الخرطوم: تظاهرات تحت شعار «وطن واحد» ضد العنف القبلي

جانب من التظاهرات في العاصمة الخرطوم (إ.ب.أ)
جانب من التظاهرات في العاصمة الخرطوم (إ.ب.أ)
TT

الخرطوم: تظاهرات تحت شعار «وطن واحد» ضد العنف القبلي

جانب من التظاهرات في العاصمة الخرطوم (إ.ب.أ)
جانب من التظاهرات في العاصمة الخرطوم (إ.ب.أ)

خرج مئات السودانيين في تظاهرات، اليوم (الثلاثاء)، ضد الانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان العام الماضي والاشتباكات القبلية التي أوقعت أكثر من 100 قتيل، بحسب ما أفاد مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية.
كانت قوى الحرية والتغيير، وهي ائتلاف المعارضة الرئيسي في البلاد، دعت الأسبوع الماضي إلى «تسيير مواكب السودان الوطن الواحد في العاصمة والولايات»، يوم الأحد قبل أن تُرجأ إلى اليوم.
وشوهد متظاهرون بالعاصمة الخرطوم يحملون العلم السوداني وهم يهتفون «السودان وطن لكل الناس».
كما هتفوا «لا للقبيلة ولا للجهوية» فيما دعا آخرون الجيش «للعودة إلى الثكنات»، على ما أفاد صحافيو الوكالة. وشارك سياسيون رفيعو المستوى في تظاهرات، اليوم، بينهم محمد الفقي والوزير السابق خالد عمر يوسف.
كان الاثنان من بين مجموعة المسؤولين المدنيين الذين أطاحهم البرهان من السلطة في انقلابه العسكري.
ويشهد السودان اضطرابات سياسية واقتصادية ويخرج للتظاهر بشكل منتظم آلاف السودانيين في العاصمة ومدن أخرى للمطالبة بعودة الحكم المدني.
ومنذ الانقلاب العسكري الذي نفذه عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، قُتل 114 متظاهراً، بحسب لجنة أطباء السودان المركزية المناهضة للانقلاب.
يعاني السودان من أزمة اقتصادية متصاعدة وانهيار أمني واسع أدى إلى تصاعد الاشتباكات العرقية في المناطق البعيدة عن العاصمة.
ومؤخراً اندلعت اشتباكات في ولاية النيل الأزرق، على الحدود مع إثيوبيا، بسبب نزاع على الأراضي بين قبيلتي «ألبرتي» و«الهوسا»، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 105 أشخاص وإصابة 291 آخرين.
وأثارت الاشتباكات القبلية منذ ذلك الحين احتجاجات غاضبة في عدة مدن سودانية، حيث خرج الآلاف من أفراد قبيلة الهوسا إلى شوارع ولايات عديدة بينها العاصمة للمطالبة بـ«القصاص للشهداء».
ويرى مناهضو الانقلاب أن مفتاح حل المشكلة في أيدي العسكريين وحلفائهم من حركات التمرد السابقة المتهمين بمفاقمة التوترات العرقية والقبلية لتحقيق مكاسب شخصية.
وكان البرهان أعلن مطلع الشهر الجاري «عدم مشاركة المؤسسة العسكرية» في الحوار الوطني الذي دعت إليه الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي «لإفساح المجال للقوى السياسية والثورية... وتشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة تتولى إكمال... (متطلبات) الفترة الانتقالية».
كذلك شمل إعلان البرهان أنه «سيتم حل مجلس السيادة وتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة من القوات المسلحة والدعم السريع لتولي القيادة العليا للقوات النظامية ويكون مسؤولاً عن مهام الأمن والدفاع»، بعد تشكيل الحكومة المدنية.
إلا أن إعلان البرهان قوبل برفض المتظاهرين وقوى المعارضة. ووصفت قوى الحرية والتغيير الإعلان بأنه «مناورة مكشوفة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».