«جحيم التحكيم»... ذكريات حكم عالق في مباراة مجنونة

إيان بلندرليث وثق تجاربه الميدانية وجمع تقاريره في كتاب

لطالما تلقى الحكام كثيراً من العبارات غير اللائقة خلال المباريات (أ.ف.ب)
لطالما تلقى الحكام كثيراً من العبارات غير اللائقة خلال المباريات (أ.ف.ب)
TT

«جحيم التحكيم»... ذكريات حكم عالق في مباراة مجنونة

لطالما تلقى الحكام كثيراً من العبارات غير اللائقة خلال المباريات (أ.ف.ب)
لطالما تلقى الحكام كثيراً من العبارات غير اللائقة خلال المباريات (أ.ف.ب)

صرخ المدير الفني قائلاً: «لا؛ إنه حكم قذر!». لم يكن هذا المدير الفني يصرخ في وجهي هذه المرة، لكنه كان يصرخ في وجه أحد لاعبيه، الذي مد يده نحوي بعد المباراة ليصافحني وهو يقول: «لقد أديت عملك حكماً للمباراة بشكل جيد». وكنت قد طردت المدير الفني قبل نصف ساعة بسبب حالة الهستيريا التي كان يبدو عليها. وحتى بعد أن طردته، ظل يصرخ قائلاً: «يجب عليك العودة إلى إنجلترا! اذهب إلى أي مكان؛ ما دام بعيداً جداً من هنا! (أوه، يا صديقي، لا يمكنك أن تتخيل إلى أي مدى أود أن أكون الآن بعيداً من هنا بالفعل)».
الآن؛ وبعد أن انتهت المباراة، ظل يلعنني بلا توقف حتى اختفيت من أمامه وذهبت إلى غرفة خلع الملابس وأغلقت الباب. لقد خسر فريقه بخمسة أهداف مقابل هدف وحيد، وكان يبدو أنه يعتقد أنني السبب الرئيسي في تلك الخسارة الثقيلة. لم يكن هذا المدير الفني هو العضو الوحيد في هذا الفريق المحلي الذي يشعر بالغضب وعدم السعادة من أدائي، فقد كان هناك لاعب في هذا الفريق يميل لاستخدام يديه في التحكم في الكرة، وهو الأمر الذي - كما يعلم كثير منكم - يتعارض مع قوانين اللعبة! وعندما احتسبت أول خطأ ضده بسبب لمسه الكرة بيده خارج منطقة جزاء فريقه مباشرة، صرخ قائلاً: «لماذا لم تحتسب ركلة جزاء وينتهي الأمر؟». لقد كان اقتراحاً مثيراً للفضول بالتأكيد، لكنني تمسكت باحتساب ركلة حرة مباشرة، وهي اللعبة التي سجل منها الفريق المنافس هدفاً على أي حال.

