براميل متفجرة على ريف حمص الشمالي والنظام يفرغ السويداء من الأسلحة الثقيلة

«أطباء بلا حدود» تدعو إلى تعزيز المساعدات للعاملين بالمجال الطبي في سوريا

شيوخ من السويداء يوقفون شاحنات تنقل 4 دبابات إلى دمشق تنفيذًا لتهديدهم بعدم السماح للنظام بإفراغ السلاح الثقيل («الشرق الأوسط»)
شيوخ من السويداء يوقفون شاحنات تنقل 4 دبابات إلى دمشق تنفيذًا لتهديدهم بعدم السماح للنظام بإفراغ السلاح الثقيل («الشرق الأوسط»)
TT

براميل متفجرة على ريف حمص الشمالي والنظام يفرغ السويداء من الأسلحة الثقيلة

شيوخ من السويداء يوقفون شاحنات تنقل 4 دبابات إلى دمشق تنفيذًا لتهديدهم بعدم السماح للنظام بإفراغ السلاح الثقيل («الشرق الأوسط»)
شيوخ من السويداء يوقفون شاحنات تنقل 4 دبابات إلى دمشق تنفيذًا لتهديدهم بعدم السماح للنظام بإفراغ السلاح الثقيل («الشرق الأوسط»)

ارتكب طيران النظام، أمس، مجزرة في ريف حمص الشمالي، عندما ألقى براميل متفجرة على بلدة الزعفرانة، ما أسفر عن استشهاد 9 مدنيين، معظمهم من أسرة واحدة، وإصابة أكثر من 20 آخرين، بعضهم بحالة حرجة، بحسب شبكة «سوريا مباشر» المعارضة.
كما تعرضت قرية المكرمية لقصف مماثل أوقع عددًا من الجرحى في صفوف المدنيين، إضافة لدمار كبير في المنازل والممتلكات. ومن جانب آخر، دارت اشتباكات بين كتائب المعارضة وقوات النظام في محيط مدينة تلبيسة وقرية أم شرشوح، أدت إلى مقتل وجرح عدد من عناصر الأخيرة.
وأفاد ناشطون لشبكة «سوريا مباشر» بأن معظم الجثث تحولت إلى أشلاء بين الأنقاض، وأكثر من 30 جريحا معظمهم في حالة خطر وجروح شديدة. وأشار المصدر إلى أن الأهالي لا يزالون يبحثون عن ناجين أو ضحايا تحت الأنقاض.
ويذكر أن النظام لجأ في الآونة الأخيرة لاستهداف مناطق في ريف حمص الشمالي خارجة عن سيطرته بالبراميل المتفجرة وصواريخ أرض - أرض بعد فشل القوات البرية في التقدم إليها.
في السويداء (جنوب سوريا) اعترض مجموعة من شيوخ وأهالي المنطقة، أمس (الأحد)، طريق آليات النظام العسكرية التي تنقل الأسلحة الثقيلة خارج المدينة، مطالبين بإبقاء الدبابات والأسلحة داخل المدينة لحمايتها، وعدم إفراغها تمهيدًا - كما يبدو - لانسحاب «تكتيكي» لصالح تنظيم داعش الذي أصبح شرق السويداء، كما حدث في مدينة تدمر وسط سوريا، بحسب ما ذكرت صفحة «تجمع أحرار السويداء».
وقطع بعض المشايخ ووجهاء المدينة الطريق عند دوار العمران، ووقفوا أمام الآليات التي تحمل (الدبابات) إلى خارج المدينة، مطالبين بإبقائها لحماية المدنيين. ويقول موقع «سراج» إنه سبق للنظام منذ أسابيع أن نقل محتويات متحف السويداء إلى جهة مجهولة بذريعة حمايتها، وبدأ يهدد أهالي المحافظة بذريعة امتناع الشباب عن الانضمام إلى الخدمة العسكرية.
وكان أبو فهد بلعوس، أحد مشايخ السويداء، حذر من إفراغ النظام للمحافظة من الأسلحة الثقيلة، لا سيما المدرعات، خاصة مع اقتراب تنظيم داعش، مؤخرًا من السويداء، مؤكدًا أن السلاح «ملك للشعب، ووجد لحمايته».
على الصعيد الإنساني، دعت منظمة «أطباء بلا حدود» إلى تعزيز المساعدات الطارئة للعاملين في المجال الطبي في سوريا، لمواجهة ما وصفته بـ«العنف المستشري»، نتيجة القصف الدموي الذي تتعرض له مختلف المناطق في سوريا من قبل قوات الأسد، لا سيما إدلب التي تعرضت لثلاث هجمات بغاز الكلور من طيران النظام خلال الفترة الماضية.
وقال مدير العمليات في المنظمة الدكتور بارت يانسنز: «من الصعب تصور حجم المعاناة التي يواجهها الأطباء والممرضون، ونحن نعلم من خلال تجربتنا بأن وصول 40 مريضًا في حالة إصابات جماعية إلى مستشفى مجهز بالكامل بالمعدات والطواقم يشكل تحديًا يائسًا، فما بالنا بمستشفيات غير مجهزة». وأضاف يانسنز: «المشافي الميدانية محدودة الموارد والأطباء شهدوا ضعف عدد الجرحى الذين وصلوا خلال ساعات قليلة».
من جهتها، وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 119 حادثة استهداف لمنشآت حيوية خلال شهر مايو (أيار) الماضي، توزعت حسب الجهة المستهدفة إلى 95 حادثة من قبل القوات النظامية، و18 حادثة من قبل تنظيم داعش، و4 حوادث من قبل فصائل المعارضة المسلحة، وحادثة واحدة من قبل قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي. وحادثة واحدة قامت بها جهة لم تتمكن الشبكة من تحديدها.
وتوزعت الحوادث إلى 17 مكانًا دينيًا، و27 منشأة طبية، و21 مدرسة، و10 سيارة إسعاف، و13 سوقا، و5 سيارات خدمية، و5 مقرات حكومية، و4 مقرات للهلال الأحمر السوري، و3 مقرات لمنظمات دولية، و3 مواقع أثرية، و2 من الأفران، و2 من البنى التحتية، و2 من السفارات، و1 من الجسور والمعابر، و1 مركز دفاع مدني، و1 من معامل الصناعات الدوائية، و1 مركز انطلاق سيارات، و1 دار للأيتام.
ويلفت التقرير إلى أن كل ما تم توثيقه من هجمات على هذه المراكز الحيوية، هو الحد الأدنى، وأن التحقيقات التي أجرتها الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أثبتت عدم وجود مقرات عسكرية في تلك المراكز، سواء قبل أو أثناء الهجوم. وأضافت أنه على القوات النظامية، وغيرها من مرتكبي تلك الجرائم، أن يبرروا أمام الأمم المتحدة ومجلس الأمن قيامهم بتلك الهجمات.
ووفق التقرير فإن القانون الدولي الإنساني يعتبر الهجمات العشوائية أو المتعمدة أو غير المتناسبة، هجمات غير مشروعة، وإن استهداف القوات النظامية للمدارس والمشافي والكنائس والأفران، هو استخفاف صارخ بأدنى معايير القانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن ويذكر التقرير أن الجماعات المتشددة وبعض المجموعات المسلحة الأخرى، وأيضا قوات التحالف الدولي قامت باستهداف بعض تلك المراكز.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم