من هو بسام السعدي الذي تحول إلى عنوان لحرب غزة الأخيرة؟

اعتُقل 15 عاماً مجتمعة... وقتلت إسرائيل 2 من أبنائه

صورة أرشيفية لبسام السعدي (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لبسام السعدي (أ.ف.ب)
TT

من هو بسام السعدي الذي تحول إلى عنوان لحرب غزة الأخيرة؟

صورة أرشيفية لبسام السعدي (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لبسام السعدي (أ.ف.ب)

قبل أن تبدأ جولة المواجهة الأخيرة في قطاع غزة في الخامس من الشهر الجاري، تصدر بسام السعدي جميع العناوين، عندما أشعل اعتقاله المهين من منزله في جنين، مخاوف التصعيد بعد غضب حركته، الجهاد الإسلامي، وإعلانها نفيراً ردت عليه إسرائيل بتأهب عالي المستوى، قاد في نهاية المطاف إلى 3 أيام من الصواريخ المتبادلة خلفت ضحايا ودماراً في غزة.
وحين انتهت الحرب، تصدر السعدي كذلك العناوين، لأن شرط الإفراج عنه وعن الأسير خليل عوادة المنتمي أيضاً للجهاد، كان شرط الحركة الوحيد لإنهاء الحرب. فمن هو السعدي الذي أشعل شرارة المواجهة وانتهت باتفاق حوله؟
اسمه بسام راغب عبد الرحمن السعدي، ولد في 23 ديسمبر (كانون الأول) عام 1960 في مخيم جنين، وهناك عاش طفولته وتلقى تعليمه في مدارس وكالة الغوث التابعة للأمم المتحدة. في الثمانينات سافر إلى إيطاليا من أجل دراسة الطب، لكنه عاد لاحقاً إلى المملكة الأردنية لأسباب غير معروفة ودرس المحاسبة. انضم بعد عودته إلى جنين، لحركة الجهاد الإسلامي ونشط في صفوفها قبل أن يتم إبعاده نهاية عام 1992 مع 415 فلسطينياً من حركتي «حماس» و«الجهاد» إلى مرج الزهور في جنوب لبنان، ومن هناك برز اسم السعدي.
اعتُقل بعد ذلك عدة مرات بسبب قيادته مجموعات الجهاد الإسلامي في جنين، وأمضى حتى الآن ما يزيد على 15 عاماً مجتمعة في السجون الإسرائيلية. لم يسلم أهل بيته من الصراع المستمر مع إسرائيل. ولا ينسى السعدي اللحظات الأصعب في حياته في مسلسل طويل من المواجهة عندما قتل الجيش الإسرائيلي اثنين من أبنائه في وقت قصير، هما عبد الكريم الذي قضى بداية سبتمبر (أيلول) 2002، وإبراهيم الذي قضى بعده بشهرين فقط في نفس العام، وكانا منظمين في صفوف «الجهاد الإسلامي». كل عائلته اعتقلت تقريباً، في إسرائيل، زوجته نوال السعدي «أم إبراهيم» التي قضت ثلاثة أعوام في السجون الإسرائيلية، وأبناؤه عز الدين وصهيب وفتحي ويحيى. قصفت إسرائيل منزله في عام 2002 أثناء معركة مخيم جنين وكان مطارداً آنذاك، وفي 2003 داهمت قوات خاصة منزلاً كان يتحصن فيه، وتم اعتقاله بعد عملية مطاردة طويلة ومكث في السجن 7 سنوات. طالما اتهمته إسرائيل بإرسال مقاتلين من «الجهاد»، لكن علاقاته في المخيم تجاوزت تأثيره على تنظيمه وحسب، إذ يحظى الرجل بحضور واحترام كبير ويعد واحداً من رجالات الإصلاح كذلك في المنطقة.
وأُصيب أثناء اعتقاله الأخير بداية الشهر الحالي، جراء الضرب والسحل ومهاجمته من كلاب بوليسية، ما أثار غضب حركته التي هددت بالانتقام قبل أن تباغتها إسرائيل بحرب في غزة.
لا يعرف موقعه تحديداً في «الجهاد»، لأن الحركة لا تعلن عن أي هرم تنظيمي في الضفة الغربية خشية اعتقال مسؤوليها، لكن إسرائيل تقول إنه مسؤول الحركة في شمال الضفة الغربية. وقال جهاز الأمن العام الإسرائيلي «الشاباك» عند اعتقاله، إن السعدي «عمل بجهد أكبر في الأشهر الأخيرة لإحياء أنشطة الجهاد الإسلامي؛ حيث كان وراء إنشاء قوة عسكرية كبيرة للتنظيم، في الضفة بشكل عام وفي جنين بشكل خاص». وأضاف «الشاباك» أن «وجوده كان عاملاً مهماً في تطرف عملاء التنظيم في الميدان».
ومدّدت محكمة إسرائيلية، الخميس، اعتقاله لـ6 أيام، وقال ممثل النيابة العسكرية الإسرائيلية، إنه سيجري استكمال التحقيق معه بعدما تم استجوابه الأربعاء حول تهم جديدة بعد أن جرى تفتيش هواتفه المحمولة.



الحوثيون يتخبَّطون أمنياً عقب انكشاف مخابئهم للطيران الأميركي

عمليات أميركية على مدار الساعة ضد الحوثيين (الجيش الأميركي)
عمليات أميركية على مدار الساعة ضد الحوثيين (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون يتخبَّطون أمنياً عقب انكشاف مخابئهم للطيران الأميركي

عمليات أميركية على مدار الساعة ضد الحوثيين (الجيش الأميركي)
عمليات أميركية على مدار الساعة ضد الحوثيين (الجيش الأميركي)

مع مرور نحو ستة أسابيع على بدء الضربات الأميركية الجديدة على مواقع الحوثيين ومخابئهم، أظهرت تصرفات الجماعة حالة من التخبط الأمني التي تعيشها بعد تمكن المقاتلات من استهداف أماكن اختباء بعض القيادات ومواقع للقيادة والسيطرة.

ودفعت حالة التخبط الأمني الجماعة إلى اعتقال العشرات من السكان وتقييد استخدام الإنترنت، بخاصة في صعدة حيث معقلها الرئيسي، ومع ذلك تتحدث عن أن خسائرها لم تتجاوز واحداً في المائة.

وتوعد مهدي المشاط، رئيس مجلس حكم مناطق سيطرة الحوثيين، من مخبأ أسفل أحد الجبال، مَنْ وصفهم بالخونة والعملاء من المتعاونين مع الولايات المتحدة، وهدَّد بإجراءات عقابية صارمة تصل حد الإعدام في حق المتهمين بإرسال إحداثيات مواقع الحوثيين إلى الولايات المتحدة.

وبالتزامن مع هذه التهديدات، كثَّفت مخابرات الجماعة الحوثية من حملة الاعتقالات التي طالت نحو 100 شخص حتى الآن، بخاصة بعد تمكن المقاتلات الأميركية من استهداف مواقع كانت قيادات من الجماعة تختبئ فيها.

يمنيون يشيّعون قتلى غارة أميركية على ميناء راس عيسى في الحديدة الاثنين (أ.ف.ب)

وعلى الرغم من قول بعض المصادر المطلعة إن بعض القيادات غادروا تلك المواقع قبل وقت قصير من استهدافها، أكدت المصادر تمكن المقاتلات الأميركية من تدمير مخازن سرية للأسلحة ومواقع القيادة والسيطرة واصطياد عدد من القادة.

وذكرت مصادر وثيقة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين فوجئوا بدقة الضربات الأميركية وانكشاف جزء من مخابئهم السرية ومراكز القيادة ومخازن للأسلحة، التي كانت قد أُنشئت بسرية تامة على مدى سنوات وبإشراف من خبراء في «الحرس الثوري» الإيراني وآخرين من «حزب الله» اللبناني.

وأكدت المصادر أن هذه التطورات دفعت بالجماعة إلى اعتقال العشرات من السكان في صنعاء خلال اليومين الماضيين، بتهمة العمالة مع الولايات المتحدة وإرسال إحداثيات الأماكن.

تقييد الإنترنت

في إطار تخبط الجماعة الحوثية، لم توقف حملة الاعتقالات التي امتدت من صنعاء إلى صعدة والحديدة المقاتلات الأميركية عن ملاحقة القيادات والمخابئ السرية التي يتم تغييرها بين فترة وأخرى؛ ولهذا عادت مخابرات الجماعة لتقييد استخدام الإنترنت داخل المحافظات الخاضعة لسيطرتها، بحجة أن الولايات المتحدة تخترق هذه الشبكة لتحديد أهدافها.

