الغموض يلف الخطوة التالية لزعيم التيار الصدري

رغم نجاح أتباعه في السيطرة على مبنى البرلمان ووضع أعضائه خارج نطاق التغطية التشريعية، فإن قدراً هائلاً من الغموض يلف المشهد السياسي في ظل عدم إمكانية التنبؤ بالخطوة التالية التي يمكن أن يقدم عليها زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر. وعدم المعرفة هذا لا يتعلق بخصومه من قوى «الإطار التنسيقي» فحسب، بل حتى من مساعديه وأتباعه. ومن أقوى إشارات الغموض هذه استهداف الصدر لمبنى البرلمان وعدم السماح لأتباعه بالتعرض لمبنى رئاسة الوزراء القريب. وقد تساءل النائب المستقل باسم خشان بوضوح، أمس، عن هذه النقطة بالتحديد حين قال: «إذا كانت النتيجة التي يسعى إليها الصدر هي الانقلاب على النظام السياسي، فمجلس الوزراء ليس بعيداً عن مجلس النواب».
وأضاف: «إما إذا كان يسعى إلى تعطيل قوى الإطار فحسب، فقد كان بإمكانه أن يعطله بنوابه المستقلين، وهو الذي سلم الإطار زمام المبادرة وجعله الكتلة الأكثر عدداً».
خطوة الصدر بعدم التعرض لرئاسة الوزراء فهمها البعض على أنها إشارة على تفضيل بقاء رئيس الوزراء المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي في منصبه وعدم السماح لقوى الإطار التنسيقي الإتيان بشخصية جديدة لشغل المنصب بعد أن قامت بتسمية محمد شياع السوداني لهذا الهدف.
مصدر مقرب من كواليس ما يجري داخل التيار يتحدث عن «خطوة حاسمة» لاحقة يمكن أن يخطوها الصدر باتجاه إعادة هيكلة النظام السياسي، لكن أحداً لا يمكنه المجازفة والإشارة بوضوح إلى شكل وطبيعة تلك الخطوة. ويقول المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن «الصدر وتياره يدركان أن الصيغة السياسية الحالية المبنية على التوافق والمحاصصة السياسية باتت عديمة الفائدة وأنتجت في العقدين الماضيين أنظمة معتلة وفاسدة ولا يمكن الركون إليها بعد اليوم». ويضيف: «الصدريون هذه الأيام باتوا يتحدثون عن صيغة لنظام حكم رئاسي وليس برلمانياً، وكذلك عن تعليق مؤقت للدستور وإطاحة مجلس القضاء والمحكمة الاتحادية ويتهمونهما بالتلاعب والانحياز السياسي لخصومهم في الإطار التنسيقي».
ومع ذلك، والكلام للمصدر، «فأفكار ومطالب من هذا النوع، وبرغم القبول الشعبي الذي تتمتع به، فلن تمر بسهولة وتقف أمامها عقبات عديدة وربما مستحيلة، ضمنها المواقف الإقليمية والدولية، وموقف مرجعية النجف الدينية ومواقف معظم القوى السياسية التي ينسجم النظام الحالي مع مصالحها الحزبية، إلى جانب التعقيدات القانونية والدستورية المتعلقة بكل ذلك».
وفي مقابل غموض الموقف وغياب التوقعات بشأن خطوة الصدر اللاحقة بعد سيطرة أتباعه على مبنى البرلمان، قدم الحزب الشيوعي العراقي، أمس، 6 نقاط لحل الأزمة السياسية التي تزداد تعقيداً يوماً بعد آخر.
وعبر الحزب عن قلقه البالغ «حيال وإمكانية ذهاب البلاد إلى ما لا تحمد عقباه» وقال في بيان: «أصبح واضحاً، أن مجلس النواب، بتركيبته الحالية، بات عاجزاً عن إدارة الأزمة المستفحلة والشاملة ومعالجة تراكماتها».
ورأى، أن «القوى التي تعلن تمسكها بنهج المحاصصة الطائفية والإثنية، تتحمل مسؤولية هذه التطورات، علماً بأن الإصرار على النهج الفاشل ذاته، المرفوض شعبياً، لن يجلب للعراق سوى المزيد من الويلات».
واعتبر الشيوعي أن «أولى خطوات نزع فتيل الأزمة، هي التخلي عن التزمّت بالمواقف والتمسك بالمصالح الضيقة، والكف عن الارتهان لقوى خارجية، والتوجه بدل ذلك نحو إجراء انتخابات مبكرة، حرة ونزيهة، يكون القول الفصل فيها للشعب ولإرادته الحقيقية». وشدد على ضرورة أن «تتشكل حكومة مستقلة فعلاً، تضم شخصيات وطنية كفؤة ونزيهة، وتحظى بقبول سياسي وشعبي، قبل أن يحل مجلس النواب نفسه، أو تكليف حكومة تصريف الأمور اليومية - مع إجراء التعديلات عليها؛ يمكن أن تشق الطريق نحو إجراء الانتخابات المبكرة».
ودعا المحكمة الاتحادية العليا إلى مراجعة تفسيراتها بشأن «الكتلة الأكبر»، وآلية انعقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وحماية النظام الديمقراطي من كل تشويه يلحق به. وتعد مسألة الكتلة من بين أكبر العقبات التي واجهت تشكيل الحكومات في جميع الدورات السابقة، بعد أن أفتت المحكمة الاتحادية عام 2010. بأن الكتلة الأكبر هي التي تتشكل داخل البرلمان وليس الكتلة الفائزة بأكبر عدد من المقاعد بعد إعلان نتائج الانتخابات.
ووضع الحزب الشيوعي 6 نقاط لإجراء انتخابات صحيحة مقبلة تمثل إرادة المواطنين العراقيين، وضمنها «تشريع قانون انتخابات عادل، قبل حلّ المجلس، يضمن التمثيل الحقيقي لإرادة الناخبين، وتشكيل مفوضية انتخابات مستقلة حقاً وغير خاضعة للمحاصصة، سواء في مجلسها أم في بنيتها الإدارية». وإضافة إلى ذلك، شدد على ضرورة «تطبيق تام لقانون الأحزاب، ومنع أي كتلة سياسية لا تفصح عن مصادر تمويلها من المشاركة في الانتخابات، والحد من استخدام المال السياسي في التأثير على نتائج الانتخابات، وحظر الميليشيات والأحزاب التي تملك جماعات مسلحة من المساهمة في الانتخابات». وطالب «الشيوعي» ضمن النقاط التي وضعها بـ«ضمان الإشراف الدولي والمحلي على إجراء الانتخابات، من أجل تأمين كل مستلزمات نزاهتها».