قادة قمة «التكتلات» الثلاثة يضعون القارة السمراء على أولى خطوات «التكامل» الاقتصادي

شرم الشيخ تحتفل بأفريقيا بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة في مشهد «تاريخي»

الرئيس عبد الفتاح السيسي اثناء افتتاح المؤتمر (أ.ف.ب)
الرئيس عبد الفتاح السيسي اثناء افتتاح المؤتمر (أ.ف.ب)
TT

قادة قمة «التكتلات» الثلاثة يضعون القارة السمراء على أولى خطوات «التكامل» الاقتصادي

الرئيس عبد الفتاح السيسي اثناء افتتاح المؤتمر (أ.ف.ب)
الرئيس عبد الفتاح السيسي اثناء افتتاح المؤتمر (أ.ف.ب)

كلل زعماء دول التكتلات الأفريقية الثلاثة (الكوميسا والسادك وتجمع شرق أفريقيا) مؤتمرهم الذي عقد على مدار 4 أيام في مدينة شرم الشيخ المصرية بالتوقيع أمس على وثيقة اتفاقية التجارة الحرة بين التكتلات الاقتصادية الأفريقية الثلاثة، التي تتضمن إقامة منطقة تجارة حرة بين الدول الـ26 الأعضاء، وتحرير التجارة بينها بحلول عام 2017، كما وقع الزعماء على إعلان شرم الشيخ تتويجا لأعمال القمة التي تستضيفها مصر بهذه المناسبة.
غابت عن القمة دولة ليبيا التي خلا مقعدها، وصرحت مصادر بأن ذلك يعود لظروف قهرية تتعلق بالوضع الأمني هناك، ما حال دون مشاركتها. فيما أشارت المصادر إلى غياب رئيس ناميبيا هيغ جينغوب عن حضور الاجتماع رغم وصوله إلى شرم الشيخ أمس نظرا لوعكة طارئة.
ووقع على الاتفاقية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي هيلي ماريام ديسالين، الرئيس القادم للقمة الثلاثية لتكتلات «الكوميسا والسادك وتجمع شرق أفريقيا»، ورئيس زيمبابوي روبرت موغابي، الرئيس السابق للقمة الثلاثية للتكتلات، ونائب رئيس تنزانيا محمد غارب بلال، رئيس تجمع أفريقيا، وأمين عام الكوميسا سنديسو نجوانيا. ثم توالى صعود زعماء الدول الأعضاء للتكتلات الثلاثة إلى المنصة الرئيسية لتوقيع وثيقتي اتفاقية منطقة التجارة الحرة وإعلان شرم الشيخ.
وأعلن السكرتير العام لمجموعة شرق أفريقيا، في البيان الختامي للقمة، تدشين المنطقة التجارية الثلاثية الحرة باتفاق المجموعات الثلاث. وأوضح البيان أن منطقة التجارة الحرة تمثل السوق المشتركة التي تضم 26 دولة، يبلغ تعداد سكانها نحو 632 مليون نسمة يمثلون نحو 57 في المائة من إجمالي عدد سكان قارة أفريقية بإجمالي ناتج محلي بواقع 2.1 تريليون دولار تسهم بنحو 58 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للقارة الأفريقية، مشيرا إلى أن هذه المنطقة سوف تعمل على تعزيز السوق المشتركة، كما ستعمل على رفع مستوى الاستثمار ورفع مستوى التدفقية إلى جانب تشجيع التنمية في البنية التحتية، كما ستحتل المركز الرائد للتكامل في القارة الأفريقية.
كما أكد أن هذه المنطقة الثلاثية تستند إلى المنهج التنموي المستند إلى 3 ركائز في التكامل السوقي، بالإضافة إلى تنمية البنية التحتية إضافة إلى رفع مستوى الترابط فيما بين الدول المعنية، مع رفع مستوى التواصل وحركة الممتلكات ورجال الأعمال وتقليل كلفة الأعمال التجارية.
بينما تضمن إعلان شرم الشيخ، الذي وقع عليه الزعماء، التدشين الرسمي لمنطقة التجارة الحرة للتكتلات الثلاثة، وينادي الإعلان بضرورة تسريع الدول الأعضاء وتيرة العملية الرامية إلى تفعيل منطقة التجارة.
ويوجه البيان الدول الأعضاء إلى الانتهاء من القضايا العالقة في اتفاقية منطقة التجارة الحرة للتكتلات الثلاثة، ولا سيما الملحق رقم 1 بشأن إلغاء رسوم الواردات، والملحق رقم 2 بشأن المعالجات التجارية، والملحق رقم 4 بشأن قواعد المنشأ، الذي يشكل جزءا لا يتجزأ من اتفاقية منطقة التجارة الحرة الثلاثية، وكذلك الانتهاء من صياغة الأطر القانونية اللازمة.
وينوه الإعلان بعزم الدول الأعضاء في التكتلات الثلاثة على تعميق التكامل عبر منطقة التجارة الحرة الثلاثية، والمساهمة في عملية التكامل القاري بموجب اتفاقية تأسيسية للمجموعة الاقتصادية الأفريقية، ومواصلة نهج التكامل التنموي القائم على المرتكزات الثلاثة للتنمية الصناعية وتنمية البنية التحتية وتكامل السوق.
وخلال الجلسة الختامية أمس، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن توقيع اتفاقية منطقة التجارة الحرة بين تكتلات الكوميسا والسادك وتجمع شرق أفريقيا يعد «علامة فارقة في تاريخنا، واستكمالا لطموحاتنا نحو تحقيق التكامل والاندماج على مستوى قارة أفريقيا»، موجها الشكر والتقدير لزعماء الدول «لما تم بذله من جهود دؤوبة ومطولة من أجل الانتهاء من جدول أعمالنا المثمر والبناء، الذي توج بالتوقيع على الاتفاقية التأسيسية لمنطقة التجارة الحرة بين التكتلات، بما تشمله هذه الاتفاقية من أهداف ومبادئ ومواد تتعلق بتجارة السلع والخدمات والأمور الأخرى ذات الصلة بالتجارة، ووضع خطة زمنية لتنفيذ كافة بنود الاتفاقية».
