فرقة «حلم».. من ألحان الدراويش إلى معزوفات موسيقية تحارب التعصب

نشأت في أكثر أزقة بغداد خطورة

عازف من الفرقة يغطي وجهه كناية عن التطرف
عازف من الفرقة يغطي وجهه كناية عن التطرف
TT

فرقة «حلم».. من ألحان الدراويش إلى معزوفات موسيقية تحارب التعصب

عازف من الفرقة يغطي وجهه كناية عن التطرف
عازف من الفرقة يغطي وجهه كناية عن التطرف

أربعة شباب يسكنون في أكثر أزقة بغداد المحاطة بالتطرف والسلاح. من هناك، يتسللون يوميا على مدى أعوام بآلاتهم الموسيقية التي قد تودي بهم إلى القتل على يد المتطرفين. حلمهم بالموسيقى جعلهم يطلقون أخيرا فرقة «حلم»، التي أرادوها أن تكون «فرقة منفردة بنوع فنها وليست تقليدية». وتتكون «حلم» من خمسة أفراد وهم: عازف العود فهد عبد الرحمن، وعازف الغيتار علي حسين، وعلى الدف والإيقاع كل من حسن قحطان، ومدين محمد، ويشاركهم في الغناء والتراتيل مصطفى فالح.
وقدمت الفرقة أولى عروضها الموسيقية على أحد المسارح في بغداد عام 2012، لتنال بعد ذلك شهرة محلية واسعة، وكسبت جمهورا بغداديا لم يتخيل أحد منهم أنه ما زال يوجد مثله بعدما هيمنت الأغنية العراقية سريعة الإيقاع وكسبت مستمعين كثرا، لينطلقوا بعد ذلك بحفلات كثيرة في المحافظات العراقية الأخرى.
يقول لنا حسن قحطان أحد أعضاء فرقة «حلم»: «بدأنا بما يشبه المغامرة، وتعرضنا بادئ الأمر إلى كم هائل من الانتقادات، لكن الترحيب بنا لا يمكن مقارنته»، مضيفا عن صعوبة التنقل في بيئة خصبة بأفكار التطرف المحلية: «مجموعتنا جازفت كثيرًا بموضوع حمل الآلات حتى اضطررنا إلى أن نخرج آلاتنا الموسيقية من البيوت بحاوية النفايات لصعوبة الظروف الاجتماعية للمناطق السكنية التي يسكن فيها أعضاء الفرقة».
وتتخصص مجموعة «حلم»، بالموسيقى الصوفية الحديثة، رغم صعوبة عدم وجود ماضٍ لهذا اللون الموسيقي في العراق. فكل ما يرتبط بذهن من عايش تقلبات الموسيقى والتحديثات اللحنية عليها داخل العراق، يجد أن ما يعرفون محليا بالدراويش، والمقصود دراويش التكية العلية القادرية الكسنزانية التي ربطت الموسيقى الصوفية في العراق بالحضرة الكسنزانية إضافة إلى الحضرة القادرية، هم الوحيدون الذين يرددون الأغنيات الصوفية والموشحات الدينية في جلسات خاصة بمجموعة حلقات مستديرة تمسك الدف، وتردد الشعر والابتهالات داخل المساجد لتشوق الجميع إلى الأذكار ولتبلغ بهم إلى جانب روحي هو غاية الوجد لدى المتصوفة، مثل النقارة التي يستخدمها الدراويش الأكراد البرزنجية، لا سيما في المناسبات الإسلامية بين المولد النبوي، أو طقوس ليالي شهر رمضان.
والمعروف أن انطلاقة التصوف الإسلامي في القرن السادس الهجري كانت من العراق، كما أن بغداد مدينة التصوف مثلما هي مدينة العلم، فقد أقبل البغداديون على الغناء الصوفي مبكرا كما يقول عزيز السيد جاسم في كتابه «متصوفة بغداد».
ويقول حسن الشكرجي مدير عام دائرة الفنون الموسيقية في بغداد، إن «الإنشاد والغناء الصوفي في العراق والبلدان العربية ينبع من وحدة انطلاق، حيث التشابه في الأسلوب والاختلاف في التقديم، وبغداد موطن لهذا اللون، ومنه انتقل إلى الشام ومصر وتركيا».
لكن فرقة «حلم» لا تبحث عن الأنغام والألحان الروحية المعهود سماعها في موسيقى وغناء التصوف، بل تعمد إلى تناول معاصرة، مثل حادثة حلبجة، التعصب الطائفي، مرض التوحد، سبايا الشام، فالقطع الموسيقية بالنسبة لهم تجسد حوادث على أرض الواقع. وفي إدانتهم التطرف، أطلقوا أخيرا مقطوعة وهم يعصبون أعينهم بقطع قماش سوداء، في إشارة إلى أن التطرف أعمى وحالما يصبح فكر الإنسان متطرفا فإنه لن يرى شيئا أمامه ويغلق عقله عن تقبل أي آخر مختلف عنه.



«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
TT

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي»، بدولة قطر، مساء الثلاثاء، الفائزين في فئات الدورة العاشرة، وذلك خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي لأمير البلاد، وشخصيات بارزة، وأعضاء البعثات الدبلوماسية، ونخبة من الباحثين والعاملين بمجال الترجمة.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المترجمين وتقدير دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين شعوب العالم، وتقدير دورهم عربياً وعالمياً في مد جسور التواصل بين الأمم، ومكافأة التميز في هذا المجال، وتشجيع الإبداع، وترسيخ القيم السامية، وإشاعة التنوع، والتعددية والانفتاح.

الشيخ ثاني بن حمد لدى حضوره حفل تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كما تطمح إلى تأصيل ثقافة المعرفة والحوار، ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وتنمية التفاهم الدولي، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين اللغة العربية وبقية لغات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب، ويبلغ مجمل قيمة الجائزة في مختلف فئاتها مليوني دولار أميركي.

وقال الدكتور حسن النعمة، أمين عام الجائزة، إنها «تساهم في تعزيز قيم إنسانية حضارةً وأدباً وعلماً وفناً، اقتداءً بأسلافنا الذي أسهموا في بناء هذه الحضارة وسطروا لنا في أسفار تاريخها أمجاداً ما زلنا نحن اليوم الأبناء نحتفل بل ونتيه مفتخرين بذلك الإسهام الحضاري العربي في التراث الإنساني العالمي».

وأشاد النعمة بالكتاب والعلماء الذين ترجموا وأسهموا في إنجاز هذه الجائزة، وبجهود القائمين عليها «الذين دأبوا على إنجاحها وإخراجها لنا في كل عام لتكون بهجة ومسرة لنا وهدية من هدايا الفكر التي نحن بها حريُّون بأن نرى عالمنا أجمل وأسعد وأبهج وأرقى».

الدكتور حسن النعمة أمين عام الجائزة (الشرق الأوسط)

من جانب آخر، أعربت المترجمة والأكاديمية، ستيفاني دوغول، في كلمة نيابة عن الضيوف وممثلة للمترجمين، عن شكرها لجهود دولة قطر وجائزة الشيخ حمد للترجمة في تكريم المترجمين والمثقفين من كل أنحاء العالم، موجهة التحية لجميع الفائزين، وللغة العربية.

يشار إلى أنه في عام 2024، توصلت الجائزة بمشاركات من 35 دولة حول العالم، تمثل أفراداً ومؤسسات معنية بالترجمة، من بينها 17 دولة عربية. وقد اختيرت اللغة الفرنسية لغة رئيسية ثانية إلى جانب اللغة الإنجليزية، بينما اختيرت الهنغارية والبلوشية والتترية واليوربا في فئة اللغات القليلة الانتشار.

الفائزون بالدورة العاشرة

وفاز بالجائزة هذا العام «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية»، في المركز الثاني رانية سماره عن ترجمة كتاب «نجمة البحر» لإلياس خوري، والثالث إلياس أمْحَرار عن ترجمة كتاب «نكت المحصول في علم الأصول» لأبي بكر ابن العربي، والثالث (مكرر): ستيفاني دوغول عن ترجمة كتاب «سمّ في الهواء» لجبور دويهي.

وعن «فئة الترجمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية»، فاز بالمركز الثاني الحُسين بَنُو هاشم عن ترجمة كتاب «الإمبراطورية الخَطابية» لشاييم بيرلمان، والثاني (مكرر) محمد آيت حنا عن ترجمة كتاب «كونت مونت كريستو» لألكسندر دوما، والثالث زياد السيد محمد فروح عن ترجمة كتاب «في نظم القرآن، قراءة في نظم السور الثلاث والثلاثين الأخيرة من القرآن في ضوء منهج التحليل البلاغي» لميشيل كويبرس، والثالث (مكرر): لينا بدر عن ترجمة كتاب «صحراء» لجان ماري غوستاف لوكليزيو.

من ندوة «الترجمة من اللغة العربية وإليها... واقع وآفاق» (الشرق الأوسط)

أما (الجائزة التشجيعية)، فحصل عليها: عبد الواحد العلمي عن ترجمة كتاب «نبي الإسلام» لمحمد حميد الله. بينما فاز في «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية»، حصلت على المركز الثالث: طاهرة قطب الدين عن ترجمة كتاب «نهج البلاغة» للشريف الرضي. وذهبت الجائزة التشجيعية إلى إميلي درومستا (EMILY DRUMSTA) عن ترجمة المجموعة الشعرية «ثورة على الشمس» لنازك الملائكة.

وفي (فئة الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية) حصل على المركز الثاني مصطفى الفقي وحسام صبري عن ترجمة كتاب «دليل أكسفورد للدراسات القرآنية» من تحرير محمد عبد الحليم ومصطفى شاه، والثاني (مكرر): علاء مصري النهر عن ترجمة كتاب «صلاح الدين وسقوط مملكة بيت المقدس» لستانلي لين بول.

وفي «فئة الإنجاز»، في قسم اللغة الفرنسية: (مؤسسة البراق)، و(دار الكتاب الجديد المتحدة)، و«في قسم اللغة الإنجليزية»: (مركز نهوض للدراسات والبحوث)، و(تشارلز بترورث (Charles E. Butterworth)، وفي لغة اليورُبا: شرف الدين باديبو راجي، ومشهود محمود جمبا. وفي «اللغة التترية»: جامعة قازان الإسلامية، و«في قسم اللغة البلوشية»: دار الضامران للنشر، و«في اللغة الهنغارية»: جامعة أوتفوش لوراند، وهيئة مسلمي المجر، وعبد الله عبد العاطي عبد السلام محمد النجار، ونافع معلا.

من ندوة «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة» (الشرق الأوسط)

عقدٌ من الإنجاز

وعقدت الجائزة في الذكرى العاشرة لتأسيسها ندوة ثقافية وفكرية، جمعت نخبة من أهم العاملين في مجال الترجمة والمثاقفة من اللغة العربية وإليها، تتناول الندوة في (الجلسة الأولى): «الترجمة من اللغة العربية وإليها: واقع وآفاق»، بينما تتناول (الجلسة الثانية): «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة، وكيفية تطوير هذا الدور».

وخلال مشوارها في عشر سنوات، كرّمت الجائزة مئات العاملين في الترجمة من الأفراد والمؤسسات، في نحو 50 بلداً، لتفتح بذلك آفاقاً واسعة لالتقاء الثقافات، عبر التشجيع على الاهتمام بالترجمة والتعريب، ولتصبح الأكبر عالمياً في الترجمة من اللغة العربية وإليها، حيث اهتمت بها أكثر من 40 لغة، كما بلغت القيمة الإجمالية السنوية لمجموع جوائزها مليوني دولار.

ومنذ تأسيسها، كرمت الجائزة 27 مؤسسة ودار نشر من المؤسسات التي لها دور مهم في الترجمة، و157 مترجماً و30 مترجمة، حيث فاز كثيرون من مختلف اللغات الحية عبر العالم. حتى اللغات التي يتحدث بها بضعة ملايين بلغتها الجائزة وكرمت رواد الترجمة فيها من العربية وإليها. أما اللغات الكبرى في العالم فكان لها نصيب وافر من التكريم، مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألانية والصينية والكورية واليابانية والتركية والفارسية والروسية.

وشملت الجائزة كذلك ميادين القواميس والمعاجم والجوائز التشجيعية للمترجمين الشباب وللمؤسسات الناشئة ذات الجهد الترجمي، وغطت مجالات الترجمة شتى التخصصات الإنسانية كاللغوية والتاريخية والدينية والأدبية والاجتماعية والجغرافية.

وتتوزع فئاتها على فئتين: «الكتب المفردة»، و«الإنجاز»، تختص الأولى بالترجمات الفردية، سواء من اللغة العربية أو إليها، وذلك ضمن اللغات الرئيسية المنصوص عليها في هذه الفئة. وتقبل الترشيحات من قبل المترشح نفسه، ويمكن أيضاً ترشيح الترجمات من قبل الأفراد أو المؤسسات.

أما الثانية فتختص بتكريم الجهود الطويلة الأمد المبذولة من قبل الأفراد والمؤسسات في مجال الترجمة من اللغة العربية أو إليها، في عدة لغات مختارة كل عام، وتُمنح الجائزة بناء على عدد من الأعمال المنجزة والمساهمة في إثراء التواصل الثقافي والمعرفي.