وأوضحت المصادر أن الجماعة سبق وأن أوقفت خدمة الإنترنت «فور جي» في محافظة صعدة؛ حتى لا تُستخدم في تحديد مواقعهم أو اختراق أجهزة الكمبيوتر التي يستخدمونها، كما كلّفت مسؤولي الأحياء ومراكز الشرطة في كل المحافظات مراقبة المحال التجارية والمباني التي أُلزمت بوضع كاميرات مراقبة؛ للتأكد من أن الملاك لا يربطون تلك الكاميرات بأجهزة الهاتف المحمول، لأنها ستكون سهلة الاختراق من الجانب الأميركي وتحديد مواقع الضربات الجوية وتحركات العناصر القيادية.

صورة ضوئية لتعليمات حوثية لتقييد أنشطة تقديم خدمات الإنترنت

وعقب الضربات الأخيرة، أمرت الجماعة - بحسب المصادر - بمنع استحداث شبكات محلية لتقديم خدمة الإنترنت للسكان، حيث تعمل شركات ومحال عدة في تقديم هذه الخدمة لمعظم السكان في البلاد؛ لأنهم لا يستطيعون تحمل تكاليف إدخالها مباشرة إلى منازلهم.

كما منعت الجماعة تحديث أي شبكة قديمة، وسط مخاوف من أن يساعد ذلك الجيش الأميركي في تحديد تحركات القيادات أو الحصول على معلومات عن المواقع التي استُهدفت أو أماكن إخفاء الأسلحة من خلال المحادثات التي تتم داخل الشبكة العنكبوتية.

وبحسب روايات سكان في صنعاء، فإن المقاتلات الأميركية استهدفت منازل كان قادة من الحوثيين يستخدمونها، لكن ما عرفوه أن هؤلاء غادروها قبل وقت قصير من استهدافها، وقد قُتل أفراد الحراسة الذين تُركوا فيها.

تشديد الرقابة

ذكر سكان في صنعاء أن الجماعة كلّفت مسؤولي الأحياء وما يُسمون الحرس الليلي ومكاتب المخابرات في الأحياء مراقبة تحركات السكان وأحاديثهم وأنشطتهم على مواقع التواصل الاجتماعي لتحديد من يعتقدون أنهم «خونة».

وذكرت هذه الرواية أن الجماعة أوعزت لعناصرها بتكوين صداقات مع السكان والاشتراك معهم في مجموعات تطبيق «واتساب»، أو تبادل الرسائل معهم عبر هذا التطبيق لمعرفة توجهاتهم؛ حتى تتمكن من ملاحقتهم.

وتعدى الأمر، وفق المصادر - إلى تكليف عناصر نسائية تعمل مع أجهزة المخابرات المتعددة التي شكَّلها الحوثيون بإقامة علاقات مع الأشخاص الذين يشكّون في ولائهم لمعرفة أنشطتهم أو مواقفهم.

القيادي في «حزب الله» أبو صالح سرور عندما كان يقاتل إلى جانب الحوثيين (إعلام حوثي)

وذكرت المصادر أن الجماعة باتت تعيش حالة من الرعب والشك في جميع السكان ما لم يكونوا من المنحدرين من سلالتها أو من محافظة صعدة معقلهم الرئيسي، وأنهم يتنقلون من مكان إلى آخر خشية الإبلاغ عن مواقعهم، واضطروا إلى التنكر والاختباء في أحياء غير تلك التي كانوا يتمركزون فيها من قبل مثل حي الجراف.

وتعبيراً عن حالة الذعر التي تعيشها الجماعة، طلب ناشطوها من النائب العام التابع لهم سرعة محاكمة المعتقلين على ذمة اتهامهم بنشر فيديوهات وأخبار عن المواقع التي استهدفتها المقاتلات الأميركية، بعد أن وصفوهم بأنهم «عملاء وخونة» ينشطون في خلايا تقدم «للعدو الأميركي - الإسرائيلي» إحداثيات وصوراً وفيديوهات.

وأقرّ ناشطو الجماعة بأن أجهزتهم الأمنية اعتقلت عدداً من الأشخاص، وقالوا إن ضرورات الردع تتطلب سرعة إحالة ملفات المعتقلين إلى المحاكمة العاجلة، وإنزال أقصى عقوبة بحقهم.