السيسي يشكر المجر على موقفها الإيجابي من عملية الانتقال الديمقراطي في مصر

قال إن دولاً أخرى تجاهلت التهديدات الإرهابية في سيناء وعلى طول الحدود الغربية

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان قبل المؤتمر الصحافي بينهما في العاصمة بودابست أمس (أ.ف.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان قبل المؤتمر الصحافي بينهما في العاصمة بودابست أمس (أ.ف.ب)
TT

السيسي يشكر المجر على موقفها الإيجابي من عملية الانتقال الديمقراطي في مصر

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان قبل المؤتمر الصحافي بينهما في العاصمة بودابست أمس (أ.ف.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان قبل المؤتمر الصحافي بينهما في العاصمة بودابست أمس (أ.ف.ب)

قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن المباحثات التي أجريت مع دولة المجر مهدت الطريق لتشكيل أساس عميق للتعاون بين البلدين، وتعزيز العلاقات الثنائية في المجالات الاقتصادية والتجارية. مضيفا خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، أمس، أن المشاورات مع الحكومة المجرية أسفرت عن اتفاق وتقارب في الرؤى بالقضايا الإقليمية وذات الاهتمام المشترك. ووجه الرئيس السيسي شكره للمجر على موقفها الإيجابي من عملية الانتقال الديمقراطي في بلاده، قائلا إن «دولا أخرى تجاهلت التهديدات الإرهابية في سيناء وعلى طول الحدود الغربية لمصر».
ووصل الرئيس السيسي، أول من أمس الخميس، إلى العاصمة المجرية بودابست، في ثاني محطة خلال جولته الأوروبية بعد ألمانيا، التي التقى فيها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ومسؤولين ورجال أعمال وبرلمانيين ألمانا.
وأوضح السيسي أن المجر احترمت إرادة الشعب المصري وساندت اختياراته، معربا عن رغبته في مساندة المجر لمصر داخل الاتحاد الأوروبي في ضوء التحديات التي تواجهها بلاده.
وتخفف الرئيس السيسي خلال زيارته للمجر من الأزمات السياسية التي سعت جماعة الإخوان المسلمين، التي تعد خصمه الرئيسي، لإثارتها خلال زيارة ألمانيا التي تشهد نشاطا لأنصار الجماعة. وواجه الرئيس المصري في ألمانيا انتقادات بشأن ملف أحكام الإعدام التي صدرت بحق قيادات في الجماعة.
وأعلن الرئيس السيسي أن مصر والمجر وقعتا على بيان مشترك يعبر عن عمق العلاقات الثنائية والاتفاق في المواقف حيال الكثير من القضايا الإقليمية والدولية ومكافحة الإرهاب في المنطقة. وأعرب الجانبان خلال البيان المشترك عن أملهما في إجراء حوار سياسي واستراتيجي رفيع المستوى بشكل منتظم، بما يسمح بتحديد فرص التعاون الجديدة وتنسيق جهودهما ومناقشة الموضوعات الدولية ذات الاِهتمام المشترك.
ورحب الجانب المجري في البيان المشترك بنجاح مصر في تحسين الوضع السياسي والاِقتصادي والأمني، فضلا عن التقدم المحرز على صعيد عملية الانتقال السياسي، كما أعرب عن دعمه السياسي الكامل للسلطات المصرية في حربها ضد الإرهاب والتطرف. وأعلنت المجر، بوصفها دولة عضوا في الاتحاد الأوروبي، التزامها بدعم تطلعات مصر لتعزيز علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، ورحبت بالدور الاستراتيجي المتنامي لمصر في الشرق الأوسط وأفريقيا، كما شجعتها على مواصلة الجهود الرامية إلى تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة.
وقال البيان المشترك إن مصر والمجر يعربان عن «قلقهما البالغ إزاء تدهور الوضع الأمني في ليبيا والتهديد المتصاعد للإرهاب فيها، والذي يؤثر أيضا على أمن واستقرار الدول المجاورة. ومن هذا المنطلق، فإنهما يدعمان بقوة تنفيذ استراتيجية لمكافحة الإرهاب بالتوازي مع الحوار السياسي وعملية المصالحة وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة».
وقال الرئيس السيسي، خلال المؤتمر الصحافي المشترك أمس، إنه عقد «مشاورات موسعة مع رئيس الوزراء المجري الصديق حيث استعرضنا التطورات في الشرق الأوسط وأوروبا، وأكدنا على أهمية التعاون الثنائي بيننا، بما في ذلك المجالات التجارية والاقتصادية».
وأضاف الرئيس المصري أنه أوضح الموقف المصري إزاء قضية مكافحة الإرهاب، مشيرا إلى التنسيق القائم بين جميع المنظمات الإرهابية، وكذا رؤية مصر لحل الأزمة الحالية في ليبيا، كما ناقشنا أيضا الأزمة السورية والوضع في العراق.
وأشار السيسي إلى تقارب الرؤى بين البلدين، الذي وصل في أحيان كثيرة لحد التطابق، معربا عن ارتياحه بشأن المشاورات الجارية التي تضمنت الكثير من القضايا الثنائية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك. وقال الرئيس السيسي: «أعربت عن شكري وامتناني للمجر بشأن موقفها الإيجابي من عملية الانتقال الديمقراطي في مصر رغم الموقف السلبي لبعض الدول الأخرى التي تجاهلت التحديات التي تواجه مصر في التعامل مع التهديدات الإرهابية في سيناء وعلى طول حدود مصر الغربية».
من جانه، أكد رئيس الوزراء المجري، أوربان، أن بلاده تسعى إلى تعاون عسكري مع مصر، مؤكدا أن المدنيين يحتاجون إلى خبرة العسكريين في الكثير من المجالات، مضيفا خلال المؤتمر الصحافي المشترك، أن المجر تؤمن بالتنوع الثقافي وتحترم إرادة وخيارات الشعب المصري، وتتمنى لمصر النجاح والتطور الاقتصادي.
وأعرب رئيس الوزراء المجري، عن رغبة بلاده بتعزيز العلاقات الثنائية مع مصر في مختلف المجالات، مبديا سعادته بزيارة الرئيس المصري إلى دول أوروبا. وقال أوربان «إنني أجريت مباحثات اليوم مع الرئيس السيسي، حول كيفية مساهمة المجر في تطوير الاقتصاد المصري»، مؤكدا أن الاتفاقيات التي تم توقيعها أمس في بعض المجالات يمكن أن تكون بداية لمزيد من التعاون، الذي يمكن أن يشمل هندسة السكك الحديدية والصحة وقطاع المياه وتقنيات إدارة المدن. وقال بيان للرئاسة المصرية، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إن جلسة المباحثات بين السيسي ورئيس الوزراء المجري تناولت سبل التعاون في شتى المجالات لا سيما المجالين الاقتصادي ومكافحة الإرهاب.



قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
TT

قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

بينما واصلت السلطات السورية الجديدة حملاتها لملاحقة خلايا تتبع النظام السابق في أحياء علوية بمدينة حمص وفي الساحل السوري، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، بأن قتالاً عنيفاً يدور بين الفصائل المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في منطقة منبج شمال سوريا.

وأشار «المرصد السوري» الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، إلى مقتل ما لا يقل عن 28 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا في الاشتباكات في محيط مدينة منبج. وذكر «المرصد» أيضاً أن الجيش التركي قصف بعنف مناطق تسيطر عليها «قسد».

وجاء ذلك في وقت قالت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» إن القوات الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسع النطاق على عدة قرى جنوب منبج وشرقها، مؤكدة أنها نجحت في التصدي للمهاجمين الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على المنطقة المحيطة بسد تشرين على نهر الفرات.

جانب من تشييع مقاتلَيْن كرديين قُتلا في معارك منبج ودُفنا في القامشلي بشمال شرقي سوريا يوم الخميس (أ.ف.ب)

وتريد تركيا طرد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكّل عماد «قوات سوريا الديمقراطية» من المنطقة؛ بحجة أنها فرع سوري لـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً.

إلى ذلك، في حين كان التوتر يتصاعد في الأحياء ذات الغالبية العلوية في حمص خلال عمليات دهم بحثاً عن عناصر من النظام السابق وتصل ارتداداته إلى الساحل السوري، اجتمع نحو خمسين شخصية من المجتمع الأهلي بصفتهم ممثلين عن طوائف دينية وشرائح اجتماعية في محافظة طرطوس مع ممثلين سياسيين من إدارة العمليات العسكرية (التي تولت السلطة في البلاد الآن بعد إطاحة نظام الرئيس السابق بشار الأسد). وعلى مدى أربع ساعات، طرح المشاركون بصراحة مخاوف المناطق الساحلية؛ حيث تتركز الغالبية الموالية للنظام السابق، وتم التركيز على السلم الأهلي والتماسك المجتمعي في سوريا عموماً والساحل السوري خصوصاً، بعد تقديم إحاطة سياسية حول الوضع في الداخل السوري والوضع الدولي، والتطورات الحالية وتأثيرها في الواقع السوري.

قوات أمنية خلال عمليات التمشيط في حمص الجمعة (أ.ب)

قالت ميسّرة الجلسة الصحافية، لارا عيزوقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشاركين في الجلسة التي نظّمتها «وحدة دعم الاستقرار» (s.s.u) مثّلوا أطيافاً واسعة من المجتمع المحلي، من مختلف الطوائف الدينية، والشرائح الاجتماعية، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين سياسيين من إدارة العمليات. وأكدت لارا عيزوقي أن أبرز مطلب للوفد الأهلي كان ضرورة إرساء الأمن، مشيرة إلى تقديم اقتراح بتفعيل لجان حماية محلية؛ بحيث تتولى كل منطقة حماية نفسها في المرحلة الراهنة لمنع الفوضى، مع الاستعداد لتسليم المطلوبين، على أن تُمنح ضمانات فعلية لمنع الانتقامات.

