بعد موافقة الحكومة اليمنية المشاركة في مشاورات جنيف.. مشكلة انعدام الثقة تهددها

سعي أممي لعقد مشاورات جنيف وإعلان وقف إطلاق النار خلال شهر رمضان

مقر السفارة الأميركية المغلقة في صنعاء أمس حيث تحاط بقوات موالية للحوثي وصالح (إ.ب.أ)
مقر السفارة الأميركية المغلقة في صنعاء أمس حيث تحاط بقوات موالية للحوثي وصالح (إ.ب.أ)
TT

بعد موافقة الحكومة اليمنية المشاركة في مشاورات جنيف.. مشكلة انعدام الثقة تهددها

مقر السفارة الأميركية المغلقة في صنعاء أمس حيث تحاط بقوات موالية للحوثي وصالح (إ.ب.أ)
مقر السفارة الأميركية المغلقة في صنعاء أمس حيث تحاط بقوات موالية للحوثي وصالح (إ.ب.أ)

أكدت الحكومة اليمنية، أمس، موافقتها على المشاركة في المشاورات التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف بين الأطراف اليمنية، مطالبة بأن تكون تلك المشاورات مبنية على أساس تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي، بما في ذلك الاستناد إلى شرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
وشدد الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق على أن المحادثات التي يعقدها مبعوث الأمين العام الخاص لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد مع مختلف الأطراف اليمنية لا تزال مستمرة، موضحا أنه ليس هناك حتى الآن إعلان موعد محدد لمحادثات جنيف، ملمحا إلى تفاؤل حول نتائج المفاوضات التي عقدها إسماعيل ولد الشيخ أحمد مع الحكومة اليمنية والرئيس عبد ربه منصور هادي، وإمكانية إعلان موعد مشاورات جديد خلال الأيام القادمة.
وتسربت أنباء أمس حول جهود دبلوماسية للتوصل إلى اتفاق حول هدنة إنسانية ووقف لإطلاق النار خلال فترة شهر رمضان (بعد أسبوعين) وتضييق الفجوة بين موقف واشتراطات الحكومة اليمنية والرئيس عبد ربه منصور هادي للمشاركة في مشاورات جنيف، (والتي تعتمد بشكل أساسي على تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2216 ومخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية) وموقف الحوثيين واستعدادهم لتنفيذ بنود قرار مجلس الأمن 2216 وخروجهم من المدن التي يسيطرون عليهم ووقف إطلاق النار.
وقال دبلوماسي غربي لـ«الشرق الأوسط»: «هناك تقدم كبير في المحادثات للتوصل إلى اتفاق على هدنة طويلة نسبيا وإحياء العملية السياسية، وهناك عمل مستمر لوضع إطار للمشاورات التي تستضيفها جنيف والأطراف التي ستشارك فيها وجدول الأعمال». وأشار الدبلوماسي إلى مشكلة «انعدام الثقة» بين الأطراف اليمنية، إضافة إلى مشكلة الضمانات التي تضمن التزام كل طرف بما يتم التوصل إليه من اتفاق دون انتهاكات. وقال: «إذا سارت المحادثات بالشكل المرجو منها فإنه سيتم الإعلان حول التوافق المبدئي بين الحوثيين والحكومة اليمنية الشرعية حول آليات وملامح المفاوضات التمهيدية وإعلان هدنة ووقف إطلاق النار وضمانات التزام الحوثيين بتسليم الأراضي التي استولوا عليها والانسحاب من المدن التي احتلوها تحت إشراف الأمم المتحدة وتسليم أسلحتهم».
ويطالب الحوثيون بضمانات عدم ملاحقتهم سياسيا وأمنيا في حال تسليم أسلحتهم والانسحاب من المدن اليمنية وتهيئة الأجواء لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية تحت إشراف دولي.
وأوضح الدبلوماسي الغربي، أن بريطانيا قدمت مشروع بيان لمجلس الأمن يدعم جهود الأمين العام للأمم المتحدة لإحياء المفاوضات السياسية وعقد مشاورات في جنيف للبحث عن حل سياسي سلمي للأزمة. ويدعو مشروع القرار الأطراف اليمنية إلى الاستجابة إلى طلب الأمم المتحدة المشاركة في المشاورات السياسية التي ترعاها المنظمة الدولية في جنيف.
وبدوره، قال راجح بادي، المتحدث باسم الحكومة اليمنية، أمس، إن هناك توجها لعقد محادثات سلام يمنية برعاية الأمم المتحدة في جنيف في غضون أسبوعين. وأضاف بادي لوكالة الصحافة الفرنسية: «هناك جهود ومشاورات من أجل عقد لقاء تشاوري بين السلطة الشرعية والمتمردين الحوثيين في جنيف برعاية الأمم المتحدة، في غضون أسبوعين». وشدد على أن «أساس هذه المحادثات يجب أن يكون، وهذا ما نتمسك به، تنفيذ القرار 2216» الذي يدعو خصوصا إلى انسحاب الحوثيين من المناطق التي سيطروا عليها.
وقال ردا على سؤال حول موافقة الحوثيين لهذا المبدأ: «بحسب ما يصلنا من أجواء الوسطاء، لا سيما المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد الذي التقاه الرئيس هادي في الرياض، هناك تقدم لا بأس به». إلا أن بادي أكد أنه «لا حديث الآن عن هدنة جديدة».
وفشلت الأمم المتحدة في عقد جولة أولى من المحادثات اليمنية في جنيف في 28 مايو (أيار) بهدف الخروج من الأزمة.
وتأتي هذه التصريحات فيما تستمر في مسقط محادثات غير رسمية بين مندوبين أميركيين وممثلين عن الحوثيين.
وقال بادي: «نحن لسنا طرفا في هذه المحادثات، فهي بين الأميركيين والمتمردين الحوثيين حصرا». وإذ رفض التعليق على هذه المحادثات قال: «نتمنى أن تصب في إطار الضغط الأميركي على الحوثيين لتنفيذ القرار 2216».
من جانبها، أكدت ماري هارف، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، أن جهود دبلوماسية للوساطة بين الولايات المتحدة وجماعة الحوثيين بهدف إيجاد حل سلمي للأزمة لليمن. وأشار مسؤول بالخارجية الأميركية إلى وجود عدة قنوات اتصال بين الولايات المتحدة وجماعة الحوثيين، موضحا أن الحكومة الأميركية تستخدم تلك القنوات لتوضيح موقفها وتسهيل تنفيذ القرارات الدولية. وقال في تصريحات صحافية: «نحن نقوم باستخدام عدة قنوات اتصال في أوقات مختلفة للتعبير عن الآراء الأميركية لممثلي الحوثيين من أجل تسهيل تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي، وحث الأطراف لتسهيل مهام تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثة للشعب اليمن ونعمل لمواصلة دعم عملية الانتقال السياسي في اليمن على أساس مبادرة مجلس التعاون الخليجي ومخرجات مؤتمر الحوار والوطني وقرارات مجلس الأمن الدولي».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.