مؤتمر القاهرة «من أجل الحل السياسي في سوريا» يبحث إقرار خارطة الطريق لتنفيذ مقررات «جنيف واحد»

وزير الخارجية المصري يحمّل المجتمع الدولي فشل التوصل لحلول توافقية حتى الآن

وزير الخارجية المصري بين حضور مؤتمر المعارضة السورية أمس في القاهرة (أ.ف.ب)
وزير الخارجية المصري بين حضور مؤتمر المعارضة السورية أمس في القاهرة (أ.ف.ب)
TT

مؤتمر القاهرة «من أجل الحل السياسي في سوريا» يبحث إقرار خارطة الطريق لتنفيذ مقررات «جنيف واحد»

وزير الخارجية المصري بين حضور مؤتمر المعارضة السورية أمس في القاهرة (أ.ف.ب)
وزير الخارجية المصري بين حضور مؤتمر المعارضة السورية أمس في القاهرة (أ.ف.ب)

كشف مؤتمر القاهرة الثاني للمعارضة السورية الذي افتتح أمس، عن البنود الأساسية لمشروع «خارطة الطريق» ووثيقة للحل السياسي للأزمة السورية، اللذين سيتم اعتمادهما تمهيدًا لتنفيذ بنود «جنيف واحد». وقال صالح النبواني عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر، إن أبرز بنودها يتضمن نظاما برلمانيا تعدديا، والتزام كل الأطراف الدولية والإقليمية بإدانة وجود المقاتلين غير السوريين وإخراجهم من سوريا، مع عودة المهجرين دون أي عوائق أمنية أو قانونية، وإطلاق سراح جميع المعتقلين، إضافة إلى إنشاء هيئة الحكم الانتقالي.
وكانت فعاليات مؤتمر المعارضة السورية انطلقت في أحد فنادق العاصمة المصرية أمس تحت عنوان «من أجل الحل السياسي في سوريا»، بحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي، ورئيس البرلمان العربي أحمد الجروان، ووزير الخارجية المصري سامح شكري، والسفير وهيب المنياوي ممثل المجلس المصري للشؤون الخارجية الراعي للمؤتمر.
ويشارك في المؤتمر، الذي يختتم أعماله اليوم (الثلاثاء)، نحو مائة وسبعين ممثلا عن المعارضة والثورة السورية، من بينهم أحمد الجربا رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الأسبق، وحسن عبد العظيم رئيس هيئة التنسيق السورية، والفنان السوري جمال سليمان، والمعارض السوري هيثم مناع، والناطق باسم النظام السوري «المنشق» جهاد مقدسي.
وقال النبواني، إن الوثائق المعروضة تتضمن مشروعًا لـ«خارطة الطريق» لوضع آليات لتطبيق بيان «جنيف-1»، سعيا للوصول إلى نظام برلماني تعددي تداولي لا مركزي وديمقراطي. ووضع برنامج لتهيئة المناخ للتسوية السياسية التاريخية قبل وأثناء التفاوض، والساعية لوقف الصراع المسلح على كل الأراضي السورية، مع التزام كل الأطراف الدولية والإقليمية بإدانة وجود المقاتلين غير السوريين وإخراجهم من سوريا وتجفيف منابع التمويل والدعم لهم، وعودة المهجرين وجميع السوريين المعارضين إلى سوريا، دون أية عوائق أمنية أو قانونية أو سياسية، والعمل على إطلاق سراح جميع المعتقلين والمخطوفين لدى كل الأطراف، وإلغاء جميع الأحكام الكيدية، لا سيما محاكم الإرهاب والأحكام الاستثنائية والمحاكم الشرعية الصادرة على خلفية الأحداث منذ 2011.
وقال أيضا إن الوثيقة تتناول إنشاء هيئة حكم انتقالي ومؤسساتها التي تشمل: (المجلس الوطني الانتقالي الذي يتولى التشريع والرقابة على الحكومة في المرحلة الانتقالية، ومجلس القضاء الأعلى، وحكومة المرحلة الانتقالية التي تتمتع بكل الصلاحيات الممنوحة لرئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء في الدستور القائم حاليا، والمجلس الوطني العسكري والانتقالي الذي يعمل على إعادة هيكلة مؤسسة الجيش والأمن للوصول إلى جيش وطني والبدء في بسط السيادة الوطنية على كل الأراضي السورية).
من جانبه، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري أهمية تنفيذ وثيقة جنيف التي تنص على إنشاء هيئة حكم انتقالية تتمتع بكامل الصلاحيات التنفيذية وتكتسب شرعيتها من الشعب السوري والاعتراف الدولي.
في السياق ذاته، شدد الأمين العام للجامعة العربية على أهمية توحيد جهود المعارضة السورية ورؤيتها إزاء خطوات الحل السياسي المنشود للأزمة.
وحمل النظام السوري المسؤولية الكاملة عمّا آلت إليه الأمور، نتيجةً لممارسات هذا النظام وإصراره على المُضي في خيار التصعيد والحسم العسكري، وعدم استجابته لمختلف المبادرات السياسية التي طُرحت من أجل حل هذه الأزمة، الأمر الذي فاقم من أعمال القتل والتدمير والعنف والجرائم البشعة التي تُرتكب بحق المدنيين السوريين الأبرياء، كما حمل النظام أيضا مسؤولية تزايد نفوذ المنظمات الإرهابية وتمدّد أنشطتها لتشمل أنحاء واسعة من الأراضي السورية.
من جهته، قال أحمد الجروان، أن البرلمان العربي على أتم الاستعداد للعمل من أجل دعم وإنجاح هذا الحل المنشود، وحمل الرسالة من خلال الدبلوماسية البرلمانية إلى محافل صناعة القرار في العالم، لما فيه خير ومصلحة الشعب السوري.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.