وأضاف السيسي: «لقد أثبتنا للعالم اليوم، وقبل كل شيء لشعوبنا، توافر إرادتنا السياسية من أجل تبني أفضل ممارسات وسياسات لتحرير التجارة بين دولنا، والعمل على النهوض بالبنية التحتية، وتحقيق التنمية الصناعية والعمل على جذب المزيد من الاستثمارات للمنطقة»، متابعا: «اتصالا بذلك، فإني أجد لزاما علينا، منذ هذه اللحظة، أن نقوم باتخاذ ما يلزم من تدابير وإجراءات من أجل العمل على تفعيل هذه الاتفاقية وتبني ما يلزم من تشريعات وبرامج وسياسات تؤدي في نهاية المطاف إلى التطبيق التام الفعال لما ورد في هذه الاتفاقية من مواد وأهداف».
وشدد: «ومع نهاية أعمال هذه القمة، ستكون لدينا فرصة حقيقية يجب العمل على استثمارها لخدمة مصالح وأهداف شعوب قارتنا الأفريقية، وهو الأمر الذي يتطلب المزيد من العمل المشترك والجهود الدؤوبة والتضامن. ولقد حرصنا خلال أعمال هذه القمة أن نخرج بخارطة مستقبل واضحة ومحددة بشأن عملنا المشترك خلال المرحلة القادمة، وذلك من خلال إطلاق خطة تنفيذ مفاوضات منطقة التجارة الحرة، التي من المأمول أن يتم تأمينها قبل القمة الرابعة للتجمعات الاقتصادية الثلاثة».
من جانبه، أكد رئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونغ كيم، في كلمته خلال الجلسة الصباحية، التزامه القوي بدعم منطقتي الشرق الأوسط وأفريقيا، مشيدا بالدول الـ26 الأعضاء في التكتلات الثلاثة لتحركها نحو تأسيس اتفاقية التجارة الحرة الثلاثية الكبرى في أفريقيا، وقال إن «اتفاقية التجارة الحرة بإمكانها أن تحدث تحولا في القارة».
وأضاف كيم في حديثه إلى القادة: «يحدوني الأمل في أن تتمكنوا من إيجاد سبيل لإتمام اتفاقية للتجارة من شأنها أن تقدم فرصا اقتصادية للفقراء تقودهم لحياة أفضل، فهذه لحظة مهمة في السعي نحو مستقبل اقتصادي أكثر إشراقا للقارة، يربط القاهرة بكيب تاون والكثير بينهما، ويدمج أفريقيا على الوجه الأكمل في النظام التجاري العالمي».
وأعرب كيم عن أمله في تحقيق السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط على الرغم من الاضطرابات والقلاقل التي تشهدها المنطقة حاليا، وشدد على أهمية التخطيط من أجل التعافي وتلبية احتياجات إعادة الإعمار في المستقبل. وقال إنه يجب أن نبدأ في الاستعداد للسلام والفرص الاقتصادية، وأن نستثمر في الشباب والمرأة، وهما أعظم موارد المنطقة غير المستغلة، وذلك بتيسير حصولهم على تعليم أفضل ورعاية صحية جيدة وتزويدهم بالمهارات الملائمة لاحتياجات أسواق العمل المحلية.
وفي كلمته، قال سنديسو نجوانيا، سكرتير عام منظمة الكوميسا، ورئيس فريق العمل الثلاثي، إن تشجيع التكامل الإقليمي يسهم في خلق سوق موحدة في أفريقيا، مؤكدا أنه يتعين على دول أفريقيا مواجهة التحديات الاقتصادية التي تحول دون التحول البنيوي واستدامة نمو الاقتصاد من خلال التوحد بين الكيانات الثلاثة.
وأوضح نجوانيا أن إطلاق منطقة التجارة الحرة الثلاثية تزامن مع الجهود الرامية لتسهيل التحول الهيكلي، وتحديد ومواجهة الأزمات الاقتصادية العالمية، لافتا إلى أن منطقة التجارة بين التكتلات الثلاثة تستهدف تعزيز التنمية بالدول الأعضاء. كما أشار إلى أن جميع أعضاء منطقة التجارة الحرة الثلاثية، البالغ عددهم 26 دولة، يعملون ككيان واحد للوصول إلى أفضل الممارسات والسياسات بين التكتلات الثلاثة.
إلى ذلك، أوضح منير فخري عبد النور، وزير الصناعة والتجارة المصري، أن تصديق مصر على الاتفاقية سيتم فور انتخاب مجلس النواب المصري، إذ إن تصديق برلمانات دول التكتلات يعد من اشتراطات الانضمام للاتفاقية.
من جهته، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن إقامة منطقة التجارة الحرة تعد أمرا مهما لدعم جهود مصر والقارة الأفريقية، مؤكدا على أن الاتفاقية سيكون لها أثر على المناخ الاقتصادي بالقارة، وأوضح أن التعاون مع أفريقيا يشمل أيضا القضايا ذات التأثير على جهود التنمية والاستقرار، مثل الإرهاب وقضايا الأمن والسلم، معتبرا أن «أهمية الاتفاقية يعكسها هذا الحضور رفيع المستوى للقادة والزعماء الأفارقة، بجانب ما توليه مصر من اهتمام بالغ بتعزيز التعاون مع قارتها الأم (أفريقيا) وهو أمر يتطور سريعا ونلمس جميعا ثماره».



