نهج أفضل للكشف عن حرائق الغابات في المناطق العالية الخطورة

باحثو «كاوست» يوظفون تقنيات مزدوجة لأجهزة الاستشعار والطائرات بدون طيار

نهج أفضل للكشف عن حرائق الغابات في المناطق العالية الخطورة
TT

نهج أفضل للكشف عن حرائق الغابات في المناطق العالية الخطورة

نهج أفضل للكشف عن حرائق الغابات في المناطق العالية الخطورة

«كل عام، بين عامي 2002 و2016، يتم حرق ما معدله 423 مليون هكتار أو 4.23 مليون كيلومتر مربع من سطح الأرض. وشهدت القارة الأفريقية ما يُقدّر بنحو 67 في المائة من المساحة العالمية السنوية التي احترقت بسبب جميع أنواع الحرائق، بما في ذلك حرائق الغابات». جاءت تلك الإحصائيات والحقائق ضمن تقرير صادر عن «برنامج الأمم المتحدة للبيئة»، مطلع هذا العام، تم فيه تسليط الضوء على ثلاث قضايا تحمل آثاراً عميقة على مجتمعاتنا واقتصاداتنا وأنظمتنا البيئية، وهي الضوضاء، وحرائق الغابات، والتغيير في توازن الطبيعة بسبب تغيّر المناخ.
رصد حرائق الغابات
وحول الجزئية الخاصة بحرائق الغابات، فإنه يتم الكشف عنها حالياً، وبشكل أساسي، عن طريق التصوير عبر الأقمار الصناعية والكاميرات التي ترصدها من على بُعد، ولكن أحياناً يتسبب الطقس الغائم في إعاقة هذه التقنيات، الأمر الذي يسمح للحرائق بالانتشار واتساع مساحتها قبل رصدها. ومع الزيادة العالمية الكبيرة الأخيرة في وتيرة حرائق الغابات وشدتها بسبب تغيّر المناخ، بما في ذلك ارتفاع درجات الحرارة وظروف الجفاف مع تكرار حالات الجفاف، بات الطلب على التقنيات الحديثة يتزايد، حيث يمكنها المساعدة في السيطرة على حرائق الغابات.
وإحدى التقنيات المتاحة الآن تتمثل في مستشعرات «إنترنت الأشياء»، التي يمكنها مراقبة الغابات بحثاً عن العلامات الأولى للدخان والحرارة. في هذا السياق، توصل باحثو جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) إلى أن شبكات أجهزة الاستشعار الأرضية المقترنة بطائرات دون طيار بإمكانها منح رجال الإطفاء ميزة حاسمة عند مكافحة حرائق الغابات، إذ أصبح بإمكان هذا المزيج التقني تقليل الوقت المستغرق لاكتشاف حريق هائل، ما يمنح رجال الإطفاء فرصة أفضل لاحتواء الحريق قبل خروجه عن السيطرة.
تجدر الإشارة إلى أن علماء «كاوست» كانوا قد استخدموا بداية هذا النهج في مراقبة مستويات الماء والمغذيات في الحقول الزراعية ورصد الحياة البرية، وكان التحدي الذي واجهوه يكمن في حساب النهج الأكثر كفاءة لتجميع البيانات، لتقليل وقت المهمة إلى الحد الأدنى مع تعظيم الإنتاجية إلى الحد الأقصى.
ومن أجل التغلب على هذا التحدي قسَّم الفريق المشكلة إلى عناصر عدة؛ فبالنسبة لعدد مواقع التحليق، حدد الفريق أولاً أفضل مواقع التحليق عبر عملية حسابية، ثم طبقوا مسألة حسابية جبرية معروفة في علوم الحاسبات باسم «البائع المتجول»، كي يحدّدوا أفضل مسار بين المواقع، ويحسّنوا من معدل نقل البيانات. بعد عدة محاولات وتجارب تمكن الفريق من الحصول على التوازن الأمثل بين وقت التحليق ووقت التنقل، ونجح هذا النهج في اختصار وقت المهمة بما يصل إلى عشرة أضعاف، في حالة حقل تبلغ مساحته 100 متر مربع.
تقنيات مزدوجة
وقد حفزت تلك النتائج أعضاء الفريق البحثي إلى الانتقال إلى المرحلة التالية من استخدام التقنيات المزدوجة للطائرات دون طيار وأجهزة الاستشعار اللاسلكية، لأن تكون مزيجاً مثالياً لمواجهة حرائق الغابات.
يقول الدكتور أسامة بوشناق إن «نشر عدد كبير من أجهزة استشعار (إنترنت الأشياء) منخفضة التكلفة عبر الغابات يسمح بالكشف المبكر عن الحرائق، إلا أن أجهزة الاستشعار ليس لديها الطاقة والقدرة الحسابية لنقل بيانات الكشف عن الحرائق لاسلكياً إلى مركز التحكم في الحرائق عبر تلك الشبكة الضخمة».
ويتابع بوشناق: «لضمان أن تكون أجهزة (إنترنت الأشياء) منخفضة التكلفة وذات هيكل بسيط، يمكن الاعتماد على الطائرات دون طيار، التي بإمكانها التحليق فوق الغابة لجمع البيانات لاسلكياً من كل مستشعر، والعودة إلى القاعدة للإبلاغ عن حريق أو لإعادة شحن بطارياتها المستنفدة».
و«إنترنت الأشياء (Internet of Things)» هي الشبكة التي يُقصد به الجيل الجديد من الإنترنت الذي يربط كل الأجهزة والأشياء المختلفة ببعضها بشكل يُتيح التفاهم بينها عبر بروتوكول الإنترنت، وتشمل الأجهزة والمستشعرات وأدوات الذكاء الصناعي المختلفة وغيرها، حيث نشهد تطبيقاتها اليوم في مجالات مختلفة، مثل الاتصالات والصحة والتعليم الذكي والمنازل الذكية والمعاملات الحكومية.
ويرى البروفسور طارق النفوري، أستاذ الهندسة الكهربائية والحاسوبية في «كاوست» إن شبكات «إنترنت الأشياء»، الطائرات دون طيار تتطور بسرعة، مما يسمح باستخدامها في تطبيقات متعددة بتكلفة منخفضة، لتقييم إمكانات تقنية الكشف عن حرائق الغابات.
من هذا المنطلق، قام النفوري وفريقه، بالتعاون مع الدكتور أنس شعبان من جامعة كولومبيا البريطانية في كندا، بمحاكاة كيفية أداء هذه التقنية المزدوجة للكشف عن حرائق الغابات.
أظهر الفريق أنه كلما تم نشر المزيد من الطائرات دون طيار، زادت سرعة اكتشاف الحريق. يقول بوشناق: «ومع ذلك، من المدهش أن تحليلنا يُظهر أن زيادة عدد المستشعرات عن حد معين لا يؤدي إلى تحسين احتمالية اكتشاف حرائق الغابات؛ فوجود عدد كبير من المستشعرات يزيد من الوقت الإضافي الذي تقضيه تلك الطائرات في جمع البيانات من كل مستشعر، وهو ما يضر بقدرتها على مراقبة الغابة بأكمله».
ويستطرد موضحاً: «رغم أننا كشفنا أنّ المستشعرات والطائرات دون طيار يمكنها اكتشاف حرائق الغابات في وقت أقصر بكثير مقارنة بالتصوير عبر الأقمار الصناعية، إلا أن شبكات (إنترنت الأشياء)، الطائرات دون طيار يمكنها تغطية فقط مساحات صغيرة نسبياً من الغابات مقارنة بالتصوير عبر الأقمار الصناعية».
يقول النفوري: «ستكون شبكات التقنية المزدوجة تلك مكملة للصور التي تلتقطها الأقمار الصناعية؛ فهذا النهج سيكون مناسباً بشكل خاص لاكتشاف حرائق الغابات في المناطق عالية الخطورة، مثل الغابات القريبة من التجمعات البشرية، والمتنزهات الوطنية».



«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية
TT

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

في المستقبل، يمكن تغطية سيارتك الكهربائية بألواح شمسية -ليس فقط على السطح، ولكن في جميع أنحاء الجزء الخارجي من السيارة- بفضل طلاء خاص.

وسواء كنت تقود السيارة أو كانت متوقفة، يمكن لهذا الطلاء الشمسي حصاد الطاقة من الشمس، وتغذيتها مباشرة في بطارية السيارة الكهربائية. وربما يبدو الأمر وكأنه شيء من كتاب خيال علمي، إلا أن الباحثين في شركة «مرسيدس بنز» يعملون بالفعل على جعله حقيقة واقعة.

عجينة لطلاء شمسي

يقول يوشين شميد، المدير الأول لشركة «مستقبل القيادة الكهربائية» Future Electric Drive، للبحث والتطوير في «مرسيدس بنز» الذي يستكشف تقنيات السيارات الكهربائية في مرحلة مبكرة: «نحن ننتج مئات السيارات يومياً، وسطح السيارة مساحة كبيرة جداً. فلماذا لا نستخدمها لحصاد طاقة الشمس؟».

إن المادة الكهروضوئية التي تبحثها شركة مرسيدس تشبه العجينة التي يمكن وضعها على الجزء الخارجي للسيارة. يبلغ سمك الطلاء 5 ميكرومترات فقط (يبلغ متوسط ​​سمك شعرة الإنسان نحو 100 ميكرومتر)، ويزن 50 غراماً لكل متر مربع.

وقود شمسي لآلاف الكيلومترات

في سيارة رياضية متعددة الأغراض SUV متوسطة الحجم، ستشغل العجينة، التي تطلق عليها مرسيدس أيضاً طلاءً شمسياً، نحو 118 قدماً مربعة، ما ينتج طاقة كافية للسفر لمسافة تصل إلى 7456 ميلاً (12000 كم) في السنة. ويشير صانع السيارة إلى أن هذا يمكن أن يتحقق في «ظروف مثالية»؛ وتعتمد كمية الطاقة التي ستحصدها هذه العجينة بالفعل على قوة الشمس وكمية الظل الموجودة.

طلاء مرن لصبغ المنحنيات

ولأن الطلاء الشمسي مرن، فيمكنه أن يتناسب مع المنحنيات، ما يوفر فرصاً أكبر للطاقة الشمسية مقارنة بالألواح الشمسية الزجاجية التي لا يمكن ثنيها، وبالتالي لا يمكن تثبيتها إلا على سقف السيارة أو غطاء المحرك. يُعدّ الطلاء الشمسي جزءاً من طلاء متعدد الخطوات يتضمن المادة الموصلة والعزل والمادة النشطة للطاقة الشمسية ثم الطلاء العلوي لتوفير اللون (يشكل كل ذلك معاً عمق بـ5 ميكرونات).

لن تكون هذه الطبقة العلوية طلاءً قياسياً للسيارات لأنها لا تحتوي على صبغة. بدلاً من ذلك، ستبدو هذه الطبقة أشبه بجناح الفراشة، كما يقول شميد، وستكون مادة شديدة الشفافية مليئة بجسيمات نانوية تعكس الأطوال الموجية من ضوء الشمس. كما يمكن تصميمها لتعكس أطوال موجية محددة، ما يعني أن السيارات الكهربائية يمكن أن تأتي بألوان أخرى.

وسيتم توصيل الطلاء الشمسي أيضاً عن طريق الأسلاك بمحول طاقة يقع بجوار البطارية، الذي سيغذي مباشرة تلك البطارية ذات الجهد العالي.

تأمين أكثر من نصف الوقود

ووفقاً للشركة فإن متوسط سير ​​السائق هو 32 ميلاً (51.5 كم) في اليوم؛ هناك، يمكن تغطية نحو 62 في المائة من هذه الحاجة بالطاقة الشمسية من خلال هذه التكنولوجيا. بالنسبة للسائقين في أماكن مثل لوس أنجليس، يمكن أن يغطي الطلاء الشمسي 100 في المائة من احتياجات القيادة الخاصة بهم. يمكن بعد ذلك استخدام أي طاقة إضافية عبر الشحن ثنائي الاتجاه لتشغيل منزل شخص ما.

على عكس الألواح الشمسية النموذجية، لا يحتوي هذا الطلاء الشمسي على أي معادن أرضية نادرة أو سيليكون أو مواد سامة أخرى. وهذا يجعل إعادة التدوير أسهل. وتبحث «مرسيدس» بالفعل عن كيفية جعل إصلاحه سهلاً وبأسعار معقولة.

يقول شميد: «قد تكون هناك مخاوف من أن سيارتي بها خدش، فمن المحتمل أن لوحة الباب معطلة»، وتابع: «لذا اتخذنا احتياطاتنا، ويمكننا بسهولة القول إن لدينا تدابير مضادة لذلك».

ومع تغطية المركبات الكهربائية بالطلاء الشمسي، لن يكون هناك الكثير من القلق بشأن شبكات الشحن، أو الحاجة إلى قيام الناس بتثبيت أجهزة الشحن في منازلهم. ويقول شميد : «إذا كان من الممكن توليد 50 في المائة أو حتى أكثر من قيادتك السنوية من الشمس مجاناً، فهذه ميزة ضخمة ويمكن أن تساعد في اختراق السوق».

ومع ذلك، فإن حقيقة طلاء سيارتك الكهربائية بالطاقة الشمسية لا تزال على بعد سنوات، ولا تستطيع مرسيدس أن تقول متى قد يتم طرح هذا على طرازاتها، لكنها شركة واثقة من تحقيقها.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».

اقرأ أيضاً