ما هي بدائل أوروبا للغاز الروسي؟

مصر والجزائر وقطر ضمن أبرز المرشحين لسد الاحتياجات

خط أنابيب الغاز «نوردستريم 2» الروسي الواصل إلى ألمانيا (رويترز)
خط أنابيب الغاز «نوردستريم 2» الروسي الواصل إلى ألمانيا (رويترز)
TT

ما هي بدائل أوروبا للغاز الروسي؟

خط أنابيب الغاز «نوردستريم 2» الروسي الواصل إلى ألمانيا (رويترز)
خط أنابيب الغاز «نوردستريم 2» الروسي الواصل إلى ألمانيا (رويترز)

منذ انطلاق الحرب في أوكرانيا، تسعى دول الاتّحاد الأوروبي لتقليص اعتمادها الكبير على الغاز الروسي. فلجأت إلى وسائل عديدة، يبقى أبرزها على المديين القريب والمتوسّط، تنويع مصادر الغاز من الدول المصدّرة، لتعويض النّقص الحادّ في الإمدادات الروسية.
فما هي الدول التي يمكنها تعويض أوروبا عن النّقص بالإمدادات الروسيّة؟

دول أوروبيّة
لفتت وكالة الصحافة الفرنسية، إلى أنّ الدول الأوروبية المنتجة للغاز تسعى لتعويض النّقص بإمدادات الغاز الرّوسيّة من خلال الإنتاج الذاتي، فزادت مؤقتاً من إنتاج للغاز، على غرار الدنمارك التي زادت من إنتاجها عبر الاستعانة بحقول حديثة العهد في بحر الشمال.
وبدأت رومانيا استخراج رواسب الغاز من البحر الأسود مع شركة «البحر الأسود للنفط والغاز»BSOG الرومانية مدعومة بشركة الأسهم الخاصة الأميركية «كارلايل غروب LP» والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية.
كما أنّ دولاً أخرى كألمانيا، زادت من عمليات شراء الغاز من النرويج وهولندا لاستكمال احتياطاتها قبل الشتاء المقبل، كجزء من خطّة التنويع في مصادر الطاقة.
وقال خبير الطاقة والمناخ لدى معهد العلوم السياسية في باريس، تييري بروس «نواجه اليوم حالة طوارئ فيما يتعلّق بإمدادات الطاقة. علينا بدء الإنتاج محلياً».
وأضاف تييري بروس لوكالة الصحافة الفرنسيّة «علينا إعادة إطلاق المشاريع في البحر الأسود وإعادة إطلاق نمو الإنتاج في النرويج. في المملكة المتحدة، علينا التفكير بإطلاق إنتاج الغاز الصخري. وفي فرنسا، إنتاج غاز المناجم».

الولايات المتّحدة
شكّل الغاز الأميركي، بديلاً أساسياً للاتّحاد الأوروبي للاستعاضة عن الغاز الروسي، بحكم القدرات الإنتاجيّة الكبيرة للغاز الطبيعي في الولايات المتحدة.
ذكرت وكالة «رويترز»، أنّ أوروبا زادت بشكل كبير استيراد الغاز الأميركي لتعويض 155 مليار متر مكعّب من حاجة القارّة السنوية إلى الغاز الروسي.
وأشارت وكالة الإحصاء الأميركيّة (إدارة معلومات الطاقة الأميركيّة) في 25 يوليو (تموز)، إلى أنّ الولايات المتحدة صدّرت 68 في المائة من غازها المسال إلى أوروبا خلال النّصف الأوّل من هذا العام، أي 39 مليار متر مكعّب من الغاز، مقارنة مع 34 مليار متر مكعّب صدّرته الولايات المتحدة إلى أوروبا خلال سنة 2021 بكاملها. وبذلك أصبحت الولايات المتّحدة في العام الحالي، المصدّر الأوّل في العالم للغاز الطبيعي المسال، نتيجة الزيادة الكبيرة في الطلب الأوروبي على الغاز الأميركي.

