توصل النساء والأطفال... لبنانية تتحدى الأزمة الاقتصادية بالتوكتوك (صور)

هلا تقل زبونة على متن عربة التوكتوك الصغيرة (رويترز)
هلا تقل زبونة على متن عربة التوكتوك الصغيرة (رويترز)
TT

توصل النساء والأطفال... لبنانية تتحدى الأزمة الاقتصادية بالتوكتوك (صور)

هلا تقل زبونة على متن عربة التوكتوك الصغيرة (رويترز)
هلا تقل زبونة على متن عربة التوكتوك الصغيرة (رويترز)

تقود هلا محمد اليمن التكتوك في مدينة صيدا بجنوب لبنان لتوصيل الركاب وكسب المال للإنفاق على أسرتها.

واشترت هلا المركبة ذات العجلات الثلاث قبل بضعة أشهر بتشجيع من ابنتها، وأوضحت «الغلاء كبير فاضطررت (الى شراء التوكتوك) بعدما تعذبت على الطرقات (سيرا على الأقدام)... فقررت ابنتي أنه يجب أن أشتري توكتوك، وهذا ما فعلته».
وبعد طلاقها، أصبحت هلا المعيل الرئيسي للأسرة. وتساعدها ابنتها في المهام المنزلية فيما يساهم أبناؤها أحيانا في الدخل. ويتعين على هلا التكفل بمعظم نفقاتهم في ظل ارتفاع الأسعار والأزمة الاقتصادية في لبنان.

وقالت هلا: «رأت إبنتي قصة التوكتوك على فيسبوك، وهي تعلم بأني أقضي أقضي مشاويري سيرا على الأقدام بسبب ارتفاع كلفة التاكسي، فسألتني ماما ما رأيك بهذا الاختراع؟ قلت لها إن الموضوع صعب، لكنها أصرّت عليّ لشرائه».
واستطاعت هلا تدبر ثمن التوتوك من خلال بيع مصوغاتها الذهبية، وتشرح «بعت مصوغاتي الذهبية لشرائه... المعيشة صعبة، والغلاء كبير جدا وسعر صرف الدولار بارتفاع وهذا من الأسباب التي أثّرت علي بقوة لأني أدفع إيجار البيت، ناهيك عن المصاريف».

بمركبتها الصغيرة، توصل الزبونات والأطفال لجميع أنحاء صيدا، وقالت زبونات إنهن سعيدات بتوفر وسيلة نقل بأسعار معقولة، ويشعرن معها بالأمان نظرا لأن من يقودها امرأة.

وأوضحت زهرة حنقير، وهي إحدى الزبونات، إنها تفضل التوكتوك لتشجيع امرأة مثلها، وقالت «أحتاج 200 ألف ليرة لبنانية أجرة طريق ذهابا وإيابا أنا وابنتي»، وأضافت أنها من خلال استخدامها التوكتوك كوسيلة للنقل بدلا من سيارة الأجرة «وفّرت مبلغا جيدا وشجعتها، كما أنه آمن، إذ إني أركب وسيلة نقل تقودها امرأة».
كذلك، اتفقت مع هلا زبونة أخرى اسمها فاطمة سنتينا، وأشارت الى أنها توفر نحو ثلث رسوم سيارات الأجرة، وأعجبت بفكرة التوكتوك في ظل الوضع الراهن الذي تشهده البلاد.
وقالت: «امرأة تقود (التوكتوك) أمر محفّز. كما أنه أوفر، ويمكن أن يسلك طرقات مختصرة»وأضافت فاطمة أنه بالتوكتوك يمكن لهلا أن تسلك طرقا مختصرة لتجنب الزحام ».
وتتحدد رسوم التوصيل بالتوكتوك وفقا للأسعار اليومية للوقود، الذي كان سعره في متناول اليد بسبب الدعم، لكن سعره ارتفع بأكثر من 20 مرة منذ أن بدأ الاقتصاد اللبناني في الانهيار في عام 2019.
وأدى هذا الوضع إلى زيادة عدد مركبات التوكتوك في الشوارع في أنحاء لبنان، إذ يبحث مواطنون مثل هلا عن بدائل بأسعار معقولة وسط الظروف المالية القاسية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.