العراق يبقى مهددًا في وجوده كدولة ومسببات صعود «داعش» لا تزال قائمة

شعور العرب السنة بالتهميش لم يتغير.. وتجاوزات ميليشيات الحشد الشعبي تقلقهم

العراق يبقى مهددًا في وجوده كدولة ومسببات صعود «داعش» لا تزال قائمة
TT

العراق يبقى مهددًا في وجوده كدولة ومسببات صعود «داعش» لا تزال قائمة

العراق يبقى مهددًا في وجوده كدولة ومسببات صعود «داعش» لا تزال قائمة

يجد العراق نفسه، مع اقتراب الذكرى السنوية للهجوم الكاسح لتنظيم داعش، غارقا في نزاع يهدد وجوده كدولة موحدة، ويكبل يومياته بموجات عنف لا تتوقف، وتوتر مذهبي ومأساة إنسانية يعاني منها الملايين.
وسيطر التنظيم المتطرف في يونيو (حزيران) 2014 على نحو ثلث مساحة البلاد، معلنا إقامة «الخلافة» في مناطق سيطرته في العراق وسوريا المجاورة، ومرتكبا فظائع شملت قطع رؤوس وإعدامات جماعية وسبي نساء. ورغم استعادة القوات العراقية بعض المناطق، فإن المتطرفين لا يزالون يسيطرون على مساحات واسعة، وتمكنوا من الاستحواذ على مناطق إضافية رغم المعارك المتواصلة منذ عام، ونحو أربعة آلاف غارة نفذها تحالف دولي بقيادة واشنطن خلال الأشهر العشرة الأخيرة.
وساهم النزاع السوري المستمر منذ أربعة أعوام، في توفير ميدان انطلاق للتنظيم لشن هجومه الواسع في العراق. كما أفاد المتطرفون من نقمة العراقيين السنة الذين يتهمون الحكومات العراقية المتعاقبة منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003 باتباع سياسة تهميش بحقهم.
ويقول الباحث في مجموعة صوفان الاستشارية باتريك سكينر إن «الأسباب الكامنة وراء صعود تنظيم داعش لا تزال قائمة»، ويضيف لوكالة الصحافة الفرنسية: «هذا يعني أن تنظيم داعش سيبقى، قد يطرد بشكل دوري من مكان إلى آخر، لكنه سيبقى كالجرثومة المتنقلة في مجرى الدم».
ولجأ التنظيم إلى الترويج بشكل واسع للفظاعات التي ارتكبها، عبر تصوير عمليات الإعدام والذبح ونشرها في أشرطة مصورة معدة بإتقان، مواصلا في الوقت عينه عملياته العسكرية الميدانية وسيطرته على مناطق إضافية.
واستهدف التنظيم الأقليات في شمال العراق، فهجر المسيحيين، وهاجم مناطق وجود الإيزيديين الذين هجر وخطف الآلاف منهم، وتعرضت نساؤهم للسبي، فيما اعتبرته الأمم المتحدة «محاولة لارتكاب إبادة».
وأما الانهيارات المتواصلة للجيش العراقي أمام «داعش»، برز دور ميليشيات الحشد الشعبي المدعومة من طهران. وفي حين أدت هذه الميليشيات دورا رئيسيا في استعادة العديد من المناطق، فإنها تبقى موضع جدل لأسباب عدة. فرغم أن ميليشيات الحشد الشعبي تبع هيئة رسمية مرتبطة برئاسة مجلس الوزراء، إلا أن الكثير منها تأتمر مباشرة بقياداتها بدلا من السلطات الرسمية، مما يثير مخاوف من ضعف سلطة الدولة على الجماعات المسلحة. كما أن فصائل مشاركة في المعارك حاليا، تتهم بارتكاب إساءات لا سيما بحق العرب السنة، كانت فاعلة إبان الحرب المذهبية في البلاد بين 2006 و2008.
وساهم هجوم تنظيم داعش في تبديل العديد من الحدود الديموغرافية والجغرافية بين المناطق خلال العام الماضي. فمع تقدم المتطرفين في شمال البلاد، ملأت قوات البيشمركة الكردية الفراغ الذي تركته القوات العراقية المنسحبة، ولا سيما في مناطق متنازع عليها بين بغداد وأربيل، وأبرزها مدينة كركوك الغنية بالنفط شمال بغداد.
كما تسببت أعمال العنف منذ مطلع عام 2014 بتهجير نحو ثلاثة ملايين شخص، في موجات نزوح بدلت من الطبيعة الديموغرافية والسكانية لبعض المناطق، إذ ترك عشرات الآلاف من السنة مناطقهم نحو مناطق ذات غالبية كردية أو شيعية، كما أن الكثير من هؤلاء لم يسمح لهم بالعودة إلى مناطقهم، رغم استعادتها من قبل القوات الأمنية والفصائل الشيعية.
وأعاد النزاع مع تنظيم داعش، الولايات المتحدة بقوة إلى العراق الذي غادرته قواتها في عام 2011، بعد 8 أعوام من اجتياحه وإسقاط نظام الرئيس الأسبق صدام حسين. وتقود واشنطن تحالفا دوليا يشن منذ أغسطس (آب) ضربات جوية ضد مواقع التنظيم لدعم القوات العراقية والكردية. كما أرسلت واشنطن الآلاف من جنودها لتدريب القوات الأمنية وتقديم الاستشارة. كما قدم عشرات الجنود من دول أخرى في التحالف إلى العراق للغرض نفسه.
ورغم أن الضربات الجوية أتاحت للقوات العراقية التقدم على حساب التنظيم في بعض المناطق، فإن المتطرفين وسعوا سيطرتهم في مناطق أخرى، لا سيما في محافظة الأنبار (غرب)، حيث سيطروا الشهر الماضي على مدينة الرمادي مركز المحافظة، بعد معارك استمرت أكثر من عام. وتسببت المعارك لاستعادة أماكن سيطرة المتطرفين، بدمار واسع في عدد من المدن والقرى، مما يجعل إعادة بنائها مسارا طويلا لم تبدأ خطواته الأولى بعد. كما قام المتطرفون خلال الأشهر الماضية بتدمير مواقع أثرية في شمال العراق وبيع قطع قيمة لتمويل نشاطاتهم.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.