مصر: خطة استبدال كنائس الأحياء المكتظة تثير جدلاً

وزيرة التضامن تحدثت عن «رصد ميداني»

جانب من تشييع ضحايا الحريق الذي اندلع في كنيسة أبو سيفين (رويترز)
جانب من تشييع ضحايا الحريق الذي اندلع في كنيسة أبو سيفين (رويترز)
TT

مصر: خطة استبدال كنائس الأحياء المكتظة تثير جدلاً

جانب من تشييع ضحايا الحريق الذي اندلع في كنيسة أبو سيفين (رويترز)
جانب من تشييع ضحايا الحريق الذي اندلع في كنيسة أبو سيفين (رويترز)

أثارت تصريحات وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية، نيفين القباج، بشأن «استبدال الكنائس الموجودة في الأماكن المكتظة بالسكان»، جدلاً خصوصاً في ظل تأكيد مسؤولين بلجنة تقنين أوضاع الكنائس في مصر أنهم «لم يتطرقوا في اجتماعاتهم لهذا الأمر».
وقالت وزيرة التضامن الاجتماعي، في تصريحات لقناة «العربية»، مساء الأحد، تعليقاً على حادث حريق كنيسة أبو سيفين في إمبابة، إن «الدولة بصدد مراجعة أوضاع الكنائس القديمة، والأمر لا يرتبط بالتقنين فقط، بل يمتد لغلق الكنائس، واستبدال أخرى جديدة بها»، مشيرة إلى أنه «يجري عمل رصد ميداني لأوضاع الكنائس بحساسية شديدة».
لكن القس ميخائيل أنطون، نائب رئيس اللجنة المشكلة لدراسة أوضاع الكنائس من قبل مجلس الوزراء، أكد أن فكرة استبدال الكنائس «لم ترد في أي اجتماع للجنة منذ تشكيلها»، موضحاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجهة المنوط بها هذا الأمر هي البطريركية الأرثوذكسية، والأسقفيات»، لافتاً إلى أن «وزارة التضامن مسؤولة عن صرف تعويضات للضحايا، وليس من بين أدوراها أماكن وجود الكنائس».
وشب حريق صباح الأحد، بكنيسة أبو سيفين، في منطقة المنيرة بالجيزة شمال العاصمة المصرية القاهرة، أسفر عن 41 قتيلاً و14 مصاباً على الأقل، وذكرت وزارة الداخلية أن الحريق ناتج عن «خلل كهربائي بأجهزة التكييف»، وتسبب الحريق في انبعاث كميات كبيرة من الدخان، كانت «سبباً رئيسياً في حالات الإصابة والوفاة»، حسب المصادر الرسمية. وأثار الحريق شكاوى وانتقادات متعددة تتعلق بـ«عدم توافر عوامل الأمان بالكنيسة، وتأخر فرق الإنقاذ».
وأوضحت القباج أن «كنيسة أبو سيفين من الكنائس القديمة، وموجودة في مكان غير ملائم، وغير مؤمنة، وهو ما يجعل من المستحيل تقنين أوضاعها»، لافتة إلى أن «وضع الكنيسة غير منطقي، وهي موجودة في منطقة مكتظة بالسكان، وفي زقاق وليس شارعاً، وسلالم ضيقة، ما صعب من عملية وصول سيارات الإسعاف إليها، وهو ما تسبب في زيادة عدد الضحايا».
على الجانب الآخر، أكد أنطون أن «كنيسة أبو سيفين واحدة من الكنائس التي تم تقنينها بالفعل، ومراعاة توافر كافة شروط الأمان بها»، مشيراً إلى أن «لجنة تقنين أوضاع الكنائس تواصل عملها بالإجراءات نفسها منذ تشكيلها».
وتشكلت لجنة تقنين أوضاع الكنائس، في يناير (كانون الثاني) لعام 2017، برئاسة رئيس الوزراء، وعضوية 6 وزراء، وممثلين عن الطائفة المعنية وعن جهات سيادية. وفي أبريل (نيسان) الماضي، أعلن مجلس الوزراء الانتهاء من تقنين أوضاع 2401 كنيسة ومبنى تابع لها، وتعمل اللجنة بموجب القانون رقم 80 لسنة 2016 بشأن بناء وترميم الكنائس، الذي «ينظم أعمال بناء وترميم الكنائس وملحقاتها بالوحدة المحلية والمناطق السياحية والصناعية والتجمعات العمرانية الجديدة والتجمعات السكنية، التي يصدر بتحديدها قرار من الوزير المختص بشؤون الإسكان»، وبموجب القانون تتقدم الكنائس بطلبات لتقنين أوضاعها، و«في سائر الأحوال لا يجوز منع أو وقف ممارسة الشعائر والأنشطة الدينية في أي من المباني المشار إليها أو ملحقاتها لأى سبب»، وفقاً لنص المادة 8 من القانون.
وتعد مسألة الالتزام بشروط الحماية المدنية أمراً «صعباً»، حسب مصادر كنسية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «كثيراً من الكنائس، خصوصاً تلك الموجودة في القرى والنجوع والأماكن المزدحمة، هي كنائس قديمة، ومن الصعب توفير الميزانيات الكافية لتزويدها بوسائل الحماية المدنية، من إنذار حريق وغيره، لأن تكلفة نظم الحماية تتخطى أحياناً كثيرة تكلفة بناء الكنيسة نفسها».
وأصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، توجيهات للهيئة الهندسية للقوات المسلحة بتولي عملية ترميم وإصلاح كنيسة أبو سيفين عقب الحريق.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.