آمال الاقتصاد الأميركي في مواصلة النمو المستدام تتحطم على صخرة الدولار القوي

الناتج المحلي الإجمالي تراجع بنحو 30.6 مليار دولار خلال الربع الأول

آمال الاقتصاد الأميركي في مواصلة النمو المستدام تتحطم على صخرة الدولار القوي
TT

آمال الاقتصاد الأميركي في مواصلة النمو المستدام تتحطم على صخرة الدولار القوي

آمال الاقتصاد الأميركي في مواصلة النمو المستدام تتحطم على صخرة الدولار القوي

تظهر القراءة الثانية لنمو الاقتصاد الأميركي خلال الربع الأول من العام الحالي دخول الاقتصاد الأكبر في العالم دائرة الركود تحت وطأة تراجع حاد في صادرات الشركات الأميركية التي تضررت جراء الدولار القوي.
وانكمش الناتج المحلي الأميركي بنحو 0.7 في المائة في الربع الأول من العام الحالي، بعد أن كانت القراءة الأولية الصادرة الشهر الماضي تشير إلى تحقيق نمو نسبته 0.2 في المائة.
وتظهر الأرقام التي عمدت «الشرق الأوسط» إلى تحليلها انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة والمقوم بالدولار بنحو 30.6 مليار دولار، مقارنة مع زيادة قدرها 89.1 مليار دولار في الربع الأخير من العام الماضي. وفي الربع الرابع من العام المنصرم كانت نسبة الزيادة 2.2 في المائة، فيما كان التراجع في الربع الأول من العام نفسه بنسبة بلغت 2.1 في المائة.
وواصل الاقتصاد الأميركي نموه القوي انطلاقا من الربع الثاني من العام الماضي، حيث نما بنسبة بلغت 4.6 في المائة، ونسبة تبلغ 5.5 في المائة في الربع الثالث من العام نفسه.
يقول محللون لـ«الشرق الأوسط» إن الاقتصاد الأميركي قد تضرر في الربع المنصرم من هبوط حاد في الصادرات جراء قوة الدولار، بالإضافة إلى تراجع في الإنفاق الحكومي والرأسمالي، فيما مثل الإنفاق الشخصي اللبنة التي حمت اقتصاد البلاد من الدخول بصورة أكبر في براثن الركود.
ووفقا للأرقام المنشورة على مكتب الإحصاءات الأميركي، فقد تراجعت الصادرات في الربع الأول من العام الحالي بنسبة بلغت 7.6 في المائة مقارنة مع نمو نسبته نحو 4.5 في المائة في الربع الأخير من العام الماضي. وفي الربع المقابل من العام الماضي، انخفضت الصادرات الأميركية أيضا بنسبة بلغت 9.2 في المائة، في أسوأ أداء فصلي لها منذ الأزمة المالية العالمية.
يقول أندريو سكوت، كبير الخبراء الاقتصاديين لدى «كيه بي إم جي»، لـ«الشرق الأوسط»: «كان انخفاض الصادرات هو المحرك الرئيسي لدخول الاقتصاد الأميركي في دائرة الركود مرة أخرى بالربع الأول من العام الحالي». وتابع «الدولار القوي هو المسؤول الأول عن هبوط صادرات الشركات الأميركية وهو الأمر الذي أحدث ضررا في المنظومة الاقتصادية ككل».
وتظهر حسابات «الشرق الأوسط» ارتفاع مؤشر الدولار الأميركي أمام سلة العملات الرئيسية نحو 10 في المائة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، في نهاية مارس (آذار) الماضي.
ويقيس مؤشر الدولار أداء العملة الأميركية مقابل سلة من العملات الأجنبية، ويقارن المؤشر العملة الخضراء باليورو، والين الياباني، والجنيه الإسترليني، والدولار الكندي، والكورونا السويدية، والفرنك السويسري.
وبدأ العمل بمؤشر الدولار الأميركي عند 100 نقطة في عام 1973، ووصل إلى أعلى رقم له في 1985 وهو 148.12 نقطة، وانخفض في 2008 حتى وصل إلى أدنى مستوى له وهو 70.698 نقطة. ويمثل اليورو نحو 58 في المائة من مكونات المؤشر.
وارتفاع الدولار يؤثر سلبا على صادرات البلاد أحد المحركات الرئيسية للاقتصاد الأميركي، ويضرب الشركات الأميركية في مقتل مع منافسة حادة في الأسواق الخارجية. ويضيف سكوت «انظر إلى ربحية الشركات الأميركية خلال الربع الأول لتقف على حجم الضرر الذي تسببت به قوة الدولار».
وتشير حسابات «الشرق الأوسط» إلى انخفاض أرباح المؤسسات الأميركية نحو 5.9 في المائة في الربع الأول من العام الحالي في أكبر هبوط فصلي لها منذ عام 2008. وانخفضت أرباح الشركات بنحو 125.5 مليار دولار في الأشهر الثلاثة المنتهية في مارس الماضي، في ثاني تراجع فصلي لها على التوالي، إذ هبطت أرباح تلك الشركات بواقع 30.4 مليار دولار في الربع الأخير من العام الماضي.
وانخفضت مساهمة الصادرات في الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بنحو 1.09 في المائة في الربع الأول من العام الحالي مقارنة مع زيادة في المساهمة بنسبة بلغت 0.59 في المائة في الربع الأخير من العام الماضي. وفي الوقت الذي تراجعت فيه الصادرات، زادت واردات الولايات المتحدة في الربع الأول بنسبة بلغت 5.6 في المائة.
وتراجع الناتج الصناعي للولايات بنسبة بلغت 1 في المائة في الربع الأول، والتراجع المسجل هو أول انخفاض للناتج الصناعي منذ الربع الثاني في عام 2009.
ويقول ستيفين لويس، كبير الاقتصاديين لدى «إيه دي إم إنفستورز»: «كان تراجع الإنفاق الحكومي والرأسمالي سببا آخر في دخول الاقتصاد الأميركي إلى دائرة الركود». وانخفض الإنفاق الحكومي في الربع الأول من العام الحالي بنسبة بلغت 1.1 في المائة، مقارنة مع تراجع نسبته 1.9 في المائة في الربع الأخير من العام الماضي. ويتابع لويس «فيما مثل الإنفاق الاستهلاكي للأشخاص، على الرغم من تباطؤ وتيرة نموه، عنصرا مهما في تحجيم وتيرة انكماش الاقتصاد». ونما الإنفاق الاستهلاكي بنسبة بلغت 1.8 في المائة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام مقارنة مع نمو نسبته 4.4 في المائة في الربع الأخير من العام الماضي.
وزادت مساهمة الإنفاق الشخصي في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 1.23 في المائة، وهي نسبة أقل من المحققة في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، والتي بلغت 2.98 في المائة. وفي العام الماضي بأسره، نما الاقتصاد الأميركي بنسبة بلغت 2.4 في المائة.

