«القاهرة السينمائي» لتكريم المخرج المجري بيلا تار

المهرجان عدّه «أحد أبرز صناع الفن في العالم»

المخرج المجري بيلا تار (مهرجان القاهرة السينمائي)
المخرج المجري بيلا تار (مهرجان القاهرة السينمائي)
TT

«القاهرة السينمائي» لتكريم المخرج المجري بيلا تار

المخرج المجري بيلا تار (مهرجان القاهرة السينمائي)
المخرج المجري بيلا تار (مهرجان القاهرة السينمائي)

قرر مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، تكريم المخرج المجري بيلا تار، خلال فعاليات الدورة الـ44، المقرر إقامتها في الفترة من 13 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وقال الفنان حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي، في بيان له اليوم (الأربعاء)، إن «بيلا تار، هو أحد أبرز صناع السينما العالميين، الذين استطاعوا تحقيق نجاحات كبرى على مدار سنوات مشوارهم الفني، فأعماله اتسمت بجرأة تناولها لبعض القصص والقضايا الإنسانية، وأسلوبه تميز بنظرة فلسفية خاصة، والذي تحول شيئاً فشيئاً لاتجاه سينمائي يسعى البعض السير فيه على خطاه، لذا فإن تار موهبة فريدة نتشرف بتكريمها خلال فعاليات الدورة المنتظرة».
واعتبر المخرج أمير رمسيس، مدير المهرجان، أن وجود بيلا تار في مهرجان القاهرة وتكريمه، «إضافة كبيرة للمهرجان وفرصة لصناع السينما والمهتمين للتعرف على عالمه السينمائي»، حيث يقيم المخرج ورشة عمل ممتدة على أيام المهرجان مع عدد من صناع السينما الشباب بالإضافة لماستر كلاس مفتوح للجمهور، ويعرض المهرجان فيلمين من أفلامه تم ترميمهما هذا العام ليكون مهرجان القاهرة أحد أوائل المهرجانات التي يتم عرض تلك النسخ الجديدة فيها.
بيلا تار، هو مخرج ومنتج ومؤلف، يعد أحد أهم صانعي السينما في المجر، وُلد عام 1955، وتخرج في أكاديمية المسرح والسينما في بودابست عام 1981، وبدأ مسيرته المهنية المليئة بالعديد من النجاحات في سن مبكرة، من خلال سلسلة أفلام وثائقية وروائية وُصفت بأنها «كوميديا سوداء»، فأغلب أعماله تم إنتاجها بالأبيض والأسود واستخدم فيها لقطات بطيئة مطولة وقصص غامضة ذات نظرة فلسفية تشاؤمية للتعبير عن الإنسانية، ولجأ في أحيان كثيرة للاستعانة بممثلين غير محترفين لتحقيق أكبر قدر من الواقعية التي ميزت أعماله.

ومن أهم أعماله «Családi tüzfészek» عام 1979، «Panelkapcsolat» ،1982 «A londoni férfi» عام 2007، «Damnation 1988 «Satantango» 1994 «The Turin Horse، في 2011 «The Man from London» عام 2007، Missing People 2019، وغيرها.
وأصبح المخرج المجري الكبير عضواً في أكاديمية السينما الأوروبية عام 1997، وأسس عام 2003 شركة TT Filmmhely للأفلام المستقلة وترأسها حتى عام 2011، وفي 2012 أسس في سراييفو مدرسة السينما الدولية، فيما كان أستاذاً زائراً في عدة أكاديميات سينمائية، وحصل على الدكتوراه الفخرية بجانب تكريمه بالعديد من الجوائز من قِبل عدة محافل محلية ودولية مهمة.
وحصل تار على جائزة إرنست أرتاريا من مهرجان لوكارنو السينمائي عام 1984 عن فيلمه «Almanac of Fall»، وجائزتي أفضل مخرج، والفيبرسي من مهرجان جزيرة فارو السينمائي عام 1994 عن فيلمه «Satantango» الذي رُشح أيضاً في نفس المهرجان لجائزة أفضل فيلم، فيما حصل على جائزة أخرى من مهرجان كان السينمائي عام 2005 عن فيلمه «Karhozat» الذي تم إنتاجه عام 1988.

كما نال عدة جوائز من مهرجان برلين السينمائي، من بينها جائزة عن فيلمه «Satantango» عام 1994، وأخرى عن فيلم «Werckmeister Harmóniák» عام 2001، وجائزتي فيبرسي والدب الفضي عام 2011 عن فيلم «A torinói ló»...
وأعلن «القاهرة السينمائي» في نهاية شهر يوليو (تموز) الماضي عن تكريم المخرجة المصرية كاملة أبو ذكري بجائزة فاتن حمامة للتميز في دورته الـ44، كما نوه عن أسماء أفلام الدفعة الأولى التي من المقرر عرضها ضمن الدورة ذاتها، وبلغت 10 أفلام مُدرجة ضمن عدة أقسام: 5 بالقسم الرسمي خارج المسابقة، وفيلم بالعروض الخاصة، وفيلم بالمسابقة الدولية، وفيلم بعروض منتصف الليل، وفيلمان بالبانوراما الدولية، جميعها تعرض لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من بينها «الكاراس»، و«إيامي»، و«توري ولوكيتا» و«المبدأ».


مقالات ذات صلة

«الفيوم السينمائي» يراهن على «الفنون المعاصرة» والحضور الشبابي

يوميات الشرق إلهام شاهين خلال التكريم (إدارة المهرجان)

«الفيوم السينمائي» يراهن على «الفنون المعاصرة» والحضور الشبابي

يراهن مهرجان «الفيوم السينمائي الدولي لأفلام البيئة والفنون المعاصرة» في نسخته الأولى التي انطلقت، الاثنين، على الفنون المعاصرة.

أحمد عدلي (الفيوم (مصر))
يوميات الشرق انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

تقع أهمية النسخة الـ10 من المهرجان بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

قال الفنان المصري عمرو سعد إن غيابه عن السينما في السنوات الأخيرة جاء لحرصه على تقديم أعمال قوية بإمكانات مادية وفنية مناسبة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
TT

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

وسط الأجواء المثقلة بالهموم والخوف أعادت رسالة هاتفية بعض الأمل إلى سكان مدينة بيروت، معلنةً عودة أمسيات «مترو المدينة». يتحدث أحد مؤسّسي «مترو» ومديره الفنّي، هشام جابر، مع «الشرق الأوسط» عن ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة. ينفض عنها «مفهوماً قديماً» حصر دورها بالترفيه وتمضية الوقت، ليحيلها إلى ما هو عميق وشامل، بجَعْلها، بأصنافها وجمالياتها، مطلباً مُلحّاً لعيش أفضل، وحاجة لتحقيق التوازن النفسي حين يختلّ العالم وتتهدَّد الروح.

موسيقيون عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة (مترو المدينة)

في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة بفرادة الطابع والمزاج. أُريد للموسيقى خَلْق فسحة تعبيرية لاحتواء المَعيش، فتُجسّد أرضية للبوح؛ مُنجزةً إحدى وظائفها. تُضاف الوظيفة الأخرى المُمثَّلة بالإصرار على النجاة لمَنْح الآتي إلى الأمسية المُسمَّاة «موسيقى تحت النار» لحظات حياة. موسيقيون على البزق والدرامز والإيقاع والكمنجة... عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة. يُعلّق هشام جابر: «لم يكن ينقصنا سوى الغبار. جميعنا في معركة».

لشهر ونصف شهر، أُغلق «مترو». شمَلَه شلل الحياة وأصابته مباغتات هذه المرارة: «ألغينا برنامجاً افترضنا أنه سيمتدّ إلى نهاية السنة. أدّينا ما استطعنا حيال النازحين، ولمّا لمسنا تدهور الصحّة النفسية لدى المعتادين على ارتياد أمسيات المسرح، خطرت العودة. أردنا فسحة للفضفضة بالموسيقى».

لم يَسْلم تاريخ لبنان من الويل مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز (مترو المدينة)

يُشبّه المساحة الفنية التي يتيحها «مترو» بـ«علبة خارج الزمن». ذلك لإدراكه أنّ لبنان امتهن الصعاب ولم يَسْلم تاريخه من الويل، مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز. وامتهن اجتراح «العُلب»، وهي الفسحات الرقيقة. منها يُواجه أقداره ويُرمّم العطب.

استمرّت الحفلات يومَي 20 و21 الحالي، وسلّمت «موسيقى تحت النار» أنغامها لعرض سُمِّي «قعدة تحت القمر»، لا يزال يتواصل. «هذا ما نجيده. نعمل في الفنّ»، يقول هشام جابر؛ وقد وجد أنّ الوقت لا ينتظر والنفوس مثقلة، فأضاء ما انطفأ، وحلَّ العزفُ بدل الخوف.

يُذكِّر بتاريخ البشرية المضرَّج بالدماء، وتستوقفه الأغنيات المولودة من ركام التقاتُل الأهلي اللبناني، ليقول إنّ الحروب على مرّ العصور ترافقت مع الموسيقى، ونتاج الفنّ في الحرب اللبنانية تضاعف عمّا هو في السلم. يصوغ المعادلة: «مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل». ذلك يوازي «تدليك الحالة»، ويقصد تليينها ومدّها بالاسترخاء، بما يُشبه أيضاً إخضاع جهاز لـ«الفرمتة»، فيستعيد ما تعثَّر ويستردّ قوةً بعد وهن.

أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة (مترو المدينة)

يتمسّك «مترو المدينة» بحقيقة أنّ الوقت الصعب يمضي والزمن دولاب. أحوالٌ في الأعلى وأحوال في الأسفل. هذه أوقات الشدائد، فيشعر الباحثون عن حياة بالحاجة إلى يد تقول «تمسّك بها»، ولسان يهمس «لا تستسلم». أتاح المسرح هذا القول والهَمْس، ففوجئ هشام جابر بالإقبال، بعد الظنّ أنه سيقتصر على معارف وروّاد أوفياء. يقول: «يحضر الناس لكسر الشعور بالعزلة. يريدون مساحة لقاء. بعضهم آلمته الجدران الأربعة وضخّ الأخبار. يهرعون إلى المسرح لإيجاد حيّز أوسع. ذلك منطلقه أنّ الفنّ لم يعد مجرّد أداة ترفيهية. بطلَ هذا الدور منذ زمن. الفنون للتعافي وللبقاء على قيد الحياة. أسوةً بالطعام والشراب، تُغذّي وتُنقذ».

كفَّ عن متابعة المسار السياسي للحرب. بالنسبة إليه، المسرح أمام خيارَيْن: «وضع خطّة للمرحلة المقبلة وإكمال الطريق إنْ توقّفت النار، أو الصمود وإيجاد مَخرج إنْ تعثَّر الاتفاق. في النهاية، المسارح إيجارات وموظّفون وكهرباء وتكاليف. نحاول أن يكون لنا دور. قدّمنا عروضاً أونلاين سمّيناها (طمنونا عنكم) ترافقت مع عرض (السيرك السياسي) ذائع الصيت على مسرحنا. جولته تشمل سويسرا والدنمارك وكندا...».

ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة (مترو المدينة)

ويذكُر طفولة تعمَّدت بالنار والدخان. كان في بدايات تفتُّح الوعي حين رافق والده لحضور حفل في الثمانينات المُشتعلة بالحرب الأهلية. «دخلنا من جدار خرقته قذيفة، لنصل إلى القاعة. اشتدّ عودنا منذ تلك السنّ. تعلّقنا بالحياة من عزّ الموت. لبنان حضارة وثقافة ومدينة وفنّ. فناء تركيبته التاريخية ليست بهذه البساطة».

يرى في هذه المحاولات «عملاً بلا أمل». لا يعني إعلان اليأس، وإنما لشعورٍ بقسوة المرحلة، «يخذلني الضوء حيال الكوكب بأسره، ولم يعُد يقتصر غيابه على آخر النفق. حين أردّد أنني أعمل بلا أمل، فذلك للإشارة إلى الصعوبة. نقبع في مربّع وتضيق بنا المساحة. بالفنّ نخرج من البُعد الأول نحو الأبعاد الثلاثة. ومن الفكرة الواحدة إلى تعدّدية الأفكار لنرى العالم بالألوان. كما يُحدِث الطبيب في الأبدان من راحة وعناية، يحتضن الفنّ الروح ويُغادر بها إلى حيث تليق الإقامة».