قطر
أظهرت دراسة لمركز الأبحاث الإيطالي (معهد الشؤون الدّوليّة)، أنّ حجم الغاز القطري بلغ 24 في المائة من إجمالي واردات أوروبا من الغاز الطبيعي المسال في سنة 2021.
ووفق الدراسة، أبدت قطر استعدادها للمساهمة في تحسين أمن الطاقة الأوروبي وخطط التنويع. ومع ذلك، فإن احتمال حصول أوروبا على كميات إضافية من الغاز القطري الطبيعي المسال على المدى القصير لا يزال بعيد المنال. وذلك لأنّ قطر تعاني حالياً من نقص في القدرة على تصدير الغاز الطبيعي المسال؛ إذ تُباع أكثر من 70 في المائة منه للمستوردين الآسيويين من خلال عقود طويلة الأجل؛ مما يترك للدوحة قدرة محدودة على المناورة لزيادة الحصص المخصصة لأوروبا. ومع ذلك، يمكن لقطر على المدى الطويل، زيادة صادراتها إلى الاتحاد الأوروبي.
وأشارت وكالة «بلومبرغ» من جهة أخرى، إلى أنّ مساعي قطر لعقد اتفاق مع الاتحاد الأوروبي لعقدين من الزمن، يتعارض مع سياسة أوروبا الهادفة إلى الحدّ من الانبعاثات الملوّثة للبيئة على المدى البعيد؛ مما قد يقلّل من فرص الوصول إلى اتفاق مع الدوحة.

الجزائر
أشارت وكالة الصحافة الفرنسية، إلى أنّ الجزائر تؤمّن نحو 11 في المائة من استهلاك القارّة الأوروبية للغاز الطبيعي. وقد توصّل رئيس الحكومة الإيطاليّة ماريو دراغي في 18 يوليو إلى اتفاق مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بقيمة 4 مليارات دولار، يقضي بالتعاون في مجال الطّاقة وزيادة صادرات الغاز الجزائري إلى إيطاليا، لتصبح الجزائر أكبر مورّدي إيطاليا بالغاز، متقدّمة بذلك على روسيا.
وأعلنت مجموعة «سوناطراك» النفطية الجزائرية، أنّ الجزائر يزوّد إيطاليا بما مجموعه نحو 20 مليار متر مكعب من الغاز في عام 2022 ككل، قبل الاتفاق الأخير الّذي يضيف أكثر من مليار متر مكعّب.
وأوضحت «سوناطراك» في 25 يوليو، أنها اكتشفت ثلاثة حقول للنفط والغاز في الصحراء الجزائرية، أحدها بالشراكة مع شركة الطاقة الإيطاليّة «إيني»؛ مما يعزّز من إمكانيّة زيادة صادرات الغاز الجزائري إلى أوروبا في السنوات القادمة.
وذكرت قناة «فرانس 24» الفرنسيّة، أنّه منذ مطلع العام 2022، صدّرت الجزائر إلى إيطاليا 13.9 مليار متر مكعب من الغاز، ما يتخطى بنسبة 113 في المائة الكميات المقررة بالأساس.

مصر وإسرائيل
يُعدّ مشروع خط أنابيب غاز شرق المتوسط «إيست ميد» أحد المشاريع الكبيرة التي يتطلّع إليها الاتحاد الأوروبي لإمداده بالغاز الطبيعي من شرق المتوسّط. يمرّ الخط بإسرائيل وقبرص، وصولاً إلى اليونان، وينقل الغاز من شرق المتوسّط باتجاه دول الاتحاد الأوروبي.
ووفقا لشبكة «دويتشه فيله» الألمانيّة، يستفيد هذا المشروع من الأموال الأوروبيّة لتغطية جزء من الأعمال التحضيريّة.
ورأى الخبير الاستراتيجي الإيطالي دانييلي روفينيتي، أن خط «ميد إيست» أصبح أمراً ملحاً بالنسبة للاتحاد الأوروبي، وضرورياً لوضع خطط تنويع إمدادات الطاقة وإنهاء الاعتماد على الغاز الروسي.
من جهة أخرى، قال الخبير في مركز بريو القبرصي، الدكتور زينوناس تزياراس، إنّ مشروع خط أنابيب «ميد إيست» لا يزال يواجه مشاكل، منها أنّه غير قادر على تلبية احتياجات أوروبا العاجلة من الطاقة.
وقالت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركيّة، إنّ مصر وإسرائيل تتطلّعان من خلال مذكّرة تفاهم ثلاثية جمعتهما بالاتّحاد الأوروبي في 15 يونيو (حزيران) 2022، لزيادة صادراتهما من الغاز الطبيعي لأوروبا. فهذا الاتفاق يهدف إلى تصدير إسرائيل غازها الطبيعي من خلال خطوط الأنابيب الموجودة، وصولاً إلى الموانئ المصريّة، حيث يُضغط الغاز ويُسال في مصر، ثم يُنقل في سفن إلى أوروبا.

