«تحالف القوى الوطنية» الليبي يدعو إلى «اتفاق سلام» مع التشكيلات المسلحة

طرح حزب «تحالف القوى الوطنية» المعارض في ليبيا رؤية تروم حل الأزمة السياسية بالبلاد، وذلك على خلفية الجمود الذي يسود المشهد راهناً، وقال إن «ليبيا في حاجة إلى خمس وثائق للخروج من مأزقها، تسهم في تأسيس الدولة، من بينها عقد اتفاق سلام مع قادة التشكيلات المسلحة».
وتواكب هذه الرؤية تعدد المبادرات والمسارات، التي شهدتها ليبيا مؤخراً بهدف إيجاد توافق بين الفرقاء السياسيين، بغية الحفاظ على التهدئة، والاتجاه إلى إجراء انتخابات رئاسية ونيابية في أقرب الآجال.
وتحدث «تحالف القوى الوطنية» في تصريح صحافي مساء أول من أمس عما سماها «مقاربة الأزمة الليبية»، وقال إن «أي حوار يهدف لإيجاد حل للمأزق الليبي، لا بد أن يشمل أمرين: أولهما جمع الأطراف الفاعلة على الأرض دون إقصاء أحد، والآخر مناقشة المشكلات التي تعوق قيام الدولة، وإيجاد حلول واقعية توافقية لها، قبل الحديث عن اقتسام السلطة كما حدث في اتفاق (الصخيرات) بالمغرب؛ أو المناصب والوظائف في الدولة كما شهد اتفاق جنيف».
كما رأى «تحالف القوى الوطنية»، الذي كان يتزعمه الراحل محمود جبريل، أن «المشكل الرئيسي للحالة الليبية يكمن في تكوين النظام المناسب، بشكل ينسجم مع السياق التاريخي والمستقبلي للمجتمع بالدرجة الأولى، خصوصاً بعد فترة صراع مسلح بين تشكيلات مسلحة متعددة، تنتشر في أغلب مناطق ليبيا»، مشيراً إلى أن البعثات الأممية السابقة إلى ليبيا «أصرت على مقاربة الأزمة من منطلق تقاسم السلطة بين الأطراف المتنازعة فقط؛ وهذا ما جعل من الأزمة الليبية معقدة وغير قابلة للحل».
في سياق ذلك، نوّه التحالف إلى أن ليبيا «بحاجة إلى خمس وثائق للخروج من هذا المأزق تسهم في تأسيس الدولة، قبل اقتسام المناصب»، مشدداً أولاً على ضرورة «الحسم الدستوري، وإيجاد اتفاق سلام بين المتحاربين»، وعلى أهمية «توحيد المؤسسة العسكرية»، والاتفاق على مصالحة تاريخية ضمن (ميثاق وطني)، وتوفر قانون للمصالحة الوطنية».
كما أوضح التحالف أن «الحسم الدستوري» يتم باختيار النظام المناسب، وأن البرلمان المقبل ينتخَب بنظام القوائم، فيما تشكل الحكومات القادمة سياسياً وليس بالمحاصصة، ويشمل في طياته ضوابط وتوازنات دستورية، ويتم تعديله مستقبلاً عبر الاستفتاء الشعبي، على ألا يشار إلى أنه لدورة واحدة فقط، حتى لا يتم تهديد استقرار الدولة، وتعطيل الوصول لدستور دائم، وإدخال الدولة في مأزق دستوري جديد ليستمر البرلمان القادم لسنوات كما حدث سابقاً.
وبخصوص الوثيقة الثانية، التي قال إنها مهمة فهي «اتفاق سلام بين المحاربين من قادة التشكيلات المسلحة، وهي تتطلب تفكيك هذه التشكيلات ودمجها بأجهزة الدولة، وفي هذا تفصيل يمكن تباحثه لاحقاً، مع ضرورة انخراط إدارة عمليات السلام بالأمم المتحدة لضمان نجاحه»، حسب قوله.
أما الوثيقة الثالثة فتتضمن الاتفاق على توحيد القوات المسلحة بين قوات شرق ليبيا، المنضوية تحت (القيادة العامة)، وقوات الغرب المنضوية تحت رئاسة الأركان العامة، التابعة لحكومة «الوحدة»، ورأى أن في هذا تفصيلاً يمكن تباحثه لاحقاً.
كما تطرق «تحالف القوى الوطنية» إلى ضرورة إيجاد اتفاق «مصالحة تاريخية» بين أطراف الصراع في ليبيا، محبذاً أن يكون في سرت، على غرار ميثاق سرت 1922 الذي كان من وثائق تأسيس دولة الاستقلال، وبناءً على هذا الاتفاق تشكَّل لجنة لصياغة ميثاق وطني يُستفتى عليه كورقة تمثل مبادئ حاكمة ومصالحة عمودية يمكن الرجوع إليها في حالات الانسداد السياسي.
أما الوثيقة الخامسة فتتمثل في قانون «مصالحة وطنية»، أو «عدالة تصالحية»، يُعمل بها في القضايا التي تؤدي إجراء العدالة العقابية فيها إلى تهديد السلم الأهلي والأمن القومي للدولة، وفي هذا السياق رأى التحالف أن المجلس الرئاسي الليبي لديه «رؤية مبدئية يمكن تطويرها للوصول لمشروع قانون يضمن المصالحة الأفقية بين المدن والجماعات». وقال إنه «مرّ عقد من الزمن دون إنجاز أي وثيقة من هذه الوثائق، التي تضمن خروجاً من المرحلة الانتقالية»، موضحاً أن النجاح في ذلك «يتطلب على أقل تقدير إنجاز الحسم الدستوري، وتوحيد المؤسسة العسكرية، واتفاق سلام بين المحاربين».
وبخصوص الانتخابات، نوه التحالف إلى أن إجراءها دون هذه الوثائق الثلاث «يعد بمثابة إعلان حرب جديدة، أو استمرار لحالة لا سلم ولا حرب، واستمرار نهب أموال الدولة الليبية، ومعاناة الشعب الليبي من تردي الخدمات، ولكن بعناصر وأسماء جديدة».
واقترح التحالف توقيع اتفاق إنهاء المسائل العالقة للمرحلة الانتقالية، يتضمن الوثائق الخمس مجدولة زمنياً، على أن تنفّذ الانتخابات الوطنية بعد الحسم الدستوري، وتوقيع اتفاق توحيد المؤسسة العسكرية، وتوقيع اتفاق سلام بين المحاربين. وقال: «عندها يمكن أن يُترك للرئيس والبرلمان المنتخبَين صياغة الميثاق الوطني، وقانون المصالحة الوطنية، وعرضهما للاستفتاء الشعبي». كما اقترح تحالف القوى الوطنية دعوة كل من رؤساء مجلس النواب ومجلس الدولة، والمجلس الرئاسي لتوقيع اتفاق إنهاء المسائل العالقة للمرحلة الانتقالية، «كبديل لخرائط الطريق المتكررة، التي لا تعالج مكامن الخلل الحقيقية».