«يورو 2022»... المسرح المثالي لإظهار تطور «كرة القدم للسيدات»

نسخة إنجلترا قد تكون دليلاً على تقدمها

إنجلترا قد تكون المسرح المثالي لإظهار مدى تطور كرة القدم للسيدات (أ.ب)
إنجلترا قد تكون المسرح المثالي لإظهار مدى تطور كرة القدم للسيدات (أ.ب)
TT

«يورو 2022»... المسرح المثالي لإظهار تطور «كرة القدم للسيدات»

إنجلترا قد تكون المسرح المثالي لإظهار مدى تطور كرة القدم للسيدات (أ.ب)
إنجلترا قد تكون المسرح المثالي لإظهار مدى تطور كرة القدم للسيدات (أ.ب)

إذا سقطت شجرة في الغابة ولم يكن هناك من يراها أو يسمعها، فهل تصدر صوتاً؟ لطالما كانت كرة القدم النسائية هي تلك الشجرة التي تكافح من أجل أن تُرى أو تُسمع. وكانت التغطية قليلة جداً، وكان الحضور الجماهيري منخفضاً جداً لدرجة أن المرء يكون معذوراً لو تساءل عما إذا كانت المباريات قد أقيمت بالفعل أم لا. أما الآن، فكل العيون تتجه نحو تلك الشجرة، فهناك صحافيون متربصون في الغابة، وأجهزة كومبيوتر محمولة على أهبة الاستعداد، وحشود مجتمعة حولها، كما ينتظر المتخصصون في مكان قريب. لقد استيقظ العالم على وجود كرة القدم للسيدات في السنوات الأخيرة، وهو الآن متعطش لرؤية المزيد.
وأخيراً، يتم تسليم اللعبة للجماهير على طبق من ذهب، في الوقت الذي وصلت فيه المستويات إلى الأفضل على الإطلاق. وعندما نزلت قائدة المنتخب الإنجليزي، ليا ويليامسون، إلى أرض الملعب أمام حشد جماهيري غفير على ملعب «أولد ترافورد»، الذي كان مملوءاً عن آخره بالجماهير، في السادس من يوليو (تموز) - في المباراة التي فازت فيها إنجلترا على النمسا بهدف دون رد - كان من المستحيل تجنب صوت أو مشهد سقوط الشجرة. لقد كان وجه مدافعة آرسنال، ووجه زملائها في الفريق، على صدر الصفحات الأولى للصحف، وعلى اللوحات الإعلانية في الشوارع والإعلانات في كل مكان، وعلى كل شيء بدءاً من عبوات البطاطس وصولاً إلى زجاجات المشروبات الغازية.
وعندما أعلن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم في عام 2018 عن تقدمه بعرض لاستضافة البطولة وأعلن قائمة المدن التي ستستضيف نهائيات كأس الأمم الأوروبية للسيدات، كانت مجموعة الملاعب المختارة مخيبة للآمال. لكن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم كان طموحاً بحذر، فعدد التذاكر المتاحة على هذه الملاعب كان ضعف العدد المتاح لنسخة 2017 التي أقيمت في هولندا، لكن لم يكن أحد يعلم حجم النمو الهائل الذي ستشهده اللعبة في هذه الأثناء.


«يورو 2022» للسيدات تحظى بمتابعة إعلامية وجماهيرية واسعة على خلاف النسخ السابقة (رويترز)