السنغال
ضمن تحرّكات ألمانيا الهادفة إلى تنويع مصادر الطّاقة، زار المستشار الألماني أولاف شولتز السنغال في مايو (أيار) 2022، وحصل على تأكيد من رئيس البلاد ماكي سال على استعداد بلاده لإمداد السوق الأوروبية بالغاز الطبيعي المسال.
وأوضحت صحيفة «لوموند الفرنسيّة»، أنّه من المفترض أن تنتج حقول السّنغال المشتركة مع موريتانيا في المحيط الأطلسي 2.5 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنوياً ابتداءً من الربع الأخير من العام 2023، ثم 10 ملايين طن من عام 2030.
واعتبر مامادو فال كاين، مستشار الطاقة لرئيس الدولة السنغالية، أنّ «عمليات التسليم الأولى للغاز محجوزة للسوق الآسيوية، لكن لا شيء يمنع إعادة التفاوض على وجهات هذا الغاز بسبب التحوّل في الجغرافيا السياسية للطاقة».

دول جنوب الصحراء الأفريقية
أتاحت التوترات الجيوسياسية الحالية فرصاً لإحياء المشاريع القديمة. فأعادت نيجيريا والنيجر إحياء مشروع خط أنابيب الغاز العابر للصحراء في السبعينيات. وفي 1 يونيو الماضي، أعطت نيجيريا التي لا تزال تنتظر أيضاً تشغيل منشأة تسييل غاز سابعة، الضوء الأخضر لمشروع كبير آخر، هو مد خط أنابيب الغاز تحت البحر على طول سواحل غرب أفريقيا إلى المغرب وإسبانيا.
يشكّك بنجامين أوجي، الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، في نجاح هذين المشروعين. فيرى «أنّ مشروع الأنابيب عبر الصّحراء الأفريقيّة سيعاني من المشكلة الأمنية الواضحة في هذه المنطقة. أمّا مشروع الأنبوب الساحلي، فسيكون من الصعب تمويله لتوزيع الغاز على المنطقة كلها وعلى أوروبا، حتّى وإن توفّر الغاز بوفرة، إلّا أن تصديره غير مضمون بسبب مشاكل الحكم والأمن في الدولة المنتجة».
ومع ذلك، ومن المتوقع أن تتضاعف الطاقة الإنتاجية للغاز في أفريقيا بشكل عام بحلول عام 2030، وفقاً لدراسة أجرتها شركة «ريستاد إنرجي» Rystad Energy.
وقال سيفا براساد، كبير المحللين في شركة الاستشارات النرويجية (ريستاد إينرجي)، إنّ «البنية التحتية الحالية لخط الأنابيب بين شمال أفريقيا وأوروبا وكذلك العلاقات المرتبطة بالإمداد التاريخي بالغاز الطبيعي المسال، تجعل أفريقيا بديلاً قوياً للأسواق الأوروبية عند حظر الاستيراد الروسي».

أذربيجان
أتى توقيع الاتحاد الأوروبي مذكّرة تفاهم مع أذربيجان الأسبوع الفائت، استكمالاً لسياسته الهادفة لتنويع مصادر الطاقة. وبموجب هذا الاتفاق سيضاعف الاتحاد الأوروبي حجم الغاز الطبيعي المستورد من أذربيجان ليصل إلى 20 مليار متر مكعّب سنوياً بحلول العام 2027، حسبما أفادت وكالة «رويترز».



اليابان تناشد بايدن الموافقة على صفقة «نيبون - يو إس ستيل»

رجل يمر أمام لوحة تحمل شعار «نيبون ستيل» على مقرها في العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
رجل يمر أمام لوحة تحمل شعار «نيبون ستيل» على مقرها في العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
TT

اليابان تناشد بايدن الموافقة على صفقة «نيبون - يو إس ستيل»

رجل يمر أمام لوحة تحمل شعار «نيبون ستيل» على مقرها في العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
رجل يمر أمام لوحة تحمل شعار «نيبون ستيل» على مقرها في العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

أرسل رئيس الوزراء الياباني، شيغيرو إيشيبا، رسالةً إلى الرئيس الأميركي جو بايدن يطلب منه الموافقة على استحواذ «نيبون ستيل» على «يو إس ستيل»؛ لتجنب إفساد الجهود الأخيرة لتعزيز العلاقات بين البلدين، وفقاً لمصدرَين مطلعَين على الأمر.

وانضم بايدن إلى نقابة عمالية أميركية قوية في معارضة استحواذ أكبر شركة يابانية لصناعة الصلب على الشركة الأميركية العريقة مقابل 15 مليار دولار، وأحال الأمر إلى لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة، وهي لجنة حكومية سرية تراجع الاستثمارات الأجنبية؛ بحثاً عن مخاطر الأمن القومي. والموعد النهائي لمراجعة لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة هو الشهر المقبل، قبل أن يتولى الرئيس المنتخب دونالد ترمب - الذي تعهَّد بعرقلة الصفقة - منصبه في 20 يناير (كانون الثاني).

