تركيا لا تنتظر «إذناً» لتنفيذ العملية العسكرية شمال سوريا

أميركا منزعجة من التصريحات حولها... وأنقرة بحثت تحضيراتها

قوات تركية في ريف منبج بشمال سوريا (أرشيفية - رويترز)
قوات تركية في ريف منبج بشمال سوريا (أرشيفية - رويترز)
TT

تركيا لا تنتظر «إذناً» لتنفيذ العملية العسكرية شمال سوريا

قوات تركية في ريف منبج بشمال سوريا (أرشيفية - رويترز)
قوات تركية في ريف منبج بشمال سوريا (أرشيفية - رويترز)

ناقش مجلس الأمن القومي التركي، في اجتماع ترأسه الرئيس رجب طيب إردوغان، الخميس، التحضيرات الجارية لعملية عسكرية محتملة في شمال سوريا. وأعلنت تركيا أنها لن تنتظر «إذناً من أحد» لتنفيذها من أجل حماية حدودها الجنوبية، فيما جددت الولايات المتحدة قلقها بشأن التصريحات التركية عن القيام بعملية عسكرية في المنطقة ودعوة أنقرة إلى سحب القوات الأميركية من شرق سوريا.
وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن بلاده «لا يمكنها البقاء مكتوفة الأيدي في سوريا». وأضاف في مقابلة تلفزيونية: «حتى اليوم لم نأخذ الإذن من أحد لتنفيذ عملياتنا هناك، ولن نفعل... العملية العسكرية ستنطلق بين ليلة وضحاها بشكل مفاجئ».
وجاءت تصريحات الوزير التركي بعد يومين فقط من انعقاد قمة في طهران للدول الثلاث الضامنة «مسار أستانا» (روسيا وإيران وتركيا)، بمشاركة رؤساء الدول الثلاث، لبحث الملف السوري من مختلف جوانبه، حيث جددت روسيا وإيران رفضهما أي عملية عسكرية تركية في شمال سوريا.
وتهدد تركيا، منذ مايو (أيار) الماضي، بشن عملية عسكرية تستهدف مواقع «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» في منبج وتل رفعت، حيث توجد أيضاً قوات للنظام والميليشيات الإيرانية الداعمة له، وروسيا، بهدف إقامة منطقة آمنة بعمق 30 كيلومتراً تكون بمثابة حزام أمني على حدودها الجنوبية، إلا إن الولايات المتحدة وروسيا وإيران ودولاً أوروبية أعلنت معارضتها أي تحرك عسكري تركي في شمال سوريا، محذرة من خطورته على المنطقة وعلى جهود مكافحة الإرهاب.
وبحث مجلس الأمن القومي التركي في اجتماعه برئاسة إردوغان، التحضيرات الجارية للعملية العسكرية، كما استعرض نتائج قمة طهران الثلاثية.
وكان إردوغان دعا، لدى عودته من طهران عقب القمة، إلى مغادرة القوات الأميركية المناطق الواقعة شرق نهر الفرات في سوريا. وقال إن «ملف العملية العسكرية الجديدة شمال سوريا سيظل مدرجاً على أجندتنا إلى حين تبديد مخاوفنا المتعلقة بأمننا القومي». ولفت إلى أن «وحدات حماية الشعب» الكردية، أكبر مكونات «قسد»، التي وصفها بـ«التنظيم الإرهابي»، «تعتقد عبثاً أنها تستطيع خداع الجيش التركي من خلال رفع علم النظام السوري على مواقعها في شمال سوريا».
وقال إردوغان، وفقاً للنتيجة التي خرجت بها مفاوضات «عملية أستانا» (القمة الثلاثية في طهران)، إن «تطلعات تركيا هي أيضاً انسحاب القوات الأميركية من شرق الفرات؛ لأنها تغذي التنظيمات الإرهابية، وإنه بمجرد انسحابها فإن عملية مكافحة الإرهاب ستصبح أسهل».
وأضاف أن «تركيا وروسيا وإيران ستتحد حتماً ضد التنظيمات الإرهابية (العمال الكردستاني، وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، ووحدات حماية الشعب الكردية)، التي تقوم في الوقت الحالي باستغلال آبار النفط في شرق الفرات وبيعها للنظام» السوري.
واتهم إردوغان الولايات المتحدة بـ«الاستمرار في دعم التنظيمات الإرهابية؛ بما في ذلك خلال عهود الرؤساء السابقين، بآلاف الشاحنات المحملة بالسلاح والمعدات والذخيرة». وأضاف: «نريد أن تكون روسيا وإيران معنا في مكافحة التنظيمات الإرهابية على بعد 30 كيلومتراً من الحدود الجنوبية لتركيا، وعليهما إمدادنا بالدعم اللازم... ونؤكد أن تركيا ليس لديها أي مشكلات فيما يتعلق بوحدة الأراضي السورية».
في المقابل، عبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، عن قلق الولايات المتحدة الكبير إزاء التصريحات التركية عن إمكانية القيام بعملية عسكرية في شمال سوريا.
وقال برايس، في مؤتمر صحافي بمقر «الخارجية» الأميركية ليل الأربعاء - الخميس، إننا «نواصل دعم الحفاظ على خط وقف النار الموجود حالياً، وندين أي تصعيد قد يؤدي إلى تغيير ذلك... من المهم جداً على كل الأطراف أن تحافظ على مناطق وقف النار وتحترمها وتعزز الاستقرار في سوريا للتوصل إلى حل سياسي لهذا النزاع». وأضاف برايس أن الولايات المتحدة تتوقع من تركيا أن تحترم البيان المشترك الصادر عام 2019 «بما في ذلك الالتزام الذي قدمته بوقف العمليات الهجومية في شمال شرقي سوريا».
ووقعت تركيا مع الولايات المتحدة وروسيا تفاهمين منفصلين توقفت بموجبهما عملية «نبع السلام» العسكرية التي أطلقتها ضد مواقع «قسد» في شمال شرقي سوريا في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، تضمنا وقف العملية مقابل انسحاب «قسد» لمسافة 30 كيلومتراً من الحدود التركية، وذلك بعدما سيطرت القوات التركية وفصائل ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لأنقرة، على مساحات واسعة شرق نهر الفرات. وتتبادل أنقرة الاتهامات مع كل من واشنطن وموسكو بعدم الالتزام بتفاهمي 2019.
في سياق متصل، استهدفت مسيرة تركية مدخل نفق يقع ضمن محمية أشجار بالقرب من الأكاديمية التابعة لـ«قسد»، في ريف عين العرب (كوباني) شرق حلب، ما أدى إلى وقوع عدد من الجرحى. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن الاستهداف الجديد هو الثالث في أقل من 48 ساعة.
وسبق أن استهدفت مسيرة تركية نقطة للنظام السوري في مدينة تل رفعت بريف حلب الشمالي، الثلاثاء، ما أسفر عن إصابة جنديين، أحدهما برتبة ملازم أول، بجروح متفاوتة، كما استهدفت مسيرة تركية موقعاً آخر في تل رفعت خاضعاً لسيطرة «قسد» والنظام، وتوجد به قاعدة عسكرية روسية، ما أدى لأضرار مادية.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.