السعودية: مستوردو الأغذية يرفعون طاقتهم التخزينية مستفيدين من تراجع الأسعار عالميا

توقعات بتجاوب السوق المحلية مع هذه التراجعات خلال مارس المقبل

معدل المخزونات إلى الاستخدام العالمي من الحبوب من المتوقع أن يتفوق على المستوى السابق بنسبة 23.5 في المائة («الشرق الأوسط»)
معدل المخزونات إلى الاستخدام العالمي من الحبوب من المتوقع أن يتفوق على المستوى السابق بنسبة 23.5 في المائة («الشرق الأوسط»)
TT

السعودية: مستوردو الأغذية يرفعون طاقتهم التخزينية مستفيدين من تراجع الأسعار عالميا

معدل المخزونات إلى الاستخدام العالمي من الحبوب من المتوقع أن يتفوق على المستوى السابق بنسبة 23.5 في المائة («الشرق الأوسط»)
معدل المخزونات إلى الاستخدام العالمي من الحبوب من المتوقع أن يتفوق على المستوى السابق بنسبة 23.5 في المائة («الشرق الأوسط»)

في الوقت الذي أكدت فيه منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) تراجع أسعار الحبوب، والسكر، والزيوت، واللحوم خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، أكد مستثمرون في قطاع المواد الغذائية في الأسواق السعودية أن تأثير هذا التراجع في الأسواق المحلية بالبلاد سيكون ملحوظا خلال مارس (آذار) المقبل.
وكشف هؤلاء خلال حديثهم لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن مستوردي الأغذية في السوق السعودية بدأوا يرفعون من الطاقة الاستيعابية لمخازنهم، في ظل تراجع أسعار الغذاء العالمية خلال الفترة الحالية، وتجنبا للتأثر بأي تقلبات بيئية أو مناخية مقبلة قد تؤثر في مستويات الأسعار النهائية بالمستقبل.
وتأتي هذه التطورات، في الوقت الذي تعد فيه السوق السعودية من أكثر أسواق الخليج نشاطا في مبيعات الغذاء، وسط تقلبات سعرية عاشتها هذه الأسواق طوال السنوات الخمس الماضية، نتيجة للتغيرات الجوهرية، التي عانتها بعض الدول المصدرة للأغذية من جهة، وتراجع قيمة الدولار من جهة أخرى.
وفي هذا الخصوص، أكد أحمد يزيدي مدير إحدى شركات التوزيع المتخصصة في بيع الأغذية بالسوق السعودية، أن الأسعار الحالية للأغذية في المملكة ما زالت تسيطر عليها قيمة التكلفة الشرائية في الأشهر الثلاثة الماضية، وقال: «ما حدث من تراجع في شهر يناير لم يجر التماس أثره حتى الآن، إلا أن الأسعار ستشهد تراجعات ملحوظة في الأيام المقبلة».
وأوضح يزيدي أن «مستوردي الأغذية في السعودية بدأوا يرفعون حجم الطاقة الاستيعابية لمخازنهم تأهبا لزيادة حجم الاستيراد خلال الفترة الحالية، في ظل تراجع الأسعار بمعدلات تصل إلى 5.6 في المائة لبعض المنتجات الغذائية، وهو أمر سيكفل تأمين السوق الغذائية في المملكة من أي تقلبات سعرية أو بيئية قد تحدث خلال الفترة المقبلة».
وفي هذا الإطار، سجل مؤشر أسعار الغذاء لدى منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) تراجعا في يناير للمرة الأولى خلال ثلاثة أشهر، بعدما فاق انخفاض أسعار الحبوب والسكر والزيوت واللحوم مقدار الارتفاع في أسعار الألبان.
واتجهت سلعتا السكر والزيوت النباتية إلى الانخفاض بنسبتي 5.6 في المائة و3.8 في المائة على التوالي، في الوقت ذاته ساعدت الوفرة المحصولية على خفض أسعار الحبوب التي سجلت تراجعا نسبته 1.6 في المائة عن ديسمبر (كانون الأول)، وهبوطا وصل 23 في المائة، مما كانت عليه في يناير 2013، حتى أسعار اللحوم التي تعززت على مدى الأشهر القليلة الماضية سجلت انخفاضا طفيفا في يناير.
وأوضحت المنظمة وفق أحدث تقديراتها للإنتاج العالمي من الحبوب عام 2013 أن الإنتاج العالمي للحبوب سجل نموا قويا أكبر مما كان متوقعا، وسجل المجموع رقما قياسيا مقداره 2502 مليون طن، أي بزيادة 8.5 في المائة عن عام 2012، مشيرة إلى أن من شأن هذا الإنتاج الوفير للحبوب عام 2013 أن يجدد الاحتياطي العالمي، الذي تقدر منظمة «فاو» إمكانية أن يصل حجمه 573 مليون طن، ليتجاوز بنسبة 13.5 في المائة ما كان عليه الموسم السابق.