كتاب «جحيم التحكيم» لبلندرليث

وبعد مرور 10 دقائق لمس هذا اللاعب الكرة بيده مرة أخرى، وكانت هذه المرة على الجانب الأيسر من منطقة الجزاء. واحتج على القرار بصوت عالٍ مرة أخرى، لذا أعطيته بطاقة صفراء، فصرخ قائلاً: «أنا لا أكترث بذلك!»، وبعد دقيقة واحدة، كنت أقف بجانبه بعد أن احتسبت ركلة حرة مباشرة لفريقه، لكن كان يتعين عليه أن يبتعد عني على الفور بعد أن قال لي: «أداؤك التحكيمي سيئ للغاية اليوم». وعندئذ؛ أشهرت في وجهه البطاقة الصفراء الثانية، ثم البطاقة الحمراء، ليخرج من الملعب وهو ينظر إليّ نظرة احتقار ويصفني بالمتشرد!
في هذه الأثناء، كان هناك مهاجم يبلغ من العمر 44 عاماً، لكنه، مثل كثيرين منا، لا يريد أن يعترف بأنه لم يعد قادراً على العطاء! وفي كل مرة يتفوق فيها المدافع الشاب للفريق المنافس على هذا المهاجم الطاعن في السن ويستخلص منه الكرة، يشتكي هذا المهاجم ويطالب باحتساب خطأ له. وفي النهاية، أشهرت في وجهه هو الآخر البطاقة الصفراء بسبب شكواه المستمرة. وعندما أهدر فرصة سهلة للغاية أمام المرمى، كنت أود أن أسأله عما إذا كان ذلك خطأي أيضاً، لكني تمسكت بالأخلاق العالية وأمسكت لساني! ومع ذلك، فقد كنت أستمتع بتصفيقه الساخر لي وأنا في طريقي للخروج من الملعب بعد نهاية المباراة. إنه ليس غبياً، فقد كان يعلم أنني لا أستطيع منحه البطاقة الحمراء بعد نهاية المباراة!
كان يتعين عليّ أن أكتب كل هذا في تقريري عن المباراة. ونظراً إلى أنه لم يكن هناك شيء آخر يتعين علي فعله بعدما قمت بتحكيم 3 مباريات في أقل من 24 ساعة، فقد جلست أمام شاشة الكومبيوتر لكتابة التقارير الخاصة بتلك المباريات. لم تكن مهمتي تقتصر على ذلك فقط، خصوصاً أن مسؤولي النادي لم يؤكدوا لي اسم المدير الفني؛ بل ووصل الأمر لدرجة أن أحدهم كذب علي وقال إن هذا الشخص لم يكن المدير الفني على الإطلاق وأنه مجرد «شخص ما» كان يوجه تعليمات للفريق بشكل عفوي، وأنه لا يعرف اسمه! فهل هذا صحيح؟ لقد أخبرت عدداً كبيراً من الأشخاص الذين كانوا يقفون بجانب الشواية (لم أحصل على أي طعام، رغم أن هذا هو العرف السائد بشكل عام) أن السبب في أنني اضطررت إلى تحكيم 3 مباريات في غضون 24 ساعة فقط هو أن العديد من الحكام لم يعد بإمكانهم تحمل المتاعب الناجمة عن العمل في هذه المهنة.


حكام المباريات شماعة أزلية للاعبين والمدربين على حد سواء (أ.ف.ب)

