أحمد زايد مديراً لمكتبة الإسكندرية خلفاً لـمصطفى الفقي

شغل مناصب عدة وصاحب إسهامات لافتة في علم الاجتماع

د. أحمد زايد (صفحة المجلس القومي للمرأة على فيسبوك)
د. أحمد زايد (صفحة المجلس القومي للمرأة على فيسبوك)
TT

أحمد زايد مديراً لمكتبة الإسكندرية خلفاً لـمصطفى الفقي

د. أحمد زايد (صفحة المجلس القومي للمرأة على فيسبوك)
د. أحمد زايد (صفحة المجلس القومي للمرأة على فيسبوك)

أعلنت مكتبة الإسكندرية، اختيار الدكتور أحمد زايد، مديراً للمكتبة، خلفاً للدكتور مصطفى الفقي، الذي انتهت علاقته القانونية بالمكتبة في مايو (أيار) الماضي، وقالت المكتبة، في بيان صحافي اليوم (الاثنين)، إن «مجلس أمناء المكتبة اجتمع برئاسة وزير التعليم العالي والبحث العلمي نيابة عن رئيس الجمهورية، ووافق بالإجماع على انتخاب الدكتور أحمد عبد الله زايد، أستاذ علم الاجتماع، وعميد كلية الآداب الأسبق بجامعة القاهرة، مديراً جديداً للمكتبة».
ووجه الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الشكر للفقي على «حسن إدارته لهذه المؤسسة العريقة خلال السنوات الخمس الماضية، وتعامله الحكيم مع كافة الملفات الفكرية والثقافية، والعمل على تحقيق الشراكة مع المؤسسات الدولية ذات الصلة لخدمة دور المكتبة»، لافتاً إلى أن «هذا هو الاجتماع الأول لمجلس الأمناء منذ عام 2019 بسبب ظروف جائحة (كوفيد - 19)».
كان الفقي قد قال، يوم 8 يونيو (حزيران) الماضي، خلال لقائه الأسبوعي مع الإعلامي شريف عامر في برنامج «يحدث في مصر» على فضائية «إم بي سي مصر»، إن «علاقته القانونية بالمكتبة قد انتهت في 28 مايو الماضي، وإنه يقوم بتسيير العمل لحين اختيار من يكمل المسيرة»، وأضاف أنه «استأذن في الانصراف بعد أن تجاوز عمره الـ77 عاماً»، لافتاً إلى أن «القرار ليس مفاجئاً فقد لمح له قبل 6 أشهر عندما أهدى مكتبته الخاصة التي تضم 11 ألف كتاب إلى مكتبة الإسكندرية».
وفي تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أكد الفقي أنه «قرر التفرغ للكتابة، والبحث، بعيداً عن العمل الإداري الذي استنزف صحته ووقته على مدار الخمس سنوات الماضية».
وتولى الفقي منصب مدير عام مكتبة الإسكندرية في مايو 2017 خلفا للدكتور إسماعيل سراج الدين، وفي أغسطس (آب) عام 2021 وصف الفقي، خلال حوار تلفزيوني، اختياره لتولي إدارة المكتبة بأنه «تتويج لتاريخه، فلم يكن يتطلع لأي وظائف في هذا العمر الكبير».
وقدمت الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة المصرية، وعضو مجلس أمناء المكتبة، التهنئة لزايد، مشيدة «بتميزه العلمي، وإسهاماته الفكرية في مجاله وتخصصه العلمي»، وقرر مجلس أمناء المكتبة عقد اجتماع مع المدير الجديد لمناقشة الخطط والرؤى والسياسات المطروحة لتطوير العمل، تمهيداً لعقد لقاء مرتقب مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وتخرج زايد في قسم الاجتماع بكلية الآداب، جامعة القاهرة، عام 1972، وحصل على الماجستير من نفس الكلية عام 1977، وجمع مادة الدكتوراه خلال منحة من المجلس الثقافي البريطاني، مكنته من الدراسة لمدة عامين في جامعة إيست أنجليا ببريطانيا، وحصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة عام 1981.
ركز زايد دراسته على الحركة النقدية في علم الاجتماع، وعلى النخبة في الريف المصري، وكتب عن الاستهلاك، والجسد، والمجال العام، ورأس المال الاجتماعي، ونقد الحداثة، والمجتمع المدني، وخطاب الحياة اليومية، والخطاب الديني، والعنف، كما ترجم العديد من الكتب في علم الاجتماع.
ويهتم زايد بتحليل الشخصية المصرية، ففي مقاله الأخير بجريدة «الأهرام» تحت عنوان «الهلع الأخلاقي وجرح المجتمع»، بتاريخ 9 يوليو (تموز) الجاري قال زايد إنه «يرفض اتجاه البعض للحديث عما أصاب المجتمع والأسرة من انحلال أخلاقي وتفكك اجتماعي، تعليقاً على حوادث العنف الأخيرة، ويتبنى موقفاً مختلفاً في هذا الموضوع»، موضحاً أن «العمران البشري الطبيعي هو العمران الذي يعرف كل أشكال السلوك: السوي والشاذ، المسالم والعنيف، المستقيم والمعوج، ولا شك أن السلوك السوي المسالم المستقيم والمتآلف مع العادات والتقاليد الاجتماعية هو السلوك الأكثر شيوعاً في المجتمعات، وتكون السلوكيات الشاذة هي السلوكيات النادرة»، مشيراً إلى أن «وجود حالات إجرامية لا يعني مطلقاً أن المجتمع قد انهار أو تفكك، ورغم حوادث العنف فإن المجتمع المصري يظل من أكثر المجتمعات سلماً وأمناً».
تدرج زايد في المناصب الجامعية، حتى شغل منصب عميد كلية الآداب عام 2004، وخلال الفترة من 1986 وحتى عام 1992، سافر زايد إلى قطر، في إعارة، وتولى مهام القائم بأعمال رئيس قسم الاجتماع بجامعة قطر خلال العام الدراسي 1990/1991. وبعد عودته لمصر شغل منصب مدير مركز البحوث والدراسات الاجتماعية، بجامعة القاهرة، في الفترة من 1994، وحتى 1998، ثم عمل مستشاراً ثقافياً لمصر في الرياض في الفترة من 1998 وحتى 2001، قبل أن يعود لكلية الآداب مرة أخرى.
عمل زايد محاضراً زائراً في السودان، وألمانيا والإمارات، وشارك في مؤتمرات علمية في عدة دول، وهو عضو الاتحاد الدولي لعلم الاجتماع، وعضو الجمعية العربية لعلم الاجتماع، وعضو لجنة الدراسات الاجتماعية بالمجلس الأعلى للثقافة المصري، ونائب رئيس الجمعية العربية لعلم الاجتماع.



رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم
TT

رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم، الذي رحل، الأحد، بعد رحلة طويلة في هذه الحياة تجاوزت تسعة عقود، كان أبرزها توليه منصب أمين مدينة الرياض في بدايات سنوات الطفرة وحركة الإعمار التي شهدتها معظم المناطق السعودية، وسبقتها أعمال ومناصب أخرى لا تعتمد على الشهادات التي يحملها، بل تعتمد على قدرات ومهنية خاصة تؤهله لإدارة وإنجاز المهام الموكلة إليه.

ولد الراحل النعيم في مدينة عنيزة بمنطقة القصيم وسط السعودية عام 1930، والتحق بالكتاتيب وحلقات التعلم في المساجد قبل إقرار المدارس النظامية، وأظهر نبوغاً مبكراً في صغره، حيث تتداول قصة عن تفوقه، عندما أجرى معلمه العالم عبد الرحمن السعدي في مدرسته بأحد مساجد عنيزة مسابقة لحفظ نص لغوي أو فقهي، وخصص المعلم جائزة بمبلغ 100 ريال لمن يستطيع ذلك، وتمكن النعيم من بين الطلاب من فعل ذلك وحصل على المبلغ، وهو رقم كبير في وقته يعادل أجر عامل لمدة أشهر.

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم

توجه الشاب النعيم إلى مكة بوصفها محطة أولى بعد خروجه من عنيزة طلباً للرزق وتحسين الحال، لكنه لم يجد عملاً، فآثر الذهاب إلى المنطقة الشرقية من بلاده حيث تتواجد شركة «أرامكو» ومشاريعها الكبرى، وتوفّر فرص العمل برواتب مجزية، لكنه لم يذهب للشركة العملاقة مباشرة، والتمس عملاً في إحدى محطات الوقود، إلى أن وجد عملاً في مشروع خط التابلاين التابع لشركة «أرامكو» بمرتب مجز، وظل يعمل لمدة ثلاث سنوات ليعود إلى مسقط رأسه عنيزة ويعمل معلماً في إحدى مدارسها، ثم مراقباً في المعهد العلمي بها، وينتقل إلى جدة ليعمل وكيلاً للثانوية النموذجية فيها، وبعدها صدر قرار بتعيينه مديراً لمعهد المعلمين بالرياض، ثم مديراً للتعليم بنجد، وحدث كل ذلك وهو لا يحمل أي شهادة حتى الابتدائية، لكن ذلك اعتمد على قدراته ومهاراته الإدارية وثقافته العامة وقراءاته وكتاباته الصحافية.

الراحل عبد الله العلي النعيم عمل مديراً لمعهد المعلمين في الرياض

بعد هذه المحطات درس النعيم في المعهد العلمي السعودي، ثم في جامعة الملك سعود، وتخرج فيها، وتم تعيينه أميناً عاماً مساعداً بها، حيث أراد مواصلة دراسته في الخارج، لكن انتظرته مهام في الداخل.

وتعد محطته العملية في شركة الغاز والتصنيع الأهلية، المسؤولة عن تأمين الغاز للسكان في بلاده، إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم، بعد أن صدر قرار من مجلس الوزراء بإسناد مهمة إدارة الشركة إليه عام 1947، إبان أزمة الغاز الشهيرة؛ نظراً لضعف أداء الشركة، وتمكن الراحل من إجراء حلول عاجلة لحل هذه الأزمة، بمخاطبة وزارة الدفاع لتخصيص سيارة الجيش لشحن أسطوانات الغاز من مصدرها في المنطقة الشرقية، إلى فروع الشركة في مختلف أنحاء السعودية، وإيصالها للمستهلكين، إلى أن تم إجراء تنظيمات على بنية الشركة وأعمالها.

شركة الغاز والتصنيع الأهلية تعد إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض، وأقر مشاريع في هذا الخصوص، منها إنشاء 10 بلديات في أحياء متفرقة من الرياض، لتسهيل حصول الناس على تراخيص البناء والمحلات التجارية والخدمات البلدية. ويحسب للراحل إقراره المكتب التنسيقي المتعلق بمشروعات الكهرباء والمياه والهاتف لخدمة المنازل والمنشآت وإيصالها إليها، كما طرح أفكاراً لإنشاء طرق سريعة في أطراف وداخل العاصمة، تولت تنفيذها وزارة المواصلات آنذاك (النقل حالياً)، كما شارك في طرح مراكز اجتماعية في العاصمة، كان أبرزها مركز الملك سلمان الاجتماعي.

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض