الانقلابيون دمروا البنية التحتية لقطاع النقل اليمني

حركة المرور على الطريق الذي يربط بين تعز المحاصرة من قبل الحوثيين وميناء عدن الجنوبي (أ.ف.ب)
حركة المرور على الطريق الذي يربط بين تعز المحاصرة من قبل الحوثيين وميناء عدن الجنوبي (أ.ف.ب)
TT

الانقلابيون دمروا البنية التحتية لقطاع النقل اليمني

حركة المرور على الطريق الذي يربط بين تعز المحاصرة من قبل الحوثيين وميناء عدن الجنوبي (أ.ف.ب)
حركة المرور على الطريق الذي يربط بين تعز المحاصرة من قبل الحوثيين وميناء عدن الجنوبي (أ.ف.ب)

اتهمت دراسات وتقارير يمنية الميليشيات الحوثية بإغلاق وتدمير وتقطيع أوصال الطرق والجسور بين المحافظات، الأمر الذي خلق معوقات وصعوبات كبيرة ومكلفة وتعقيدات طويلة على حركة السفر وانتقال المواطنين وحركة انتقال شاحنات البضائع.
وقالت دراسة يمنية حديثة إن الانقلاب الحوثي أثر في البنية التحتية لقطاع النقل بشكل كبير، وأدى إلى تضرر الطرقات والجسور والموانئ والمطارات، وتعرض ما نسبته 29 في المائة من إجمالي شبكة الطرق داخل المدن لدرجة عالية من الضرر، وأكثر من 500 كيلومتر لدمار كلي، مشيرة إلى تقديرات عن خسائر بمليارات الدولارات في هذا القطاع الحيوي.
وبحسب الدراسة التي أعدها مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي (منظمة يمنية)، تعرض 50 في المائة أو أكثر من البنية التحتية لشبكة الطرق في مدن الحزم وتعز وصعدة ومأرب للضرر.
ويشير تقرير تقييم الأضرار الذي أجراه صندوق صيانة الطرقات إلى أن ما لا يقل عن 1241 كلم من الطرق تضرر بشكل كبير في محافظات صعدة وعمران وصنعاء وتعز وأبین ولحج، وتوقفت العديد من مشروعات الطرق الريفية وعقود صيانة الطرق والجسور، ما عطل الكثير من فرص العمل وكسب الدخل.
ويقدر إجمالي الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للطرق داخل المدن، بما في ذلك إنارة الشوارع في 16 مدينة ما بين 240 و293 مليون دولار، وتراوحت الأضرار التي لحقت بقطاع النقل من الطرق داخل المدن أو الطرق الطويلة التي تربط المدن ببعضها، والجسور والموانئ والمطارات بـ780 و953 مليون دولار أميركي.
وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن تكاليف الأضرار في قطاع النقل البري والجسور تقدر بنحو 500 مليون دولار أميركي.
وشكا سكان بمحافظة إب اليمنية (190 كلم جنوب صنعاء) من تعرضهم لمعاناة ومخاطر تهدد أرواحهم أثناء تنقلاتهم وسفرهم بسبب تدهور خطوط السير، بخاصة الخط الواصل بين محافظتي الحديدة وإب.
في هذا السياق كشفت مصادر محلية في إب لـ«الشرق الأوسط»، عن تهالك ما يزيد على 70 في المائة من الطريق الرئيسي الرابط للمحافظة بالحديدة بسبب استمرار فساد الميليشيات الحوثية وإهمالها المتعمد.
وأوضح السكان في منطقة العدين لـ«الشرق الأوسط»، أن الطريق الرابط بين مدينتهم ومركز إب (40 كلم) من جهة وبين مدينتهم والحديدة من جهة ثانية أصبح اليوم مدمرا بشكل شبه كلي، دون وجود أي تدخلات من قبل الميليشيات لإجراء أعمال الصيانة، داعين قادة الانقلاب إلى تحمل مسؤولياتهم وتسخير جزء من الأموال التي نهبوها من القطاعات والصناديق الحكومية الإيرادية ومن جيوب المواطنين لترميم الطريق.
ونظرا لاستمرار حالة التدهور في الخط الرابط بين (الحديدة - إب) أكد السكان تعرض شاحنات نقل بصورة يومية لحوادث سقوط وانقلابات، وقالوا إن آخر تلك الحوادث تمثل بانقلاب 4 شاحنات وتعطل 3 أخريات قبيل عيد الأضحى، منها انقلاب شاحنتين في نقيل مشورة وأخرى في نقيل الركة بذات المنطقة.
وأدى انقلاب الشاحنات مؤخرا إلى توقف حركة السير وتعطيل أعمال المسافرين وتوقف تنقلاتهم لأكثر من يومين، رغم مناشداتهم العاجلة التي لم تلق أي استجابة من قبل سلطات الانقلاب في مركز المحافظة.
واتهم مصدر مطلع قادة الميليشيات بأنهم يستولون على أكثر من 19 مليون ريال يمني شهريا من إيرادات وعائدات المكاتب الحكومية في مدينة العدين، إلى جانب 7 ملايين ريال تنهبها الجماعة عبر الجبايات المفروضة على السكان والتجار وصغار الباعة في المدينة (الدولار حوالي 600 ريال).
ومع مرور أكثر من 25 إلى 35 مقطورة نقل ثقيل يوميا قادمة من الحديدة إلى محافظة إب ثم إلى مختلف المناطق اليمنية عبر ذلك الطريق المتهالك، كشف المصدر، الذي فضل حجب اسمه، لدواع أمنية، عن جباية الميليشيات عبر نقاط تفتيش تابعة لها مبالغ مالية تصل أسبوعيا إلى ملايين الريالات عن كل شاحنة تحمل سلعا ومنتجات مختلفة.
واتهم المصدر القيادي الموالي للميليشيات عبد الواحد صلاح المنتحل لصفة محافظ إب بأنه يتحصل كل 3 أشهر على مبلغ يصل إلى 35 مليون ريال من الإتاوات التي يتقاسمها مع مشرفي الجماعة في المحافظة.
ومع تأكيدات عدد من السائقين وشكواهم المستمرة من تدهور خطوط السير، أشار سائق مقطورة إلى تردي البنية التحتية في طريق (إب - الحديدة) وتدميره بشكل كلي نتيجة سيول الأمطار الجارفة وإهمال قادة الجماعة وتقاعسهم عن القيام بواجبهم في عمل الصيانة.
وأوضح أن القيادة والسير بهذه الخطوط تحولت إلى مخاطرة كبيرة، لافتا إلى تعرضه لخسائر كبيرة بسبب انقلاب شاحنته عدة مرات في الخط الرابط بين الحديدة وإب.
ودعا سائق الشاحنة سلطات الجماعة الانقلابية في إب إلى اقتطاع ولو جزءا بسيطا من الأموال التي تفرض بشكل يومي مقابل السماح لهم بالعبور، وتخصيصها لأعمال الصيانة كون ذلك الخط لا يزال يعاني من التآكل وانتشار الحفريات نتيجة الأمطار التي تشهدها باستمرار مختلف مديريات المحافظة.
ويقول السكان في مدينة العدين إن المبالغ التي تجبيها الجماعة الحوثية على مداخل المدينة تصل إلى عشرات الملايين من الريالات، وهي كافية لشق العشرات من الطرق الجديدة، وليس مجرد الإصلاح والترميم.
وكان مختصون في هندسة الطرق بصنعاء تحدثوا بوقت سابق مع «الشرق الأوسط»، عن تعرض كثير من الطرقات والجسور خلال السنوات الماضية لعوامل طبيعية وغير طبيعية أدت في المجمل إلى تضررها وخروجها عن الخدمة، دون أن تقوم الجماعة الانقلابية بأي تحرك للصيانة.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.