يفكر عدد كبير من الحكام في الاستقالة، ويمكنني أن أتفهم الأسباب تماماً. لقد تعرضت للصراخ والسخرية، لكنني أثناء خروجي من الملعب قلت للجميع: «أتمنى لكم جميعاً أمسية لطيفة الآن»! وبعد ظهر اليوم السابق، كنت أدير مباراة للناشئين تحت 19 عاماً. لم أشهر سوى بطاقة صفراء واحدة في تلك المباراة، وفور نهاية المباراة توجه نحوي المديران الفنيان للفريقين وقالا لي: «شكراً». هذا هو كل ما أطلبه، حتى لو كنت تعتقد حقاً أنني كنت حكماً سيئاً يتعين عليه أن يعود إلى إنجلترا.
وبعد بضعة أيام، أدرت مباراة أخرى شهدت حالة من الجدل الشديد في الدقيقة السبعين. كنا ننتظر أن يقوم الفريق المضيف بتنفيذ ركلة ركنية عندما غضب المدافعون فجأة - فريق من الشباب تحت 17 عاماً كان متأخرا في النتيجة بسبعة أهداف في مباراة دور الستة عشر في الكأس - بسبب «إهانة» تعرضوا لها من أحد لاعبي الفريق المنافس. وكانت المشكلة الوحيدة تتمثل في أنني لم أسمع هذه الإهانة، وحتى لو سمعتها، فإنني لم أكن متأكداً من هوية اللاعب الذي قالها. لذلك، قررت أن يستمر اللعب، وهو الأمر الذي جعل الفريق الضيف يشعر بأنه تعرض للظلم، وهو ما كان كافياً لإبعاد تركيزهم عن حقيقة أنهم خسروا بنتيجة ثقيلة للغاية.
وعند إطلاق صافرة النهاية، أدلى أحد اللاعبين بتعليق حول طريقة تحكيمي المباراة، لكنني تجاهلته؛ لأنني لم أكن متحمساً لإشهار بطاقة أخرى وكتابة تقرير تأديبي! جاء إليّ المدير الفني لهذا الفريق وقال لي إنه رغم أنني قدمت مباراة جيدة، فإنني بالتأكيد سمعت «الإهانة» التي وجهها لاعب الفريق المنافس للاعبيه، خصوصاً أن الجميع قد سمعها؛ بمن فيهم من كانوا يجلسون بالخارج بجوار خط التماس. لقد أخبرته بأنني لم أسمع ولم أرَ شيئاً، وبالتالي لم يكن بإمكاني أن أطلق الصافرة وأتخذ قراراً. لقد أخبرته بأن السبب في ذلك هو أنه لم يكن لدي حكام للراية يخبرونني بذلك، كما أنني أعاني من صعوبة في السمع وأرتدي جهازاً يساعدني على السمع بشكل أفضل! لقد تفهم كل ذلك، وربما كانت هذه هي المرة الوحيدة التي كانت فيها علاقتي جيدة بالمدير الفني للفريق الخاسر.
ذكرت تلك الحادثة للمدير الفني للفريق المستضيف للمباراة، فقال لي: «إنهم يبحثون دائماً عن شيء يشكون منه. ومن الأفضل أحياناً ألا تسمع شيئاً». من الممكن أن يكون هناك شيء في هذا. لقد كنت أفكر كثيراً في مباراة «العودة إلى إنجلترا» نهاية الأسبوع الماضي، وكيف كان يمكنني أن أساعد في تهدئة الأمور داخل الملعب. فعندما أخبرني اللاعب في تلك المباراة بأن أدائي التحكيمي كان سيئاً، كان بإمكاني أن أضحك وأقول له: «حسناً يا صديقي؛ عندما تكون لاعباً سيئاً تلعب في دوري سيئ، فمن الطبيعي أن يكون لديك حكم سيئ!» لكنني لم أفكر في ذلك إلا لاحقاً (رغم أنني قررت أن أستخدم هذه الطريقة في التعامل مع اللاعبين الذين يعترضون على قراراتي في وقت لاحق). وعلاوة على ذلك؛ كان بإمكاني أيضاً أن أنظر بعيداً وأتجاهله. لكن من الناحية الرسمية، فإن البطاقة الحمراء كانت هي القرار الصحيح بكل تأكيد. لكن بعيداً عن الناحية الرسمية، فلم أعد متأكداً من القرار المناسب.
لقد سلط مقال نُشر مؤخراً في مجلة «دير شبيغل» الألمانية الضوء على الإساءات التي يتعرض لها الحكام في مباريات الهواة. ففي مدينة هامبورغ وحدها، فإن أكثر من نصف الحكام الجدد يتوقفون عن العمل في هذه المهنة خلال أول عامين، لأنهم لا يستطيعون التعامل مع الضغوط، ولا يحصلون على الدعم والحماية من الجهات المسؤولة عن إدارة كرة القدم. وتساءل ويلفريد ديكيرت، رئيس لجنة حكام هامبورغ: «من الذي يريد أن يتحمل كل هذا مقابل بضعة جنيهات أثناء ممارسة هوايته؟» وأضاف: «الحكام القدامى صارمون. لم يعودوا يسمعون ذلك بعد الآن».
وفي السنوات الأخيرة، في كل من هامبورغ وفرنكفورت، وضعت لجان الحكام قواعد سلوك طُلب من جميع الأندية التوقيع عليها. تتفق جميع الأندية بالطبع على أنه يتعين على جميع لاعبيها احترام الحكام، لكن بمجرد انطلاق المباراة، فإن كل تلك الكلمات المكتوبة بشكل جميل والتي تحمل نيات حسنة بكل تأكيد حول الروح الرياضية لا يتجاوز تأثيرها تأثير «إعلان النيات» الصادر عن «لجنة الأخلاقيات» في «الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)».
باختصار؛ ومن دون الشعور بأن اللاعبين المسيئين سيتم تأديبهم بشكل صحيح، يواجه الحكام 3 خيارات: الخيار الأول: الاحتواء والتعامل مع الموقف بهدوء. الخيار الثاني: انتظار وقت طويل وتحمل عناء مقاضاة اللاعبين المسيئين من خلال النظام القانوني، بالنظر إلى أن نظام الانضباط الداخلي لكرة القدم يتراوح بين «متساهل» و«عاجز». أما الخيار الثالث؛ فيتمثل في التحلي بأكبر قدر من الهدوء، بل والبرود، للتعامل مع مثل هذه الضغوط والمواقف الصعبة. وتجب الإشارة إلى أن الخيار الأول مغرٍ، وغالباً ما يجري التفكير فيه. أما الخيار الثاني فيتطلب وقتاً طويلاً وقانوناً صارماً وشبكة دعم نادراً ما تكون متاحة من الأساس، في حين يتطلب الخيار الثالث خبرات كبيرة من الحكام، الذين لا يكادون يشعرون بأي متعة أثناء القيام بوظيفتهم. وكلما طالت مدة عملي حكماً لكرة القدم، أُجبرت في كثير من الأحيان على التصرف بصورة نمطية تقليدية حتى لا أثير أي مشكلات. ومع ذلك، فإن بعض الفرق تحصل على الحكم الذي تستحقه تماماً.
* حكم معتزل


مقالات ذات صلة

الحكم بسجن الدولي الإيطالي إيتزو لتواطئه مع «المافيا»

الرياضة الحكم بسجن الدولي الإيطالي إيتزو لتواطئه مع «المافيا»

الحكم بسجن الدولي الإيطالي إيتزو لتواطئه مع «المافيا»

أصدرت محكمة في نابولي حكماً بالسجن، في حق مُدافع فريق «مونتسا» الدولي أرماندو إيتزو، لمدة 5 أعوام؛ بسبب مشاركته في التلاعب بنتيجة مباراة في كرة القدم. وقال محاموه إن إيتزو، الذي خاض 3 مباريات دولية، سيستأنف الحكم. واتُّهِم إيتزو، مع لاعبين آخرين، بالمساعدة على التلاعب في نتيجة مباراة «دوري الدرجة الثانية» بين ناديه وقتها «أفيلينو»، و«مودينا»، خلال موسم 2013 - 2014، وفقاً لوكالات الأنباء الإيطالية. ووجدت محكمة في نابولي أن اللاعب، البالغ من العمر 31 عاماً، مذنب بالتواطؤ مع «كامورا»، منظمة المافيا في المدينة، ولكن أيضاً بتهمة الاحتيال الرياضي، لموافقته على التأثير على نتيجة المباراة مقابل المال.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
الرياضة الدوري «الإسباني» يتعافى «مالياً» ويرفع إيراداته 23 %

الدوري «الإسباني» يتعافى «مالياً» ويرفع إيراداته 23 %

أعلنت رابطة الدوري الإسباني لكرة القدم، اليوم (الخميس)، أن الأندية قلصت حجم الخسائر في موسم 2021 - 2022 لأكثر من ستة أضعاف ليصل إلى 140 مليون يورو (155 مليون دولار)، بينما ارتفعت الإيرادات بنسبة 23 في المائة لتتعافى بشكل كبير من آثار وباء «كوفيد - 19». وأضافت الرابطة أن صافي العجز هو الأصغر في مسابقات الدوري الخمس الكبرى في أوروبا، والتي خسرت إجمالي 3.1 مليار يورو، وفقاً للبيانات المتاحة وحساباتها الخاصة، إذ يحتل الدوري الألماني المركز الثاني بخسائر بقيمة 205 ملايين يورو. وتتوقع رابطة الدوري الإسباني تحقيق صافي ربح يقل عن 30 مليون يورو في الموسم الحالي، ورأت أنه «لا يزال بعيداً عن المستويات قب

«الشرق الأوسط» (مدريد)
الرياضة التعاون يوقف قطار الاتحاد... ويمنح النصر «خدمة العمر»

التعاون يوقف قطار الاتحاد... ويمنح النصر «خدمة العمر»

منح فريق التعاون ما تبقى من منافسات دوري المحترفين السعودي بُعداً جديداً من الإثارة، وذلك بعدما أسقط ضيفه الاتحاد بنتيجة 2-1 ليلحق به الخسارة الثانية هذا الموسم، الأمر الذي حرم الاتحاد من فرصة الانفراد بالصدارة ليستمر فارق النقاط الثلاث بينه وبين الوصيف النصر. وخطف فهد الرشيدي، لاعب التعاون، نجومية المباراة بعدما سجل لفريقه «ثنائية» في شباك البرازيلي غروهي الذي لم تستقبل شباكه هذا الموسم سوى 9 أهداف قبل مواجهة التعاون. وأنعشت هذه الخسارة حظوظ فريق النصر الذي سيكون بحاجة لتعثر الاتحاد وخسارته لأربع نقاط في المباريات المقبلة مقابل انتصاره فيما تبقى من منافسات كي يصعد لصدارة الترتيب. وكان راغد ال

الرياضة هل يكرر الهلال إنجاز شقيقه الاتحاد «آسيوياً»؟

هل يكرر الهلال إنجاز شقيقه الاتحاد «آسيوياً»؟

يسعى فريق الهلال لتكرار إنجاز مواطنه فريق الاتحاد، بتتويجه بلقب دوري أبطال آسيا بنظامها الجديد لمدة عامين متتاليين، وذلك عندما يحل ضيفاً على منافسه أوراوا ريد دياموندز الياباني، السبت، على ملعب سايتاما 2022 بالعاصمة طوكيو، بعد تعادل الفريقين ذهاباً في الرياض 1 - 1. وبحسب الإحصاءات الرسمية للاتحاد الآسيوي لكرة القدم، فإن فريق سوون سامسونغ بلو وينغز الكوري الجنوبي تمكّن من تحقيق النسختين الأخيرتين من بطولة الأندية الآسيوية أبطال الدوري بالنظام القديم، بعد الفوز بالكأس مرتين متتاليتين موسمي 2000 - 2001 و2001 - 2002. وتؤكد الأرقام الرسمية أنه منذ اعتماد الاسم الجديد للبطولة «دوري أبطال آسيا» في عا

فارس الفزي (الرياض)
الرياضة رغد النعيمي: لن أنسى لحظة ترديد الجماهير اسمي على حلبة الدرعية

رغد النعيمي: لن أنسى لحظة ترديد الجماهير اسمي على حلبة الدرعية

تعد الملاكمة رغد النعيمي، أول سعودية تشارك في البطولات الرسمية، وقد دوّنت اسمها بأحرف من ذهب في سجلات الرياضة بالمملكة، عندما دشنت مسيرتها الدولية بفوز تاريخي على الأوغندية بربتشوال أوكيدا في النزال الذي احتضنته حلبة الدرعية خلال فبراير (شباط) الماضي. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قالت النعيمي «كنت واثقة من فوزي في تلك المواجهة، لقد تدربت جيداً على المستوى البدني والنفسي، وعادة ما أقوم بالاستعداد ذهنياً لمثل هذه المواجهات، كانت المرة الأولى التي أنازل خلالها على حلبة دولية، وكنت مستعدة لجميع السيناريوهات وأنا سعيدة بكوني رفعت علم بلدي السعودية، وكانت هناك لحظة تخللني فيها شعور جميل حينما سمعت الج


بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».