صدفة تقود لعلاج مريض من الإيدز وسرطان الدم معاً

طفرة جينية «نادرة» لمتبرع السبب

جون زايا مدير مركز العلاج الجيني بمعهد أبحاث أمراض الدم بمدينة الأمل
جون زايا مدير مركز العلاج الجيني بمعهد أبحاث أمراض الدم بمدينة الأمل
TT

صدفة تقود لعلاج مريض من الإيدز وسرطان الدم معاً

جون زايا مدير مركز العلاج الجيني بمعهد أبحاث أمراض الدم بمدينة الأمل
جون زايا مدير مركز العلاج الجيني بمعهد أبحاث أمراض الدم بمدينة الأمل

كشف عضو بالفريق البحثي المسؤول عن حالة رابع مريض بالإيدز تم شفاؤه، بعد نقل خلايا دم جذعية من شخص سليم، عن أسرار الطفرة الجينية التي كانت توجد في خلايا المتبرع، والتي لولا وجودها ما حدث الشفاء.
وحدثت عملية نقل خلايا الدم الجذعية للمريض داخل مدينة الأمل، وهي إحدى أكبر منظمات أبحاث وعلاج السرطان في الولايات المتحدة، ولم تكن عملية النقل بهدف علاجه من الإيدز، ولكن دخل هذا المريض إلى المستشفى بهدف علاجه من ابيضاض الدم النقوي الحاد (AML)، وهو أحد أنواع سرطانات الدم، ولحسن حظه كانت خلايا الدم الجذعية المنقولة من المتبرع، تحمل طفرة جينية نادرة في البروتين (CCR5)، تسمى (CCR5 - delta 32)، ولولا وجودها ما حدث شفاؤه من الإيدز.
والبروتين (CCR5) هو المستقبل الذي يسمح لفيروس نقص المناعة البشرية، المسبب لمرض الإيدز، بالدخول إلى خلايا الدم البيضاء في أجسامنا، والطفرة (CCR5 - delta 32) التي توجد في هذا البروتين، تتسبب في نموه بشكل أصغر من المعتاد، مما يغلق «الباب» أمام الفيروس، ويصبح غير قادر على التسلل إلى الخلايا المناعية.
ويقول جون زايا، مدير مركز العلاج الجيني بمعهد أبحاث أمراض الدم بمدينة الأمل، وعضو الفريق البحثي في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «آلية استخدام خلايا الدم الجذعية كعلاج للإيدز، تتوقف على وجود تلك الطفرة لدى خلايا المتبرع، بالإضافة إلى تطابق نوع نسيج المتبرع مع المتلقي، ولحسن الحظ يوجد اختبار يمكن استخدامه لتحديد ما إذا كان أحد المتبرعين لديه تلك الطفرة أم لا».
وفي ظل ندرة وجود هذه الطفرة، يشدد زايا على أن عملية نقل خلايا الدم الجذعية لن تحدث ثورة في علاج فيروس نقص المناعة البشرية، المسبب لمرض للإيدز، لدى 38 مليون شخص مصاب حاليا حول العالم.
وتوجد هذه الطفرة لدى 1 في المائة من الأشخاص المتحدرين من شمال أوروبا، خصوصا السويديين، وهؤلاء محصنون تماما ضد الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، لأنهم ورثوا نسخة من الجين المسبب لها من كلا الوالدين، وتوجد نسبة أخرى تقدر بين 10 - 15 في المائة في منطقة أوراسيا، ورثوا نسخة واحدة من الجين، وهذه النسخة الواحدة فقط من الطفرة لا تمنع العدوى، لكنها تقلل من فرص العدوى وتؤخر تقدم مرض الإيدز، ولم يتم العثور على هذه الطفرة في الأفارقة أو شرق آسيا أو الهنود الحمر، ولا يوجد تفسير لأسباب ظهور تلك الطفرة في الأشخاص المتحدرين من أصل أوروبي دون غيرهم، وتشير إحدى الفرضيات إلى أن الطفرة نشأت في الفايكنج، من خلال غزواتهم العديدة، ثم نشروها من الدول الاسكندنافية إلى آيسلندا وروسيا ووسط وجنوب أوروبا.
ويوضح زايا، أن «مدينة الأمل» تحاول التغلب على ندرة وجود هذه الطفرة عن طريق تعطيل الجين الخاص ببروتين CCR5 في خلايا الدم الجذعية للمريض ثم إعادة زرعها إلى المريض، ولكن حتى الآن، لم تؤد هذه الاستراتيجية إلى نفس النجاح الذي تسمح به الطفرة الطبيعية في الخلايا الجذعية.
ويعد مريض «مدينة الأمل» هو الحالة الرابعة التي يتم علاجها عن طريق خلايا الدم الجذعية التي تحمل الطفرة الطبيعية، وسبق علاج 3 حالات أخرى في لندن وبرلين.
ويقول زايا: «ما يميز مريضنا، أنه الأكبر سنا، الذي يتم علاجه بهذه الطريقة، والمريض الذي عاش مع فيروس نقص المناعة البشرية لفترة أطول (أصيب به منذ عام 1988)».
وتوقف الرجل البالغ من العمر 66 عاماً، والذي لا يريد الكشف عن هويته، عن تناول أدوية فيروس نقص المناعة البشرية.
وقال في بيان صحافي أصدرته أول من أمس مدينة الأمل إنه «ممتن للغاية» لأنه لم يعد من الممكن العثور على الفيروس في جسده، وسيتوقف عن تناول الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية التي يستخدمها مرضى الإيدز.



«العلاقات المشوهة» تجلب الانتقادات لصناع «وتر حساس» في مصر

لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
TT

«العلاقات المشوهة» تجلب الانتقادات لصناع «وتر حساس» في مصر

لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)

تعرَّضت بطلات المسلسل المصري «وتر حساس»، الذي يُعرَض حالياً، لانتقادات على «السوشيال ميديا»؛ بسبب ما وصفها البعض بـ«علاقات مشوهة»، ووصل الأمر إلى تقدم نائبة مصرية ببيان عاجل، طالبت خلاله بوقف عرض المسلسل.

وأثار العمل منذ بداية بثه على قنوات «ON» جدلاً واسعاً؛ بسبب تناوله قضايا اجتماعية عدّها مراقبون ومتابعون «شائكة»، مثل الخيانة الزوجية، والعلاقات العائلية المشوهة، وطالت التعليقات السلبية صناع العمل وأداء بطلاته.

وقالت النائبة مي رشدي، في البيان العاجل: «إن الدراما تعدّ إحدى أدوات القوة الناعمة في العصر الحديث، لما لها من دور كبير ومؤثر في رسم الصورة الذهنية للمجتمعات والشعوب سلباً أو إيجاباً لسرعة انتشارها، وهي انعكاس ومرآة للمجتمع».

وأضافت: «هناك عمل درامي (وتر حساس) يُعرَض هذه الأيام على شاشات القنوات التلفزيونية، يحتاج من المهمومين بالمجتمع المصري إلى تدخل عاجل بمنع عرض باقي حلقات هذا المسلسل؛ لما يتضمّنه من أحداث تسيء للمجتمع المصري بأسره؛ فهو حافل بالعلاقات غير المشروعة والأفكار غير السوية، ويخالف عاداتنا وتقاليدنا بوصفنا مجتمعاً شرقياً له قيمه الدينية».

وتدور أحداث المسلسل، المكون من 45 حلقة، حول 3 صديقات هن «كاميليا» إنجي المقدم، وابنة خالتها «سلمى» صبا مبارك، و«رغدة» هيدي كرم، وتقوم الأخيرة بإرسال صورة إلى كاميليا يظهر فيها زوجها «رشيد»، محمد علاء، وهو برفقة مجموعة فتيات في إحدى السهرات، في حين كانت «كاميليا» تشك في زوجها في ظل فتور العلاقة بينهما في الفترة الأخيرة.

صبا مبارك ومحمد علاء في مشهد من المسلسل (قناة ON)

بينما تغضب «سلمى» من تصرف «رغدة» وتؤكد أنها ستكون سبباً في «خراب بيت صديقتهما»، وعند مواجهة كاميليا لزوجها بالصورة ينكر خيانته لها، ويؤكد لها أنها سهرة عادية بين الأصدقاء.

وتتصاعد الأحداث حين يعترف رشيد بحبه لسلمى، ابنة خالة زوجته وصديقتها، وتتوالى الأحداث، ويتبدل موقف سلمى إلى النقيض، فتبلغه بحبها، وتوافق على الزواج منه؛ وذلك بعد أن تكتشف أن كاميليا كانت سبباً في تدبير مؤامرة ضدها في الماضي تسببت في موت زوجها الأول، الذي تزوجت بعده شخصاً مدمناً يدعى «علي»، وأنجبت منه ابنتها «غالية».