تحت رعاية ولي العهد... السعودية تستضيف المؤتمر السنوي العالمي 28 للاستثمار

ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز (الشرق الأوسط)
ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز (الشرق الأوسط)
TT

تحت رعاية ولي العهد... السعودية تستضيف المؤتمر السنوي العالمي 28 للاستثمار

ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز (الشرق الأوسط)
ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز (الشرق الأوسط)

تحت رعاية ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، تستضيف المملكة المؤتمر السنوي العالمي الثامن والعشرين للاستثمار (دبليو آي سي)، في الرياض، خلال الفترة من 25 إلى 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، الذي تنظمه منصة «استثمر في السعودية»، بالشراكة مع الرابطة العالمية لوكالات ترويج الاستثمار (دبليو إيه آي بي إيه).

وسيلتقي في هذا الحدث البارز الذي يركز على تسخير التحول الرقمي والنمو المستدام عن طريق توسيع فرص الاستثمار، نخبة من أبرز الشخصيات العالمية من القطاعين الحكومي والخاص، ومن كبار المستثمرين، وممثلي المنظمات والهيئات الدولية، والجهات ذات العلاقة بتنمية وتنويع وتعزيز الاستثمار.

وأكّد وزير الاستثمار المهندس خالد الفالح، أن المملكة في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، أصبحت وجهة رئيسة جاذبة للمستثمرين والاستثمارات، وتشهد في إطار «رؤية 2030» نمواً غير مسبوق في إجمالي حجم الاستثمارات وتنوعها.

وقال إن انعقاد مؤتمر الاستثمار العالمي هذا العام في الرياض، سيوفّر منصة تطرح فيها المملكة رؤيتها الاستراتيجية أمام شركائها من حضور المؤتمر، كما سيكون فرصة سانحةً لتسليط الضوء على مكانة وإمكانات البلاد بوصفها شريكاً موثوقاً به في الاستثمار والنمو الاقتصادي المستدام، مبيناً أن السعودية ترحب بقادة الاستثمار والمؤثرين فيه من جميع أنحاء العالم، لبناء شراكات من شأنها أن تعود بالنفع على الدولة والعالم أجمع.

وبينما أسفرت رؤية 2030 عن إصلاحات اقتصادية رائدة؛ أصدرت المملكة ما يزيد على 28900 رخصة استثمار أجنبي؛ تعكس بوضوح كيف أصبحت الرياض وجهة رئيسة للمستثمرين الدوليين، خصوصاً مع السماح بالملكية الأجنبية بنسبة 100 في المائة في قطاعات محددة، ومع تبسيط إجراءات السجلات التجارية واستخراج التأشيرات، وغير ذلك من التسهيلات التي أفضت مجتمعة إلى توفير مناخ ملائم وجاذب للمستثمرين في قطاعات متنوعة؛ مثل الطاقة المتجددة والخدمات اللوجيستية والذكاء الاصطناعي.

كما تمكن البيئة الاستثمارية الجاذبة التي طورتها المملكة من تشكيل اقتصاد مرن يتصدر طليعة الاقتصادات المستندة إلى الابتكار والتطوير.

من جهته، أوضح المدير التنفيذي وكبير الإداريين التنفيذيين للرابطة العالمية لوكالات ترويج الاستثمار إسماعيل إرساهين، أن الحدث سيشكل مساحةً ثريةً تتيح الفرصة للمستثمرين والهيئات والجهات المهتمة بترويج الاستثمار لمناقشة الفرص الاستثمارية الناشئة على الساحة العالمية، التي تتسم بسرعة النمو والتطور.

ولفت إلى أن الرابطة تثمن اهتمام قيادة المملكة، ووضوح رؤيتها التنموية، عادّاً هذين العنصرين جوهريين في جعل هذه النسخة من المؤتمر العالمي للاستثمار لقاءً مثمراً لجميع المشاركين.

وسيضم برنامج المؤتمر العالمي الثامن والعشرين للاستثمار مجموعة من الفعاليات والمسارات المهمة؛ مثل الحوارات الوزارية رفيعة المستوى، والجلسات الحوارية المُعمّقة حول التقنية والاستدامة والتعاون الاقتصادي، بالإضافة إلى ورش العمل التي يقدمها الخبراء للعاملين في مجال الاستثمار.

وسيركّز مسار الفعاليات المخصص لريادة الأعمال على الدور التحولي الذي تنهض به الشركات الناشئة والمبتكرون، في حين ستُيسر جلسات التعارف الحصرية بناء الشراكات الاستراتيجية بين المستثمرين والشركات الصغيرة والمتوسطة، وغير ذلك من الشركاء المحتملين.

وسيشهد المشاركون في المؤتمر الاحتفاء بإنجازات وكالات ترويج الاستثمار في الفعالية المخصصة لذلك، حيث سيتم تكريم الابتكار والتميُّز في تيسير الاستثمار.

ومن المتوقع أن يكتسب المؤتمر العالمي الثامن والعشرون للاستثمار أهمية خاصةً، لأنه يتماشى مع موضوعات الاستثمار العالمية، التي تشمل التأثير الهائل للتقنيات والذكاء الاصطناعي، ومرونة سلاسل الإمداد العالمية، والتحولات في مجال الطاقة نحو الاستدامة، والدور التحولي الذي يُمكن أن يقوم به رواد الأعمال والشركات الناشئة في إعادة تشكيل البيئة الاستثمارية.

وسيناقش القياديون وذوو العلاقة بالاستثمار، دور هذه العوامل في إعادة صياغة الاقتصادات، وتعزيز ودعم نماذج الاستثمار الطموحة في جميع أنحاء العالم. وقد صُمم برنامج فعاليات المؤتمر لتزويد الحاضرين بالوسائل والمعرفة وقنوات التواصل اللازمة لتحقيق التأثير الاقتصادي الهادف، مع التركيز على تنمية فرص الاستثمار.