مخاوف من انعكاس معركة جرود عرسال سلبًا على ملف العسكريين اللبنانيين المختطفين

جعجع: لمنع وصول «داعش» على الدولة التصرف بشكل حسن مع السنة

مخاوف من انعكاس معركة جرود عرسال سلبًا على ملف العسكريين اللبنانيين المختطفين
TT

مخاوف من انعكاس معركة جرود عرسال سلبًا على ملف العسكريين اللبنانيين المختطفين

مخاوف من انعكاس معركة جرود عرسال سلبًا على ملف العسكريين اللبنانيين المختطفين

على وقع احتدام المعارك في جبهة القلمون السورية، وبعد نقل حزب الله جزءا من المواجهة مع المسلحين إلى داخل الأراضي اللبنانية وبالتحديد إلى جرود بلدة عرسال الحدودية الشرقية، برزت مخاوف كبيرة من انعكاس هذه التطورات على ملف العسكريين اللبنانيين المختطفين لدى «جبهة النصرة»، والذين كانت المفاوضات بشأنهم قطعت أشواطا كبيرة توحي بنهاية سعيدة وقريبة.
أهالي هؤلاء العسكريين وجهوا يوم أمس صرخة لتحييد ملف أبنائهم عن المواجهات في جرود عرسال، حيث يُرجح وجود المخطوفين، وتوجّه نظام مغيط، شقيق المعاون المختطف إبراهيم مغيط، بسؤال للحكومة، قائلا: «هل الأهالي والأسرى هم مَن سيدفعون ثمن المغامرة وإلغاء دور الدولة؟ ما مصير العسكريين المخطوفين بعد ما يحصل في الجرود وبعد التخبط الداخلي؟».
كذلك، طالب حسين يوسف، والد الجندي المختطف محمد يوسف، الدولة وأجهزتها بتحديد مكان ومصير العسكريين لدى «جبهة النصرة» بعد احتدام المعارك في جرود عرسال، ولفت إلى أن المختطفين لدى «داعش» باتوا خارج الحدود اللبنانية ولكن في منطقة أقرب من الرقة السورية. وتابع يوسف لـ«الشرق الأوسط»: «وردتنا تطمينات بأن ملف المعارك في الجرود مفصول عن ملف أبنائنا، لكننا لا نعوّل كثيرا على هذه التطمينات باعتبار أنه لا إمكانية للقول بأن قصف الطيران وراجمات الصواريخ لن يطال أبناءنا الموجودين في تلك المنطقة».
من جهة ثانية، أشارت مصادر لبنانية مطلعة على مجريات المعارك في جرود عرسال إلى أن «حزب الله يعلم تماما أن العسكريين المختطفين ليسوا حاليا في الجرود التي يستهدفها، باعتبار أنهم كانوا في الفترة السابقة محتجزين في وادي الرهوة وبعد اقتراب المعارك منه تم نقلهم إلى مكان آخر ليس في الجرد». وادعت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «ما يمكن تأكيده أن العسكريين ليسوا على مقربة من مسرح العمليات». وتردد في وقت سابق أن العسكريين الـ16 الذين تختطفهم «النصرة» منذ أغسطس (آب) الماضي أصبحوا داخل بلدة عرسال، وهو ما أصرّ أهالي العسكريين على نفيه. كما ورد كلام عن وجودهم في أنفاق في منطقة وادي الخيل في جرود عرسال، لكن أي جهة رسمية لم تؤكد هذه المعلومات. في هذه الأثناء، أعلن إعلام حزب الله يوم أمس عن «سيطرة الجيش (النظامي) السوري وحزب الله على كامل جرد فليطا بعد السيطرة على تلة صدر البستان الشمالية والتلال المحيطة بها، ومطاردة المسلحين في جرد الجراجير». وتحدث عن سيطرة «قوات النخبة في المقاومة (أي الحزب) على مرتفع حوض التشريني المشرف على وادي الحقبان وضليل الرهوة»، وهي من المرات القليلة التي يشير فيها حزب الله إلى مشاركة قوات النخبة لديه في معارك القلمون. إلا أن المعلومات الواردة من المنطقة لا تزال متضاربة، ففي حين يزعم حزب الله سيطرته على معظم الأراضي في القلمون وجرود عرسال، ينفي ناشطون هناك هذه المعطيات، مؤكدين استمرار المعارك التي تأخذ حسب كلامهم شكل عمليات الكر والفر.
وفي هذا السياق، أشار ثائر القلموني، مدير مكتب القلمون الإعلامي، إلى «اشتباكات متقطعة شهدتها منطقة الرهوة في جرود عرسال اللبنانية بين فصائل جيش الفتح وعناصر حزب الله»، وتحدث عن «مواجهات أخرى في مرتفعات الثلاجة في جرود فليطا بين الطرفين بالتزامن مع قصف مدفعي وصاروخي متقطع يستهدف المنطقة». وقال القلموني لـ«الشرق الأوسط»: «الحديث عن سيطرة حزب الله وقوات النظام على كامل جرود فليطا أمر مبالغ فيه، فالمعارك لا تزال محتدمة هناك»، لافتا إلى أن «النقاط التي كانت قد خسرتها جبهة النصرة في جرود عرسال خلال الأيام الماضية عادت واستعادتها ليل الجمعة - السبت».
كذلك، أعلن «مراسل القلمون» التابع لجبهة النصرة، على صفحته بموقع «تويتر»، عن «تدمير دبابة تابعة لحزب الله بصاروخ موجه من نوع كونكورس في جرود فليطا»، وأرفق الخبر بفيديو يُظهر عملية استهداف الدبابة. وفي المقابل، قالت مصادر في قوى 8 آذار مطلعة على مجريات المعركة في جرود عرسال إنها «شارفت على الانتهاء»، مدعية أنه «لم يعد هناك إلا 20 في المائة من هذه الجرود لتحريرها»، وأوضحت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المعركة المقبلة بعد جرود عرسال هي في جرود قارة والجراجير».
ومن جهته، أفاد مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن عن سيطرة قوات النظام السوري وحزب الله على قسم كبير من جرود فليطا. وذكر أن «الطرفين يحقّقان تقدما في منطقة القلمون ككل». وتابع في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «عمليا، المعركة هناك باتت محسومة لصالح حزب الله، علما بأن عمليات الاستنزاف التي تشنها عناصر جبهة النصرة لا تزال مستمرة». ورجّح عبد الرحمن أن يكون «المسلحون الذين يفرّون من المعارك في القلمون وجرود عرسال يلجأون إلى بلدة عرسال أو إلى مناطق لبنانية أخرى كما إلى الزبداني».
وللحد من عمليات تسلل المسلحين إلى الأراضي اللبنانية، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بتعزيز الفوج المجوقل في الجيش اللبناني من تمركزه في جرود بلدتي القاع والفاكهة في البقاع الشمالي بهدف «منع أي تسلل في اتجاه الأراضي اللبنانية وحفظ سلامة أبناء هذه القرى»، مضيفة أن مخابرات الجيش ألقت القبض في منطقة اللبوة (بشمال شرقي البلاد) على من وصفته بـ«أحد قادة المجموعات الإرهابية بطريقه للالتحاق بمجموعته في جرود عرسال».
أما على صعيد المواقف السياسية، فقد قال وزير الدولة لشؤون مجلس النواب المحسوب على حزب الله محمد فنيش إن «مسؤولية تحرير عرسال واستعادتها وإنقاذ أهلها من سطوة هؤلاء المجرمين لا تكون إلا من خلال دور الجيش»، وشدد خلال احتفال جنوب لبنان على أن «المقاومة لم تتحدث يوما عن دخولها إلى عرسال».
ولكن، في المقابل، رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أنه «لمنع وصول (داعش) إلى لبنان يجب على الدولة اللبنانية أن تتصرف بشكل حسن مع السنة، كي لا تدفعهم إلى الانخراط في التنظيم». وسأل جعجع، خلال استقباله وفدا شعبيا في مسكنه بجبل لبنان: «بأي منطق يريدنا حزب الله أن نرسل أولادنا ليموتوا في الوقت الحاضر؟ هل خدمة لبشار الأسد؟ كل عمليات التخويف الحاصلة هي لأسباب أخرى، فحزب الله يريد ملاحقة المسلحين خدمة لبشار الأسد، لم نقبل يوما أي تعد من أحد ولن نقبل به اليوم».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.