ومنذ تلك البطولة في عام 2017. أقيمت بطولة كأس العالم في فرنسا في عام 2019. والتي استقطبت عدداً قياسياً من المشاهدين بلغ 1.12 مليار مشاهد. وشاهد المباراة النهائية 82.18 مليون مشاهد، بحسب البيانات الصادرة عن الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، بينما أكدت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن 47 في المائة من سكان المملكة المتحدة شاهدوا تغطيتها للبطولة.
ربما يكون الشيء الأكثر إثارة في هذه النسخة من بطولة كأس الأمم الأوروبية للسيدات هو عدم القدرة على التنبؤ بما سيحدث بها. ففي كل بطولة يكون هناك منتخب مرشح للفوز باللقب، لكن هذه المرة يمكن القول إن هناك ستة أو سبعة منتخبات لديها آمال واقعية في رفع كأس البطولة في 31 يوليو (تموز).
جذبت إسبانيا - المرشحة الأولى للفوز باللقب في مكاتب المراهنات - انتباه الكثيرين، وتضم بين صفوفها اللاعبة الفائزة بالكرة الذهبية لأفضل لاعبة في العالم، أليكسيا بوتيلاس، بالإضافة إلى العديد من زميلاتها الرائعات في نادي برشلونة، لكن على المسرح الدولي فإن هذا منتخب شاب. صحيح أن المنتخب الإسباني وصل إلى دور الثمانية في عامي 2013 و2017، ودور الستة عشر في كأس العالم 2019. لكنه لم يتأهل إلى نهائيات البطولات الكبرى سوى خمس مرات قبل كأس العالم هذا الصيف، ويفتقر إلى الحيوية التي يتمتع بها نادي برشلونة المدعوم بالعديد من المواهب غير الإسبانية.
فازت ألمانيا ثماني مرات ببطولة كأس الأمم الأوروبية ومرتين ببطولة كأس العالم، وتمتلك الآن فريقاً قادراً على استعادة اللقب. ومع ذلك، لم يتمكن المنتخب الألماني من احتلال مركز أفضل من المركز الرابع في نهائيات كأس العالم منذ الفوز باللقب في عام 2007، وودع مونديال 2017 من دور الثمانية.
ودائماً ما كانت فرنسا تتعثر ولا تحقق النتائج المتوقعة منها، فخرجت من نهائيات كأس العالم 2019 على أرضها بعد الخسارة أمام الولايات المتحدة الأميركية في الدور ربع النهائي، وتعرضت المديرة الفنية لفرنسا، كورين دياكري، لانتقادات لاذعة بسبب علاقتها المتوترة مع عدد من أبرز لاعبات الفريق. وتم استبعاد كل من أماندين هنري، التي سجلت هدفاً مذهلاً مع ليون في نهائي دوري أبطال أوروبا ضد برشلونة الشهر الماضي، والهدافة التاريخية للمنتخب الفرنسي، أوجيني لو سومر، من القائمة في هذه النهائيات.
واحتلت السويد، التي تضم قائدة تشيلسي ماجدة إريكسون في قلب خد الدفاع، ومهاجمة آرسنال ستينا بلاكستينيوس في الهجوم، المركز الثاني في دورتين متتاليتين للألعاب الأولمبية وحصلت على المركز الثالث متقدمة على إنجلترا في كأس العالم 2019. وحصلت هولندا على لقب أول بطولة كبرى في عام 2017 أمام حشود غفيرة من الجماهير الهولندية التي لعبت دوراً فعالاً في دعم صاحبات الأرض، قبل أن تحصل هولندا على المركز الثاني خلف الولايات المتحدة في كأس العالم 2019.
لكن ماذا عن حظوظ المنتخب الإنجليزي؟ في الحقيقة، يكاد يكون من المستحيل التنبؤ بذلك. يأتي المنتخب الإنجليزي، بقيادة المديرة الفنية سيرينا ويغمان، في المركز الثاني بين المرشحين للفوز باللقب في مكاتب المراهنات، لكن الطريق إلى اللقب لن يكون سهلاً على الإطلاق. لقد تأثرت جميع المنتخبات بتفشي فيروس كورونا وتأجيل هذه النهائيات لمدة عام، لكن المنتخب الإنجليزي واجه اضطرابات وصعوبات أكثر من غيره. فمع رحيل فيل نيفيل لتولي القيادة الفنية لإنتر ميامي للرجال في الدوري الأميركي للمحترفين بعد سلسلة من النتائج المخيبة للآمال في المباريات الودية، تم تعيين اللاعبة الدولية السابقة في منتخب النرويج، هيغ رايز، مديرة فنية مؤقتة، قبل تعيين ويغمان، التي كانت مصممة على قيادة منتخب بلادها هولندا في دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو قبل الانتقال رسمياً لتولي قيادة المنتخب الإنجليزي.
تولت ويغمان أخيراً قيادة المنتخب الإنجليزي الصيف الماضي. من المرجح أن يتأهل المنتخب الإنجليزي من المجموعة الأولى رفقة منتخب النرويج، الذي يعد المنافس الرئيسي على صدارة المجموعة، لكن من المؤكد أن مهمة المنتخب الإنجليزي ستكون أصعب مما كان متصوراً في البداية، خاصة بعد عودة الهدافة التاريخية لدوري أبطال أوروبا آدا هيغربيرغ إلى كرة القدم الدولية مع منتخب النرويج.
وفي حال تأهل إنجلترا إلى الدور ربع النهائي، فمن المحتمل أن تواجه ألمانيا أو إسبانيا (رغم أن الدنمارك، بقيادة بيرنيل هاردر، لن تكون منافساً سهلاً في المجموعة الثانية). ستكون هناك ضغوط كبيرة على المنتخب الإنجليزي من أجل تقديم أداء جيد، خاصة في ظل الدعم الجماهيري الهائل وبيع جميع تذاكر مباريات المنتخب الإنجليزي في دور المجموعات قبل وقت طويل من انطلاق البطولة على ملعب «أولد ترافورد». وفي حال تحقيق المنتخب الإنجليزي للسيدات نتائج جيدة، فمن المرجح أن يجذب ذلك انتباه وحماس الجماهير في تكرار للحالة التي خلقها المنتخب الإنجليزي للرجال في نهائيات كأس الأمم الأوروبية الصيف الماضي، كما سيساعد ذلك في جذب مزيد من المشجعين لمتابعة اللعبة على المستوى المحلي.
وعلاوة على ذلك، لم تكن ويغمان، التي تمتلك خبرات هائلة، خائفة من إجراء تغييرات كبيرة في صفوف الفريق الذي تولت قيادته، حيث منحت شارة القيادة لويليامسون، ورأت أن القائدة السابقة، ستيف هوتون، غير لائقة بما يكفي لكي تنضم إلى القائمة النهائية للمنتخب الإنجليزي التي تضم 23 لاعبة، رغم الجهود الرائعة التي بذلتها اللاعبة للانضمام لمنتخب بلادها بعد تعافيها من الإصابة في وتر العرقوب. كما قامت ويغمان بالكثير من التجارب والتغييرات، سواء في تشكيلة الفريق أو في مراكز اللاعبات داخل المستطيل الأخضر، وغيرت مركز ويليامسون لكي تلعب محور ارتكاز، وجربتها في دور هجومي أكبر، وغيرت مركز قلب الدفاع ميلي برايت لكي تلعب مهاجمة في الدقائق الأخيرة من المباراة الودية أمام إسبانيا في فبراير (شباط) الماضي.
وبغض النظر عمن سيصل إلى المباراة النهائية على ملعب ويمبلي، والتي بيعت تذاكرها بالكامل، فمن المؤكد أن هذه البطولة ستعزز مسيرة كرة القدم للسيدات بشكل عام، مع تحسن المستوى عاماً بعد عام واستمرار الاستثمار والدعم في اللعبة بشكل عام، وهو ما ينعكس على الأداء داخل الملعب.
والآن، يبقى أن نرى إلى أي مدى ستكون هذه المسابقة - تغطية المنافسات، وطريقة بث «بي بي سي» للمباريات، ونتائج المنتخب الإنجليزي - قادرة على تضمين البطولة في الوعي العام الإنجليزي. ومع ذلك، فمع توالي مباريات البطولة، ستزداد تجربة المشجعين ثراء، وستزداد مباريات كرة القدم للسيدات إثارة ومتعة.


