«حزب الله» يهدد عسكرياً ويصعّد سياسياً في ملف ترسيم الحدود

نشر فيديو يتضمن إحداثيات منصات الغاز قائلاً إنها في مرماه

لقطة من فيديو «حزب الله» (يوتيوب)
لقطة من فيديو «حزب الله» (يوتيوب)
TT

«حزب الله» يهدد عسكرياً ويصعّد سياسياً في ملف ترسيم الحدود

لقطة من فيديو «حزب الله» (يوتيوب)
لقطة من فيديو «حزب الله» (يوتيوب)

مضى «حزب الله» في تصعيد عسكري وسياسي، في مسألة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وذلك بالتزامن مع وصول الوسيط الأميركي آموس هوكستاين إلى بيروت، حاملاً رداً إسرائيلياً على مبادرة للتوصل إلى تسوية تعيد الطرفين إلى طاولة المفاوضات غير المباشرة في الناقورة، في جنوب لبنان، برعاية الأمم المتحدة، وتحت عَلَمها.

وفي الجانب العسكري، بثّ الإعلام الحربي التابع للحزب، أمس (الأحد)، مقطعاً مصوَّراً تظهر فيه سفن مشاركة في صناعة النفط والغاز البحرية الإسرائيلية مع إحداثياتها الدقيقة، وأنها في «مرمانا». وحذر الحزب بواسطة أمينه العام حسن نصر الله، في الفيديو، مع ترجمة عبرية، من «التلاعب بالوقت»، في تأكيد على تهديده بالتصعيد العسكري، وسط محادثات ترسيم الحدود البحرية.

وبثت قناة «المنار» التابعة للحزب المقطع المصوّر، الذي يحتوي أيضاً على لمحة نادرة عن أسلحة «حزب الله»، قبل ساعات من الموعد المقرر للقاء هوكشتاين مع مسؤولين لبنانيين في بيروت.

ويحتوي المقطع على صور لسفن تشارك في التنقيب، إلى جانب إحداثيات لأهداف إسرائيلية. ويبدأ المقطع المصوَّر بعبارات لأمين عام الحزب، حسن نصر الله، خلال كلمة ألقاها في الآونة الأخيرة، وحذر فيها من أن «التلاعب بالوقت ليس مفيداً»، في هذه المسألة. وقال مراسل كبير بقناة «المنار» على «تويتر»: «الرسالة تهديد جدي».

ويخوض لبنان وإسرائيل مفاوضات بوساطة أميركية لترسيم حدودهما البحرية المشتركة التي من شأنها أن تساعد في تحديد موارد النفط والغاز التي تخص أياً منها، وتمه~د الطريق لمزيد من الاستكشاف. وأعرب مسؤولون لبنانيون عن تفاؤلهم بأن هذه الجولة من المحادثات يمكن أن تؤدي إلى اتفاق بعد مفاوضات غير مباشرة دامت سنوات على نحو متقطع، لكن «حزب الله» أبدى استعداده لمنع إسرائيل من استخراج النفط والغاز، إذا لم يُسمح للبنان بذلك.

بموازاة التصعيد العسكري الذي بدا رسالة أمنية لإسرائيل، قال نائب رئيس «المجلس التنفيذي» في «حزب الله»، الشيخ علي دعموش، إن «المقاومة اليوم بما تملكه من قدرات واسعة، باتت في موقع مَن يفرض معادلات جديدة وضعت لبنان في موقع استثنائي وقوي وغير متوقَّع، من شأنها انتزاع حق لبنان في التنقيب واستخراج النفط وفك الحصار المفروض عليه أميركياً وإسرائيلياً»، مؤكداً أن «المعادلة التي أرساها الأمين العام لـ(حزب الله)، وهي معادلة لا غاز لأحد في المنطقة إذا لبنان منع من استخراج حقه كاملاً من الغاز، تقوم على قدرات الردع التي تمتلكها المقاومة، والتي تراكمت خلال مسيرة الأربعين ربيعاً، ولولا هذه القدرات وهذه المعادلة لكانت إسرائيل قد باشرت أعمالها في منطقة كاريش، ولما استطاع لبنان أن يفرض التفاوض على الخط 23 وحقل قانا كاملاً».

وطالب دعموش المسؤولين المعنيين «باستثمار موقف المقاومة الحازم والحاسم، والتمسك بحقوق لبنان الكاملة، وعدم السماح للعدو بإملاء شروطه على لبنان أو المماطلة وتضييع الوقت أو استغلال الانقسامات والتباينات بين اللبنانيين لينفذ من خلالها إلى ما يريد»، لافتاً إلى أن إسرائيل «قد تستغل أي ثغرة أو نقطة ضعف في الموقف، وعلينا أن نفوّت عليه أي فرصة للمناورة والتلاعب أو إضعاف الموقف اللبناني».

 

بلينكن - غانتس

 

وفي تل أبيب، كشفت مصادر سياسية، أمس (الأحد)، أن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس أجرى، مساء أول من أمس (السبت)، محادثة هاتفية مطوَّلة مع وزير الخارجية الأميركي، أنطوني بلينكن، تناول فيها «تهديدات (حزب الله) وتصرفاته الاستفزازية»، مشيرة إلى أن «بلينكن طلب منه ومن حكومته الصبر وعدم الانجرار وراء (حزب الله)».

وقالت المصادر إن «بلينكن وغانتس اتفقا على أن إنجاز اتفاق حول الغاز هو في غير مصلحة (حزب الله)، لكنه مُرغَم عليها. ولذلك فهو يحاول جر إسرائيل إلى معركة للتخريب عليها». وحسب بلينكن، فإن على «إسرائيل ألا تحقق له مراده، بل بالعكس أن تعمل كل ما في وسعها لإنجاح المفاوضات».

 

وكانت مصادر أخرى ذكرت أن «إسرائيل قدمت اقتراحاً جديداً ينطوي على تقرب إضافي من الموقف اللبناني، ويُعتبر خطوة أخرى متقدمة نحو التوصل لاتفاق حول موضوع الغاز، بموجبه تتقاسم إسرائيل ولبنان الحقوق المالية، حسب نسبة مخزون الغاز في باطن الأرض؛ ففي حال وجود حقوق للبنان في منتوج الغاز الذي تستخرجه إسرائيل، يقبض لبنان مالاً مقابل هذه الحقوق، والأمر نفسه يحصل مع الحقوق الإسرائيلية في لبنان».

واعتبرت المصادر هذا العرض خطوة إيجابية في الناحية الاقتصادية، ولكنها تنطوي أيضاً على فتح نافذة سياسية. ففي حال الاتفاق على الأمر، سيكون على الحكومتين عقد جلسات حساب والإبقاء على قناة اتصال، وهذا بحد ذاته يتلاءم مع الأهداف الإسرائيلية، ويحقق للبنان مكسباً أيضاً على الساحة الدولية، ولكنه يتناقض مع رغبات وسياسة (حزب الله) وبعض حلفائه».

 



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.