التحقيق مع الغنوشي بتهم غسل الأموال... واعتراف قبيل الجلسة «بارتكاب أخطاء»

الغنوشي يصل إلى مقر التحقيق محاطا بأنصاره (تويتر)
الغنوشي يصل إلى مقر التحقيق محاطا بأنصاره (تويتر)
TT

التحقيق مع الغنوشي بتهم غسل الأموال... واعتراف قبيل الجلسة «بارتكاب أخطاء»

الغنوشي يصل إلى مقر التحقيق محاطا بأنصاره (تويتر)
الغنوشي يصل إلى مقر التحقيق محاطا بأنصاره (تويتر)

مثُل زعيم «حركة النهضة» راشد الغنوشي أمام قاضي التحقيق في العاصمة تونس اليوم (الثلاثاء)، لاستجوابه بشبهة غسل أموال، في تحقيق يصفه الحزب بأنه ذو صبغة سياسية، وقبل أيّام قليلة من استفتاء شعبي عام في البلاد يعارضه الحزب.
وقال مسؤول قضائي لـ«رويترز»، إن القاضي سيستجوب الغنوشي بشأن شبهات غسل أموال فيما يتعلق بدفع مبالغ من الخارج لجمعية مرتبطة بـ«حركة النهضة»، وذكرت وسائل إعلام محلية أنه سيجري التحقيق معه كذلك للاشتباه في صلته بالإرهاب.
ووصل الغنوشي محاطاً بأنصاره إلى مقر التحقيق ودخله وسط هتافاتهم. وأمام مقر القطب القضائي لمكافحة الإرهاب انتشرت تعزيزات أمنية كبيرة وتظاهر نحو مائتي شخص من أنصار الغنوشي ومن قيادات الحزب. وأغلقت قوات الأمن الشوارع المحيطة بالقطب القضائي بسياج حديدي.
وأعلنت السلطات التونسية في وقت سابق أنّ قضاء مكافحة الإرهاب أمر بتجميد الأرصدة المالية والحسابات المصرفية لعشر شخصيات، من بينها رئيس «حركة النهضة» الغنوشي ورئيس الحكومة السابق والقيادي المستقيل من «حركة النهضة» حمادي الجبالي.
ومن بين المتهمين في القضية أيضاً نجل الغنوشي معاذ، وابنته سمية، وصهره وزير الخارجية الأسبق رفيق عبد السلام، وأفراد من عائلة الجبالي منهم ابنتاه وزوج ابنته.
وقالت وزارة الداخلية في وقت سابق، إن «الشرطة أوقفت رئيس الحكومة السابق والقيادي السابق في حزب النهضة حمادي الجبالي على خلفية الاشتباه بضلوعه في قضية غسل أموال تتعلّق بتحويلات من الخارج لجمعية خيرية تحمل اسم (نماء تونس)». و«نماء» جمعية تنموية غير ربحية، تأسست منذ 15 مارس (آذار) 2011 في تونس، وتعمل على «استقطاب المستثمرين والخبراء من الداخل والخارج».
وتهدف الجمعية إلى «بعث المشاريع الاقتصادية المحدثة لمواطن الشغل، خصوصاً في المناطق ذات الأولوية، ومساعدة العاطلين من أصحاب الشهادات الجامعية العليا في بعث مشاريع اقتصادية وربط العلاقات والصلات مع الجمعيات والهياكل والمنظمات ذات الصلة، والمساهمة في تقديم خدمات استشارية تساعد في تفعيل المبادرات الاقتصادية وبعث المشاريع الصغرى»، بحسب وثيقة تأسيسها على موقعها الإلكتروني. ودُعي الغنوشي (81 عاماً) للتحقيق في القضية ذاتها، ونفى «حزب النهضة» التهم الموجهة له. وكان القضاء التونسي أصدر في 27 يونيو (حزيران)، قراراً بمنع سفر الغنوشي في إطار تحقيق باغتيالات سياسية حدثت في 2013.
وتمرّ تونس بأزمة سياسية عميقة منذ احتكر الرئيس قيس سعيّد السلطتين التنفيذية والتشريعية في 25 يوليو (تمّوز) 2020، حين أقال رئيس الحكومة وعلّق أعمال البرلمان قبل أن يحلّه. وينظم الاثنين المقبل استفتاء شعبي عام على مشروع دستور جديد ترفضه المعارضة وفي مقدمتها «حزب النهضة».
ويتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من المعارضة بسبب مشروع الدستور الجديد الذي غيّر فيه النظام السياسي من برلماني معدل إلى رئاسي، معززاً صلاحيات الرئيس على حساب البرلمان. وتتّهم المعارضة، لا سيّما حزب النهضة وكذلك منظمات حقوقية، رئيس الجمهورية بالسعي لإقرار دستور مفصّل على مقاسه وتصفية حسابات سياسية ضدّ معارضيه بتوظيف مؤسسات الدولة والقضاء.
وقال الغنوشي، لـ«رويترز» الأسبوع الماضي، إن التحقيق معه له دوافع سياسية، وإن سعيد يستخدم الاستفتاء «ليقود تونس نحو الديكتاتورية والاستبداد». وفي بيان وزع على وسائل الإعلام قبل مثوله أمام القاضي، قال الغنوشي: «قيس ووزراؤه وأنصاره يتربصون بي وبعائلتي منذ انقلاب 25 يوليو. تندرج التهم الكيدية في إطار تمرير دستور يكرس الاستبداد». ولفت إلى أنه حوكم وسجن في عهدي الرئيسين السابقين زين العابدين بن علي والحبيب بورقيبة، معتبراً أنه يتعرض الآن «لأبشع أنواع الظلم».
وقال سعيد إن خطواته منذ العام الماضي، عندما علق البرلمان وبدأ في الحكم بمراسيم قبل أن يعيد صياغة الدستور الديمقراطي للبلاد، كانت ضرورية لإنهاء سنوات من الجمود السياسي.


مقالات ذات صلة

كيف تؤثر التوترات في السودان على موقف مصر بملف «سد النهضة»؟

العالم العربي كيف تؤثر التوترات في السودان على موقف مصر بملف «سد النهضة»؟

كيف تؤثر التوترات في السودان على موقف مصر بملف «سد النهضة»؟

جددت الاشتباكات بين قوات الجيش السوداني، وقوات «الدعم السريع»، المخاوف من دخول السودان في موجة جديدة من الاضطرابات، يمكن أن تؤثر على ملف «سد النهضة»، في وقت تستعد فيه إثيوبيا للملء الرابع لبحيرة السد، الذي يثير خلافات بشأنه مع دولتي المصب (السودان ومصر). وأكد مراقبون وخبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، أن للاضطرابات الأخيرة في السودان «تأثيراً مباشراً» على أكثر من ملف إقليمي، من بينها أزمة «سد النهضة»، لافتين إلى أن «الارتباك السياسي» سيضعف أي تحفظات سودانية على الملء الرابع المنتظر أن يبدأ صيف هذا العام، الأمر الذي «يلقي بمزيد من الأعباء على الجانب المصري، وتحركاته الدولية والأممية في الملف». و

العالم العربي كيف يؤثر النزاع في السودان على موقف مصر بملف «سد النهضة»؟

كيف يؤثر النزاع في السودان على موقف مصر بملف «سد النهضة»؟

جددت الاشتباكات بين قوات الجيش السوداني، وقوات «الدعم السريع»، المخاوف من دخول السودان في موجة جديدة من الاضطرابات، يمكن أن تؤثر على ملف «سد النهضة»، في وقت تستعد فيه إثيوبيا للملء الرابع لبحيرة السد، الذي يثير خلافات بشأنه مع دولتي المصب (السودان ومصر). وأكد مراقبون وخبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، أن للاضطرابات الأخيرة في السودان «تأثيراً مباشراً» على أكثر من ملف إقليمي، من بينها أزمة «سد النهضة»، لافتين إلى أن «الارتباك السياسي» سيضعف أي تحفظات سودانية على الملء الرابع المنتظر أن يبدأ صيف هذا العام، الأمر الذي «يلقي بمزيد من الأعباء على الجانب المصري، وتحركاته الدولية والأممية في الملف». و

العالم العربي «سد النهضة»: «الملء الرابع» يؤجج الخلافات بين مصر وإثيوبيا

«سد النهضة»: «الملء الرابع» يؤجج الخلافات بين مصر وإثيوبيا

مع اقتراب عملية الملء الرابع لخزان «سد النهضة» الإثيوبي على نهر النيل، تأججت الخلافات بين القاهرة وأديس أبابا، وسط تصعيد متوقع خلال الفترة القادمة في ظل جمود المفاوضات. وفيما اتهمت إثيوبيا مصر بـ«تسييس القضية»، رافضة الحصول على «إذن مسبق» من أجل الشروع في عملية الملء، قالت الخارجية المصرية إن إثيوبيا «تتنصل من المسؤولية القانونية». وتبني إثيوبيا «سد النهضة» على الرافد الرئيسي لنهر النيل، منذ عام 2011، ووفق الهيئة الحكومية المسؤولة عن المشروع، فقد اكتمل 90 في المائة من عمليات البناء.

محمد عبده حسنين (القاهرة)
العالم العربي «سد النهضة»: الملء الرابع يؤجج الخلافات بين مصر وإثيوبيا

«سد النهضة»: الملء الرابع يؤجج الخلافات بين مصر وإثيوبيا

مع اقتراب عملية الملء الرابع لخزان «سد النهضة» الإثيوبي على نهر النيل، تأججت الخلافات بين القاهرة وأديس أبابا، وسط تصعيد متوقع في ظل جمود المفاوضات. وفيما اتهمت إثيوبيا مصر بـ«تسييس القضية»، رافضة الحصول على «إذن مسبق» من أجل الشروع في عملية الملء، قالت الخارجية المصرية إن إثيوبيا «تتنصل من المسؤولية القانونية». وتبني إثيوبيا «سد النهضة» على الرافد الرئيسي لنهر النيل، منذ عام 2011، ووفق الهيئة الحكومية المسؤولة عن المشروع، فقد اكتمل 90 في المائة من عمليات البناء.

محمد عبده حسنين (القاهرة)
العالم العربي «معركة علمية» بين القاهرة وأديس أبابا لحسم النزاع المائي

«معركة علمية» بين القاهرة وأديس أبابا لحسم النزاع المائي

تسعى إثيوبيا إلى «انتفاضة بحثية علمية» تخدم موقفها في نزاعها المائي مع مصر، التي نجحت في فرض حضور دولي مبني على «نشر معلومات مغايرة للحقيقة»، بحسب وزير المياه والطاقة الإثيوبي هبتامو إيتافا. وتتنازع إثيوبيا مع كل من مصر والسودان، بسبب «سد النهضة»، الذي تبنيه على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويثير توترات مع دولتي المصب. وتقول القاهرة إن السد، الذي يقام منذ 2011، وقارب على الانتهاء بنحو 90 في المائة، يهدد «حقوقها» في مياه النهر الدولي، مطالبةً بضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم ينظم قواعد ملء وتشغيل «سد النهضة».

محمد عبده حسنين (القاهرة)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.