مقالات ذات صلة

«قاضية بريطانية» تلزم السيتي بدفع الجزء الأكبر من رواتب مندي

رياضة عالمية بنجامان مندي (أ.ف.ب)

«قاضية بريطانية» تلزم السيتي بدفع الجزء الأكبر من رواتب مندي

يتوجّب على نادي مانشستر سيتي الإنجليزي لكرة القدم دفع الجزء الأكبر من مبلغ 15 مليون دولار قيمة الرواتب غير المدفوعة والمحجوبة عن لاعبه السابق الفرنسي بنجامان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية تشابي ألونسو (رويترز)

ألونسو: علينا أن نتعلّم من الخسارة الكبيرة أمام ليفربول

قال تشابي ألونسو، المدير الفني لفريق باير ليفركوزن الألماني لكرة القدم، إن فريقه سيتعلّم من الخسارة الكبيرة صفر-4 التي تعرّض لها الفريق أمام ليفربول.

«الشرق الأوسط» (ليفربول)
رياضة عالمية بنجامين ميندي (أ.ف.ب)

الفرنسي ميندي يربح جزئياً قضية مستحقات لدى مانشستر سيتي

حقق المُدافع السابق لمانشستر سيتي بنجامين ميندي، اليوم الأربعاء، انتصاراً جزئياً في قضيته ضد النادي المنافس بالدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية أرني سلوت (إ.ب.أ)

سلوت: العمل الجاد سر تألق ليفربول هذا الموسم

ربما يجعل فريق ليفربول الإنجليزي لكرة القدم الأمور تبدو سهلة، بعدما حقق انتصاره الرابع عشر في 16 مباراة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية الأمير عبدالله بن مساعد (شيفيلد يونايتد)

مجموعة أميركية تقترب من الاستحواذ على شيفيلد يونايتد

قالت وسائل إعلام بريطانية الثلاثاء إنه من المقرر أن يتم الإعلان عن بيع نادي شيفيلد يونايتد الذي وصل لمراحل نهائية خلال الـ 48 ساعة القادمة.

نواف العقيّل (الرياض)

البرازيلي ميكالي يوقع عقود تدريب منتخب مصر للشباب

البرازيلي روجيرو ميكالي مديراً فنياً لمنتخب مصر للشباب (الاتحاد المصري)
البرازيلي روجيرو ميكالي مديراً فنياً لمنتخب مصر للشباب (الاتحاد المصري)
TT

البرازيلي ميكالي يوقع عقود تدريب منتخب مصر للشباب

البرازيلي روجيرو ميكالي مديراً فنياً لمنتخب مصر للشباب (الاتحاد المصري)
البرازيلي روجيرو ميكالي مديراً فنياً لمنتخب مصر للشباب (الاتحاد المصري)

أعلن الاتحاد المصري لكرة القدم عن توقيع البرازيلي روجيرو ميكالي، المدير الفني السابق للمنتخب الأولمبي، على عقود تعيينه مديراً فنياً لمنتخب مصر للشباب (مواليد 2005).

وذكر المركز الإعلامي للاتحاد المصري لكرة القدم، الأحد، أن مجلس إدارة الاتحاد عقد جلسة مع ميكالي، تم الاتفاق خلالها على تفاصيل العمل خلال المرحلة المقبلة.

وحقق ميكالي إنجازاً تاريخياً مع المنتخب الأولمبي المصري، بقيادته للتأهل إلى قبل النهائي في أولمبياد باريس 2024، مما دفع الاتحاد المصري للتعاقد معه لقيادة جيل جديد، استعداداً لأولمبياد لوس أنجليس 2028.