تصريحات أوربان حول «اختلاط الأعراق» تثير جدلاً واسعاً

رئيس الوزراء المجري رفض اتهامات العنصرية ومعاداة السامية

أوربان يتحدث خلال مؤتمر صحافي مع المستشار النمساوي بفيينا في 28 يوليو (إ.ب.أ)
أوربان يتحدث خلال مؤتمر صحافي مع المستشار النمساوي بفيينا في 28 يوليو (إ.ب.أ)
TT

تصريحات أوربان حول «اختلاط الأعراق» تثير جدلاً واسعاً

أوربان يتحدث خلال مؤتمر صحافي مع المستشار النمساوي بفيينا في 28 يوليو (إ.ب.أ)
أوربان يتحدث خلال مؤتمر صحافي مع المستشار النمساوي بفيينا في 28 يوليو (إ.ب.أ)

أثار رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان غضب الولايات المتحدة ودول أوروبية والجالية اليهودية في بلده، بعدما دافع الخميس عن خطاب حاد ألقاه ضد «الاختلاط العرقي».
وكان أوربان (59 عاما)، رئيس الوزراء القومي الذي عادة ما يطلق تصريحات مثيرة للجدل ويعارض الهجرة بشدة، رفض فكرة «مجتمع متعدد الأعراق»، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال السبت الماضي: «لا نريد أن نكون عرقا مختلطا» قد يمتزج بـ«غير أوروبيين». قبل أن يلمّح بشكل واضح إلى غرف الغاز التي أقامها النظام النازي، ما أثار انتقادات شديدة من ناجين من محرقة اليهود في الحرب العالمية الثانية والجالية اليهودية.
ودافع أوربان عن فكرته، الخميس. وتحدث في مؤتمر صحافي في فيينا عن «وجهة نظر ثقافية» مجرية. وقال: «أحيانا أتحدّث بطريقة يمكن أن يساء فهمها، لكنني طلبت من المستشار (النمسوي كارل نيهامر) أن يضع المعلومات في سياق ثقافي». وأضاف «في المجر، تمثّل هذه العبارات وجهة نظر ثقافية وحضارية».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، نقلا عن بيان صادر عن ديبوراه ليبستات الممثلة الخاصة لواشنطن بشأن قضايا مناهضة السامية، إن أي «خطاب من هذا النوع لا يغتفر (...) بعد أكثر من 75 عاما على الهولوكوست»، محرقة اليهود في الحرب العالمية الثانية. وأضافت ليبستات أنها شعرت «بقلق عميق» من خطاب يستحضر بوضوح الآيديولوجية العرقية النازية، مؤكدة أن التصريحات (...) لا تعكس القيم المشتركة التي تربط الولايات المتحدة بالمجر، وتشكل أساس العلاقة بين شعبينا.
وفي تصريحاته السبت في ترانسلفانيا الرومانية التي تضم جالية مجرية كبيرة، قال رئيس الوزراء المجري الذي أدلى بتعليقات مماثلة في الماضي ولكن من دون استخدام كلمة «عرق»، إن البلدان «التي تعيش فيها شعوب أوروبية ومن خارج أوروبا لم تعد أمما. هذه الدول لم تعد سوى تجمعات شعوب».
أما تلميحه إلى غرف الغاز، فقد ورد في انتقاده لخطة بروكسل خفض الطلب الأوروبي على الغاز بنسبة 15 في المائة. وقال ساخرا «لا أرى كيف يمكنهم إجبار الدول الأعضاء على القيام بذلك، على الرغم من وجود خبرة ألمانية في هذا المجال، كما تبيّن في الماضي».
وأثارت هذه التصريحات غضب اللجنة الدولية لـ«أوشفيتز» التي دعت الاتحاد الأوروبي إلى «النأي بنفسه عن توجهات عنصرية من هذا النوع»، ودفعت عالمة الاجتماع جوجا هيغيدوس التي تعمل مستشارة له منذ فترة طويلة، إلى تقديم استقالتها الثلاثاء. وقالت هيغيدوس التي نجا والداها من الهولوكوست، في رسالة نشرتها وسائل الإعلام المحلية إنها تدين «موقفا مخزيا» و«نصا نازيا محضا جديرا بـ(يوزف) غوبلز»، في إشارة إلى المسؤول السابق للدعاية الألمانية النازية.
وردّ أوربان بالتشديد على «سياسة حكومته في عدم التسامح مطلقا عندما يتعلق الأمر بمعاداة السامية والعنصرية»، كما ورد في رسالة نشر نصها. وقال «لا يمكنك جديا اتهامي بالعنصرية بعد تعاون استمر عشرين عاما بيننا».
وعبرت الجالية اليهودية المجرية أيضا عن غضبها. وكتب كبير الحاخامات روبت فروليش على فيسبوك، مؤكدا أن «الإنسان العاقل (...) هذا العرق واحد وغير قابل للتجزئة».
وفي صفوف السياسيين، قال وزير الخارجية الروماني بوغدان أوريسكو إن مثل هذه «الأفكار (...) غير مقبول». أما المفوضية الأوروبية فقالت إنها «لا تعلق إطلاقا على تصريحات السياسيين الأوروبيين». لكن الناطق باسم الاتحاد الأوروبي إيريك مامر أكد أنه «من الواضح أن الاتحاد الأوروبي لديه عدد من القيم المنصوص عليها في المعاهدات، وينفذ سياسات تتعلق بهذه القيم وبنود المعاهدة هذه».
ومنذ عودته إلى السلطة في 2010، أدخل فيكتور أوربان تغييرات على بلده عبر تنفيذ إصلاحات أساسها «الدفاع عن أوروبا المسيحية». وقد حمل خصوصا على المهاجرين الوافدين من أفريقيا والشرق الأوسط والمنظمات غير الحكومية التي تساعدهم، ما زاد من صعوبة الحصول على اللجوء وأدى إلى إقامة سياج عند الحدود.


مقالات ذات صلة

إيقاف بنتانكور 7 مباريات بعد تعليق عنصري ضد سون

رياضة عالمية رودريغو بنتانكور (إ.ب.أ)

إيقاف بنتانكور 7 مباريات بعد تعليق عنصري ضد سون

أعلن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، اليوم الاثنين، إيقاف رودريغو بنتانكور، لاعب وسط توتنهام هوتسبير، 7 مباريات، بعد ملاحظة عنصرية من اللاعب القادم من أوروغواي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية احتجاجات في إسرائيل ضد تفشي الجريمة المنظمة في المجتمع العربي مارس 2021 (غيتي)

«قوانين الفجر الظلامية»... كيف يُشرعن الكنيست التمييز ضد العرب في إسرائيل؟

يواصل ائتلاف اليمين في الكنيست سن تشريعات ضد المواطنين العرب في إسرائيل بهدف ترهيبهم واضطهادهم... فما أبرز تطورات تلك الحملة المتواصلة لشرعنة التمييز ضدهم؟

نظير مجلي (تل أبيب)
رياضة عالمية فينيسيوس غاضب جداً بسبب خسارة الجائزة (أ.ف.ب)

بعد زلزال الجائزة الذهبية... مَن الذين يخافون من وجود ريال مدريد؟

بعد أقل من 24 ساعة على الضربة القاسية التي تلقاها ريال مدريد بخسارة الكلاسيكو 4 - 0 أمام برشلونة في البرنابيو، الأحد، حدث تحول آخر مزلزل في ريال مدريد.

The Athletic (باريس)
رياضة عالمية لامين يامال يحتفل بتسجيل الهدف الثالث لبرشلونة (أ.ف.ب)

كلاسيكو العالم: الريال يحقق في تعرض يامال لإساءات عنصرية

ذكرت تقارير إعلامية إسبانية أن لامين يامال، نجم فريق برشلونة الإسباني لكرة القدم، تعرض لإساءات عنصرية في مباراة الكلاسيكو التي فاز بها فريقه على ريال مدريد.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية لوم تشاوان كان غاضباً من الهتافات (رويترز)

استبدال تشاونا لاعب لاتسيو بعد تعرضه لإساءة عنصرية أمام تفينتي

قال ماركو باروني، مدرب لاتسيو الإيطالي، إن جناحه لوم تشاونا استُبدال بعد تعرضه لإهانات عنصرية من الجماهير خلال الفوز 2 - صفر على تفينتي.

«الشرق الأوسط» (روما)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».