الجزائر: مطالب بالسجن 10 سنوات ضد وزير مالية سابق

بالموازاة مع إصدار قرارات قضائية بـ«الإفراج المشروط» عن وزراء جزائريين مسجونين بتهم الفساد، ارتفعت وتيرة المحاكمات ضد آخرين، منهم وزير المالية محمد لوكال، الذي التمست النيابة بحقه السجن لعشر سنوات مع التنفيذ، في قضية تبديد مال عام تخص شراء بناية كبيرة لأخذها مقراً لـ«بنك الجزائر الخارجي».
واستمرت أمس محاكمة لوكال، التي بدأت الأربعاء الماضي، بالاستماع إلى شهود وخبراء عقار، دعاهم القاضي في «محكمة سيدي امحمد» بالعاصمة إلى الإدلاء برأيهم بخصوص البناية القديمة، التي يوجد فيها البنك الخارجي، وما إن كانت فعلاً «آيلة للانهيار»، كما ذكر لوكال، حينما برر شراء إقامة جديدة له بحي حيدرة بأعالي العاصمة، حيث مساكن كبار المسؤولين وفيلات أغلب السفراء الأجانب. علماً بأن متابعة لوكال تمت بناء على الفترة التي كان فيها محافظاً للبنك المركزي (2016 - 2019).
وأوضح لوكال في إفادته أن تقارير فنية «أكدت أن البناية القديمة لم تعد صالحة، ولهذا اجتهدت في البحث عن أخرى تليق بسمعة البنك الخارجي، ولم يدخل مقابل هذا أي فلس إلى جيبي. فهل يعقل أن يكون مصيري السجن بعد 46 سنة من التفاني في خدمة القطاع المصرفي؟». وأضاف لوكان موضحاً أن «المبنى كان مهدداً بالانهيار في أي لحظة، مع احتمال أن يتسبب ذلك في كارثة حقيقية للمعاملات المالية لأكبر المؤسسات والهيئات السيادية»، وذكر من بينها شركة المحروقات «سوناطراك» المملوكة للدولة، التي تجري معاملاتها الدولية عن طريق البنك الخارجي. كما شدد الوزير السابق على أن تغيير مبنى البنك «تم في إطار مشروع عصرنة القطاع المصرفي وهو مشروع حكومة رئيس الجمهورية». وعندما سأل القاضي لوكال عن الشقة التي يملكها في باريس، ومصدر الأموال التي اشتراها بها، قال إنه دفع فيها 360 ألف يورو «من حر مالي وسنوات شغلي في القطاع المصرفي». لكن القاضي بدا غير مقتنع بكلامه قياساً إلى قيمة العقار، فسأله عن «سبب إنفاق كل هذا المبلغ، بينما أنت مقيم بالجزائر على مدار السنة؟». فرد عليه وزير المالية السابق: «تنقلاتي إلى باريس في إطار عملي، كانت كثيرة، فوجدت أنه من الأحسن أن أقيم بشقة أشتريها من مالي، بدل الإقامة في فندق كل مرة».
من جهته، تعامل ممثل النيابة بغلظة مع لوكال بشأن العقارات التي تعود له داخل الجزائر. وقد أكد الوزير السابق أن الفيلا التي يسكن بها، والتي تقع بالضاحية الجنوبية للعاصمة، ملك عائلي. ورد عليه ممثل النيابة بأن «ما تسميه فيلا هو في الحقيقة عقار فخم يتكون من قصرين كبيرين». وشملت لائحة الاتهامات ضد وزير المالية «استغلال الوظيفة وتبديد أموال عمومية، وإبرام صفقة مخالفة للأحكام التشريعية والتنظيمية، بغرض منح امتيازات غير مبررة للغير، وغسل أموال». وبحسب تحقيقات الأجهزة الأمنية بشأن شراء مقر البنك الخارجي، فإن مجلس إدارة البنك المركزي لم يدرس الصفقة. كما لم يتم الاحتكام إلى قانون الصفقات العمومية. وحاول لوكال إقناع القاضي بأن «الطابع الاستعجالي للقضية»، هو ما دفعه إلى تخطي بعض الإجراءات، التي يفرضها القانون بخصوص المشروعات، التي تتطلب أموالاً كبيرة من الخزينة العمومية.
ويرتقب استدعاء مزيد من الشهود، الذين كانوا وسطاء في الصفقة وموظفين بالبنك المركزي لاستجوابهم اليوم (الأحد) على أن تنتهي المرافعات لاحقاً بتحديد تاريخ النطق بالحكم.
وخلال الأسبوع الماضي، أطلق القضاء سراح محمد غازي، وزير العمل السابق لـ«دواعي صحية»، وفق تدابير «الإفراج المشروط»، بعد أن قضى 3 سنوات من عقوبة مدتها 10 سنوات. كما غادرت وزيرة الثقافة خليدة تومي السجن، بناء على نفس التدابير قبل انقضاء مدة سجنها بعام.