معتقلون يُشتبه بأنهم من النظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

وتابعت لارا عيزوقي أن الافتقار إلى الأمن، وحالة الانفلات على الطرقات، أديا إلى إحجام كثير من الأهالي عن إرسال أولادهم إلى المدارس والجامعات، وبالتالي حرمانهم من التعليم. وأشارت إلى أن الجلسة الحوارية تضمّنت مطالبات بالإفراج عن المجندين الإلزاميين الذين كانوا في جيش النظام السابق رغماً عنهم، وجرى اعتقالهم من قِبل إدارة العمليات.

ولفتت إلى أن الوفد الأهلي شدد أيضاً على ضرورة وضع حد لتجاوزات تحدث، مضيفة أنه جرت مناقشة مطولة لما جرى في قرية خربة معزة؛ حيث أقر الأهالي بخطأ حماية المطلوبين، وأن ذلك لا يبرر التجاوزات التي حصلت أثناء المداهمات.

يُشار إلى أن اشتباكات حصلت في طرطوس في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لدى ملاحقة قوى الأمن الضابط في جيش النظام السابق محمد حسن كنجو الملقب بـ«سفاح سجن صيدنايا»، وهو رئيس محكمة الميدان العسكري التي تُتهم بأنها السبب في مقتل آلاف المعتقلين.

ومما طرحه أهالي طرطوس، في الجلسة، مطلب صدور عفو عام، إذ إن هناك مئات من الشباب المتعلم اضطرهم الفقر إلى العمل في الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام. ويريد ممثلو الأهالي بحث إمكانية ضم هؤلاء إلى وزارة الدفاع مجدداً، لتجنّب الانعكاسات السلبية لكونهم عاطلين عن العمل. وحسب لارا عيزوقي، كشف ممثل الإدارة الجديدة عن نية «إدارة العمليات» إصدار عفو عام يستثني المتورطين بشكل مباشر في جرائم النظام السابق.

مواطنون في حمص خلال قيام قوات أمن الحكم الجديد بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)

ولفتت لارا عيزوقي إلى وجود ممثلين عن شباب بأعمار تتراوح بين 20 و30 سنة، وقالت إنهم يعتبرون أنفسهم ينتمون الى سوريا، لا إلى طائفة معينة ولا يريدون الهجرة ويتطلعون الى لعب دور في مستقبل سوريا، متسائلين عن كيف يمكن أن يحصل ذلك إذا تمّ تأطيرهم داخل مكوّن طائفي.

وحول تسريح الموظفين، عبّر مشاركون عن مخاوف من تسريح آلاف الموظفين لا سيما النساء من ذوي قتلى النظام واللواتي تعلن عائلاتهن -مع لفت النظر إلى اتساع رقعة الفقر وتعمّقها في الساحل خلال سنوات الحرب- حالة الإفقار الممنهجة التي طالت محافظة طرطوس بصفتها محافظة زراعية تدهورت زراعتها في السنوات الماضية.

أطفال في شاحنة بمدينة حمص الجمعة (أ.ب)

وشهدت مدينة طرطوس، بين مساء الخميس وصباح الجمعة، حالة توتر مع توارد أنباء عن جريمة قتل وقعت قرب «شاليهات الأحلام» حيث تستقر مجموعات من «فصائل إدارة العمليات». وحسب المعلومات، أقدم مجهولون على إطلاق نار على شخصين، مما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الأهالي طالبوا «هيئة تحرير الشام» التي تقود إدارة العمليات العسكرية، «بوضع حد للاعتداءات والانتهاكات التي تُسهم في زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي الذي تعيشه المنطقة».

وأشار «المرصد» إلى أن ملثمين مسلحين أعدموا أحد أبناء حي الغمقة الشرقية في مدينة طرطوس، وهو شقيق شخص مطلوب بقضايا جنائية، وذلك خلال تفقد القتيل شاليهاً يملكه في منطقة «شاليهات الأحلام».

وتشهد مناطق تركز العلويين في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية انفلاتاً أمنياً بسبب انتشار السلاح، وتحصّن مطلوبين من عناصر النظام السابق في أحياء وقرى، مما يثير مخاوف من تأجيج نزاع مناطقي.

يُشار إلى أن «إدارة العمليات العسكرية» استكملت، الجمعة، حملة التمشيط التي بدأتها في حمص يوم الخميس، وشملت أحياء العباسية والسبيل والزهراء والمهاجرين، بحثاً عن فلول ميليشيات النظام السابق. وأفيد باعتقال عشرات الأشخاص بينهم من أُفرج عنهم بعد ساعات فقط.