تحذير بريطاني من ارتفاع درجات الحرارة في عطلة نهاية الأسبوع

رجل يحمل مروحة كبيرة يسير في ويستمنستر (د.ب.أ)
رجل يحمل مروحة كبيرة يسير في ويستمنستر (د.ب.أ)
TT

تحذير بريطاني من ارتفاع درجات الحرارة في عطلة نهاية الأسبوع

رجل يحمل مروحة كبيرة يسير في ويستمنستر (د.ب.أ)
رجل يحمل مروحة كبيرة يسير في ويستمنستر (د.ب.أ)

ارتفعت درجات الحرارة بداية الأسبوع الحالي، بصورة تكاد تكون نادرة في بريطانيا، وبالنسبة أيضاً لملايين البريطانيين، حيث أشار مؤشر الزئبق إلى 32 درجة مئوية في نورث هولت، غرب العاصمة لندن.
ورغم فشل درجات الحرارة في تحطيم الرقم القياسي البالغ 38.7 درجة مئوية، الذي سجّل في حديقة كامبريدج النباتية، في 25 يوليو (تموز) 2019، فقد شهد الأسبوع الحالي المشمس، تسجيل ويلز لأشد أيام السنة حرارة حتى الآن.
وفي الوقت الذي يفترض أن يكون المساء أكثر برودة، أفاد «مكتب الأرصاد الجوية» بأن العديد من المناطق ستقضي «ليلة استوائية» مع درجات حرارة لا تقل عن 20 درجة مئوية.
وأصدر مكتب الأرصاد الجوية تحذيراً نادراً من «الحرارة الشديدة» في غالبية أنحاء إنجلترا وويلز. وتحذير «مكتب الأرصاد الجوية» يعني، أن هناك احتمالية لتأخير السفر، وإغلاق الطرق، والسكك الحديدية، وانقطاع التيار الكهربائي، وحتى المخاطر المحتملة على الحياة والممتلكات.
وقد تلقى الناس الأسبوع الحالي، نصائح باتخاذ إجراءات تضمن البقاء بأمان في ظل الشمس الحارقة، حيث انتشرت أنباء عن وفاة صبي يبلغ من العمر 16 عاماً، خلال عطلة نهاية الأسبوع أثناء السباحة في «دوبر ديلف في لانكشاير».
لم يحدث أن وصلت درجات الحرارة مطلقاً إلى 40 درجة مئوية (104 فهرنهايت) في المملكة المتحدة، ولكن لأول مرة أظهر الكومبيوتر توقعات بأن تسجيل هذه الدرجة ممكن في منتصف يوليو (تموز).
ووفقاً لأحدث التوقعات، يمكن أن تصل الحرارة في أجزاء كبيرة من الجنوب الشرقي أيضاً إلى 39 درجة مئوية (102 درجة فهرنهايت).
ورغم إمكانية أن يكون الصيف الحالي ناشطاً على الشواطئ وفي الحدائق بسبب أشعة الشمس، فقد حذر العلماء من أن الامتداد الحالي للطقس الحار، هو مؤشر خطير على تغير المناخ.
في السياق، قال الدكتور مايكل بيرن، المحاضر في علوم الأرض والبيئة في جامعة سانت أندروز: «إن موجة الحر الحالية لهي تذكير خطير بالتأثيرات المتسارعة للاحتباس الحراري». وأضاف أنه «مع توقع أن تشعر لندن وكأنها برشلونة بحلول عام 2050، تستعد المملكة المتحدة لموجات حر أكثر تواتراً وشدة خلال السنوات المقبلة. وتُعدّ درجات الحرارة الشديدة تهديداً خطيراً للصحة العامة، ولا تزال المملكة المتحدة غير مستعدة للتعامل معه. ونحن بحاجة ماسة إلى إصلاح البنية التحتية لإبقاء الناس هادئين وصحيين في عالم سريع الاحترار».
جدير ذكره، أن أعلى رقم قياسي في البلاد لعام 2022 بلغ حتى الآن، 32.7 درجة مئوية (90.9 فهرنهايت) سجل في هيثرو في 17 يونيو (حزيران) .



«لعبة النهاية»... رائعة صمويل بيكيت بالعاميّة المصرية

جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
TT

«لعبة النهاية»... رائعة صمويل بيكيت بالعاميّة المصرية

جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)

استقبل مسرح «الطليعة» في مصر أحد العروض الشهيرة للكاتب الآيرلندي الراحل صمويل بيكيت (1906- 1989)، «لعبة النهاية»، الذي رغم احتفاظه بالروح الأصلية للعمل الشهير المنسوب إلى مسرح العبث، فقد شكَّل إضاءة على مشاعر الاغتراب في الواقع المعاصر. وهو عرضٌ اختتم مشاركته في مهرجان «أيام قرطاج المسرحي» ليُتاح للجمهور المصري في المسرح الكائن بمنطقة «العتبة» وسط القاهرة حتى بداية الأسبوع المقبل.

على مدار 50 دقيقة، يحضر الأبطال الـ4 على المسرح الذي يُوحي بأنه غُرفة منسيّة وموحشة، فيتوسّط البطل «هام» (محمود زكي) الخشبة جالساً على كرسيّه المتحرّك بعينين منطفئتين، في حين يساعده خادمه «كلوف» ويُمعن في طاعته والإصغاء إلى طلباته وتساؤلاته الغريبة التي يغلُب عليها الطابع الساخر والعبثيّ المُتكرّر عبر سنوات بين هذا السيّد والخادم.

يَظهر والد «هام» ووالدته داخل براميل قديمة وصدئة، ويجلسان طوال العرض بداخلها، ولا يخرجان إلا عندما يستدعيهما الابن الذي صار عجوزاً، فيسألهما أسئلة عبثية لا تخلو من تفاصيل عجيبة، ويخاطبهما كأنهما طفلين يُغريهما بالحلوى، في حين يبادلانه أحاديث تمتزج بالذكريات والجنون، ليبدو كأنهما خارج العالم المادي؛ محض أرواح مُحتضرة تُشارك «هام» هلوساته داخل تلك الغرفة.

الأب يؤدي دوره من داخل أحد البراميل (مسرح الطليعة)

في المعالجة التي يقدّمها العرض، يحتفظ المخرج المصري السيد قابيل بأسماء الأبطال الأجنبية التي كتبها صمويل بيكيت من دون منحها أسماء محلّية. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «قدَّم المسرح المصري هذه المسرحية قبل 60 عاماً تقريباً في عرض للفنان الكبير الراحل سعد أردش، لكنه كان باللغة العربية الفصحى. اليوم، عالجتُ النص وأقدّمه بالعامية المصرية. احتفظت بالأسماء الأصلية للأبطال وهوياتهم، وكذلك بروح العمل وتفاصيل الحوار فيه، خصوصاً أنّ لهذا العرض الذي ينتمي إلى مسرح العبث فلسفته التي تمسّكتُ بها ضمن قالب جديد».

يؤدّي دور الخادم «كلوف» الفنان المصري محمد صلاح الذي اعتمد جزءٌ كبير من أدائه على الإفراط بحركات سير متعرّجة في محاولاته المُتسارعة لتلبية طلبات سيّده الأعمى، إذ يبدو كأنه في مَهمّات لا نهائية، منها ترتيب البيت الخالي بشكل فانتازي. بالإضافة إلى تردّده الدائم على نافذة الغرفة التي يظّل سيّده يطلب منه وصف ما يدور خارجها، فيصف له الضوء والبحر اللذين لا يدرك إذا كانا موجودَيْن بالفعل أم محض خيال.

على مدار العرض، يظلُّ الخادم يسأل: «لماذا أطيعك في كل شيء؟»، و«متى جئتُ إلى هذا البيت لخدمتك؟»، فيكتشف أنه قضى عمره داخل جدرانه المخيفة، فيقرّر في خطوة خلاص مغادرة خدمة سيّده، فتكون لحظة فتحه باب البيت هي عينها لحظة نهاية اللعبة، حتى وإنْ ظلّ واقفاً أمامه، متوجّساً من الخروج إلى العالم الحقيقي ومواجهة المجهول. لحظة تحدّيه سيطرة سيّده «هام» سرعان ما تبدو كأنها لا تختلف عن «الفراغ» الذي أمامه، بما يعكس فلسفة صمويل بيكيت عن سخرية الحياة، حيث لا يبدو الهروب من عبثها ممكناً أبداً.

الأب والأم في أحد مَشاهد المسرحية (مسرح الطليعة)

يشير مخرج العرض السيد قابيل إلى أنّ «للقضية التي تطرحها المسرحية صيغة إنسانية عابرة للمكان والزمان، وتصلُح لتقديمها في أي وقت؛ وإنْ كُتب النصّ الأصلي لبيكيت في الخمسينات. فكثير من نصوص شكسبير، والنصوص اليونانية القديمة العائدة إلى ما قبل الميلاد، لا تزال قابلة لإعادة تقديمها، وصالحة لطرح أسئلة على جمهور اليوم. وفي هذا العرض أدخلنا بعض الإضافات على الإضاءة والموسيقى للتعبير بصورة أكبر عن دراما الأبطال، ومساعدة المتلقّي على مزيد من التفاعُل».

الفنان محمود زكي في مشهد من العرض (مسرح الطليعة)

وعكست ملابس الممثلين الرثّة حالة السواد التي تطغى على عالمهم، في حين وُظّفت الإضاءة في لحظات المُكاشفة الذاتية التي تتوسَّط سيل الحوارات الغارقة في السخرية والتكرار العدميّ والخضوع التام. فإذا كان السيّد الأعمى والمشلول يعتمد على خادمه في مواصلة لعبة عبثية يتسلّى بها في عزلته، فإنّ الخادم يظلُّ غير قادر على تصوُّر الحياة بعيداً عن قواعد تلك «اللعبة».