مصر: دعم اجتماعي لأصحاب «المجموع الضعيف» في «الثانوية»

خبراء قالوا إنه سيُسهم في تراجع الانتحار

مصر: دعم اجتماعي لأصحاب «المجموع الضعيف» في «الثانوية»
TT

مصر: دعم اجتماعي لأصحاب «المجموع الضعيف» في «الثانوية»

مصر: دعم اجتماعي لأصحاب «المجموع الضعيف» في «الثانوية»

بين رنة الزغاريد ونحيب البكاء، استقبل أولياء الأمور في مصر نتيجة شهادة الثانوية العامة، وصحيح أنها مشاهد متكررة كل عام، غير أن ثمة صوتاً بدا حاضراً ومتحدياً الصورة النمطية هذه المرة عبّر عن نفسه في مشاهد غير مألوفة على مواقع التواصل الاجتماعي بهدف دعم الطلاب حتى إن حصلوا على نتائج مخيبة لآمال ذويهم.
وفي أعقاب ظهور النتيجة، أمس السبت، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورة رسالة مكتوبة بخط اليد، بدا من كلماتها أنها مرسلة من أب لابنه، قبل إعلان النتيجة، يؤكد فيها شعوره بالفخر بنجله أياً كانت النتيجة. على نفس المنوال، تداول مستخدمو مواقع التواصل تعليقاً لأم تعرب فيه عن دعمها الكامل لابنتها، رغم حصولها على مجموع 41 في المائة، أي راسبة، وتعدها برحلة بحرية بهدف الترويح عنها.
حظيت هذه التعليقات بمشاركة واسعة، فضلاً عن أنها لم تكن الوحيدة، بينما ظهر عدد من الآباء يرفعون شعار «المجموع لا يمثل نهاية الطريق».
ردود الأفعال تلك، ومشاركتها خلقت سجالاً واسعاً على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، البعض يرى أن الطلاب الحاصلين على مجموع ضعيف بحاجة إلى الدعم النفسي لمواجهة الموقف، بينما هناك آخرون قلقون بشأن نشر حالة من التراخي لدى الطلاب، غير أن اللافت فيما يحدث أن ثمة «تغيراً اجتماعياً» في تعامل الأسر يلوح في الأفق.
يعلق استشاري الطب النفسي، الدكتور جمال فرويز، على هذا السجال، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو أن أولياء الأمور استوعبوا الدرس، فهذا التغير نتاج سنوات من الحديث في وسائل الإعلام عن ضرورة دعم الأبناء والتخفيف من الضغوط النفسية الواقعة عليهم، وأخيراً أرى ذلك متجسداً في رسائل دعم لا تشعرني إلا بالسعادة».
ويردف: «نحن أمام حالة وعي مجتمعي وعصف واضح لنمطية الصورة الذهنية لمفهوم النجاح، لم تعد «كليات القمة» هي الملاذ والأمان، بينما ما تتطلبه سوق العمل بات مفروضاً على الواقع، كذلك، باتت الخيارات الجامعية متعددة ومتناثرة في المحافظات، بفضل افتتاح عدد كبير من الجامعات الخاصة والأهلية المدعومة نسبياً من قبل الحكومة المصرية».
وبحسب تقرير قدمه الدكتور محمد لطيف، أمين «المجلس الأعلى للجامعات» حول تطور منظومة الجامعات الحكومية وكلياتها، للعام الجامعي الماضي، ونشر في مايو (أيار) 2021 في عدد من الصحف المصرية، إلى إجمالي عدد الجامعات الحكومية القائمة بلغ 27 جامعة، وتضم 442 كلية.
وحسب الموقع الرسمي للمجلس الأعلى للجامعات، تضم مصر 24 جامعة خاصة معتمدة فضلاً عن افتتاح 12 جامعة أهلية جديدة في تخصصات حديثة ومختلفة فتحت أبوابها لاستقبال طلاب العام الدراسي «2022 - 2023».
من جانبه يقول الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم، خلال مؤتمر إعلان نتيجة الثانوية العامة والذي تم عرضه فيديو على حساب وزارة التربية والتعليم على فيسبوك، إن «عدد المقاعد في الكليات هذا العام ارتفع عن العام الماضي بسبب الكليات المضافة هذا العام في الجامعات الخاصة والأهلية، ودخول الكليات هذا العام سيكون بمجاميع أقل من السنوات الماضية».
وتعتقد الدكتورة علا فرج، رئيس «قسم الاختصاصيين النفسيين بمستشفى العباسية»، أن «رد فعل أولياء أمور طلاب الثانوية العامة هذا العام هادئ وعاقل»، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «ما يحدث هو قراءة منطقية للواقع، ما يعني أننا أمام توجه صحيح، لا سيما أن الأبحاث أشارت إلى أن الذكاء لا يعني بالضرورة الإبداع».
وتستشهد بأن «قاموس أوكسفورد يُعرّف الإبداع على أنه قراءة للواقع ممزوجة بالخيال، بينما الذكاء هو قراءة مباشرة للواقع، والمستقبل بحاجة إلى مبدعين»، مستكملة: «لا توجد دراسات تؤكد أن النجاح العملي يعني صحة نفسية آمنة، بينما قد نكون أمام العكس من واقع خبرتي المهنية».
وشهدت مصر خلال السنوات الماضية، تسجيل حالات انتحار بعد إعلان نتيجة الثانوية العامة، وبلغت العام الماضي 8 حالات.
ويعتقد الدكتور «فرويز» أن «حالة الوعي المرصودة لدى أولياء الأمور (هذا العام) ستنعكس على حالات الانتحار التي ارتبطت بنتيجة الثانوية العامة، لأن عقلية الأجيال السابقة أكثر حدة من جيل الألفية، وكانوا يمثلون الضغط الحقيقي على الأبناء، لذا، هناك أمل في أن تختفي هذه الظاهرة ويعي الأهالي أن الصورة النمطية للمستقبل قد تغيرت».

محطات في مسيرة "الثانوية المصرية"  

2013: "سنة واحدة"
أعلنت وزارة التربية تطبيق نظام السنة الواحدة بدلا من سنتين كنتيجة لشهادة المرحلة.

2018: "نظام جديد"
تم إقرار نظام جديد على الطلاب الملتحقين بالصف الأول الثانوي للعام الدراسي 2018/ 2019، يتضمن تغيير أسلوب التقييم "الامتحانات".

2021:
بعد وصول الجيل الجديد الذي تم تطبيق نظام التقييم الجديد على امتحاناته للصف الثالث الثانوي جاءت نسبة النجاح في الثانوية العامة للعام الماضي 70%.

2022:
بلغت نسبة النجاح للعام الحالي بلغت 75.4%، ووصفها شوقي مُقارنه بالعام السابق بأنها "جيدة جدا"

نهاية عهد 100%:
صرح وزير التعليم طارق شوقي، الشهر الحالي أن "عهد الحصول على 100% بالثانوية انتهى"



بعد 3 أشهر ونصف الشهر من المغامرة... كوسوفي يصل مكة المكرمة بدراجته الهوائية

سيكي هوتي مع دراجته التي قطع بها مسافة 6800 كيلومتر من كوسوفو إلى مكة المكرمة (الشرق الأوسط)
سيكي هوتي مع دراجته التي قطع بها مسافة 6800 كيلومتر من كوسوفو إلى مكة المكرمة (الشرق الأوسط)
TT

بعد 3 أشهر ونصف الشهر من المغامرة... كوسوفي يصل مكة المكرمة بدراجته الهوائية

سيكي هوتي مع دراجته التي قطع بها مسافة 6800 كيلومتر من كوسوفو إلى مكة المكرمة (الشرق الأوسط)
سيكي هوتي مع دراجته التي قطع بها مسافة 6800 كيلومتر من كوسوفو إلى مكة المكرمة (الشرق الأوسط)

مدفوعاً برغبة عميقة في تقوية إيمانه وإعادة اكتشاف ذاته قرَّر شاب كوسوفي في العقد الثالث من العمر يدعى سيكي هوتي ترك حياة الراحة والاستقرار خلفه ظهره واستقل دراجته الهوائية لبدء مغامرة استثنائية عابرة للقارات تنطلق من بلدته الصغيرة في جمهورية كوسوفو إلى مكة المكرمة.

وعلى مدار 3 أشهر ونصف الشهر، قطع سيكي أكثر من 6800 كيلومتر، وعبر دولاً عدة، مجابهاً صعوبات لا تُحصى ليصل إلى قلب العالم الإسلامي، «نعيش في عالم مليء بالملذات والماديات، وكثيرون منا ينسون الغاية التي خلقنا من أجلها»، بهذه الكلمات يشرح سيكي لـ«الشرق الأوسط» الدوافع خلف هذه الرحلة التي لم تكن مجرد مغامرة عادية؛ بل هي محاولة جريئة لإعادة الاتصال بروحه والتقرب إلى الله.

إعداد الجسد والعقل

لم يكن الاستعداد لهذه الرحلة سهلاً؛ إذ حرص سيكي على تعلم أساسيات صيانة الدراجات وحمل معه قطع غيار للطوارئ، كما جهز نفسه بمعدات بسيطة للطهي والنوم، بالإضافة إلى ذلك عمل على تقوية عزيمته ليكون مستعداً لما هو قادم، معتمداً بعد الله على قوته البدنية، التي كان يثق بأنها ستعينه على تحمُّل مشاق الطريق، وعن ذلك يقول: «اعتمدت على إيماني العميق وثقتي بأن الله لن يخذلني مهما واجهت من مصاعب. وقطعت على نفسي عهداً بأن أصل إلى وجهتي مهما كانت الظروف».

بعد رحلة دامت 3 أشهر ونصف الشهر وصل هوتي أخيراً إلى مكة المكرمة ليؤدي مناسك العمرة (الشرق الأوسط)

تحديات لا تُنسى

رحلة سيكي هوتي شملت دولاً عدة منها مقدونيا الشمالية، وبلغاريا، وتركيا، وإيران والإمارات العربية المتحدة، حتى وصل إلى المملكة العربية السعودية. وكان لكل محطة تحدياتها الخاصة، ففي تركيا، شكلت التضاريس الجبلية تحدياً له، خصوصاً بعد خروجه من مدينة إسطنبول. فالطرق الوعرة والأمطار الغزيرة جعلت الرحلة مرهقة. لكن وسط هذه الصعوبات، وجد سيكي دفئاً في كرم الناس. حيث استقبله أحد عمال محطة وقود مر عليها، وقدم له مأوى ومشروباً دافئاً. عن تلك التجربة يقول: «في أكثر اللحظات صعوبة، كان لطف الغرباء هو ما يدفعني للاستمرار».

أما إيران، فيتذكر سيكي أنها كانت واحدة من أكثر المحطات إثارة، فحاجز اللغة، واختلاف الثقافة، وصعوبة التعامل مع العملة المحلية، أموراً مزعجة. لكن مع ذلك، قال: «إنه رغم كل الصعوبات، أدركت أن الإنسانية تجمعنا. الابتسامة واللطف كانا كافيين لتجاوز تلك الحواجز».

سيكي هوتي إلى جانب العَلم السعودي بعد وصله مكة المكرمة (الشرق الأوسط)

وفي الصحراء السعودية، وحين كان على مشارف الطائف، استقبلت سيكي أمطار غزيرة، شكّلت له تحدياً، لكن لحسن الحظ وقبل أن تسوء الأوضاع بشكل كبير التقى مواطناً سعودياً يُدعى فيصل بن مناعي السبيعي الذي مدّ له يد العون وقدم له المساعدة التي يحتاج إليها لمواصلة رحلته إلى خير البقاع. عن تلك التجربة يقول سيكي: «لن أنسى فيصل ما حييت. كان وجوده في ذلك الوقت معجزة أنقذت حياتي. وبفضله تمكنت من الوصول إلى مكة المكرمة».

مكة فرحة العمر

وعند دخوله إلى أم القرى بعد أشهر من مواجهة التحديات، يقول سيكي شعرت بسلام داخلي عميق، وأضاف: «كانت لحظة وصولي إلى مكة المكرمة أشبه بتحقيق حلم العمر. شعرت بالطمأنينة والفرح، توجهت إلى الله بالدعاء لكل من ساعدني في رحلتي ولكل إنسان يحتاج إلى الدعاء».

ولا تتوقف رحلة سيكي هوتي عند مكة المكرمة. فهو يخطط لمواصلة رحلته إلي المدينة المنورة وزيارة المسجد النبوي.

الكوسوفي هوتي حقّق حلم عمره بعد وصوله إلى مكة المكرمة (الشرق الأوسط)

إندونيسيا وجهة الحب

يقول سيكي: «زيارة مكة المكرمة والمدينة المنورة حلم كل مسلم، وأنا ممتن لله على هذه الفرصة»، لكنه ينوي بعد مغادرة طيبة الطيبة، البدء في رحلة جديدة إلى إندونيسيا، الهدف منها هذه المرة هو التقدم لخطبة المرأة التي يحبها. مدركاً أن هذه الرحلة ستكون مليئة بالتحديات، خصوصاً أن بعض الدول التي سيعبرها لا تعترف بجنسية كوسوفو. إلا أنه عبَّر عن تفاؤله بالوصول إلى وجهته الجديدة قائلاً: «حين يكون لديك إرادة، ستجد دائماً طريقاً لتحقيق حلمك. أنا مؤمن بأن الله سييسر لي هذه الرحلة كما فعل مع رحلتي إلى مكة المكرمة».

نصيحة للمغامرين

رحلة سيكي هوتي ليست مجرد مغامرة بالدراجة الهوائية، بل هي قصة عن الإيمان، والصبر، والإنسانية، تذكرنا بأن الصعوبات ليست سوى محطات تعزز قوتنا، وأن الغاية الأسمى في الحياة هي السعي لتحقيق الاتصال الروحي والسلام الداخلي هذا الشعور دفع الرحالة الكوسوفي لتوجيه رسالة إلى كل من يحلم بخوض تجربة مماثلة مفادها «لا تنتظر أن تشعر أنك مستعد تماماً؛ لأنك لن تصل إلى هذه اللحظة أبداً. ابدأ الآن، ثق بالله، وكن صبوراً ولطيفاً مع الآخرين. العالم مليء بالخير، وستكتشف ذلك بنفسك»