وتعرف كاميليا بزواج سلمى ورشيد، وتخوض الصديقتان حرباً شرسة للفوز به، بينما يتضح أن الزوج الثاني لسلمى لا يزال على قيد الحياة، لكنه كان قد سافر للخارج للعلاج من الإدمان، ويعود للمطالبة بابنته وأمواله.

ويتعمّق المسلسل، الذي يشارك في بطولته لطيفة فهمي، ومحمد على رزق، وأحمد طارق نور، ولبنى ونس، وتميم عبده، وإخراج وائل فرج، في خبايا النفس الإنسانية، وينتقل بالمشاهدين إلى قضايا اجتماعية مثل فكرة الانتقام، والتفريط في الشرف، وتدهور العلاقات بين الأقارب، وصراع امرأتين على رجل واحد.

وتعليقاً على التحرك البرلماني ضد المسلسل، عدّ الناقد المصري محمد كمال أن «الأمر لا يستدعي هذه الدرجة من التصعيد». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن العمل بالفعل مليء بالعلاقات المشوهة، التي لا تقتصر على الخيانة الزوجية، وإنما تمتد إلى خيانة علاقة الأقارب والأصدقاء فيما بينهم؛ فيظهر معظم أبطال العمل غير أسوياء، فالشخصية الرئيسة الثالثة في العمل (رغدة) تخون أيضاً صديقتيها سلمى وكاميليا، وكل ما تسعى وراءه هو جني المال، والإساءة إليهما!».

ويتابع كمال: «فاجأتنا الأحداث كذلك بأن طليق سلمى، ووالد ابنتها كان ولا يزال مدمناً، وكان قد عقد اتفاقاً معها في الماضي بتزوير أوراق تفيد بوفاته؛ كي يثير شفقة والده، ويكتب ثروته بالكامل لابنته غالية، ويسافر هو للعلاج، مع وعدٍ بأنه لن يرجع، وهو جانب آخر من الأفعال المنحرفة».

كاميليا وسلمى... الخيانة داخل العائلة الواحدة (قناة ON)

ويتابع: «وهكذا كل شخوص المسلسل باستثناءات قليلة للغاية، فهناك مَن اغتصب، وسرق، وخان، وقتل، وانتحر، لكن على الرغم من ذلك فإني أرفض فكرة وقف عمل درامي؛ لأن المجتمعات كلها بها نماذج مشوهة، والمجتمع المصري أكبر مِن أن يمسه أي عمل فني، كما أن الجمهور بات على وعي بأن ما يراه عملٌ من خيال المؤلف».

ويرى مؤلف العمل أمين جمال أن «المسلسل انعكاس للواقع»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن قضية احتدام الصراع أصبحت سمة غالبة على علاقات البشر عموماً، وموجودة في العالم كله، ولا يمكن أن تنفصل الدراما عن الواقع».

وتابع: «المسلسل يأتي في إطار درامي اجتماعي مشوق، لذلك نجح في أن يجتذب الجمهور، الذي ينتظر بعد عرض كل حلقة، الحلقة الجديدة في شغف، ويظهر ذلك في تعليقات المشاهدين على (السوشيال ميديا)».

وأشار إلى أنه «بالإضافة لتقديم الدراما المشوقة، في الوقت نفسه أحرص على تقديم رسائل مهمة بين السطور، مثل عدم الانخداع بالمظهر الخارجي للعلاقات؛ فقد تكون في واقع الأمر علاقات زائفة، على الرغم من بريقها، مثل تلك العلاقات التي تجمع بين أفراد العائلة في المسلسل، أو العلاقة بين الصديقات».

من جهتها، هاجمت الناقدة الفنية المصرية ماجدة خير الله المسلسل، وتساءلت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «لماذا هذا الحشد لذلك الكم الكبير من الخيانات بين الأزواج والأصدقاء والأقارب؟»، وقالت: «لست ضد أن تعرض الدراما أي موضوع أو قضية من قضايا المجتمع، على أن تقدم معالجة فنية بها قدر من التوازن بين الأبعاد المختلفة، لا أن تقتصر على جانب واحد فقط».

وعن القول إن العمل يقدم الواقع، تساءلت ماجدة: «هل هذا هو الواقع بالفعل؟ أم أن الواقع مليء بأشياء كثيرة بخلاف الخيانات وانهيار العلاقات بين الناس، التي تستحق مناقشتها في أعمالنا الدرامية، فلماذا يختار العمل تقديم زاوية واحدة فقط من الواقع؟».

وعدّت «التركيز على التشوهات في هذا العمل مزعجاً للغاية، وجعل منه مسلسلاً مظلماً».