* الوحدة الاقتصادية بـ«الشرق الأوسط»



وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
TT

وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)

قال وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، إنه يسعى لتغيير قواعد الديون التي تم التفاوض عليها بشق الأنفس داخل الاتحاد الأوروبي، واصفاً إياها بـ«الخطر الأمني» لأنها تمنع الإنفاق الضروري على الدفاع وغيرها من الأولويات.

وأضاف المرشح عن حزب «الخضر» لمنصب المستشار في مؤتمر صناعي في برلين يوم الثلاثاء: «هذه القواعد لا تتناسب مع متطلبات العصر»، وفق «رويترز».

وأشار هابيك إلى أن الحكومة الائتلافية تفاوضت بشكل غير صحيح على إصلاحات القواعد الأوروبية، دون أن يذكر كريستيان ليندنر، وزير المالية السابق المسؤول عن تلك المفاوضات.

وأدى نزاع حول الإنفاق إلى انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا في وقت سابق من هذا الشهر، بعدما قام المستشار أولاف شولتز بإقالة ليندنر، المعروف بتوجهاته المتشددة في مجال المالية العامة، ما فتح الباب لإجراء انتخابات مبكرة في فبراير (شباط) المقبل.

وفي إشارة إلى مطالبات بإعفاء الإنفاق الدفاعي من القيود المفروضة على الاقتراض بموجب الدستور، قال هابيك: «لا يمكننا التوقف عند مكابح الديون الألمانية». وأضاف أن ألمانيا قد تضطر إلى تحقيق مزيد من المدخرات في موازنتها لعام 2025 للامتثال لقواعد الاتحاد الأوروبي المالية، حتى إذا التزمت بالحد الأقصى للاقتراض بنسبة 0.35 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي كما ينص دستور البلاد.

وبعد أشهر من النقاشات، وافق الاتحاد الأوروبي في نهاية عام 2023 على مراجعة قواعده المالية. وتمنح القواعد الجديدة، التي دخلت حيز التنفيذ في أبريل (نيسان) الدول أربع سنوات لترتيب شؤونها المالية قبل أن تواجه عقوبات قد تشمل غرامات أو فقدان التمويل الأوروبي. وإذا اقترن مسار خفض الديون بإصلاحات هيكلية، يمكن تمديد المهلة إلى سبع سنوات.

وأشار هابيك إلى أن القواعد الجديدة قد تسمح بزيادة الاقتراض إذا أسهم ذلك في زيادة النمو المحتمل.

وردّاً على انتقادات هابيك، قال ليندنر إن الدول الأوروبية بحاجة إلى الالتزام بحدود إنفاقها، مشيراً إلى «قلقه الشديد» بشأن مستويات الديون المرتفعة في فرنسا وإيطاليا. وأضاف ليندنر لـ«رويترز»: «الوزير هابيك يلعب باستقرار عملتنا». وأكد قائلاً: «إذا شككت ألمانيا في قواعد الاتحاد الأوروبي المالية التي تفاوضت عليها بشق الأنفس أو خالفتها، فإن هناك خطراً في انفجار السد».