وقد توافق لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة على الصفقة، ربما مع اتخاذ تدابير لمعالجة المخاوف المتعلقة بالأمن القومي، أو توصي الرئيس بعرقلتها. وقد تُمدِّد المراجعة أيضاً.

وقال إيشيبا في الرسالة، وفقاً لنسخة من النص اطلعت عليها «رويترز»: «تقف اليابان بوصفها أكبر مستثمر في الولايات المتحدة، حيث تظهر استثماراتها اتجاهاً تصاعدياً ثابتاً. إن استمرار هذا الاتجاه التصاعدي للاستثمار الياباني في الولايات المتحدة يعود بالنفع على بلدَينا، ويبرز قوة التحالف الياباني - الأميركي للعالم». وأكدت المصادر أنه تم إرسالها إلى بايدن في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

وتابع إيشيبا: «في ظل رئاستك، وصل هذا التحالف إلى قوة غير مسبوقة. نطلب باحترام من الحكومة الأميركية الموافقة على الاستحواذ المخطط له من قبل شركة (نيبون ستيل) حتى لا نلقي بظلالنا على الإنجازات التي تحقَّقت على مدى السنوات الأربع الماضية»، كما جاء في الرسالة.

ورفضت السفارة الأميركية في اليابان التعليق. وأحال مكتب إيشيبا الأسئلة إلى وزارة الخارجية التي لم يكن لديها تعليق فوري. ورفضت شركة «نيبون ستيل» التعليق، ولم ترد شركة «يو إس ستيل» على الفور على طلب التعليق خارج ساعات العمل في الولايات المتحدة.

ويبدو أن نهج إيشيبا المباشر يمثل تحولاً في موقف الحكومة اليابانية بشأن الصفقة، التي أصبحت قضيةً سياسيةً ساخنةً، في ولاية أميركية متأرجحة رئيسة في الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر.

وكان سلف إيشيبا، فوميو كيشيدا، قد سعى إلى إبعاد إدارته عن عملية الاستحواذ المثيرة للجدل، ووصفها بأنها مسألة تجارية خاصة حتى مع تصاعد المعارضة السياسية في الولايات المتحدة.

وبدا أن عملية الاستحواذ على وشك أن تُعرقَل عندما زعمت لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة في رسالة أرسلتها إلى الشركات في 31 أغسطس (آب) أن الصفقة تُشكِّل خطراً على الأمن القومي من خلال تهديد سلسلة توريد الصلب للصناعات الأميركية الحيوية.

ولكن تم تمديد عملية المراجعة في النهاية إلى ما بعد الانتخابات؛ لإعطاء اللجنة مزيداً من الوقت لفهم تأثير الصفقة على الأمن القومي والتواصل مع الأطراف، وفقاً لما قاله شخص مطلع على الأمر.

وقبل تولي إيشيبا منصبه في الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، قال إن أي تحرك أميركي لمنع الصفقة لأسباب تتعلق بالأمن القومي سيكون «مقلقاً للغاية» نظراً للعلاقات الوثيقة بين الحلفاء.

والتقى إيشيبا وبايدن لأول مرة بصفتهما زعيمَين، على هامش قمة دولية في بيرو في وقت سابق من هذا الشهر. وقال إيشيبا في خطابه إن الرجلين لم يتمكّنا من الخوض في مناقشات بشأن العلاقة الاقتصادية في ذلك الاجتماع؛ بسبب قيود الوقت، وإنه يريد متابعة الأمر لجذب انتباهه إلى الصفقة في «منعطف حرج».

وقدَّمت شركة «نيبون ستيل» ضمانات وتعهدات استثمارية مختلفة من أجل الفوز بالموافقة. وأكد إيشيبا في خطابه إلى بايدن أن الصفقة ستفيد كلا البلدين، وقال: «إن شركة (نيبون ستيل) ملتزمة بشدة بحماية عمال الصلب في الولايات المتحدة، وفتح مستقبل مزدهر مع شركة الصلب الأميركية وعمالها. وستُمكِّن عملية الاستحواذ المقترحة شركات الصلب اليابانية والأميركية من الجمع بين التقنيات المتقدمة وزيادة القدرة التنافسية، وستسهم في تعزيز قدرة إنتاج الصلب وتشغيل العمالة في الولايات المتحدة»... ولم يتضح ما إذا كان بايدن قد ردَّ على الرسالة.