السلاح والوقود... «تجارة رائجة» في ليبيا

تخوف من ازدياد تهريب الذخيرة إلى الجنوب الأفريقي

معهد الدراسات الأمنية الأفريقي ينشر صورة لمجموعة من مهربي السلاح
معهد الدراسات الأمنية الأفريقي ينشر صورة لمجموعة من مهربي السلاح
TT

السلاح والوقود... «تجارة رائجة» في ليبيا

معهد الدراسات الأمنية الأفريقي ينشر صورة لمجموعة من مهربي السلاح
معهد الدراسات الأمنية الأفريقي ينشر صورة لمجموعة من مهربي السلاح

كشفت المواجهات التي تجريها السلطات الأمنية الليبية، للتصدي لعصابات تهريب الوقود في البلاد، جانباً خطراً من التربح عن طريق الاتجار في السلع المدعمة، في ظل الانفلات الأمني الذي شجع أيضاً على «رواج تجارة السلاح» من قبل بعض الخارجين عن القانون.
والاتجار في الوقود الليبي، سواء المدعم، أو المسروق من الموانئ النفطية مباشرة، محل تحقيق من النيابة العامة الليبية راهناً، لكنه لم يتوقف على عصابات تمتهن التهريب فقط، بل وصل إلى موظفين عموميين في إدارة شركة «خدمات الطرق السريعة للخدمات النفطية»، تم حبسهما احتياطياً لحين انتهاء التحقيق معهما في «تهمة المساهمة في تهريب الوقود عبر تزويد بعض نقاط التوزيع بالوقود، رغم أن ملاك هذه النقاط لا يمارسون المهنة»، وفقاً لمكتب النائب العام.
ونهاية الأسبوع الماضي، ضبط «اللواء 444 قتال»، التابع لقوات حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، شاحنة وقود محملة بـ40 ألف لتر «أُعدت للتهريب خارج البلاد» في واحدة من إجهاض عمليات التهريب في البلاد.
وكشف اللواء العسكري أن قواته نصبت كميناً في الصحراء جنوب مدينة مزدة (غرب ليبيا)، وضبطت الجناة، منوهاً إلى أن هذه العملية تأتي «ضمن الخطة الموضوعة سلفاً، التي نتج عنها قطع خطوط التهريب ودك أوكار المهربين».
كما سلم مركز جمرك رأس اجدير الحدودي، «شركة البريقة لتسويق النفط» أكثر من مائتي ألف لتر من الوقود كانت معدة للتهريب.
ورغم الجهود التي يبذلها النائب العام الليبي، والسلطات الأمنية، لمواجهة مثل هذه الظواهر، إلا أن الانفلات الأمني والانقسام السياسي أديا أيضاً إلى ازدياد عمليات تهريب السلاح بالبلاد، وفق أحدث تقرير لمعهد الدراسات الأمنية الأفريقي (ISS) الذي تحدث عن ازدياد عمليات تهريب السلاح من ليبيا إلى النيجر خلال الأشهر الأخيرة.
وحسب تقرير معهد الدراسات، فإن الأسلحة يتم نقلها من الجنوب الغربي الليبي بواسطة مقاتلي الطوارق والمهربين على طول الحدود الجزائرية والنيجيرية، ورأى أن عمليات ضبط الأسلحة بواسطة قوات الأمن في منطقتي أغاديز وتاهوا بالنيجر بين يناير (كانون الثاني) 2021 وفبراير (شباط) 2022 أسهمت في تفكيك شبكات التهريب في البلاد.
وتساءل معهد الدراسات، في تقرير، وسط تخوف، عن الحلول لمواجهة ذلك، «وإذا ما كانت عمليات تهريب الأسلحة والذخيرة من ليبيا إلى الجنوب الأفريقي ستتزايد مرة ثانية؟»، وذلك على غرار ما حدث عقب إسقاط النظام السابق عام 2011.
وتقول وزارات الداخلية التي تعاقبت على ليبيا منذ اندلاع «ثورة 17 فبراير» عام 2011، إنها تواجه «تحديات جمة»، من بينها انتشار الجريمة المنظمة، وانتشار السلاح خارج سيطرة الدولة، وهو ما نقله مسؤول أمني، في حديث إلى «الشرق الأوسط» بقوله: «ما زال السلاح يُهرّب إلى البلاد من قبل عصابات الجريمة المنظمة».
وأضاف المسؤول الأمني، الذي رفض ذكر اسمه، أن «الدوريات الأمنية التي تجوب الصحراء الليبية على اتساعها، خصوصاً من الجهة الجنوبية، تضبط من وقت إلى آخر عصابات تمتهن التهريب والاتجار في السلاح»، متابعاً: «نحن نعمل على ضبط هؤلاء (المجرمين) المدعومين من جماعات خارجية، في ظل إمكاناتنا المحدودة وضرب هذه التجارة المحرمة».
وخلال العقد الماضي، وصفت ليبيا بأنها أكبر سوق مفتوحة لتجارة السلاح، على خلفية الانفلات الأمني بالبلاد، وصعوبة السيطرة على الحدود المترامية.
وسبق لبوب سدون، المسؤول بدائرة الأمم المتحدة المعنية بمكافحة الألغام (أنماس)، القول إن «ليبيا تضم أكبر مخزون في العالم من الأسلحة غير الخاضعة للرقابة، حيث تقدر بما بين 150 ألف طن و200 ألف طن في جميع الأنحاء».
وبينما قال سدون، إنه «لم أر مثل هذا الكم الهائل من الأسلحة في أي بلد آخر خلال 40 عاماً من حياته العملية»، أبدت الأمم المتحدة تخوفاً من كمية الأسلحة الكبيرة بالبلاد، متحدثة عن وجود 20 مليون قطعة من السلاح.
المعهد الأفريقي ذهب أيضاً إلى أن «الطلب المرتفع على الأسلحة والذخيرة أتاح للمهربين فرصة مواصلة تجارتهم المربحة»، وقال إن «المخزونات التي يجري جمعها في جنوب غربي ليبيا تباع للمدنيين للدفاع عن النفس، وللجماعات المسلحة في النيجر ومالي وبوركينا فاسو ونيجيريا، ويجري نقل الأسلحة في سيارات دفع رباعي مناسبة للمسارات الصحراوية الرملية».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.