لم يكن في بال فالح حسن، الشاب في العقد الثالث من العمر، أن يلتقي يوما بـ«داعش»، وخصوصا أنه مصاب بإعاقة تمنعه من حمل السلاح والقتال ولكونه أحد سكان أهوار جنوب العراق (في مدينة القرنة شمال البصرة) البعيدة عن أماكن نفوذ هذا التنظيم، لكنها تحت رحمة سدود الأنبار التي يتلاعب التنظيم المتطرف ببعض سدودها.
لكن شاء القدر أن يكون هذا اللقاء في منطقة الأهوار حيث كان خارجا في رحلة صيد حين التقى بأحد عناصر هذا التنظيم. هذا العنصر لم يكن بشرا، وإنما كان حيوانا غريبا ظهر إلى العلن مزعجا الحاضرين بأسلوب عدائي، الأمر الذي دفع أهالي الأهوار إلى تسميته بـ«داعش الأهوار». هذا الحيوان يعرف شعبيا بـ«الراضوع»، وهو يشبه إلى حد ما التمساح لكن بحجم أصغر.
هذا الحيوان وغيره ظهر مؤخرا بعد تراجع الإطلاقات المائية المتوجهة من الأنهر إلى أهوار جنوب العراق، الأمر الذي يهدد بكارثة بيئية، إذ حذر محافظ ذي قار يحيى الناصري، إحدى محافظات جنوب العراق التي تضم الأهوار، من استمرار مشكلة شح المياه وجفاف مناطق الأهوار على مشروع ضم هذه المناطق إلى لائحة التراث العالمي.
وقال الناصري في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «المحافظة بانتظار وفد من منظمة اليونيسكو نهاية العام الحالي في إطار الإشراف والتقييم لمناطق الأهوار ضمن هذا المشروع العالمي، إلا أن حجم الأضرار التي تتعرض لها هذه المحافظات يهدد المشروع بالكامل، الأمر الذي سيسبب خسارة كبيرة للمحافظة لأن الأهوار من المناطق المعروفة عالميا وتعول عليها المحافظة كثيرا في تطوير القطاع السياحي». وبين أن «المحافظة تعاني زيادة كبيرة في نسبة الأملاح ضمن حوض نهر الفرات المغذي لمناطق الأهوار، ما أدى إلى هلاك خطير في التنوع الأحيائي وتفشي الأمراض الجلدية بين الموطنين».
وكانت مناطق أهوار جنوب العراق في محافظات البصرة وذي قار وميسان خلال العقدين السادس والسابع من القرن الماضي محط أنظار مئات السياح العرب والأجانب، إذ قام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين بتأمين المنطقة وشق الطرق إليها ونصب محطات تعقيم المياه وبناء المراكز الصحية والقرى السياحية، إلا أن الواقع السياحي في الأهوار تدهور جراء الحرب العراقية - الإيرانية، لينهار بالكامل خلال عقد التسعينات بعد تجفيف الأهوار، ليستمر الحال حتى يومنا هذا.
بدوره، حذر بديع لبنان، قائمقام قضاء الجبايش التابع لمحافظة ذي قار ويضم أهوار الجبايش، من هلاك أكثر من 27 ألف رأس من الجاموس على خلفية الأزمة المائية التي تتعرض لها الأهوار. وقال لبنان إن «مربي هذه الحيوانات بدأوا بنزوح إلى مناطق أخرى، وخصوصا القريبة من نهر دجلة باتجاه محافظة ميسان بعد شح مياه الفرات». وبين أن «استمرار هذا الأمر يهدد بكارثة بيئة في المنطقة التي عادت إلى الحياة بعد عام 2003، إلا أن قلة المياه قد تجعلها صحراوية مجددا».
يذكر أن مساحة الأهوار (جنوب العراق) كانت تبلغ قبل عام 1991 ما بين 15 ألفا إلى 20 ألف كيلومتر مربع قبل تجفيفها، لكن مساحتها تقلصت إلى نحو عُشر حجمها السابق، ثم عادت إليها الحياة بعض الشيء بعد عام 2003.
حيوانات غريبة تظهر في أهوار جنوب العراق مع تفاقم أزمة المياه
بينها ما يسميه السكان المحليون «داعش» بسبب سلوكه العدائي
حيوانات غريبة تظهر في أهوار جنوب العراق مع تفاقم أزمة المياه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة