تلوّنت منطقة سن الفيل في بيروت، وبالتحديد في مركز «المحطة» للمعارض الفنية، بأعمال حرفية لأكثر من 30 مصمما لبنانيا، وذلك في ختام مهرجان «أسبوع بيروت للموضة» لموسم 2015. «وايست» و«حركات» و«كليشيه لاب» و«بايب برازير» و«دي 3» و«لالا كوين» و«مارغريتا» وغيرها، هي أسماء لبعض أصحاب التصاميم التي شاركت في المعرض.
فعلى مساحة 1400 متر مربع توزّعت على طابقين عرضت تلك المواهب باقة من أفكارها الخارجة عن المألوف في عالم التصميم، متمسّكة بهويتها اللبنانية، لإظهار الوجه الثقافي لبلدها، فطالت العالمية.
واحة التصاميم هذه التي تشبه إلى حدّ كبير، كما يقول صاحب «المحطة» نبيل كنعان، معارض تقام في أميركا، تم تنظيمها في شارع لبناني عريق (جسر الواطي) تقع فيه مراكز فنية أخرى كـ«بيروت آرت سنتر» و«أشكال ألوان» وغيرهما.
المصمم وليد جاد، الذي شارك في المعرض من خلال تصاميمه المصنوعة من ورق الملصقات الإعلانية، والمعروفة بـ«فليكس» في عالم الإعلان، عرض لمجموعة من تصاميمه تحت عنوان «وايست» والمؤلفة من حقائب للبحر والسفر وأجهزة الكومبيوتر. «هي فكرة جديدة من نوعها في لبنان، بدأنا بها منذ سنوات قليلة، وترتكز على إعادة استعمال الملصقات الإعلانية التي تتبدّل مرة أو أكثر في الأسبوع الواحد»، كما يقول وليد لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «لدينا 35 ألف متر من هذه الأوراق أسبوعيا، كمية لا يُستهان بها من مادة علينا أن نقوم بتنظيفها وتقطيعها ومن ثم تفصيلها وتصميمها لتصبح منتجات تستخدم في استعمالات عدة».
فالملصقات الإعلانية لمحطة «إل بي سي آي» مثلا أو محلات «خوري لاين» للإلكترونيات، أو «بنك ميد» للمصارف و«آلو تاكسي» لخدمة التوصيل وغيرها، يكون مصيرها مع شركة «وايست» للتصاميم الفنية بعيدا جدا عن سلة النفايات، كونها تصبح حقائب ملونة جميلة تخدم عدة استعمالات. «نسبة 1 في المائة فقط من هذه الملصقات تذهب لمكب النفايات»، يقول وليد جاد صاحب الفكرة التي شاركته بها ستيفاني قبيل استقرارها خارج لبنان. ويتابع: «لقد تعاقدنا مع بعض الشركات الكبرى ليزودونا بملصقاتهم الإعلانية، بينما القسم الآخر منها نحصل عليه شخصيا عندما ننتظر عمّال تفكيك تلك الملصقات على الطرقات». تصاميم وليد جاد موجودة اليوم في دبي والولايات المتحدة وتشهد إقبالا كبيرا لجماليتها.
تلفتك، إضافة إلى الملصقات، منصة عرض أخرى، قدّم فيها الأخوان آلكسي وأنطوان أبو سليمان، تصاميم لمصابيح مصنوعة من أنابيب السنكرية في المنازل والمكاتب. هذه الأنابيب تم توصيلها وتطويعها من قبل الأخوين لتصبح قطعة ديكور لا تشبه غيرها، توضع في الصالونات أو المكاتب لتشكّل لوحة فنية بحد ذاتها. كيف خطرت هذه الفكرة على بال الأخوين، يردّ آلكسي: «لطالما ساورتنا هذه الفكرة (أخي وأنا)، عندما كنا نبيع قطع السنكرية في محلّ يملكه والدنا، فصرنا نجمع المستعمل منها (الملقى في سلة المهملات) ونحولها لمصابيح حديدية لا تفنى، وتشكّل قطعة فنية فريدة من نوعها بالوقت نفسه».
أما رلى دفوني التي اختارت معدن الفضة لتصنع منه الخواتم والأساور والقلائد، فهي، كما تقول، استوحتها من جذورها اللبنانية ومن شمس بلادها ودفء أهلها، لتكون خير دليل على أن لبنان هو بلد الجمال والثقافة بعيدا عن الحرب. «كلّ ما أصممه يشعّ بهوية بلدي، فالخواتم تجدينها مصممة ليتداخل بعضها مع بعض، وتؤّلف (كوبلا) لا ينفصل بعضه عن بعض، حتى لو حملتها أصبعان مختلفتان في اليد الواحدة»، هكذا تصف رلى دفوني أعمالها المصنوعة بحرفية كبيرة باليد. وتضيف: «هذه القطع تلاقي رواجا كبيرا في لبنان والعالم، بعد أن شاركت من خلالها في معارض كبرى أقيمت في لندن ودبي وغيرهما».
أما المصمم ألان عرموني، فقد استوحى من جدّته فكرة تصاميمه التي ترتكز على صناعة «قبّعات» المصابيح. «هي مصنوعة من الأقمشة الملوّنة والكانفا»، يقول صاحب الفكرة، الذي يملك محلا تجاريا لبيعها في منطقة بدارو: «إنها تنقل الفرح بألوانها والأصالة بأشكالها، فتمزج الفن الحديث بالقديم الذي صار رائجا بشكل كبير في أيامنا الحالية».
من ناحيتها، فإن مصممة الأزياء الشابة ميرا حايك، التي استوحت تصاميمها في عالم الأزياء من دراستها في «غرافيك ديزاين» والموسيقى الإلكترونية، عرضت فساتين وتنانير وقمصانا من ابتكارها تحت عنوان «ميلكي واي». وتؤكد أن مجموعتها تحمل أولا الراحة وحرية الحركة لمرتديتها. وهذا الأمر لمسته «الشرق الأوسط» أثناء تجولها في المعرض، إذ بدت غالبية الشابات المشاركات فيه خفيفات وكأنهن يملكن أجنحة أثناء تنقلاتهن بملابس صممتها ميرنا، وارتدينها لأنها عملية بامتياز.
وفي تحية للمصمم اللبناني الراحل ماريو سابا، عرض مصطفى صالح «كليشيه لاب» من طرابلس مجموعة من أدوات الإنارة المصنوعة من النوافذ والأبواب والأجراس وغيرها من قطع مأخوذة من أجزاء تستعمل في البواخر البحرية. ومن ضمن مجموعته هذه وضع مجسما فنيا سبق وصممه الراحل ماريو سابا تحت عنوان «انكياستي». فتشاهد هنا نوافذ دائرية مصنوعة من الزجاج السميك لتتحمل أمواج البحر، تحوّلت إلى مصابيح أنيقة يمكن تثبيتها في الحدائق أو على جدران المنازل لتتسلل منها إضاءة رومانسية تحمل عنوان «جدار الأمل». ويحمل هذا الضوء إشارة إلى مخترعه الأساسي كونه صمم ليظهر خيوط الإنارة التي نشرها «أديسون» في تصميمه للمبة عامة. ويقول مصطفى شارحا: «كل قطعة منها تزن 27 كيلوغراما مصنوعة من زجاج مزدوج يحددها إطار مصنوع من النحاس ومادة الستانليس ستيل. وهذه القطع تؤلّف لوحة سوريالية بحدّ ذاتها لتصميمها المميّز».
ستيفاني سوتيري مصممة لبنانية شابة تدرّس مادة المسرح، إلا أن شغفها بتصميم وصناعة المحفظة النسائية المصنوعة من الجلد الطبيعي، شكّل عنوانا لدخولها عالم التصميم. «هي مجموعة صممتها بنفسي، وقد استوحيتها من الخط الإسباني الأنيق، كما أنها ناعمة الملمس وأنيقة في الوقت نفسه ومختلفة الأحجام لتستطيع المرأة حفظ هويتها أو جواز السفر فيها». تشرح لي ستيفاني التي تعرض مجموعة ملوّنة من أكياس النقود هذه، التي وقف زوار المعرض يتأملونها، ثم لا يلبثون أن يشتروها لملمسها الناعم المغري لحملها.
أشكال وألوان من التصاميم والابتكارات الحرفية المبدعة ختم بها أسبوع الموضة في بيروت موسمه لعام 2015، مؤكدا مرة أخرى أن المواهب اللبنانية في مجال التصميم لا تعدّ ولا تحصى، كما تحمل الأمل لجيل من اللبنانيين، على الرغم من كل العوائق الاقتصادية التي صادفوها، فآمنوا بأناملهم لتحقيق أحلامهم.
مهرجان «أسبوع بيروت للموضة» يختتم موسمه لعام 2015
تضمن عروضًا لمصممين تمسكوا بهويتهم اللبنانية وطالوا العالمية بأعمالهم الحرفية
مهرجان «أسبوع بيروت للموضة» يختتم موسمه لعام 2015
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة