«التيار» و«الإطار» يتقاسمان جسور بغداد في انتظار الحل

أنباء عن محادثات سرية بين العامري والصدر لا مكان للمالكي فيها

عراقيون يعتصمون داخل البرلمان ويرفعون صورة زعيمهم مقتدى الصدر (أ.ف.ب)
عراقيون يعتصمون داخل البرلمان ويرفعون صورة زعيمهم مقتدى الصدر (أ.ف.ب)
TT

«التيار» و«الإطار» يتقاسمان جسور بغداد في انتظار الحل

عراقيون يعتصمون داخل البرلمان ويرفعون صورة زعيمهم مقتدى الصدر (أ.ف.ب)
عراقيون يعتصمون داخل البرلمان ويرفعون صورة زعيمهم مقتدى الصدر (أ.ف.ب)

في الوقت الذي أمر فيه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بفتح الجسر المعلق وسط بغداد والمخصص عادة لمظاهرات قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي، فإن أنصار مقتدى الصدر زعيم «التيار الصدري» جعلوا من مدخل وزارة الدفاع من جهة جسر الجمهورية موقعاً لهم لدخول المنطقة الخضراء والخروج منها. «الإطاريون»، الذين أصبحوا الكتلة البرلمانية الأكثر عدداً بعد انسحاب النواب الصدريين، حاولوا استغلال تفوقهم البرلماني بتشكيل حكومة توافقية رشحوا لرئاستها الوزير الأسبق والنائب الحالي في البرلمان محمد شياع السوداني. وما إن حاول «الإطار التنسيقي» البدء بالخطوة التالية وهي انتخاب رئيس للجمهورية، حتى حرك الصدر جماهيره مرتين لاقتحام «المنطقة الخضراء» ودخول البرلمان العراقي.
المرة الأولى استمرت المظاهرات خلالها ساعات عدة، ثم أمر أتباعه «المطيعين» بالانسحاب من البرلمان بعد التحرك الذي عده بمثابة «جرة إذن» لخصومه، حسب التغريدة التي تضمنت أمر الانسحاب. أما المرة الثانية، فجاءت بعد يومين من قرار الاقتحام الأول، عندما طلبت قوى «الإطار التنسيقي» عقد جلسة برلمانية كاملة النصاب لانتخاب رئيس الجمهورية تمهيداً لتكليف رئيس الوزراء.
مفاجأتان واجهتها جهود «الإطار التنسيقي» لتشكيل الحكومة. الأولى موقف «تحالف السيادة» السني، الذي أعلن عن عدم حضوره الجلسة التي كانت مقررة هو وحليفه «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، ما لم تتحقق مطالب الجمهور (السني)، ورؤيته (الديمقراطي الكردستاني). أما الثانية فكانت مظاهرات التيار الصدري التي دخلت البرلمان، والتجول داخل قاعاته. وفيما بدت مطالب حليفي الصدر (السيادة السني والديمقراطي الكردستاني) بمثابة ثلث معطل سني - كردي بوجه قوى الإطار الشيعي فإن اقتحام البرلمان صدرياً والبقاء فيه أجهز على ما تبقى من آمال لقوى الإطار التنسيقي عقد جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية.
في غضون ذلك، بدأت ترتفع أصوات سياسية بعقد جلسة البرلمان في مكان آخر بصرف النظر عن التصعيد الصدري، لكن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، الذي جلس الصدريون على كرسيه ونائبيه، أعلن تعليق جلسات البرلمان حتى إشعار آخر. هذا الإشعار الآخر أنهى آمال من كان يريد مزيداً من التصعيد مع الصدر.
لكن قوى «الإطار التنسيقي»، التي رأت أنصار الصدر يحطمون كل الحواجز التي كانت أقامتها القوات الأمنية على جسر الجمهورية الذي يعد مدخلاً إلى المنطقة الخضراء، قاموا باستعراض قوة جمهورهم، لكن من الجهة الأخرى وبالذات من جهة الجسر المعلق. هذا الجسر الذي كان مكاناً لاعتصامهم السابق الذي استمر نحو ثلاثة أشهر احتجاجاً على نتائج الانتخابات التي رأوا أنها «مزورة».
القوات الأمنية وبأوامر مباشرة من الكاظمي تعاملت بهدوء وحذر مع كلا الطرفين مع إغلاق محكم للجسر المعلق. «الإطاريون» قرروا الانسحاب بعد ساعات من مظاهرتهم أمام هذا الجسر الذي بقي مغلقاً حتى أمس (الأربعاء) حتى أمر الكاظمي بفتحه.
في سياق ذلك، أدت معلومات متداولة في الغرف السرية بوجود مباحثات سرية بين «الإطار» و«التيار». المعلومات التي لم يجر تأكيدها أو نفيها من أي من الطرفين، تتحدث عن مباحثات خاصة بدأ يقودها زعيم «تحالف الفتح» هادي العامري بين بغداد، حيث قيادات «الإطار التنسيقي»، والحنانة في النجف حيث يقيم مقتدى الصدر. ورغم أن هناك معلومات تذهب إلى القول بأن الطرفين الشيعيين يجريان مباحثات في طهران بوساطة إيرانية، فإن إعلان قيادات «الإطار التنسيقي» أن العامري هو «شيخ الإطار»، وهذا يعني بمثابة رئيسه، يؤكد أن نوري المالكي، زعيم «دولة القانون» وصاحب الكتلة الأكبر داخل «الإطار»، تم استبعاده من جو المباحثات، نظراً للخصومة الشديدة بينه وبين الصدر.
وفيما شكل الصدر لجنة من كبار قادة تياره لإدارة شؤون متظاهريه الذين خرجوا من قاعات البرلمان لينصبوا خياماً في باحاته الخارجية، فإن قوى «الإطار» لا تزال تعلن عن تمسكها بمرشحها لمنصب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، فيما تنتظر نتائج الحراك السري مع الصدر.
في غضون ذلك، يجري حديث، سواء على المستوى القانوني أو السياسي، بشأن ما إذا كانت عودة نواب الصدر المنسحبين من البرلمان وعددهم 73 نائباً جائزة دستورياً كجزء من حل الأزمة أم لا. المحكمة الاتحادية العليا التي قيل إنها أعلنت إمكانية ذلك، نفت رسمياً أن تكون قد صرحت، لكنها في الوقت نفسه سكتت فيما إذا كانت عودة النواب المستقيلين جائزة دستورياً أم لا. وفي سياق هذه المسألة، ينقسم القادة السياسيون بين تأييدهم لعودة الصدريين لكي يتم حل جزء من المشكلة، وبين رغبة البعض الآخر وهم قلة بحل البرلمان والذهاب إلى انتخابات مبكرة في غضون عام مع بقاء حكومة تصريف الأمور اليومية برئاسة مصطفى الكاظمي.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.