مبادرات لجعل الدُّمى والألعاب صديقة للبيئة

مبيعاتها تتجاوز 100 مليار دولار سنوياً

مبادرات لجعل الدُّمى والألعاب صديقة للبيئة
TT

مبادرات لجعل الدُّمى والألعاب صديقة للبيئة

مبادرات لجعل الدُّمى والألعاب صديقة للبيئة

كم تعيش الألعاب؟ سواء أكانت دمية عروس تحتضنها طفلة، أو دباً قماشياً يلهو به صبي صغير، ومهما كانت مثيرة كقطار لامع يسير على سكة، أو مسلّية كمكعّبات تُبنى بها القصور، تنتهي حياة مجمل الألعاب في سلة القمامة. مصير لا مهرب منه في عالم يشهد تسارعاً في التسويق والنزعة الاستهلاكية، وقلّة اهتمام من قبل الشغوفين بالعالم الرقمي. ومع ذلك، توجد محاولات جادة لإطالة عمر الألعاب وجعلها صديقة للبيئة.
سوق بعشرات المليارات
يُعدّ تقدير حجم صناعة الألعاب في العالم مهمة عسيرة، وهو أشبه بتجميع قطع أحجية ضخمة. وفقاً لموقع «ساتيستا»؛ بلغت عوائد سوق الألعاب العالمية 95 مليار دولار في سنة 2020، في حين تقدّر «فورتشن» حجم السوق بنحو 130 مليار دولار في السنة ذاتها. وتقود شركة «ليغو» الدنماركية صناعة الألعاب العالمية بعوائد تتجاوز 7.2 مليار دولار سنوياً، وتليها شركة «بانداي نامكو» اليابانية بأرباح تقارب 6.6 مليار.
ويتفاوت الإنفاق على شراء الألعاب سنوياً لكل طفل بين 7 دولارات في أفريقيا، و24 دولاراً في آسيا، ليصل إلى 212 دولاراً في أوروبا، و300 دولار في أميركا الشمالية. وقد ارتفع الإنفاق بين 2020 و2021 بنحو 22 في المائة، مع انتشار جائحة «كوفيد-19»، وما رافقها من إجراءات الحجر الصحي والتعليم عن بعد. ومثّلت الجائحة مناسبة غير مسبوقة لإحياء الألعاب الجماعية، لا سيما ألعاب الطاولة وقطع التركيب، وحفّزت نمواً هائلاً في صناعة الألعاب العالمية.
وتستحوذ الصين على حصة الأسد في صادرات الألعاب العالمية بقيمة تتجاوز 70 مليار دولار عام 2020، بينما تأتي الولايات المتحدة في طليعة المستوردين، مع أكثر من 36 مليار دولار من الألعاب الأجنبية التي تدخل غرف الأطفال الأميركيين كل عام.
وقد حاول البعض وضع تقديرات لكميات الألعاب التي يجري التخلص منها سنوياً بناءً على الدراسات الاستقصائية للأُسر، فوجدت مؤسسة «هارت» الخيرية البريطانية أن 28 في المائة من الآباء يرمون الألعاب التي لا تزال في حالة ممتازة، في حين يقرّ 47 في المائة بأن أطفالهم يسأمون من الألعاب الجديدة بعد أسبوع واحد فقط.
وفي فرنسا، قدّمت شركة «داغوما» التي أطلقت مشروع «توي ريسكيو» لإنقاذ الدمى، تقديراً أكثر دقة: ترمي الأسر الفرنسية نحو 40 مليون لعبة في سلّة المهملات سنوياً.
وترتبط إشكالية تقدير حجم الألعاب المهملة بطبيعة أنظمة فرز وتدوير النفايات حول العالم. فالألعاب لا تتبع مسار فرز واسترجاع، يُشابه ما يحصل مع الزجاج والبلاستيك مثلاً، وذلك لغياب الجدوى الاقتصادية، كونها تحتوي على مزيج غير متجانس من المواد. وهذا يجعل الألعاب خارج خطط التدوير التقليدية في معظم أنحاء العالم.
والأسوأ من ذلك، أن صناعة الألعاب تقوم بشكل كبير على البلاستيك الذي يدخل في تركيبها بنسبة 90 في المائة. ووفقاً لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب) تُعتبر الألعاب أكثر الصناعات اعتماداً على استهلاك البلاستيك. ولا يقتصر الأمر على اللعبة في حد ذاتها، وإنما يصل أيضاً إلى مواد التغليف التي تعتبر مكوناً مهماً في «تجربة اللعب»، كبيضة «كيندر» مثلاً وغيرها.
وتشير بعض التقديرات إلى أن كل مليون دولار تحققها صناعة الألعاب تستهلك 40 طناً من البلاستيك. وهذا يعني أن كمية البلاستيك التي تدخل في هذه الصناعة حالياً تقارب 5 ملايين طن في السنة. وبشكل عام، يمكن اعتبار أن 80 في المائة من الألعاب ينتهي الأمر بها ضمن أكوام القمامة.
مبادرات لتقليل البصمة البيئية
يزداد اهتمام الأجيال الصغيرة بقضايا البيئة، حتى أن بعض الأطفال بدأوا يطالبون بحظر الألعاب البلاستيكية التي تقدم كهدايا ضمن مطاعم الوجبات السريعة. كما أن صانعي الألعاب أنفسهم أخذوا يدركون مسؤولياتهم الاجتماعية، من خلال تصنيع ألعاب مقبولة بيئياً أو تعزز السلوك الواعي.
وعلى سبيل المثال، أطلقت شركة «ليغو» في الصيف الماضي نموذجاً أولياً لقطع تركيب مصنوعة من البلاستيك المعاد تدويره من قوارير المشروبات الغازية، وتعمل أيضاً على تصنيع قطع بناء من «البلاستيك» النباتي الحيوي تدوم عدة سنوات. وفي الولايات المتحدة، قامت شركة «غرين تويز» بإنتاج عدد كبير من الألعاب باستخدام بلاستيك معاد تدويره بشكل كامل من قوارير الحليب.
وفي حين لا توجد خطط تدوير رسمية للألعاب، تقوم شركة «تيرا سايكل» الأميركية وعدد من منتجي الألعاب على مستوى العالم بتقديم برامج إعادة تدوير يمكن للجميع الاشتراك فيها. وتقوم عملية التدوير على إرسال الألعاب المُراد تدويرها إلى مقر الشركة بريدياً، ثم يتم فرز الألعاب وفصلها إلى مكوّناتها، وبعدها يجري استرجاع المعادن وتدوير البلاستيك والنسيج وتحويل الورق والخشب إلى سماد.
ويفضّل معظم الناس التبرع بالألعاب المستعملة بدلاً من إعادة تدوير موادها. وهي ممارسة جيدة في الاقتصاد الدائري الذي يعتمد على إعادة استخدام الأشياء وإطالة عمرها. ومن المبادرات الجيدة التي أخذت تنتشر مؤخراً، وتندرج ضمن الاقتصاد التشاركي، قيام المدارس بتخصيص مكتبات للألعاب، تسمح للأطفال بقضاء فترات قصيرة مع الدمى ومكعّبات البناء وألعاب الطاولة، تماماً كما تفعل مع الكتب.
وتقدم شركة «هابي باتون» نموذجاً لتشاركية الألعاب في هونغ كونغ؛ حيث توفّر للأُسر خدمة قائمة على الإعارة تتيح تلقي صناديق ألعاب شهرية، وفقاً لاستمارات تلحظ عمر الطفل واحتياجات نموه. وتسمح الشركة بإضافة ألعاب أكبر، مثل سيارات الألعاب الكهربائية والدراجات الثلاثية العجلات. كما تقدم الشركة خدمة لجمع الألعاب الفائضة التي لم تعد مطلوبة أو مرغوبة، وذلك بهدف توسيع نطاق استخدامها.
وتمثّل مصاعب القدرة على الإصلاح مشكلات شائعة في عالم الألعاب، ويرجع ذلك أساساً لعدم وجود طريقة للحصول على قطع غيار. ويقدم مشروع «توي ريسكيو» الذي أطلقته شركة «داغوما» الفرنسية، مساهمة في حل هذه المشكلة، باستخدام الطباعة الثلاثية الأبعاد عبر الإنترنت للأجزاء المختلفة من الألعاب التي تتعرض للكسر عادة، وبحيث يمكن للجميع إصلاح ألعابهم بشكل مستقل ومن دون مقابل.
وتبقى المسؤولية الأكبر على الأهل الذين تتوجب عليهم الموازنة بين متطلبات النمو العاطفي السليم لأطفالهم ومستقبل الكوكب الذي سيكبرون فيه. وبدلاً من تعزيز ثقافة الاستهلاك لدى الأطفال، سيكون من الأنسب تشجيعهم على شراء ألعاب غير بلاستيكية وذات نوعية جيدة، والاحتفاظ بألعابهم لأطول فترة ممكنة، وتثقيفهم حول قضايا البيئة الأساسية، كتدوير المواد وإعادة الاستخدام.



ثلاثة أرباع أراضي العالم باتت «جافة بشكل دائم» خلال العقود الثلاثة الماضية

شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
TT

ثلاثة أرباع أراضي العالم باتت «جافة بشكل دائم» خلال العقود الثلاثة الماضية

شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)

بات ما يزيد قليلاً على 75 في المائة من أراضي العالم «أكثر جفافاً بشكل دائم» على مدى العقود الثلاثة الماضية، وفق تقرير تدعمه الأمم المتحدة صدر، الاثنين، تزامناً مع مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) في السعودية.

وصارت الأراضي الجافة الآن تغطي 40 في المائة من مساحة اليابسة على الأرض، باستثناء القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا)، حسبما خلصت دراسة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، محذرة من أن هذا التحول يمكن أن يؤثر فيما يصل إلى خمسة مليارات شخص بحلول عام 2100، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأظهر التقرير الذي يشير إلى «تهديد وجودي» تفرضه مسارات يتعذّر تغيير اتجاهها، أن الأراضي الجافة، المناطق التي تصعب زراعتها، زادت بمقدار 4.3 مليون كلم مربع بين عامي 1990 و2020، وهي مساحة تعادل ثلث مساحة الهند.

تحذيرات من «القحط»

وجاء التحذير خلال اجتماع مؤتمر «كوب 16» الذي بدأ الأسبوع الماضي في الرياض ويستمر 12 يوماً، بهدف حماية الأراضي واستعادتها والاستجابة إلى الجفاف في ظل تغير المناخ المستمر.

ويحذّر التقرير من أن القحط، وهو نقص مزمن في المياه، يمتد الآن على 40.6 في المائة من كتلة اليابسة على الأرض، باستثناء القارة القطبية الجنوبية، مقابل 37.5 في المائة قبل 30 عاماً.

أشخاص يسيرون عبر جزء من نهر الأمازون تظهر عليه علامات الجفاف في كولومبيا (أ.ب)

كما يحذّر من أن المناطق الأكثر تضرراً تشمل الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط وجنوب أفريقيا وجنوب أستراليا وبعض مناطق آسيا وأميركا اللاتينية.

وقال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إبراهيم ثياو: «على عكس الجفاف -فترات مؤقتة من انخفاض هطول الأمطار- يمثّل القحط تحولاً دائماً لا هوادة فيه».

وأضاف أن «المناطق المناخية الأكثر جفافاً التي تؤثر الآن في أراضٍ شاسعة في جميع أنحاء العالم لن تعود إلى ما كانت عليه، وهذا التغيير يعيد تعريف الحياة على الأرض».

«أسوأ سيناريو»

وأضاف التقرير أن التغييرات تُعزى إلى حد كبير إلى الاحتباس الحراري العالمي الناجم عن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تغيّر هطول الأمطار وتزيد من نسب التبخر.

وتشمل آثار نقص المياه المزمن تدهور التربة وانهيار النظام البيئي وانعدام الأمن الغذائي والهجرة القسرية، وفقاً للعلماء.

وحسب التقرير، يعيش بالفعل 2.3 مليار شخص في مناطق جافة تتوسع، مع توقعات تشير إلى أن «أسوأ سيناريو» يتمثّل في عيش 5 مليارات شخص في هذه الظروف مع استمرار ارتفاع درجة حرارة الكوكب.

ولمواجهة هذا الاتجاه، حثّ العلماء الأعضاء على «دمج مقاييس القحط في أنظمة مراقبة الجفاف الحالية»، وتحسين إدارة التربة والمياه، و«بناء القدرة على الصمود في المجتمعات الأكثر ضعفاً».