وقياسا على هذا المستوى، فإن نسبة المخزونات إلى الاستخدام العالمي من الحبوب ستتفوق على المستوى السابق بنسبة 23.5 في المائة للفترة 2013 و2014، وذلك كأعلى قيمة له منذ فترة 2002 و2003 بما يتجاوز التراجع التاريخي البالغ 18.4 في المائة المسجل في الفترة 2007 و2008.
وقدرت المنظمة الآفاق المبكرة للمحاصيل التي ستحصد عام 2014 بأنها ستأتي مواتية، ويشاطر هذا الرأي تقرير منفصل صدر أمس عن نظام معلومات الأسواق الزراعية «اي إم آي إس» وهو مبادرة أطلقتها مجموعة الدول العشرين الكبرى لجهاز تستضيفه منظمة «فاو» وتديره عشر منظمات دولية. ويعزو تقرير فبراير (شباط) لراصد نظام معلومات الأسواق الزراعية الآفاق الإيجابية للإنتاج المحصولي خلال عام 2014، إلى ظروف النمو المواتية للقمح الشتوي في نصف الكرة الأرضية الشمالي، وتوقعات أفضل من التقديرات السابقة لإنتاج الذرة وفول الصويا في نصف العالم الجنوبي. وتمخض الإنتاج القياسي من الحبوب وارتفاع أرصدة المخزونات عن انخفاض حاد في الأسعار، وهو عامل معزز أيضا وفق منظمة «فاو» لحركة التجارة العالمية خلال الفترة عام 2013 و2014، إلى ما مقداره 321.4 طن، كنسبة أعلى من الموسم السابق بنحو 4 في المائة ليعد بالفعل رقما قياسيا جديدا.
بينما يحفز هذا الانخفاض السعري الطلب الاستهلاكي، فالمقدر وفق «فاو» أن يرتفع معدل استخدام الحبوب في العالم خلال 2013 و2014 بمقدار 92 طنا ليصل إلى 2415 مليون طن في المجموع.
وتعليقا على هذه التطورات، أكد مطلق الحمدان مستثمر سعودي بقطاع بيع المواد الغذائية لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن أسعار السكر، والحبوب، والزيوت في السوق السعودية لم تشهد أي تراجع خلال الشهر الماضي، حيث قال: «المخزون الحالي يعود إلى الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام المنصرم، وفي حال انتهاء هذا المخزون، فإن المستوردين سيضخون الكميات الجديدة المستوردة وفق أسعار يناير، مما يعني تراجع الأسعار بنحو 2 في المائة خلال مارس المقبل».
وأوضح الحمدان أن المخزون الحالي من المواد الغذائية المتعلقة بالحبوب والسكر، والزيوت، يعود إلى الربع الأخير من العام المنصرم، مشيرا إلى أن قيمة التكلفة لهذه المواد الغذائية مرتفعة نسبيا، مقارنة بتراجع الأسعار في يناير الماضي، متوقعا - في الوقت ذاته - ألا تواجه الأسواق المحلية أي نوع من عمليات شح المعروض.
وتأتي هذه التطورات بعد أن خفضت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، توقعاتها بشأن إنتاج الفلبين من الأرز، على خلفية الأعاصير التي ضربت مناطق واسعة من البلاد، ووفقا لنظام المعلومات والإنذار المبكر العالمي التابع للمنظمة، فقد جرى تعديل توقعات إنتاج الفلبين من الأرز من 18.9 مليون طن إلى 18 مليون طن فقط.
وبيّنت «فاو» حينها أن المزارعين في المناطق الأكثر تضررا من الأعاصير سيعانون نقصا حادا في الغذاء ومشكلات حياتية، ودعت إلى توفير مساعدات بقيمة 24 مليون دولار لإغاثة نحو 250 ألف أسرة تعمل بالزراعة والصيد في الفلبين.
وأعلنت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) مطلع العام الماضي تراجع الأسعار العالمية للغذاء خلال عام 2012 بنسبة 7 في المائة، مما يقلل خطر نقص الغذاء في الدول النامية، وفقا لتقرير نقلته وكالة الأنباء الألمانية.
وارتفعت أسعار الغذاء بنسبة 10 في المائة خلال شهري يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) من عام 2012، مما زاد مخاطر تعرض الملايين للجوع في دول العالم الفقيرة، إلا أن المنظمة أعلنت في يناير الماضي تراجع مؤشرها لأسعار الغذاء إلى 209 نقاط في ديسمبر (كانون الأول)، وذلك للشهر الثالث على التوالي.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).