«الفلاشا» إسرائيليون من أصول أثيوبية يواجهون العنصرية في تل أبيب

«الفلاشا» إسرائيليون من أصول أثيوبية يواجهون العنصرية في تل أبيب
TT

«الفلاشا» إسرائيليون من أصول أثيوبية يواجهون العنصرية في تل أبيب

«الفلاشا» إسرائيليون من أصول أثيوبية يواجهون العنصرية في تل أبيب

تصدى أفراد الشرطة الاسرائيلية، أمس (الأربعاء)، لمئات المحتجين الاثيوبيين المناهضين للعنصرية في تل أبيب حيث حاول كثيرون منهم عرقلة شريان مروري رئيس.
وقالت الشرطة إن اثنين من نحو 400 محتج اعتقلا. ولم ترد تقارير عن وقوع اصابات في المواجهة التي استمرت عدة ساعات.
وفي الشهر الماضي شهدت تل ابيب أكثر المظاهرات عنفا في السنوات العديدة عندما هاجمت الشرطة التي تمتطي الجياد مئات المحتجين لتفريق حشد غاضب، بعد بث تسجيل فيديو يظهر رجال الشرطة يضربون جنديا من أصل اثيوبي.
ونظمت أحدث مظاهرة للضغط من أجل سرعة اتخاذ اجراءات ضد الشرطة التي اتهمت بالتورط في ذلك الهجوم.
ومنذ أيام أقرّ الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين بأن بلاده ارتكبت «أخطاء» بحق الإسرائيليين من أصول إثيوبية، واصفًا التمييز والعنصرية التي يعانونها بالجرح المفتوح الذي ينزف داخل المجتمع اليهودي. مشيرًا إلى أن الحكومة ارتكبت أخطاء لأنها لم تستجب لمناشدات ومطالب هذه الشريحة من المجتمع؛ وذلك بعد اندلاع اشتباكات عنيفة خلال احتجاجات وسط تل أبيب وفي القدس، استخدمت الشرطة خلالها القنابل الصوتية والغازات المسيلة للدموع.
ويُطلق على (يهود الحبشة) اسم يهود الفلاشا؛ وهي الكنية العبرية ليهود «بيتا إسرائيل» ومعناها: «جماعة إسرائيل»، وهو اسم للجماعة اليهودية التي تسكن في منطقة الحبشة التاريخية ومعظمهم حالياً من أصول أثيوبية. ووافق أفراد هذه الجماعة على قرار 2948 للحكومة الإسرائيلية في عام 2003 بعدها هاجروا إلى إسرائيل، وحظوا باعتراف من قضاة الهالاخاه واعتمادهم. ولكنّ الغالبية العظمى منهم تعاني بشكل يومي، من شتّى أنواع العنصرية.
وعلى الرغم من أنّهم يعيشون في اسرائيل منذ أكثر من ثلاثة عقود؛ عندما نقلوا جوا في عمليات سرية مثيرة في الثمانينات والتسعينات ووعدوا بحياة كريمة، إلّا أنّ العنصرية واجهتهم بأبشع أشكالها بسبب بشرتهم السمراء الداكنة، ومنعوا من قبل مواطنين اسرائيليين آخرين من السكن في بعض الأحياء والمدن، وحرموا من العديد من الوظائف، ولا تزال هذه الفجوات الاجتماعية والاقتصادية التي واجهتهم منذ عشرات السنين قائمة بينهم وبين السكان الآخرين بشكل عام قائمة.
ويعيش في إسرائيل اليوم 135500 يهودي من أصل اثيوبي، حوالى 85900 ولدوا في أديس أبابا، فيما ولد 49600 منهم في تل أبيب، حسبما أفادت بيانات صدرت في نهاية عام 2013.
ويقطن معظمهم في الأحياء والمدن الفقيرة ويرزح أكثر من ثلث العائلات تحت خط الفقر وأغلبهم يؤدون أعمالا ذات أجور متدنية.
وتفيد بيانات بأنّ متوسط الانفاق لكل أسرة اسرائيلية من أصل أثيوبي يشكل أقل بنسبة 35 في المائة من الأسر الإسرائيلية بشكل عام، في اتصال مع الدخل الإجمالي للأسر الإسرائيلية الإثيوبية، حيث يصل الدخل المالي الإجمالي للأسرة الواحدة من السكان من أصول إثيوبية إلى 11.453 شيقلاً جديدا، مقابل 17.711 شيقلاً جديدًا في عموم الأسر، ويشكّل 35 في المائة أقلّ من المعدّل لدى مجموع السكان. كما يبلغ متوسط الإنفاق لدى الأسرة الواحدة مبلغ 9.385 شيقلا، مقابل 14.501 لدى عموم الأسر، وهو أيضا أقل بـ 35 في المائة.
كما يعاني الطلاب أيضا من أصول أثيوبية من التمييز العنصري وفرصهم بالتعليم أقل بنسب كبيرة من باقي الطلاب؛ ففي عام 2014 درس نحو 312.528 طالبا جامعيا في مؤسسات التعليم العالي بإسرائيل، بينهم 2.785 طالبًا فقط من أصول إثيوبية، أي ما يعادل 0.9 في المائة من مجموع الطلاب في إسرائيل.
وفي أوّل جلسة له يوم الثلاثاء الماضي، وعد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ببحث مظالم الاسرائيليين من أصل اثيوبي. مندّدا بفكرة التمييز الاسرائيلي ضد الآخرين "بسبب لون بشرتهم"، قائلا "هذا مثير للغضب وسوف نصلحه".



هل يمكن أن تساعد روسيا كوريا الشمالية في برنامجها النووي والصاروخي؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون يوم 19 يونيو 2024 (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون يوم 19 يونيو 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن أن تساعد روسيا كوريا الشمالية في برنامجها النووي والصاروخي؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون يوم 19 يونيو 2024 (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون يوم 19 يونيو 2024 (أ.ب)

يرى سيجفرايد هيكر، الأستاذ بمعهد ميدلبري للدراسات الدولية التابع لجامعة مونتيري الأميركية، أن العلاقات المزدهرة بين كوريا الشمالية وروسيا أكثر بكثير من مجرد زواج مصلحة ناجم عن حرب روسيا في أوكرانيا. فقبل الحرب كانت كوريا الشمالية بالفعل قد أجرت تحولاً استراتيجياً تجاه روسيا، حيث تخلت عن هدفها الساعي إلى تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة.

وزير الخارجية الأوكراني أندري سيبيغا مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو في كييف السبت (أ.ب)

قال وزير الخارجية الأوكراني، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي في كييف، السبت، إن مشاركة قوات من كوريا الشمالية في الغزو الروسي لأوكرانيا تمثل تهديداً «هائلاً» بحدوث تصعيد. واتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي كوريا الشمالية، الأسبوع الماضي، بنشر قوات أمن إلى جانب القوات الروسية والاستعداد لإرسال عشرة آلاف جندي لمساعدة موسكو في جهودها الحربية.

وكشفت أجهزة الاستخبارات الكورية الجنوبية عن أن كوريا الشمالية قرّرت إرسال ما يصل إلى 12 ألف جندي لمؤازرة روسيا. ونشرت صوراً تفصيلية مُلتقطة عبر الأقمار الاصطناعية، قالت إنها تظهر أول عملية نشر لجنود تابعين لفرقة النخبة في القوات الخاصة الكورية الشمالية.

وتنفي موسكو وبيونغ يانغ الانخراط في عمليات نقل أسلحة. كما رفض الكرملين تأكيدات كوريا الجنوبية بأن كوريا الشمالية ربما أرسلت بعض العسكريين لمساعدة روسيا ضد أوكرانيا.

ورحبت روسيا بدعم كوريا الشمالية السياسي للحرب، وسرعان ما استفادت من إمدادات الذخيرة والصواريخ الباليستية. ونظراً لأنه على المدى الطويل لن يكون لدى أي من الطرفين ما يريده الطرف الآخر بشدة، فإن التحالف بينهما قد يكون محكوماً عليه في نهاية المطاف بالذبول. ومع ذلك، فإنه في الوقت الحالي يؤدي التحالف إلى مزيد من الدمار في أوكرانيا، ويهدد بتصعيد الأعمال القتالية في شبه الجزيرة الكورية.

وأوضح هيكر، في تقرير نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، ونقلت عنه «الوكالة الألمانية» للأنباء، أن الرئيس الكوري كيم يونغ أون اتجه إلى روسيا قبل غزوها لأوكرانيا. فبعد القمة الفاشلة مع الرئيس السابق ترمب في هانوي في فبراير (شباط) 2019، قام كيم يونغ أون بمراجعة وإعادة صياغة السياسيات الأمنية لكوريا الشمالية.

شباب كوريون يوقّعون على عرائض للانضمام إلى الجيش الكوري الشمالي (رويترز)

وبحلول عام 2021، خلص كيم إلى أن الولايات المتحدة لن تسمح لبلاده أو لنظامه بالبقاء. وتخلى عن السياسة التي دامت 30 عاماً، والتي صاغها كيمال سونغ، وواصلها كيم يونغ إل، لتطبيع العلاقات مع واشنطن كعازل ضد الصين وروسيا. وبعد أن اقتنع كيم بأن الولايات المتحدة في حالة تدهور، اختار مرة أخرى الانضمام إلى الصين وروسيا في معارضتهما للنظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة.

وهذا التحول الأساسي في السياسة تم قبل غزو روسيا لأوكرانيا. وكان كيم على استعداد لدعم روسيا سياسياً ومادياً بمجرد بدء الحرب. وفي خلال العامين الماضيين زودت كوريا الشمالية روسيا بصواريخ باليستية وبأكثر من عشرة آلاف حاوية عسكرية التي ربما كانت تحمل الملايين من الذخيرة.

وهذه الإمدادات لم تؤدِّ فقط إلى المساعدة في نجاح روسيا في أوكرانيا، ولكنها وفرت أرض اختبار لإنتاج كوريا الشمالية من الذخيرة والصواريخ، وربما اختبار أيضاً لأطقم الصواريخ.

زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون في مناسبة لخريجي أكاديمية «أو جين يو» للمدفعية (أ.ف.ب)

وبحلول يوليو (تموز) 2023، كانت هناك بالفعل دلائل على أن هناك توتراً بين بيونغ يانغ وبكين بسبب اتجاه كوريا الشمالية نحو روسيا. فالصين لا تحبذ دعم بيونغ يانغ لحرب روسيا في أوكرانيا ببرنامجها النووي والصاروخي المتسارع بدرجة كبيرة. وعلى الرغم من أن وزارة الخارجية الصينية تنتقد بصورة روتينية واشنطن بسبب زيادة التوترات في شبه الجزيرة الكورية، فمن الشائع الآن تلميح بكين بأن كوريا الشمالية ترتكب أخطاء بنفس القدر. وأوضحت بيونغ يانغ تماماً تفضيلها لروسيا. وتعكس رسائل كيم جونغ أون إلى بوتين وشي جينبينغ ذلك.

وليس معروفاً سوى قدر ضئيل عما تقدمه روسيا لكوريا الشمالية في مقابل مساعداتها العسكرية. وتشير رحلات الطائرات العسكرية الروسية إلى كوريا الشمالية إلى أن هناك تواصلاً مستمراً في مجال المعرفة الفنية. وعلى الرغم من أن كوريا الشمالية أصبحت تمتلك ترسانة نووية تنطوي على تهديد، فإنها ما زالت تعاني من فجوات كبيرة في إمكانياتها.

كوريا الشمالية تفجر أجزاء من طريق تربطها بجارتها الجنوبية (أ.ف.ب)

وعلى سبيل المثال، تمتلك كوريا مخزوناً محدوداً من البلوتونيوم والتريتيوم، وهما من الوقود المطلوب لإنتاج القنابل الهيدروجينية الحديثة. وفي حقيقة الأمر يعدّ تطوير كوريا الشمالية وتصغيرها لحجم رؤوسها الحربية محدوداً، حيث أجرت ستة اختبارات نووية فقط حتى الآن، بالمقارنة بـ1054 اختبارا أجرتها الولايات المتحدة، و715 اختباراً أجرتها روسيا، و45 اختباراً أجرتها الصين.

ويقول هيكر إن القلق يكمن في إمكانية أن تساعد روسيا كوريا الشمالية سريعاً في سد ما تعاني منه من فجوات. ومثل هذه المساعدة سوف تمثل انتهاكاً لالتزامات روسيا بالنسبة لمعاهدة حظر الانتشار النووي.

يذكر أنه قبل ضم شبه جزيرة القرم عام 2014 وغزو أوكرانيا عام 2022، كان الاتحاد السوفياتي/روسيا دولة مسؤولة فيما يتعلق بالمعاهدة، وعضواً داعماً للوكالة الدولية للطاقة الذرية. ولسوء الحظ، فإن روسيا بغزوها لأوكرانيا، أصبحت دولة مارقة.

فقد هددت باستخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا والدول المحيطة. وانتهكت الضمانات الأمنية لحظر الانتشار النووي التي قدمتها لأوكرانيا عندما وقعت مذكرة بودابست عام 1994 باحترام سيادة أوكرانيا مقابل إعادة الأسلحة النووية المتبقية من العهد السوفياتي إلى موسكو. وارتكبت إرهاب الدولة النووي عندما انتهكت منطقة استبعاد حادث تشيرنوبيل النووي واحتلالها للمحطات النووية في زابوريجيا تحت تهديد السلاح.

ويمكن القول إن روسيا تحولت إلى دولة نووية غير مسؤولة لم يعد من الممكن لبقية دول العالم الاعتماد عليها لتعزيز معايير حظر الانتشار النووي. وذلك هو القلق الأساسي على المدى القريب بالنسبة للعلاقة الجديدة بين روسيا وكوريا الشمالية.