اعتداء إسرائيلي على مقبرة في حيفا فيها رفات الشيخ القسام

فلسطينيو 48 يتظاهرون احتجاجًا ويحذرون من الاستفزاز الجديد

مجموعة مسلحة من كتائب عز الدين القسام التابعة لحركة حماس تراقب جرافات إسرائيلية تعمل قرب الأسلاك الشائكة بين رفح في جنوب قطاع غزة والحدود الإسرائيلية (أ.ف.ب)
مجموعة مسلحة من كتائب عز الدين القسام التابعة لحركة حماس تراقب جرافات إسرائيلية تعمل قرب الأسلاك الشائكة بين رفح في جنوب قطاع غزة والحدود الإسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

اعتداء إسرائيلي على مقبرة في حيفا فيها رفات الشيخ القسام

مجموعة مسلحة من كتائب عز الدين القسام التابعة لحركة حماس تراقب جرافات إسرائيلية تعمل قرب الأسلاك الشائكة بين رفح في جنوب قطاع غزة والحدود الإسرائيلية (أ.ف.ب)
مجموعة مسلحة من كتائب عز الدين القسام التابعة لحركة حماس تراقب جرافات إسرائيلية تعمل قرب الأسلاك الشائكة بين رفح في جنوب قطاع غزة والحدود الإسرائيلية (أ.ف.ب)

تظاهر عشرات المسلمين من فلسطينيي 48، أمام مقر محكمة الصلح في «الكريوت» (شمال حيفا)، خلال مناقشة المحكمة لطلب شركة خاصة السماح لها بإخلاء القبور الإسلامية في مقبرة بلد الشيخ المهجرة؛ حيث دفن الشيخ عز الدين القسام، أحد قادة الثورة الفلسطينية عام 1936. ورفع المتظاهرون لافتات بالعربية والعبرية، كتب عليها «كلنا ضد تدنيس القبور»، و«فتح القبور عقاب للأحياء والأموات».
وتدعي شركة «كرور م. ض» أنها اشترت حقوق الملكية على أرض المقبرة (التي تضم رفات كثير من شهداء فلسطين، إضافة إلى الشهيد الشيخ عز الدين القسام) في السبعينات، وتخلت عن أرض لها لاستخدامها للدفن. وحسب الوثيقة التي عرضتها أمام المحكمة، فقد صادقت محكمة الصلح في حيفا في عام 2000 على إخلاء القبور الإسلامية. لكن الوقف الإسلامي في حيفا، الذي قامت المحكمة الشرعية بتعيين أعضائه، يدعي أنه المسؤول عن المقبرة وليست لجنة أمناء الوقف التي عينتها الدولة (هذه اللجنة تورطت في السابق، في بيع كثير من أراضي الوقف الإسلامي في حيفا). وعليه تعتبر لجنة الوقف أن الإجراء القانوني لاغٍ، لأنها ليست طرفًا في الصفقة. وقال المحامي خالد دغش، عضو الوقف الإسلامي في حيفا: «لا يمكن أن يطالبونا بإخلاء القبور وأخذ عظام الموتى كي يبنوا هناك مشروعًا تجاريًا». ويشار إلى أن المسلمين توقفوا عن دفن موتاهم في هذه المقبرة منذ أواخر الأربعينات (بعد النكبة).
وكان المحامي دغش، قد وجه نداء عاجلاً للمواطنين للتصدي لهذا الاعتداء الجديد على المقبرة، قال فيه: «إن مقبرة القسام في بلد الشيخ، تتعرض هذه الأيام لهجمة قانونية خطيرة تمهيدًا لاقتطاع جزء منها لإقامة مشروع تجاري لصالح شركة إسرائيلية». وكانت هيئة متولي أوقاف حيفا قد أصدرت، قبل أيام، بيانًا جاء فيها أنه «عدا قدسيتها، فإن مقبرة القسام قبل كل شيء هي معلم تاريخي، وهي ذاكرة شعب وشاهد علی جرائم النكبة، ولكنها صمدت وما زالت صامدة جميلة، ومميزة بمساحتها الواسعة، وتذكر بحدائقها وأشجارها الخاصة التاريخية، لا سيما أشجار زيتون ما زالت تثمر إلی اليوم، ومجموعة مبانٍ قديمة، وكلها تحتاج إلی العناية والصيانة، لإحيائها وإعادتها إلى سابق عهدها الجميل».
وأطلقت هيئة متولي أوقاف حيفا الاستقلال والجرينة، «نداء استغاثة» إلی كل حُر في العالم، وإلى كل مؤسسة جمعية، وجهة حقوقية وغير حقوقية في إسرائيل وخارجها، لمساعدتها والوقوف بجانبها للتصدي لهذه الهجمة.
وأثار النواب: مسعود غنايم، وعبد الحكيم حاج يحيى، ود. باسل غطاس (من القائمة المشتركة)، خلال خطاباتهم في الكنيست، قضية انتهاك المقبرة. وقال النائب غنايم: «تخوض لجان الوقف الإسلامي، واللجان الشعبية وجمعيات تعنى بالمقدسات، نضالاً ضد محاولة شركة (كيور أحزكوت) الإسرائيلية، بناء مستودعات للتخزين على أرض المقبرة وانتهاك حرمتها؛ إذ تدعي الشركة أنها اشترت نحو 11 دونمًا من دائرة أراضي إسرائيل، المسؤولة عن أراضي المقبرة، كونها وقفًا إسلاميًا. ولكن أهالي الموتى والجماهير العربية لن تسمح بانتهاك حرمة القبور والمقبرة، وأدعو كل من له صلة بالقضية أن يوقف هذا الانتهاك». وقال النائب عبد الحكيم حاج يحيى، إن «دولة إسرائيل صادرت منذ قيامها، الأوقاف الإسلامية، ونقلت ملكيتها إلى الشركات الإسرائيلية، التي دنستها من خلال إقامة المشاريع والمصانع». وأضاف: «في سنوات التسعينات، كان هنالك مخطط لشق شارع وسط أرض مقبرة القسام، وتصدينا أنا والنائب السابق عبد المالك دهامشة لهذه المحاولة؛ حيث قدمنا مخططًا بديلاً يقضي بإقامة جسر لتفادي المساس بالقبور».
وقال النائب د. باسل غطاس في كلمته: «إن أهم ملامح الصهيونية الاستعمارية هي علاقتها بالمقدسات؛ حيث يبدو واضحًا وجليًا تحقيرها للمقدسات الإسلامية والمسيحية، وهذا تجلى اليوم والأمس، وما زال في قضية المقبرة الإسلامية في بلد الشيخ التي تحوي رفات الشهداء، والتي بيعت من قبل الدولة لمستثمر خاص قبل أكثر من 60 عامًا، وبالأمس منع المستوطنون المتطرفون وفود المسيحيين من الصلاة فيما يُسمى (قبر داود) في عيد العنصرة». وأعرب النائب غطاس عن استنكاره الشديد لهذه التصرفات الاستعمارية في المس بالمقدسات.
وقد أرجأت المحكمة في حيفا البت في طلب الشركة الإسرائيلية إزالة عدد من القبور في جزء من مقبرة القسام.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».