الرئيس الجديد للوقف السني العراقي لـ («الشرق الأوسط»): أولويتنا توحيد الخطاب الديني

تعيين العبادي لهميم يفجر خلافًا بينه وبين تحالف القوى العراقية

عبد اللطيف هميم
عبد اللطيف هميم
TT

الرئيس الجديد للوقف السني العراقي لـ («الشرق الأوسط»): أولويتنا توحيد الخطاب الديني

عبد اللطيف هميم
عبد اللطيف هميم

أعلن رئيس الوقف السني العراقي الجديد الدكتور عبد اللطيف هميم أن من بين أهم أولوياته «الانفتاح على العالمين العربي والإسلامي وتوحيد الخطاب الديني وإعادة اللحمة الوطنية بين أبناء الشعب العراقي من خلال إشاعة منهج الوسطية والاعتدال».
وقال هميم لـ«الشرق الأوسط» في أول تصريح لوسيلة إعلام محلية وعربية منذ صدور قرار رئيس الوزراء حيدر العبادي تعيينه في منصبه الجديد رئيسا للوقف السني بدرجة وزير، إن «الوقف السني مؤسسة دينية مهمة، وبالتالي فإنها مؤهلة لأن تقوم وفي إطار برنامج عمل قادم بالانفتاح على المرجعيات الدينية الإسلامية في العالمين العربي والإسلامي، بما يعيد لبغداد مجدها الحضاري والفكري، ولعراق يراد له أن يبقى معزولا ومحاصرا»، مشيرا إلى أنه يمتلك «علاقات واسعة مع كبار علماء الأمتين العربية والإسلامية بما يجعله مؤهلا لأداء مثل هذا الدور الهام في المرحلة المقبلة بهدف التهدئة والتقريب».
وأوضح هميم أن «من بين المسائل الهامة توحيد الخطاب الديني، خصوصا في ما يتعلق بالموقف ضد الإرهاب؛ إذ إننا نواجه خطابا طائفيا تحريضيا، وهو ما يتطلب معالجة هذا الخلل من خلال اتباع منهج الوسطية والاعتدال».
وردا على سؤال بشأن الخلاف الذي أثير حول تعيينه، لا سيما مع تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية الكبرى في البرلمان)، قال هميم إن «ما يهمني هو المهمة الثقيلة التي كلفت بها من قبل رئيس الوزراء، وأسال الله أن يمكنني من النهوض بها بعيدا عن الخلافات والصراعات التي نعيشها منذ سنوات، وهي في الغالب صراعات سياسية وليست طائفية أو مذهبية، حيث نرى أن الوحدة في التنوع لا في الاختلاف».
وبشأن ما إذا كان سيلعب دورا على صعيد المصالحة الوطنية المفقودة في العراق منذ عام 2003 رغم كثرة المؤتمرات والدعوات والجهات الراعية لها، قال هميم إن «المصالحة الوطنية مسألة أساسية شريطة أن يكون عنوانها التسامح بلا ثأر أو انتقام، والأهم هو طي صفحة الماضي».
وكان تحالف القوى العراقية رفض تعيين رئيس للوقف السني بعيدًا عن التوافق السياسي. وقال رئيس الكتلة النيابية لتحالف القوى العراقية، أحمد المساري، في بيان له، إن «التحالف يرفض قرار رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي بتعيين رئيس للوقف السني بعيدًا عن التوافق السياسي ومن دون الرجوع إلى المجمع الفقهي العراقي»، عادًا القرار «خرقًا للاتفاقات السياسية التي تشكلت بموجبها حكومة العبادي وتجاوزًا على المجمع الفقهي صاحب الحق الشرعي والقانوني في ترشيح من يشغل منصب رئاسة الوقف السني». وحذر المساري من «انعكاسات خطيرة على مجمل ما تم الاتفاق علية سابقًا في حال عدم الالتزام بالاتفاقات السياسية»، مؤكدًا أن «التداعيات الخطيرة التي يشهدها العراق وما يواجهه من تحديات خطيرة على الصعيدين الداخلي والخارجي، يستدعي الحرص المتبادل على تنفيذ الاتفاقات السياسية بدقة وحشد كل الطاقات للقضاء على الإرهاب بكل أشكاله». وتساءل المساري عن «سبب عدم اعتماد السيد رئيس الوزراء لأي من مرشحي المجمع الفقهي الذين يحظون باحترام وتقدير المرجعيات الدينية السنية وعموم جمهور المكون السني».
في السياق نفسه، أكد الناطق الرسمي باسم هيئة إفتاء أهل السنة والجماعة والمجمع العراقي الشيخ عامر البياتي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تعيين عبد اللطيف هميم لهذا المنصب حظي بتأييد المرجعية السنية الممثلة بهيئة إفتاء أهل السنة والجماعة والمفتي العام الشيخ مهدي الصميدعي، ونرى أن هميم هو أهل لهذا الموقع لما يتمتع به من مزايا وصفات إسلامية من خلال منهج الوسطية والاعتدال، كما أن تعيينه يعد قرارا شجاعا من قبل رئيس الوزراء حيدر العبادي».
وردا على سؤال بشأن اعتراض تحالف القوى العراقية على هذا التعيين كونه لم يحظ بتأييد المجمع الفقهي العراقي في جامع أبي حنيفة النعمان، بوصفه المرجعية السنية، قال البياتي إن «المسألة هنا سياسية بحتة؛ إذ إن الحزب الإسلامي هو من يدير المجمع الفقهي، وإن الشخص المرشح للمنصب من قبلهم ليس رجل دين وإنما سياسي وعضو برلمان، وهو أحمد المساري، وهو ما جعلهم يرفضون قرار العبادي».
بدوره، أكد خبير قانوني صحة تعيين العبادي لهميم رئيسا للوقف السني. وقال طارق حرب في بيان إن «تعيين رئيس الوزراء عبد اللطيف هميم رئيسا لديوان الوقف السني، يدخل في الصلاحية الدستورية الحصرية له، إذا علمنا أن الدستور في المادة 103 قرر ارتباط دواوين الأوقاف، بما فيها ديوان الوقف السني، بمجلس الوزراء خلافا للهيئات المستقلة الأخرى الواردة في هذه المادة، كالبنك المركزي وهيئة الإعلام وديوان الرقابة المالية».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.