبي الداعم للاستقرار والتهدئة، والذهاب للانتخابات كحل للأزمة». كما نفى السفير التركي، كنعان يلماز، لوسائل إعلام محلية إرسال بلاده مبعوثًا إلى الدبيبة لتسليم السلطة لباشاغا، مشددا على أن «أنقرة أكدت لجميع الأطراف استعدادها لتأدية دور الوساطة لتحقيق توافق بين الأطراف المتنازعة، واستضافة اجتماع بينها». ومبرزا أن «الحكومة التركية، التي تملك بالفعل قنوات تواصل مفتوحة مع الدبيبة، ليست بحاجة لمبعوث خاص في هذا الشأن». لكنه أعرب في المقابل عن أمله في التوصل لحلول سياسية عبر التوافق، وقال إن «بلاده تقف إلى جانب الشرعية في ليبيا، مع التأكيد على عدم اللجوء للقوة لتحقيق الأهداف السياسية».
ومع ذلك، فقد تحدثت مصادر محلية عن اجتماع عقده مسؤول رفيع المستوى بالمخابرات التركية مع عدد من قيادات المجموعات المسلحة الموالية للدبيبة، أكد خلاله «حياد» بلاده في الصراع، وأنها «لن تدعم عسكريا أي طرف».
من جهة أخرى، نقل محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، عن وفد ضم بعض وجهاء وأعيان قبيلة المقارحة، «دعمهم» للمجلس الرئاسي حتى يتمكن من إنجاز مشروع المصالحة الوطنية، وتحقيق الاستقرار في كل مناطق ليبيا، كما أشاد الوفد بمساهمة المنفي، ودوره في الإفراج عن عدد من السجناء، وطالبوه بالاستمرار في هذه المبادرة لإنجاح مشروع المصالحة، التي تهدف إلى لم شمل الليبيين.
وكان المنفي قد أكد لدى اجتماعه بوفد من بلدية غريان أنها وكل بلديات ليبيا جزء من مشروع المصالحة الوطنية، الذي يسعى المجلس الرئاسي لتحقيقه لرأب الصدع، وتحقيق السلام والاستقرار الدائم. ونقل المنفي في بيان عن الوفد «تأكيده استمرار دعم المجلس الرئاسي لتحقيق الاستقرار في ليبيا، من أجل الوصول بها إلى بر الأمان، من خلال مشروع المصالحة الوطنية الذي يمهد الطريق لإجراء الانتخابات».
إلى ذلك، بدأت أمس جلسة مجلس النواب بمدينة طبرق بالوقوف دقيقة صمت، حداداً على أرواح ضحايا كارثة بنت بية في الجنوب، وقال عبد الله بليحق، الناطق باسم المجلس، إن «الجلسة ناقشت أوضاع المصابين في عدد من الدول التي يتلقون العلاج بها، والمتضررين من هذه الكارثة، والإجراءات المتخذة من مؤسسات الدولة التنفيذية، إضافة إلى أسباب حدوث هذه الكارثة، وسُبل معالجتها وأوضاع سكان الجنوب بشكل عام، والمعاناة التي يعيشونها نتيجة تدني الخدمات المعيشية».